قبل أيام من بيعها بمزاد نيويورك.. (الثقافة) تعد بملاحقة قطعة آثارية نادرة.. وقانون اليونسكو لا يسعفها

لم يتبق سوى 12 يوما على المزاد العلني المخصص لبيع جدارية آشورية نادرة، في مزاد…

لم يتبق سوى 12 يوما على المزاد العلني المخصص لبيع جدارية آشورية نادرة، في مزاد كريستي بمدينة نيويورك الأميركية، الأمر الذي جعل وزارة الثقافة العراقية تخاطب الخارجية للايعاز الى سفارتها في واشنطن، وتنسق مع اليونيسكو بهدف وقف عملية البيع وإعادتها الى موطنها الأصلي العراق، دون أي تحرك ملموس من قبل الجهات المذكورة.

ورغم أن مخاطبة وزارة الثقافة للخارجية كان في 23 ايلول سبتمبر الماضي، بحسب وثيقة صادرة بتوقيع وكيل الوزارة قيس حسين رشيد، تظهر مطالبتها لوزارة الخارجية بمفاتحة سفارة العراق في واشنطن، من أجل الاتصال بالسلطات الأميركية المختصة، للعمل على إيقاف بيع الجدارية ووضع اليد عليها، والعمل على إعادتها إلى العراق، إلا أن وزارة الخارجية أو السفارة العراقية في واشنطن لم تظهرا تحركا لمتابعة الأمر.

وأوضحت الوثيقة أن “الجدارية الآشورية، مشمولة بقرارات مجلس الأمن، ومنها قرار 661 عام 1990، والذي نص على حفظ الآثار العراقية ومنع المتاجرة بها”.

رشيد ذاته، عاد وأكد في تصريحات لوسائل إعلام محلية تابعتها “العالم الجديد” أمس الخميس، أن “وزارات عراقية، بدأت ببذل الجهود لمنع الأمر، بالتنسيق مع اليونسكو والانتربول”، غير أنه لم يبين نوعية تلك التحركات، ولم يتطرق لقانون اليونيسكو الذي لا يشمل القطع الاثارية التي تعود مرحلة العثور عليها الى ما قبل العام 1970.

Image

ومن المقرر أن يعرض مزاد “كريستي” في نيويورك قطعة نحتية جدارية يبلغ ارتفاعها مترين، وعرضها مترين ونصف، في المزاد المقبل، بتاريخ 31 اكتوبر، وذلك بالنيابة عن صاحبة القطعة المسجلة باسم “الجمعية اللاهوتية: في فرجينا، حيث من المتوقع أن يتجاوز سعرها 20 مليون دولار.

وتعتبر الجدارية من روائع الفن الآشوري في أرقى عصوره، وتمثل الكائن الأسطوري “الافكال”، وهو الكائن المجنح المسؤول عن التعميد والاخصاب في الفكر العراقي القديم.

وتنتمي هذه القطعة الى مجموعة أخرى تعود الى مبشر يدعى الأب هنري بايرون هيسكل، حصل عليها من الحفار البريطاني اوستن هنري لايارد في 1859، وأودعها في الجمعية اللاهوتية بولاية فيرجينيا التي عزت سبب بيعها القطعة الاشورية النادرة الى أن استخدامها الأموال لأغراض دعم المنح الدراسية لطلبتها.

وتنتمي الجدارية الى 400 أخرى تم نهبها من قصور نمرود الملكية تزين جدران القصور، بعضها تم الاحتفاظ به في المتحف البريطاني الممول الرئيس لبعثات التنقيب التي جرت في العراق بالقرنين التاسع عشر والعشرين، في متحف جامعة ييل (تأسست ولاية كونيتيكت الأميركية تأسست العام 1701)، ومتحف البرتو بوليتان (في نيويورك وتأسس 1870) ومتحف بروكلين للفنون (نيويورك)، وغيرها كثير ممن باع المتحف البريطاني لها بعض مخزوناته.

