مرشحون عرب يخوضون الانتخابات البلدية الفرنسية

يتوجه اليوم الأحد الفرنسيون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يتولون تسيير بلداتهم ومدنهم، ويشارك في…

يتوجه اليوم الأحد الفرنسيون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يتولون تسيير بلداتهم ومدنهم، ويشارك في هذه الانتخابات فرنسيون من أصول أجنبية، استطاعوا أن يصنعوا لأنفسهم اسما في المشهد السياسي لبلدياتهم، ويتنافسون اليوم سواء للمرة الأولى أو لتجديد نيل شرف تدبير الشأن العام المحلي. ونجد ضمن هؤلاء المرشحين من أصول عربية، بينهم حسن حماني وهو مغربي الأصل، وآسيا مداح، وهي جزائرية الأصل.

حسن حماني

وصل السياسي الفرنسي المغربي حسن حماني إلى باريس في الثمانينات من القرن الماضي، محملا “بالحماس والأمل في مواصلة الدراسة وبناء حياة جديدة”، ولم يكن في حسبانه أنه سيخوض يوما غمار السياسة الفرنسية من بابها المحلي على مستوى مدينة نانتير ضاحية باريس.

الوضع الصعب الذي يعيشه عادة الطلبة الأجانب في المهجر، لإثبات الذات والنجاح في مشوارهم الدراسي، حفزه على الانخراط في العمل النقابي، وكان “اتحاد الطلبة الشيوعيون” إحدى المحطات المهمة في حياته النقابية كطالب، وفر عبره “الدعم” للطلبة الأجانب في مسيرتهم العلمية.

“لقد اكتشفت الوجه الآخر لهذا البلد، الذي كثيرا ما حلمت بمواصلة دراستي فيه والاستقرار به”، يذكر حماني، الذي يشغل اليوم مسؤولية نائب عمدة نانتير مسؤول التواصل، بدايته الأولى كطالب يكتشف مصاعب العاصمة الفرنسية قبل أن يحصل على الدكتوراه في “الإثنوسيميوتيك” (علم الإشارات اللغوية المطبق على علم أعراق البشر) من جامعة باريس 3 السوربون الجديدة.

تجربته الحزبية جاءت من بوابة العمل النقابي، فدخل بالحزب الشيوعي ليخرج منه في 2015 كي يسهم بتأسيس “اليسار المواطن”، على مستوى مدينة نانتير.

وفي 2018 ساهم في تأسيس جمعية “نانتير إي بلوس” (نانتير وأكثر). ويخوض الانتخابات البلدية الحالية كمستقل مع رفاق آخرين له من نفس المنظمة ضمن قائمة “اليسار المتنوع” التي يرأسها العمدة الحالي لنانتير باتريك جاري. وهي قائمة يدعمها الحزبان الشيوعي والاشتراكي وتشارك فيها فعاليات مثله من الجمعيات.

سمح له تطوعه لإعطاء دروس في اللغة العربية في جمعية “العمال المغاربيين في فرنسا”، التعرف عن قرب على أوضاع العمال المهاجرين وجميع الأمور المرتبطة بالهجرة بينها الاندماج والجدل المثير حوله.

انتخب حماني لأول مرة في الاستحقاقات البلدية الفرنسية 2001، وكانت بالنسبة له، بداية لمشوار سياسي في تسيير الشأن المحلي.

وحماني هو من المنتخبين الذين عاشوا مجزرة المجلس البلدي لنانتير في مارس آذار 2002، عندما اقتحم مجنون مسلح في منتصف الليل المجلس أثناء انعقاده للتصويت على الموازنة، وقتل ثمانية أشخاص وأصاب آخرين.

ويعبر حماني عن عدم رضاه عن نسبة تمثيلية السياسيين من أصول مهاجرة في المؤسسات المنتخبة، حيث تظل بالنسبة له بعيدة عن توقعات الفرنسيين من أصول أجنبية، بالقول “على المجتمع الفرنسي أن يفهم أن الأجيال الجديدة ذات الأصول الأجنبية هم فرنسيون أيضا”.

