حلف الناتو ونشاط عسكري جديد على مقربة من الحدود الروسية بمشاركة فنلندا

تحت مسمّى ” Juncture 2018″ وبمشاركة خمسين الف جنديا تنطلق في سواحل النروج مناورات عسكرية…

تحت مسمّى ” Juncture 2018” وبمشاركة خمسين الف جنديا تنطلق في سواحل النروج مناورات عسكرية كبرى ابتداءا من 25 تشرين الأول الجاري وحتى 7 تشرين الثاني تشارك فيها بلدان الناتو إضافة الى فنلندا والسويد. الجانب الأمريكي يشارك بقوة في المناورات حيث استقدم حاملة الطائرات العملاقة “هاري ترومان” إضافة الى 6000 عسكريا. المناورات هي الأكبر بعد الحرب الباردة، التي تقام قرب الحدود الروسية، وتمثل رسالة عسكرية مباشرة الى روسيا بالدرجة الأولى مما يثير حساسية الأخيرة.

ومع ان البلدان المشرفة على المناورات وجهت دعوة لعسكريين روس بصفة مراقبين للمناورات الا ان ذلك لن يمنع من ردة فعل موسكو الحادة تجاه هذا النوع من التحركات العسكرية. المناورات متوقع ان تنعكس سلبا على العلاقة بين فنلندا وروسيا أيضا لان هذا النوع من التفاعل العسكري الكبير يمثل نشاطا للناتو بمشاركة فنلندا، خصوصا وان جزء من فعاليات المناورة ستكون بالاجواء الفنلندية. ما يزيد الأمور سوءا ان المناورات تاتي على خلفية التوتر الأمريكي الروسي وتهديد أمريكا بالانسحاب من معاهدة الحد من الأسلحة النووية التي وقعت عام 1987 بين الجانبين.

الرد الروسي جاء على لسان بعض الجنرالات الروس وأيضا على لسان الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا التي اكدت لوسائل الاعلام “ان زيادة نشاط الناتو قرب حدود روسيا لابد ان يؤدي الى زعزعة الاستقرار السياسي في المنطقة”. وكانت روسيا قد اقامت في أيلول عام 2018 أضخم مناورات عسكرية روسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وشارك فيها 300 الف جندي وعدد كبير من الاليات العسكرية.

في هذا السياق لابد من الإشارة الى ان منطقة البلطيق ومنذ احداث القرم عام 2014  شهدت حمّى التصعيد والمواقف الاستفزازية المتبادلة بين مختلف الاطراف. مناورات عسكرية على قدم وساق ورسائل سياسية بمختلف الاتجاهات، استفزازات ورسائل متبادلة بين الجانبين. اذ  قرر حلف الناتو زيادة نشاطه في شمال أوروبا وهذا ما دفع روسيا الى إقامة مناورات مضادة في نفس المنطقة، كما حدّثت ترسانتها العسكرية بشكل واسع. وفي هذا السياق ياتي قرار فنلندا والسويد قبل عدة سنوات رفع سقف التعاون مع الناتو الذي له ارتباطات سابقة مع الدولتين في اطار اتفاقية “شركاء من أجل السلام” الموقعة عام 1994، حيث تم التفاهم على السماح لقوات الناتو اقامة مناورات ونشر قوات تدخل سريع عند الضرورة بموافقة الدولتين. ان أي نشاط عسكري للناتو في المنطقة يفتح ملف الجدل حول الانضمام للناتو من عدمه بالنسبة لفنلندا والسويد. ان أي تعاون بين فنلندا والناتو يفتح الجدل من جديد في فنلندا والسويد أيضا حول حيادية فنلندا على الصعيد الدولي او ضرورة انضمامها للناتو. سيما وان الساسة الفنلنديين لم تغلقوا الابواب تماما بوجه حلف الناتو وبنفس الوقت لم يحسم بعد ملف الانضمام، وهذا ما يصطلح عليه بالفنلندي بـNato-optio اي ما يمكن ترجمته باللغة العربية الى سياسة الابواب المفتوحة. التي دائما ما تحاول تشجيع روسيا على عدم استفزاز فنلندا لان ذلك سيدفعها الى حضن الناتو وبالمحصلة النهائية سيكون ذلك جزء من استراتيجية الامن الفنلندي، هذه الاستراتيجية ربما تكون على المحك اذاما تفاعلت فنلندا بجرعات تعاون اكبر مع الناتو وتخسر احدى أوراقها في الحفاظ على استقرارها الأمني والسياسي.

إقرأ أيضا