جنسيات عدة وقصص تبحث عن أجوبة في “الأربعينية”

مع نهاية موسم أربعينية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب يوم أمس السبت، وهي…

مع نهاية موسم أربعينية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب يوم أمس السبت، وهي المناسبة الدينية الأكثر حضورا في العراق، ويحييها ملايين المسلمين الشيعة من مختلف دول العالم، لا زالت تنتشر على طول المدن الجنوبية المؤدية الى كربلاء المزيد من مواكب العزاء، ومن بينها مدينة الديوانية (١٨٠ كلم جنوب بغداد)، والتي تمثل منطقة عبور مهمة للزوار القادمين من المدن والمحافظات العراقية فضلا عن الزوار القادمين من دول أخرى.

تمتد مواكب الزائرين في الديوانية الى ما يشبه الأفعى السوداء، تدخل المدينة من جميع الاتجاهات، ومن خارج حدود العراق من آخر نقاط جنوب البصرة وميسان وذي قار وواسط والمثنى، من يأتي برا وجوا ليلتحق بركب تلك الأفعى التي تقصد في نهاية المطاف أضرحة الامام الحسين، وأخيه أبي الفضل العباس، وال بيتهم وأنصارهم.

كل بقعة من تلك المدن تستعد خلال العام لاستقبال الوافدين إليها، من حيث تحضير أنواع الطعام، وتأمين المنازل وتأثيثها بجميع وسائل الراحة لاستضافة القادمين، لا يعرف بين المواطنين خلاله مفهوم للفقر أو الغنى، ويختفي فارق العمر بشكل نهائي الطفل يسابق الكبير والنساء للرجال.

Image

الدنمارك

أسرة دنماركية كانت الديانة الأصلية للزوجة المسيحية، ارتبطت كزوجة لمسلم شيعي، طلبت أن تأتي للعراق في أكبر مناسباته الدينية، أربعينية الامام الحسين بن علي، لتفهم لماذا تغادر الناس وسائل النقل الحديثة، وتلجأ للسير على الأقدام مئات الاميال، نزلوا في مطار البصرة، ووجدوا قريبا لزوجها يتطلع لاستقبالهم، فبددوا امانيه واكتفوا بشحن اغراضهم بسيارته، وطلبوا منه ان يدلهم على الطريق الذي يسلكه الزائرون، قطعوا نحو ٤٠٠ كم قبل وصولهم الديوانية، ليروا قصتهم على من كان معهم في أحد المواكب.

يرى الزوج أن “الفضول يأتي بالقناعات”، فكل عام يتم نقل الشعائر الخاصة بشهري محرم وصفر، ويتم التركيز على فكر الامام الحسين ونهجه وأسباب ثورته، كثير من الجيران والأصدقاء يسألون عن ذلك خاصة إن علموا أنك من الشيعة. فيما تكتفي الدنماركية بالبكاء لأبسط المشاهد، لمجرد أن الزوج يترجم لها ما يحصل.

مساواة

أن تتجرد من كل ما تملكه، وتسير دون فوارق بين الفقير والغني بدرب واحد، تتشاركان ذات الطعام وتنامان بذات المكان والفراش، تهذيب للروح وعلو للقيم الانسانية، هكذا ترى اللبنانية بثينة الأمر.

حضرت مع تسعة من جيرانها ومعارفها بحثا عن أجوبة لأسئلة قد لا يملك العراقيون أنفسهم اجوبة لها، كيف تمول هذه المواكب؟، من يشرف على تنظيمها؟، كيف تستوعب هذه الحشود المليونية؟، اين تختفي تلك الملايين ليلا؟، لتغص بها الشوارع في النهار.

Image

اختطاف

في أحد مداخل الديوانية الجنوبية، جنّ جنون ام علي، كانت تسير برفقة زوجها وولديها وابنتها، قطع عليهم احد أصحاب المواكب الطريق يطلب منهم المبيت في منزله، لكن الوقت في حسابات الاسرة مبكرا للتوقف، فمن الممكن قطع اميال أخرى قبل المغيب، لكن الرجل حين رفض طلبه استاء وبادر الى حمل اصغر الأطفال وركض به الى سيارته واقسم بانه لن يسلمه لهم مالم يذهبوا معه.

أساليب عدة وطرائق مبتكرة يعمد اليها أصحاب المواكب لاقناع الزائرين بالمكوث عندهم او الاكل في سرادقهم المنتشرة من اقصى قصبات البصرة وصولا الى كربلاء وما بين الحرمين.

متذوقون

يتنافس أصحاب المواكب باكتشاف ما لم يتناوله الزائرون في رحلتهم، فيما يعمد البعض كل عام الى تجديد إيقونته التي تعودها الناس، (السمك المقلي، والمسكوف)، تشريب اللحم والدجاج والباجة والباقلاء بالدهن والبيض، (نقيع الخبز بصلصة اللحم أو لحم الرأس أو الدجاج)، فيما يذهب اخرون الى سندويتشات الشاورما او الفلافل او العروق أو السمبوسة، ناهيك عن المرطبات والعصائر والمشروبات الساخنة، مقياس النجاح بينهم من يستطيع تصريف ما لديه قبل غيره ليأتي بالمزيد، وسعيد من امتلك اكثر عددا منهم ليأويهم في منزله الذي اعد لمبيتهم.

تلك هي بعض من المشاهد التي تلخص الأوضاع خلال عشرين يوما في الديوانية وباقي المدن المؤدية الى كربلاء لأداء مناسك زيارة اربعينية الامام الحسين بن علي.

Image

ويحيي المسلمون الشيعة في العالم كل عام مراسيم عاشوراء التي استشهد فيها الامام الحسين واسرته واصحابه في واقعة الطف التي دارت في العاشر من محرم سنة 61 للهجرة.

وتعدّ واقعة الطف من أكثر المعارك جدلاً في التاريخ الإسلامي فقد كان لنتائج وتفاصيل المعركة آثار سياسية ونفسية وعقائدية لا تزال موضع جدل إلى الفترة المعاصرة، حيث تعدّ هذه المعركة أبرز حادثة من بين سلسلة من الوقائع التي كان لها دور محوري في صياغة طبيعة العلاقة بين المسلمين، وأصبحت رمزا للشيعة ومن أهم مرتكزاتهم الثقافية.

Image

إقرأ أيضا