هل يتحول “عرعر” لـ”ترانزيت دولي”.. ولماذا تلوذ الرياض بالنجف؟

في ظل اتهامات لجماعات مسلحة عراقية مرتبطة بالحرس الثوري الايراني بأنها تقف وراء الهجوم الأخير…

بعيدا عن اتهام جماعات مسلحة عراقية بالوقوف وراء الهجوم الأخير على منشآت (آرامكو) النفطية السعودية، تُجري بغداد والرياض استعداداتهما الأخيرة، لافتتاح منفذ (عرعر) الحدودي نهاية العام الحالي، وبشكل دائم أمام حركة البضائع، ونقل المسافرين، لأول مرة منذ عقود، بعد تولد القناعة التامة لدى الدولة الخليجية الأكبر، بتوفير الحماية اللازمة للمنفذ والطريق اليه، لاسيما أنها تتجه لافتتاح قنصلية لها في النجف. ومع تعثر مساعي البلدين بافتتاح كافة المنافذ الحدودية بينهما لأسباب “أمنية”، يهدف الجانبان لتحويل “عرعر” الى “ترانزيت دولي” وخط بديل لنقل البضائع التجارية بين أوروبا وآسيا مرورا بالبحر الأحمر، في حال حدوث أية مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الخليج.

ويقول مصدر حكومي رفيع المستوى في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “السعودية تريد افتتاح المنفذ طيلة أيام السنة، ولا تريد ان يكون افتتاحه مقتصرا على ايام الحج فقط، بل تسعى الى تشغيله كمنفذ تجاري هام يستوعب دخول السيارات من كلا البلدين، ليكون ممرا للبضائع التجارية القادمة من أوروبا إلى آسيا أو بالعكس، مرورا بالبحر الأحمر في حال حدوث أي طارئ خلال تطور الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الخليج”.

يذكر أن طهران هددت بغلق مضيق هرمز وإشعال حرب في الخليج إذا ما تعرضت لاعتداء عسكري من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

ويشير المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، الى أن “التزام السعودية بافتتاح هذا المنفذ جاء بعد شعورها بالاطمئنان من نوع القوة التي تمسك المنفذ والطريق إليه وصولا الى مدينة النجف من داخل الأراضي العراقية، وهي قوات عراقية نظامية أو غير مرتبطة بشكل أو آخر بالحرس الثوري الإيراني، ما يوفر للطريق حماية من أية جهة أخرى، سواءً كانت عسكرية أو سياسية أو إرهابية”، لافتا الى أن “اهتمام السعودية بهذا الطريق يعود الى عزمها افتتاح قنصلية جديدة لها في النجف، لأنها بدأت تنظر للمرجعية كمؤسسة عراقية وعربية مؤثرة لا علاقة لها بالطروحات الأممية لولاية الفقيه الايرانية”، دون أن يوضح أية تفاصيل أخرى.

ما يُشجع على افتتاح المنفذ بشكل دائم، يضيف المصدر “هو عدم تسجيل أية خروق في موسم الحج الأخير، خلافا للمواسم السابقة، خصوصا بعد مسك الأرض من فرقة العباس القتالية التابعة للعتبة العباسية والمرتبطة بهيئة الحشد، كبديل عن قوات علي الأكبر التابعة للعتبة الحسينية والمرتبطة بالحشد الشعبي أيضا”، منبها الى أن “الفرقة فرضت سيطرتها هذا العام لوحدها على الطريق والمنفذ الحدودي، إذ تمكنت من تغطية المساحة الشاسعة عبر استدعاء عناصر الاحتياط لديها”.

Image

وتمسك فرقة العباس القتالية بقضاء النخيب الواصل بمنفذ عرعر منذ أربعة أعوام

ويعزو المصدر عدم افتتاح بقية المنافذ السعودية مع العراق، وأبرزها منفذ الجميمة مع محافظة المثنى، الى “خشيتها من الأحزاب والفصائل الموالية لايران والتي تحظى بنفوذ في تلك المحافظة، ما قد يعرضها للابتزاز السياسي أو الاقتصادي”.

وكان النائب عن محافظة المثنى فالح الزيادي قد اتهم في تموز يوليو الماضي، جهات سياسية لم يسمها بعرقلة فتح منفذ الجميمة الحدودي مع السعودية، مشيرا إلى أن تلك الجهات تسعى لابقاء المحافظة تحت طائلة خط الفقر.

وتقترب الشركة الفرنسية المكلفة بإعادة بناء منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية من إنهاء عملها تمهيدا لاعادة افتتاحه مجددا، فيما تعهدت السعودية بموجب الاتفاقية التي وقعتها مع العراق عام 2017 بفتح المنفذ وتعبيد الطرق وإنشاء مدينة رياضية، والعمل على إعادة فتح منفذ جميمة مع محافظة المثنى.

ويلفت المصدر الى أن “السعودية هي من تتولى الاشراف على تنفيذ مشروع عرعر الجديد، وأن ممثلين عن فرقة العباس القتالية قد وصلوا الى المنفذ قبل أيام، أمام ترحيب وارتياح كبيرين من قبل القوات السعودية”، مبينا أن “السعودية وإيران يتنافسان اليوم، اقتصاديا في العراق بعد أن كانا يتنافسان عسكريا، الأمر الذي ينذر بتحسن وشيك في وضع العراق”.

وكان الجانبان قد اتفقا في 12 أيلول سبتمبر الحالي، على بدء التشغيل التجاري التجريبي لمنفذ عرعر في 15 تشرين الأول أكتوبر المقبل، وذلك خلال لقاء مشترك بين الجانبين العراقي والسعودي عند المنفذ، بحضور كل من السفير السعودي في بغداد عبد العزيز الشمري، والسفير العراقي في الرياض قحطان الجنابي، وقاما بجولة ميدانية في المنفذ، يرافقهما نائب محافظ الجمارك السعودية لتيسير التجارة والعمليات ماجد المرزم، ورئيس هيئة المنافذ العراقية كاظم العقابي.

يذكر أن المملكة العربية السعودية، خطت خطوات مهمة باتجاه الانفتاح على العراق، تضمنت إبرام مجموعة من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتجارية والرياضية والثقافية، لم تؤثر فيها اتهامات لبعض الجهات باستهداف منشآت سعودية انطلاقا من العراق.

وفي تموز يوليو 2017 أعلن رئيس الحكومة السابقة حيدر العبادي عن تشكيل مجلس التنسيق العراقيـ السعودي في القمة التي جمعته مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في الرياض، لوضع خطط تعاون اقتصادية وتجارية وثقافية وتعاون أمني واستخباري بين البلدين. كما زارت وفود سعودية، العاصمة بغداد، وأكدت لمسؤولين حكوميين إن بلادها تنوي استثمار (116) مشروعا تتضمن تطوير قطاعات الزراعة والنفط والكهرباء.

إقرأ أيضا