ناصر الحجاج يواجه أخطر دعوى قضائية في تاريخ الصحافة العراقية

في الساعة 9 من ليل السبت المنصرم كتب ناصر الحجاج الزميل والصحفي على صفحته الشخصية في “فيسبوك” ما نصه “تلبية لدعوة الاستقدام الصادرة بحقي من محكمة التحقيق الاسبوع الماضي، سأكون يوم غد الأحد، في دائرة المحقق القضائي بمحكمة تحقيق العشار الثانية، وسيكون معي عدد من الأصدقاء والمحامين المدافعين عن حرية الرأي والتعبير.

ودعوة الاستقدام هذه، أو أمره، وصلت الحجاج قبل أسبوع بعد أن صدرت على وفق أحكام المادة 433 في الدعوى التي تقدم بها جواد البزوني النائب عن محافظة البصرة، بدفع من فضائية محسوبة على البصرة، على خلفية منشور في “فيسبوك” انتقد فيه الحجاج أداء نواب محافظته البصرة.

ويقول ناصر الحجاج في حديث مع “العالم الجديد” ان “الدعوى القضائية الموجهة ضدي لا تستند على مسوغ قانوني، خاصة وأنها جاءت وفق المادة 433 من قانون العقوبات العراقي، وهي لا تنطبق على ما كتبته“.

والمادة 433 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 تنص على أن يعاقب من قذف غيره بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يُقبل من القاذف إقامة الدليل على ما أسنده إلا إذا كان القذف موجها إلى موظف أو مكلفبخدمة عامة أو إلى شخص ذي صفة نيابية عامة أو كان يتولى عملا يتعلق بمصالح الجمهور وكان ما أسنده القاذف متصلا بوظيفة المقذوف أو عمله فإذا أقام الدليل على كل ما أسنده انتفت الجريمة.

ويؤكد الحجاج “ما كتبته لم يكن موجها ضد شخص بعينه، ولم أورد فيه أسماء نواب، بل كان حديثي بشكل عام، حيث دعوت إلى إقامة دورات تطويرية تعرف النواب بمهامهم وواجباتهم وكيفية تعاملهم مع وسائل الإعلام“.

وكتب الحجاج في المنشور الذي وضعه في “فيسبوك” قبل نحو 3 أشهر وعنوانه “دورات تدريب مجانية لأعضاء مجلس النواب العراقي” ما نصه “بعد سنوات من الفشل المتكرر لأعضاء مجلس النواب العراقي في معرفة معنى السلطة التشريعية ودورها وعلاقتها بالسلطتين التنفيذية والقضائية وبالسلطة الرابعة (الصحافة) فتحت مؤسستنا دورة تأهيلية لتعريف النائب بمعنى كلمة “نيابة” وشرح مفهوم التوصيف الوظيفي للنائب وبالواجبات والمسؤوليات المناطة به وكذلك بعلاقة النائب بالمحافظة التي ينوب عنها وعلاقة مجلس النواب بمجلس الوزراء وبكيفية فتح ايميل جديد وارسال واستلام الرسائل عبره للتواصل مع العالم الخارجي“.

وتعد هذه القضية الأولى من نوعها في العراق، فلم يسبق أن رفعت دعوى قضائية ضد شخص، صحفي كان أو غير صحفي، استنادا الى منشور وضعه في موقع تواصل اجتماعي.

وبعد 4 ساعات من اعلان الحجاج ذهابه الى دائرة المحقق العدلي (الساعة 1 من صباح الأحد 30 حزيران) لقي اعلانه 77 تعليقا وإعجابا و7 مشاركات كلها كانت تناصر “ناصر“.

وكانت حملة المناصرة الأولى بدأت ببيان كتبه الزميل علي الحسيني تحت عنوان “لنتضامن مع الزميل ناصر الحجاج” ونشره على صفحته الشخصية في “فيسبوك” الأربعاء الماضي بعد فتحه للتوقيع، وقد وقع على البيان أكثر من 120 شخصية صحفية وعامة فيما تناولته وسائل إعلام عديدة.

ومع أهمية البيان إلا أنه ميّع مع شائعة سرت في الأوساط المعنية وتناقلتها وسائل إعلام عديدة تفيد بأن البزوني تراجع عن الدعوى، غير أنه لم يتراجع فعلا حتى مع لقائه الحجاج وجها لوجه الخميس الماضي، و”تحجج” في اللقاء الثنائي بأنه لن يتمكن من سحب الدعوى لأنه سيكون في وضع حرج أمام بقية نواب البصرة الذي يصرون على بقائها، بحسب الحجاج.

وكانت “العالم الجديد” قبل انطلاقها كلفت وسيطا للاتصال بالبزوني للتنازل عن الدعوى، وقد نقل الوسيط لها موافقته المشروطة بتقديم الحجاج لاعتذار لنواب البصرة عما كتبه في منشوره، غير أن الحجاج رفض الاعتذار مطالبا من “رفعوا دعوى قضائية مقابل بوست” بالاعتذار لأنهم سببوا له “ألما معنويا كبيرا“. 

والمثير للاستغراب أن الفضائيات العراقية لم تسلط الضوء على القضية في تقاريرها أو برامجها، على الرغم من حملة تذكير لها بأهمية القضية وخطورتها، قادتها “العالم الجديد”، كما أن الجهات العراقية التي تدعي الدفاع عن الحريات الصحفية وترصد انتهاكاتها لم تحرك ساكنا حتى الآن، ما يعكس امكان تأثير الساسة في وسائل الإعلام ومدعي الدفاع عن الحريات من جهة، وانحياز الوسائل والمدعين إلى “مجموعات صحفية” بعينها دون غيرها، وهي لن تتبنى قضية لا تدخل في عداد مصالحها أو المحسوبين على المدعين، من جهة ثانية.

غير أن هذه المواقف لا تشكل المشهد كله، فهناك عشرات الصحفيين والشخصيات العامة يبدون استعدادهم للدفاع عن قضية ناصر الحجاج “مهما كلفهم الأمر“.

إقرأ أيضا