انقلاب في سياسة إيران تجاه العراق: الصدر خيار أخير بمواجهة الولايات المتحدة

كشف مصدر سياسي رفيع المستوى، عن انقلاب في سياسة طهران تجاه العراق، بعد حادثة اغتيال…

كشف مصدر سياسي رفيع المستوى، عن انقلاب في سياسة طهران تجاه العراق، بعد حادثة اغتيال قاسم سليماني، قائد فليق القدس بالحرس الثوري الايراني بغارة أمريكية قرب مطار بغداد الدولي، وخصوصا ضد “اللوبي” الموالي لها والمكون من نوري المالكي الأمين العام لحزب الدعوة، وهادي العامري رئيس منظمة بدر، ومسعود البارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفيما عزا ذلك الى الفشل باستقرار الأوضاع الداخلية للعراق، وانقلابها لصالح الولايات المتحدة، والعجز عن تحجيم أو طرد قواتها، أشار الى اتجاهها لدعم مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، بسبب قدرته على ذلك بالاضافة الى مهارته في ضبط الجماعات المسلحة الموالية لها.

ويقول المصدر الذي رفض الكشف عن هويته في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “طهران شكلت غرفة مشتركة من (الحرس الثوري) و(المخابرات) و(وزارة الخارجية) و(حزب الله اللبناني)، لوضع خطة جديدة للتعامل مع المشهد العراقي بعد حادثة اغتيال الجنرال قاسم سليماني، وتوصلت الى عدة خطوات أبرزها عزل رؤوس اللوبي التقليدي المكون من نوري المالكي وهادي العامري ومسعود بارزاني عن تسيد المشهد العراقي، وذلك بسبب فشلهم في تهدئة الأوضاع واستقرارها وإخماد التظاهرات، ولعدم تلبيتهم طلبا إيرانيا بإصدار قانون داخل البرلمان يكسر احتكار السيطرة الأمريكية للأجواء العراقية بما يسمح للطيران العسكري الايراني مشاركته الأجواء العراقية، في مقابل تقديم المزيد من النفوذ لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر”.

وكانت الولايات المتحدة وإيران على شفا حرب بعد اغتيال سليماني في 3 كانون الثاني يناير الحالي، ببغداد، فيما ردت إيران بإطلاق صواريخ باليستية على قاعدتين للقوات الأميركية في العراق.

واتهمت واشنطن مرارا سليماني بقيادته وتوجيهاته لعدد من الفصائل المسلحة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، بالاضافة الى تحكمه بالمشهد السياسي لهذه الدول، ولاسيما العراق الذي يشهد انسدادا سياسيا منذ فترة طويلة.

التوجه الإيراني الجديد يتميز عن السابق بمعارضته لمهاجمة المصالح الامريكية داخل العراق بأساليب فصائل ما تعرف بـ”المقاومة” التي تستخدم صواريخ الكاتيوشا وإطلاقها على القواعد العسكرية ومجمع السفارة الامريكية، لأن ذلك يزيد من خسائر طهران ويسيء الى سمعتها دولياً، خاصة وأن العديد من البعثات الأوروبية والأجنبية غادرت بغداد خوفا من تصعيد الجماعات الموالية لإيران، وفقا للمصدر.

ويضيف المصدر أن “التوجه الايراني الجديد وجد في زعيم التيار الصدري الشخص الوحيد القادر على تحقيق ما عجز عنه الآخرون وهو إضعاف الوجود الامريكي في العراق”، مبينا أن “الأمر جاء بتوصية من الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، فالصدر من وجهة نظره ونظر القادة في الحرس الثوري الايراني قادر على ضبط الجماعات المسلحة الموالية لها بحكم علاقته التاريخية بزعمائها، لكون غالبيتهم كان مرتبطا به، فضلا عن الشعبية والمقبولية التي يحظى بها بين العراقيين، مقارنة بالسياسيين الاخرين، بالاضافة الى امتلاكه أتباعا مؤمنين به، وفاعلين في معظم حركات الاحتجاجات بعد أوامر وجهها لهم”.