الى ذلك، تعالت أصوات أكاديميين وإعلاميين ومدونين مناشدة الجهات المعنية في العراق والعالم بضرورة إيقاف عملية البيع، وإعادة القطعة العراقية القديمة الى موطنها الأصلي، إذ يقول الباحث في الأنثروبولوجيا السياسية بالمعهد الفرنسي الدكتور هشام داود في تعليق على الأمر “أشعر بحزن عميق أن تباع هذه القطعة الآثارية من نينوى، بعد عام على تحريرها، في وقت يحاول العراق معالجة جراحه الآثارية والتراثية”.

ويضيف في حديث لـ”العالم الجديد”، “لا يمكن السكوت على ذلك، داعش خرب نمرود، واليوم تخرخ قطعة في نيويورك من ذات المدينة التي خربها التنظيم، كانت قد سرقت قبل قرن ونصف”.

وحول قانون اليونيسكو الذي لا يعطي الحق باسترجاعها يشدد داود على أن “السرقة سرقة حتى لو حصلت قبل ألف سنة، وأن مكان هذه القطعة اما متحف الموصل أو المتحف العراقي ببغداد، لافتا الى أن “الجانب العراقي يقول بأنها مشمولة بالمتابعة والمنع الدولي (وهذا محتوى كتاب وجهته وزارة الثقافة الى الخارجية)، لمتابعة الامر ووضع اليد على القطعة”.

وينبه “إننا أمام امر حضاري واخلاقي هائل: فالعالم برمته وقف مصدوما قبل ثلاث سنوات لتهديم داعش بقايا مدينة نمرود الاثرية، وأن دولا عديدة تبرعت بالملايين لانقاذ ما يمكن انقاذه من تلك الاثار، كما ان القليل من تلك الاثار أفلت من يد داعش وتجار الآثار ومهربيه (داخل وخارج العراق)، كل ذلك بعد سنة فقط من تحرير الموصل”، منوها “في هذا الوقت بالذات تخرج قطعة من نمرود المخربة بالكامل لتباع بالمزاد.. قطعة فلتت من الارهابيين، ولكنها بيد ورثة لصوص”.

ويتساءل “أمام هذا العمل المشين يقول البعض (في اليونسكو ربما وفي الخارجية العراقي)، بأننا لا يمكن حتى اثارة الموضوع الا ان اشتريناها!!! اليس هذا عنفا ليس بعده عنف! فبعد ان بيع جزء من الوطن في المزاد، نسكت اليوم على بيع تاريخه من قبل ورثة سراق؟”، مطالبا بتحشيد الرأي العام العراقي، العالمي، الاعلام، المجتمع الآثاري لادانة هذا المزاد غير الاخلاقي لتاريخ العراق، الذي هو جزء من تاريخ البشرية”

ويردف الباحث العراقي “على القطعة هذه ان تعود الى العراق! الى الارض التي انتجتها”، واصفا قول البعض بان الامر ذاته موجود في المتاحف العالمية المليئة بالاعمال العراقية المسروقة منذ اكثر من قرن، بأنه “تلاعب بالمعطيات، لأن تلك وإن خرجت بطرق غير مشروعة ايضا، الا أنها موضوعة في متاحف دولية كبيرة، يتم الاهتمام بها ايضا، وتعرض على الجمهور العالمي، وربما يأتي يوم نطالب ان يكون لنا ايضا رأي بإدارتها، أما هذه فتعرض بمزاد لا نعلم من سيقوم بشرائها أو يكتنزها”.

ويختم كلامه بالقول “سوف لا يرحم الطبقة السياسية العراقية الحالية التي باعت الوطن، واليوم تريد ان تترك تاريخه يباع بمزاد دولية، إنها مسألة قانون، وتاريخ وايضا مسألة ضمير”.

فيما غردت مايا حتاحت مراسلة قناة العربية على حسابها بتويتر مستهجنة العمل بالقول: “هل هي بضاعة أو مجرد أصنام كما صنفها داعش مدمِّر اثار الموصل بما فيها مدينة نمرود؟ لماذا لا تطالب الحكومة العراقية باسترجاع الجدارية”.

Image

إقرأ أيضا