ويبقى حق تصويت الأجانب المقيمين في فرنسا من غير الأوروبيين في الانتخابات المحلية ضمن أهم “نضالاته السياسية”، فجميع الحكومات التي تعاقبت على الحكم في فرنسا من يمين ويسار يحملها مسؤولية حرمان هذه الجاليات من حق التصويت.

آسيا مداح

أما آسيا مداح، وهي فرنسية من أصل جزائري، تجسد نموذج المرشحة التي أتى والداها من بعيد قبل ستة عقود، ونجحت في الاندماج في الحياة الاجتماعية والسياسية لبلادها.

تعد آسيا مداح من الوجوه السياسية الشابة من أصل مغاربي، التي اختارت أن تنخرط في العمل السياسي في سن مبكرة، وكان هذا الانخراط بقناعة محلية بالدرجة الأولى، إذ كانت تنظر لذلك على أنها الطريقة المثلى للمشاركة في خدمة الصالح العام على مستوى مدينتها الأم “سوسي أون بري” في الضاحية الجنوبية لباريس.

أول شخص جذبها إلى السياسة هو عمدة مدينتها، المنتمي إلى حزب الديمقراطيين والمستقلين المحسوب على تيار الوسط اليميني، والذي “قدم أشياء كثيرة” لمدينتها. وتم انتخابها لأول مرة في 2001 فيما لم يكن عمرها يتجاوز 19 عاما، فتحملت مسؤولية نائبة العمدة مكلفة بسياسة المدينة، ثم في 2008 أنيطت بها مهمة نائبة العمدة مكلفة بـالشباب.

هذا الانخراط في السياسة وحزب الديمقراطيين والمستقلين تحديدا، كان له تفسير آخر لديها أيضا. فهذا الحزب كان يتضمن بين صفوفه وزيرا سابقا من العيار الثقيل، وهو جون لوي بورلو الذي تولى حقائب وزارية مختلفة في عدة حكومات فعرف بـ”أفكاره حول البيئة وسياسة المدينة”، ولا تخفي مداح أن هذه الأفكار كان لها صدى خاصا في نفسها.

وعلى خلاف الكثير من السياسيين ذووي الأصول المهاجرة الذين يختارون الالتحاق بالأحزاب اليسارية، فضلت آسيا مداح الانتماء إلى حزب وسط يميني، وتعتبر أن هذا الاختيار كان “من أجل الشخص” في إشارة إلى جون لوي بورلو الذي ألهمها مسيرتها، وباعتبار أن “أحزاب اليسار ظلت تعتمد في برامجها على سياسة المساعدات من أجل المساعدات”، فيما هي تفضل “سياسة اجتماعية واقتصادية مصاحبة” للراغبين في العمل وبناء مشاريع.

ترشحها في الدائرة 17 من باريس أملاه عليها استقرارها في هذه المنطقة منذ سنوات، وتترشح ضمن قائمة “باريس الجديدة” التي يترأسها سيديريك فيلاني، المنشق عن الحزب الحاكم “الجمهورية إلى الأمام”، وتعتبر ترشحها ضمن هذه القائمة أنه جاء بناء على اقتناع بمشروع المرشح، فهو، بحسبها، “يطرح حلولا واقعية، يدمج فيها الجماعات المتاخمة للعاصمة الفرنسية”.

وتعتبر هذه المرشحة للانتخابات البلدية الفرنسية، التي عملت مسؤولة برامج في وزارة الصحة قبل أن تنتقل إلى مؤسسة تأمين معروفة، أن رئيس قائمة “باريس الجديدة” له “مقاربة براغماتية” للحلول التي يود طرحها لحل المشاكل المطروحة على مستوى العاصمة الفرنسية.

تؤكد المرشحة أن سؤال الهجرة يبقى “أساسيا” في الإشكالات المطروحة في باريس، ويحتاج إلى حلول، فهي لا تريد “إعادة إنتاج نفس الوضع الذي عاشه آباؤنا مع أحياء الصفيح”.

إقرأ أيضا