وكان زعيم التيار الصدري، قد عقد في 13 كانون الثاني يناير الحالي، اجتماعاً مع عدد من قادة الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي في مدينة قم الإيرانية لمناقشة العديد من القضايا وعلى رأسها التعامل مع إخراج القوات الأمريكية في العراق، فيما أعلن عن تشكيل ما يعرف بـ”المقاومة الدولية” التي أعلنت معظم الفصائل انضمامها اليها.

يذكر أن الصدر اجتمع مع رئيس تحالف الفتح هادي العامري في يوم 12 كانون الثاني، بمدينة قم أيضا لبحث آخر التطورات على الساحة العراقية، وأبرزها اختيار مرشح لشغل منصب رئاسة الحكومة.

Image

ويطمح الصدر الى الوصول للمرجعية، أسوة بوالده السيد محمد محمد صادق الصدر (اغتيل مع نجليه في 1999) وينتظر الوقت والظرف للإعلان عن ذلك، خصوصا بعد أن التحق بالدراسة الحوزوية في مدينة قم الإيرانية، يقول المصدر، الذي أكد أن “التوجه الإيراني الجديد لا يعارض مساعي الصدر، بل يعتبرها خطوة جديدة لتعزيز روح ما يسمى بالمقاومة الاسلامية، داخل العراق والمنطقة، وأن شخصا مثله معروف بمعادته للوليات المتحدة، حسب ما افاد به المتحدث.

وبالتزامن مع الدعوة للتظاهرات المليونية التي تبناها الصدر، والمكرسة لمناهضة الوجود الامريكي في العراق، أعاد موقع العتبة العباسية (مرقد العباس بن علي ابن أبي طالب في كربلاء) المرتبط بالمرجعية الدينية في النجف، نشر نص مقتطع من خطبة سابقة للمرجع الأعلى علي السيستاني، وهو: (نعيدُ هنا التحذير من الذين يتربّصون بالبلد ويسعون لاستغلال الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح، لتحقيق أهدافٍ معيّنة تنال من المصالح العُليا للشعب العراقيّ ولا تنسجم مع قِيَمه الأصيلة)، ما تم تفسيره كاعتراض على تلك التظاهرات واعتبارها استغلالا سياسيا للاحتجاجات.

ورغم أن دعوة الصدر الى طرد القوات الأمريكية ليست بالجديدة على مواقفه السابقة، كونه من أشد الرافضين لوجودها منذ 2003، إلا أن مراقبين ربطوا بين هذه الدعوة وتلويح شخصيات إيرانية بانهاء الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، ردا على اغتيال سليماني.

ويوضح المصدر، أن “التقارب الايراني الجديد مع الصدر وضع خصومه التقليديين، وأبزرهم “نوري المالكي” في دائرة الخطر، ودفع بهم الى العودة مجدداً للمنطقة البعيدة عن التقارب الإيراني، وبدأ يقترب شيئا فشيئا الى الولايات المتحدة الامريكية، وكانت إحدى الرسائل هي لقاؤه الأخير بالسفير الامريكي في بغداد، والتي جاءت بعد أيام من تنفيذ الغارة الأمريكية، التي استهدفت قاسم سليماني وأبومهدي المهندس”.

ويلفت الانتباه الى ان “نوري المالكي خسر قربه من فصائل مسلحة أبرزها حركة النجباء وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله بعد رفضه الشديد لمهاجمة السفارة الامريكية وامتناعه عن إصدار استنكار بخصوص فرض العقوبات الخزانة الامريكية على قيس الخزعلي وشقيقه ليث”، منوها الى أن “المالكي عاد مجددا الى حضن قيادات حزب الدعوة التقليديين والاعتماد على مشورتهم وتحالفاتهم مع الأطراف الأخرى، ويحاول الآن البحث عن إيجاد مخرج لكبح جماح مخطط الصدر الذي يديره من قم”.

إقرأ أيضا