فورين بوليسي: مسلحون بداعش يعودون عبر نافذة “الحشد الشعبي”

تترجم “العالم الجديد” نصا.. تقريرا لمجلة “فورين بوليسي”، حول انخراط عدد من مسلحي داعش ضمن…

تترجم “العالم الجديد” نصا.. تقريرا لمجلة “فورين بوليسي”، حول انخراط عدد من مسلحي داعش ضمن فصائل الحشد الشعبي، كمتطوعين لحماية مناطقهم، ولكي تضع القارئ الكريم أمام الخطاب الذي تقدمه المجلة الاميركية، فانها تبقي على المعلومات والمفردات والمصطلحات التي استخدمتها كما هي على الرغم من التحفظ على كثير مما جاء فيها.

أسرة التحرير

تستمر الحرب في العراق بين “الشركاء الغرباء”، وقد يكون اخر صيحات هذه الشراكة هي انخراط مسلحين سابقين في تنظيم داعش ضمن فصائل مسلحة شيعية سيطرت في الآونة الأخيرة على الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي.

وقد تبدو فكرة انضمام هؤلاء المسلحين السابقين شاذة، لكن هذه الشراكة لها فوائد لكلا الجانبين. فالفصائل المسلحة الشيعية تتوسع باستمرار في المناطق القريبة من النفوذ الكردي بعد السيطرة على المناطق السنية، وبالوقت نفسه، يستطيع مسلحون سابقون بداعش، العودة الى المجتمع العراقي عبر بوابة مهمة. ومهما كانت النتيجة النهائية، فإنها الأسوأ بالنسبة للعراق.

وتمكنت فصائل الحشد الشعبي من لعب دور رئيس في الحرب ضد تنظيم داعش التي بدأت عام 2014، وتتكون هذه الفصائل من المحاربين الشيعة الذين قاتلوا التنظيم الإرهابي تحت رايات دينية شيعية، فضلاً عن اعتبارهم وكلاء إيرانيين. وهذا يجعل من الصعب عليهم العمل في المناطق ذات الغالبية السنية، فجلت تلك الفصائل الشيعية “الشركاء الغرباء” اهم من الشراكة الحكومية مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.

تمسك اليوم فصائل الحشد الشعبي مسؤولية الامن عن بعض البلدات التي تمت استعادتها من تنظيم داعش، مشكلةً قوة سياسية رئيسة بالعراق فيما بعد. وفي الانتخابات الوطنية الأخيرة، على سبيل المثال، فازت عناصر الحشد الشعبي تحت قائمة “الفتح” بـ48 مقعداً في البرلمان العراقي المكون من 329 مقعداً.

وعلى جميع الأصعدة، فان الحشد الشعبي يود توسيع نطاقه اكثر للقيام بذلك، فاحدث تغييرات جذرية في استراتيجية التوظيف الخاصة به. الآن وبالإضافة الى الشباب الشيعة المتطوعين، يحاول الحشد الشعبي جذب عناصر تنظيم داعش السابقين.

في مقابلات أجريت هذا الشهر، اكد مسؤولون وناشطون حكوميون ان منظمة بدر احدى اكبر تشكيلات الحشد الشعبي العاملة في العراق، جنّدت في الآونة الأخيرة 30 مسلحاً في بلدة جلولاء وحدها.

وبالإضافة الى ذلك، قامت عصائب اهل الحق، وهي من اكبر الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، بتجنيد 40 مسلحاً من تنظيم داعش السابقين في منطقة جلولاء، سيما ان هذه المنطقة هي محل نزاع كبير بين الحكومة المركزية والاقليم.

خليل خدادا، مسؤول كردي في البلدة، يقول “بعد هزيمة مسلحي داعش أواخر عام 2014 لم يتمكن مسلحو داعش المحليون من العودة الى جلولاء، فذهبوا الى مدن أخرى وعادوا اليها بزي جديد تابع لقوات الحشد الشعبي.

وبالإضافة الى انضمام مسلحين سابقين في تنظيم داعش، يبدو ان العديد من قادة الجماعة الإرهابية دخلوا صفوف الحشد الشعبي، وفقاً لمصدر في الآسايش الذي اكد ان المدعو مطشر التركي، الذي قاد معركة ضد قوات البيشمركة في الجزء الجنوبي من جلولاء، انضم الى الفصائل المسلحة الشيعية مؤخراً.

زيد مولان، الذي نجح وفقاً لمصدر تحدث لمجلة فورين بوليسي بإقناع كتيبة شرطة الطوارئ العراقية بتسليم أسلحة تنظيم داعش في عام 2014 مقابل الاعفاء عنه.

