“فايننشال تايمز” البريطانية تسلط الضوء على زيادة الولادات في الموصل

في جناح لحديثي الولادة غربي الموصل، لفّت “حنين” بإحكام طفلها البالغ من العمر يوما واحدا…

في جناح لحديثي الولادة غربي الموصل، لفّت “حنين” بإحكام طفلها البالغ من العمر يوما واحدا ببطانية حمراء اللون. حنين التي نجت بأعجوبة من العملية القيصرية التي أجرتها، وأثمرت عن ولادة ابنها البكر بعد ثلاث سنوات من احتلال تنظيم داعش لمدينتها، كما تشير صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

خلال فترة حكم التنظيم، تزوجت حنين وارتدت فستاناً ابيض اللون ذا تصميم تركي، وهي بعمر 16 عاماً. وليست حنين هي الأم القاصر الوحيدة في المستشفى، بل إن هناك ما بين 20  الى 30 طفلاً تنجبهم أمهات وهن لا يتجاوزن عمر الـ15 عاماً، بحسب المشرف على جناح الولادة.

قسم الولادة المزدحم في المشفى الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود، تجده دليلا على النمو السكاني في بلد تجاوز تعداده 40 مليون نسمة، أي يتوسع بنحو 1 مليون في السنة، وهو أسرع معدل نمو في العالم. وهذه الأرقام ناتجة عن ان ما يقرب 40 في المائة من العراقيين هم من دون سن الرابعة عشرة سنة.

 وما إن بدأ العراق بالتعافي من الموت والدمار الى حدّ ما، حتى بدأ يتصارع مع طفرة الولادات السريعة هذه. حيث تبدو ثقافة الانجاب هذه، شعبية ودارجة، فالعائلات تشجع على تكوين الأسر الكبيرة، إذ تقدر في هذه الأثناء وكالة الأمم المتحدة المعنية بشؤون المرأة، أن المرأة العراقية لها ما بين 2 الى 4 أطفال.

وخلال تواجدهن في جناح الولادة، يقول موظفو الأمم المتحدة العاملون في الموصل، إن هذا الجناح هو “مصنع للأطفال”. راصدين في الوقت ذاته، ولادة إحدى النساء 14 طفلاً، وأنها ترفض رفضاً قاطعاً كل عروض وسائل منع الحمل.

ويساهم زواج القاصرات في النمو السكاني السريع، ففي العراق هناك 5 بالمائة من الفتيات تزوجن بعمر 15 عاماً، وذكرت الوكالة المعنية بشؤون رعاية الأطفال التابعة للأمم المتحدة في بياناتها الصادرة عام 2017 أن معدل الزواج كان بعمر 18 عاماً. وهو معدل أقل بكثير مما كان عليه في جنوب افريقيا، وأعلى من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وغالباً ما يتم ربط حالات زواج القاصرات بالعديد من العوامل، الأمر الذي يساهم بانخفاض تعليم المرأة، فضلاً عن شيوع الفقر وعدم الاستقرار، فليس من المستغرب أن يصبح زواج القاصرات الأكثر شيوعاً في الموصل، في ظل ظهور تنظيم داعش فيها، حيث تخشى الأسر هناك من أن يتزوج المسلحون الارهابيون ببناتهم المراهقات، لذا فتزويجهن يعود لطلب الأمان.

ويجهد النمو السكاني السريع اقتصاد العراق الذي يعتمد بشكل رئيس على النفط، فمن المتوقع ان يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 6.2 بالمئة هذا العام، وفقاً للبنك الدولي الذي يغذيه ارتفاع انتاج النفط.

وعلى الرغم من الحاجة الملحة والشديدة لتنويع اقتصاد البلد، تعتمد الحكومة على إنتاج النفط بنسبة 99 بالمائة من إيراداتها. وتبلغ نسبة البطالة الكلية في العراق حوالي 13 في المائة، حيث ترتفع الى 40 بالمائة بين الشباب، وإذا لم يتم التحرك سريعاً لتوفير الفرص والوظائف، فإن العراق سيخاطر بجيل نحو الضياع.

وعانت الدولة العراقية من ثلاثة عقود من الصراع والفساد، وعدم تلبية الخدمات الأساسية التي لا تزال حاجة ملحة ومتزايدة، أما في مدينة الموصل نصف المدمرة، فهناك 1600 سرير في الموصل لنحو مليوني شخص، وفقاً لوزارة الصحة العراقية، اما جناح الأطفال فله ثلاث أجهزة للتنفس في المدينة بأكملها، وفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود.

وفي جميع انحاء العراق، تكون المدارس ممتلئة الى درجة أنها تعمل بنظام المناوبة. وتقول الأمم المتحدة إن ربع الأطفال في أجزاء البلاد متضررين من الحرب ضد داعش.

وبعد ظهور داعش في المدينة عام 2014، لم يقتصر عزوف الفتيات عن الدخول للمدارس، بل استغل الصبيان لعدم الدخول الى المدارس.

وبعيداً عن المدارس، لا يجيد “محمود” زوج حنين القراءة والكتابة، ليتفرغ الى عمله، وهو بيع الخردة المعدنية بمساعدة اثنين من أبناء عمومته، ويقول انه يكسب باليوم الواحد ما بين دولار الى ثلاثة دولارات، لكي يعيل عائلته.

ورغم تحرير الموصل من تنظيم داعش، إلا أن شبابها يواجهون مستقبلاً قاتماً، في ظل قول حنين بأنها تريد أن ترى ابنتها طبيبة في يومٍ ما.

المصدر: “فايننشال تايمز” البريطانية

Image

إقرأ أيضا