عراقية تكسر الحواجز في ساحة التحرير

مرام فتاة عراقية، عمرها من عمر النظام السياسي الذي تعارضه مع شباب العراق منذ الأول…

مرام فتاة عراقية، عمرها من عمر النظام السياسي الذي تعارضه مع شباب العراق منذ الأول من تشرين الاول في الشوارع، أي 16 عاما.

إلا أن هذه الفتاة الجريئة تشن ثورتها الخاصة أيضا من خلال فن الوشم.

 

في داخل إحدى الخيم المنتشرة في ساحة التحرير وسط بغداد، تحرك هذه الشابة قلما ميكانيكيا بعناية لتدق وشما على الكتف الأيسر لأحد الأصدقاء.

ويمثل الرسم نصب التحرير، المنحوتة الضخمة المنتصبة في الساحة التي تحمل الاسم نفسه في وسط العاصمة العراقية والتي تروي طريق العراق إلى النظام الجمهوري، محورها الرئيسي شخص يمد ذراعيه لتحطيم حاجز حديد.

تقول مرام، بعدما أكملت رسم نسخة مصغرة سوداء على كتف صديقها، متحدثة لوكالة فرانس برس “أحب كسر الحواجز”.

 

وتتابع هذه الشابة صاحبة الشعر القصير “الناس لا تتقبل بسهولة أن تقوم فتاة بدق الوشم”، مشيرة الى “البنات اللواتي يقمن برسم الوشم يعملن عادة في الصالونات وللبنات” فقط.

 

وتضيف “لكني قررت الخروج عن المألوف قليلا، لأن التغيير ضروري”.

 

وبدأت مرام التي تدرس الفنون التشكيلية حاليا العمل بدق الأوشام قبل ثمانية أشهر، بهدف الحصول على مورد مادي.

 

ودقت مرام المشاركة في الاحتجاجات المطلبية الداعية إلى محاربة الفساد ومعالجة البطالة في بلادها، والتي انطلقت مطلع تشرين الاول، على ذراعها الأيسر تاريخ “25 أكتوبر”، وهو موعد انطلاق الموجة الثانية من الاحتجاجات المتواصلة في العراق.

ذكريات

وراح أصدقاء مرام يصطفون للحصول على وشم تذكاري تدقه مجانا، و”ثمة أشخاص قرروا التبرع بمواد طبية أو ملابس”.

 

ودقت هذه الفنانة، ما لا يقل عن 15 وشما على صلة بالاحتجاجات، بينها “25 أكتوبر” ونصب التحرير وكمامة الغاز التي يستخدمها المتظاهرون بشكل واسع اتقاء من القنابل المسيلة للدموع التي تطلقها القوات الأمنية.

 

ويشكل الشباب نحو 60 في المئة من سكان العراق البالغ عددهم 40 مليون نسمة. ويقتصر زبائن مرام على هذه الفئة أيضا.

 

وتأتي هذه الشابة عند العاشرة من صباح كل يوم حاملة عدتها لدق الأوشام، إلى ساحة التحرير ومعها قائمة مواعيد تصلها تطبيق “إنستغرام” الذي يتابعها عبره أكثر من 80 ألف شخص.

 

هاشم (18 عاما) رفع قميصه الأصفر ليكشف لوكالة فرانس برس عن أول وشم على جسمه، وهو رسم لقناع طبي صغير على خصره الأيمن، حصل عليه قبل أسبوع واحد فقط.

 

ويقول هذا الشاب “أصبح لدينا ذكريات كثيرة، وأعجبني أن أحمل وشما منها”، في إشارة للقناع.

 

ويتابع “لا يمكنني وضعه على يدي مثلا، لأن أهلي لا يقبلون فوضعته هنا”.

ورغم صغر سنه، يتمسك هشام الموجود منذ عدة أسابيع في ساحة التحرير، بأفكاره الثورية وبالاحتجاجات.

Image

 

وتبقى الاحتجاجات الحالية في العراق غير مسبوقة بسبب طابعها العفوي وقدرتها على الصمود على الرغم من القمع الذي تواجه به.

 

وشم “ثورة”

 أحدث زبائن مرام، شاب في التاسعة عشرة، عرف عن نفسه باسم “كراش”، دق على كتفه وشم نصب التحرير.

 

ويقول “وضعته كذكرى لأصدقائي الذين استشهدوا وخطفوا”.

 

أما مشتاق طالب (23 عاما)، الذي ينحدر من مدينة البصرة، فتغطي ذراعيه ستة أوشام.

 

أحدث وشم وضعه هذا الشاب، كان على كتفه الأيمن، يحمل صورة مركبة تجمع تاريخ انطلاق الانتفاضة وخارطة للعراق ونصب التحرير، تنساب كلها إلى يدين متحدتين كالقبضة.

 

ويقول طالب إن “هذا الوشم يمثل ثورة 25 أكتوبر، التي ألغت لنا أمرا مهما لم نتجاوزه منذ 16 عاما، هو الطائفية”، في إشارة للصراعات التي ضربت العراق بعد غزوه بقيادة الولايات المتحدة العام 2003.

 

ووصف طالب الاحتجاجات، بأنها “ثورة شبابية ويدا واحدة تجمعنا وتجاوزنا الطائفية في هذه الثورة، سني شيعي مسيحي، الكل موجود”.

 

وأضاف “غدا وبعده والعام المقبل، عندما نكبر سيسألوننا عن هذا الوشم، وما الذي حدث، ولابد أن نوضح لهم ما حصل خلال هذه ثورة”.

إقرأ أيضا