وكان المسلحون الذين التقت بهم مجلة “فورين بوليسي” لهم آراء مختلطة بشأن ادراج مسلحي داعش السابقين في الفصائل المسلحة الشيعية، لكن من الجانب الرسمي لتلك الفصائل، نفى المسؤولون الذين قابلتهم مجلة “فورين بوليسي” من أن عصائب اهل الحق جذبوا الى صفوفهم مسلحون من تنظيم داعش. واكدوا ان قواتهم كانت مهتمة بضم مسلحين سنة للسيطرة على المناطق المحلية شريطة عدم وجود علاقات او ارتباطات بتنظيم داعش.

وقال الشيخ أبو احمد، قائد الكتيبة في شمالي ديالى “حين فتحنا باب التجنيد، انضم بعض الأعضاء من تنظيم داعش”. مضيفاً “في وقت لاحق قمنا بإجراء فحوصات عن خلفية المتطوعين ورفضنا جميع المشبوهين”. لكن مسؤولاً عراقياً محلياً أكد ان اشخاصاً محددين لهم ارتباطات بتنظيم داعش، انضموا الى الفصائل المسلحة الشيعية بحجة ان وجودهم كان ضرورياً لمواصلة القتال ضد تنظيم داعش. 

وذكر المسؤول المحلي ان المدعو “مطشر التركي” الذي كان مسلحاً في تنظيم داعش، غيّر ولاءه، وهو اليوم يشرف على أمن البلدة ضد متمردي داعش.

وقد يبدو غريباً ان المقاتلين السنة سيكونون مسلحين في قوات الدفاع الشعبي (الحشد الشعبي) لكن هناك أسبابا وجيهة لذلك، فبالنسبة لمسلحي داعش يعتبرون الانضمام الى الفصائل المسلحة بمختلف هويتها التعريفية، مسألة اقتصادية، فهؤلاء كانوا مسلحين في تنظيم إرهابي، لانهم بحاجة الى الراتب لا الحماسة الدينية.

وحين هُزم تنظيم داعش مؤخراً، تم تسريح جيش من العاطلين عن العمل، وحان الوقت للبحث عن عملٍ آخر. وبالنسبة للرجال ذوي المهارات القتالية، فان الانخراط في تنظيم او فصيل مسلح هو افضل عمل بالنسبة لهم نظراً لخبرتهم في هذا المجال.

وبما أن العراق مثل العديد من مجتمعات ما بعد الصراع، ليس لديه سياسات رسمية لاعادة دمج هؤلاء المسلحين، فالرجال لا يستطيعون الانضمام الى قوات الامن العراقية الرسمية، لذا بدأوا يبحثون عن بدائل اقل رسمية.

وفي البداية، لجأ كثيرون الى فصائل مسلحة محلية وقبلية يدعمها مسؤولون سنة تدفع للمقاتل الواحد 400 دولار.

وبعيداً عن انضمام مسلحي داعش الى فصائل شيعية معادية للتنظيم الإرهابي، يفكر هذا المسلح في زيادة قوته حين ينضم الى تلك الفصائل، فضلاً عن الحصول على راتب ثابت وغسل تاريخه ومسح اسمه من نقاط التفتيش والمعابر الأمنية التي تدقق كل شيء.

وحين يصير هذا المقاتل في فصيل مسلح معترف به من قبل الدولة، سيحمل هوية عسكرية، وهنا لن يعثر عليه أحد، ولن يتم التأكد من أوراقه الثبوتية أي معبر أمني او نقطة تفتيش.

ويمكن للمسلح في تنظيم داعش تبرير انضمامه الى فصائل مسلحة شيعية، على انه كان عضواً في التنظيم الإرهابي من أجل التجسس عليهم، وبهذه الصورة يمكن ان يقنع مجتمعه.

هذه الحيل فعالة بشكل مدهش. وبناءً على القانون العراقي هناك ما لا يقل عن شاهدين مطلوبين لاتهام شخص ما بأنه كان عضواً في تنظيم داعش.

سياسياً، يريد الحشد الشعبي زيادة نفوذه في المناطق ذات الأغلبية السنية، لذا فهو بحاجة الى أعضاء سنة على ما يبدو. وعلى الأكثر الاستفادة من مسلحي داعش لتحقيق هذا الهدف.

ووفقاً لاحد رجال الشرطة المحليين في الموصل، فإن “هزيمة داعش في الموصل واعتقال الكثير من مسلحي التنظيم، كان لديهم اوراقاً رسمية تقول إنهم مقاتلون في فصائل الحشد الشعبي”.

وفي الواقع يعتمد الحشد الشعبي على قدرٍ معين من الولاء، لان المجندين الجدد ليس لديهم أي مكان اخر يذهبون اليه، فإذا تم اطلاق مسلح جديد، سيتم مصادرة هويته العسكرية، وهنا سيكون عرضة لخطر القبض عليه في نقاط التفتيش والحكم عليه بالاعدام.

المصدر: فورين بوليسي

إقرأ أيضا