مجلة استرالية: الكشف عن سر زجاج سامراء الشهير

سامراء او باللغة اليونانية Suoma, وباللغة اللاتينية Sumere, وبالسريانية Sumra, ذكرها المؤرخ  بطليموس والمؤرخ أميانوس…

سامراء او باللغة اليونانية Suoma, وباللغة اللاتينية Sumere, وبالسريانية Sumra, ذكرها المؤرخ  بطليموس والمؤرخ أميانوس مارسيليانوس، كونها قلعة صغيرة أثناء انسحاب جيوش الامبراطور الروماني  يوليان المرتد الذي قتل لاحقاً على شواطئ دجلة, هذه المدينة أعيد تأسيسها على يد الملك الاشوري سنحاريب, بحسب ما كشفته شاهدة اثرية ضمن مقتنيات متحف “والترز” في بالتيمور بالولايات المتحدة الامريكية.

عرفت سامراء باسمها الاشوري “Sur-marrati“, الا انها في الواقع تمتد عميقاً في التاريخ حيث كشفت التنقيبات في تل الصوان التي استهلها الآثاري الألماني ارنست هرتسفيلد للفترة (1912- 1914), وكشفت هذه التنقيبات عن أواني سامراء الشهيرة- خصوصاً ذلك الإناء الذي نال شهرته لوجود ما يطابق الصليب المعقوف الذي صار رمز النازية لاحقاً- بالإضافة الى تمثال الإلهة الأم, ولأهمية ما اكتشف في سامراء، ربما أضاف المؤرخون عصراً باسم سامراء للدلالة على فترة تاريخية أو الدور الثاني من أدوار العصر المعدني، وحدد اختبار العنصر المشع للكربون 14 أن تاريخ الطبقة السفلى في هذا الموقع يعود إلى 5400 سنة قبل الميلاد.

Image

استمرت سامراء في حضورها التاريخي المثير, لكن ذروة ما وصلت اليه هي الفترة الواقعة من (836 – 992م), حيث غدت العاصمة الرسمية للخلافة الاسلامية ابان الدولة العباسية, في هذا العهد ترك لنا العباسيون  الكثير من المباني الجذابة كالملوية وقصر العاشق. واستمر المسح والتنقيب لموقع المدينة لوقت طويل, اللافت للنظر في اللقى الاثرية هو زجاج بمقادير كبيرة وألوان جذابة وصناعة متقنة, الى الحد الذي وصفته الأبحاث التاريخية المعاصرة، بكونها المركز الاول في صناعة الزجاج وتجارته خلال تلك الفترة، لكن السؤال الذي راود أذهان الباحثين طويلاً هو أين كان يتم صنع هذا الزجاج؟ وما هي مصادره الجغرافية؟.

Image

      ارنست هيرزفيلد اول منقب بسامراء

في بحث حديث نشرته بالتفصيل مجلة “بلس ون” الأمريكية, فإن فريقاً آثاريا من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي وبقيادة خبيرة الاثار نادين شيبيل، استغرقوا وقتاً طويلاً في الاجابة على هذه الاسئلة، ولكنهم في نهاية الامر خلصوا الى نتائج مهمة, فبعد دراسة وفحص  265 قطعة أثرية زجاجية تم اكتشافها سابقًا موزعة على متاحف في إنكلترا وألمانيا شملت هذه القطع على أوانٍ وقوارير ومصابيح وعدسات وأدوات زجاجية مزخرفة, وباستخدام تقنية (مطياف الكتلة Mass spectrometry) وهي تقنية تحليلية تستخدم لتحديد العناصر المكونة لمادة أو جزيء معين، وكذلك تحدد البنى الكيميائية لجزيئات المواد، توصل الفريق الفرنسي الى تحديد أماكن استيراد هذا الزجاج من جميع أنحاء الإمبراطورية، وعلى وجه الخصوص من بلاد الشام ومصر، لأن معظم القطع كانت متشابهة للغاية في التركيب الكيميائي, هذا الأمر أدى الى خلاصة مفادها أن الزجاج يتم استيراده كمادة خام ثم تصنع في سامراء، وأن الزجاج عالي الجودة كان قد تم إنتاجه للاستخدام في قصر الخليفة الرئيسي بالمدينة.

المصدر: مجلة كوزمس الاسترالية

إقرأ أيضا