“حزنة” شابة إيزيدية.. تحرمها التقاليد من طفليها لأب داعشي

“كل ما هو سيئ ومرعب حدث معي، لذلك لم يعد للخوف مكان داخلي، لكنه حزن…

“كل ما هو سيئ ومرعب حدث معي، لذلك لم يعد للخوف مكان داخلي، لكنه حزن عميق.. فقد حرموني من أولادي، لا لن أسامحهم طوال حياتي حتى لوكانوا بقية أهلي”.

هكذا بدأت “حزنة” ذات الـ19 ربيعا، حديثها عن محطات حياتها “المريرة” بعد اختطافها من قبل تنظيم داعش في آب 2014 وتعذيبها ثم تزويجها والانتهاء بحرمانها من طفليها المولودين من مقاتل داعشي من قبل أهلها الذين أجبروها عن التخلي عنهما، في الوقت الذي نالت فيها حريتها، بسبب التقاليد المجتمعية والقيود الدينية، في مشهد تكرر مع ناجيات ايزيديات أخريات.

تقول “حزنة” حول لحظة إبعادها عن طفليها “كلماته (أحدهما) الأخيرة وهو يستغيث، لا تفارق أذني أبدا، ظل يناديني وهو يبكي وانا أصرخ منهارة: أمي لا تتركيني.. لكنهم سحبوني بقوة من يدي التي ظلت تتشبث بيد ابني”.

مع دخول تنظيم داعش الى سنجار، قام بخطف النساء الايزيديات وعرضهن للبيع في سوق النخاسة أو سوق السبي في الموصل و تلعفر كما في مدينة الرقة السورية.

وتوضح حزنة “نقلنا لاحقا الى مقر يضم عشرات السبايا، وخلال يومين جاء داعشي ليبي طويل القامة ذو جسد نحيف يُدعى قصورة، اختارني كجارية له.. كنت خائفة، لم أقبل بالرحيل معه، لكني سمعت من رفيقاتي أن شكله مقبول، ويبقى مقبولاَ مقارنة مع آخرين بدناء أو كبار في العمر”.

طلب قصورة من حزنة اعتناق الاسلام والزواج بها حتى لا تصبح سبية معرضة للبيع الدائم، لكنها رفضت ولم يجبرها قصورة، بل قال لها: كما تشائين. “بقيت على ذلك الحال يومين ارفض اعلان اسلامي، لكن في اليوم الثالث قام قصورة بربط يدي وقدمي واغتصابي بعنف وأنا اصرخ متوسلة أن يتركني، حتى أغمي علي”.

اكتشفت حزنة أنها حامل بطفلها الاول في رمضان 2015، وحاولت التخلص من الجنين، إلا أن والده أصر على الاحتفاظ به لترزق بمولودها الأول صلاح الدين وبعدها بـ”نسيبة” في 2017.

الاستاذ الجامعي المتخصص بالعلوم النفسية نزار عصمت، أكد أن “ما تعرضت له حزنة لا يدخل ضمن صدمة واحدة، بل هي صدمتان، الاولى حين تم اختطافها، فقد عاشت حالة الخوف والرعب والمأساة والضغوط النفسية التي قد تؤدي بها الى تمني الموت في أكثر الأحيان”.

وأضاف عصمت “قد تعيش حزنة حالة اكتئاب حاد ربما يؤدي الى الموت البطئ او الانتحار بسبب عدم تقبلها ذلك الواقع وتحولها من شخص ذي حقوق الى ضحية مجتمع.”

وبحسب إحصائيات مكتب إنقاذ المختطفين الايزيديين المعتمدة لدى الأمم المتحدة كان عدد الايزيديين في العراق حوالي 550 ألف نسمة، حيث بلغ عدد الاناث منهم أكثر من 3500 امرأة، فيما تجاوزت حالات الانجاب 100 حالة مسجلة، في الوقت الذي تركت عدد من الامهات ابناءهن في أماكن سيطرة التنظيم.

العادات والتقاليد الاجتماعية والقانون قد يمثل عقبة تحول دون احتفاظ هؤلاء النساء بابنائهن، حيث وجدت حزنة نفسا مرغمة للتخلي عن ابنائها بسبب رفض أهلها لهم، في الوقت الذي ينص فيه القانون على تسجيل الابناء مجهولي الاباء كمسلمين.

النائب عن المكون الايزيدي في مجلس النواب العراقي حسين حسن نرمو، كشف عن طرح قانون جديد في مجلس النواب بهذا الخصوص يتضمن بينهم مادتين تخص الاطفال المولودين من داعش، “لم نستطع تطبيق قانون كتابة الطفل بأسم الام لاننا مجتمع ذكوري”.

أما الكاتب والناشط الحقوقي الإيزيدي عيدو بابا شيخ، فقد أوضح أن “بعض عوائل الناجيات لم يتقبلوا فكرة ان يعيش ابن داعش في نفس بيتهم ليعتبر فرداً من افراد العائلة، لأن ما قام به داعش كان شنيعاً”، متسائلا عن “كيفية تقبل أبناء داعش في اسرهم”.

* كتبت هذه القصة ضمن مشروع لمنظمة أنترنيوز لتدريب الصحفيين حول كتابة وإنتاج القصص الصحفية عن القضايا الحساسة المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندر) في العراق.

إقرأ أيضا