حظر التغريد المفروض على (تويتر) يُضر أردوغان وتركيا

في 20 آذار، بعد يوم واحد من تهديد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان \”باستئصال «تويتر»\”، تم حظر المستخدمين الأتراك لسبب غير مفهوم من الوصول إلى موقع التواصل الاجتماعي الشهير. فوفقاً لصحيفة \”نيويورك تايمز\”، أصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً بأن قرار حظر \”تويتر\” كان ضرورياً بسبب \”عدم تعاون الموقع بعد حكم أربع محاكم محلية بحذف بعض المحتوى\”.

 

يشار إلى أن تركيا واحدة من الدول العشر الأكثر استخداماً لموقع \”تويتر\” على مستوى العالم، حيث يوجد اثنا عشر مليون مستخدم في جميع أنحاء البلاد. وسوف يصعب تنفيذ الحظر، حيث لا يزال بوسع المواطنين الوصول إلى أي موقع محجوب من خلال خوادم الإنترنت الموجودة خارج البلاد أو من خلال بعث رسائل \”تويتر\” عن طريق إرسال رسائل نصية. وسواء كان الحظر مستداماً أم لا، فقد يكون أقرب إلى الرمزية منه إلى العملية، الأمر الذي يبرز التحديات التي تواجه أردوغان في الوقت الذي تستعد تركيا للانتخابات المحلية في جميع أنحاء البلاد المقرر إجراؤها في 30 آذار والانتخابات الرئاسية خلال فصل الصيف.

 

الطبقة الوسطى الجديدة في تركيا لديها معرفة عميقة بوسائل التواصل الاجتماعي

أدى التحول الاقتصادي الذي شهدته تركيا خلال العقد الماضي تحت قيادة \”حزب العدالة والتنمية\” بزعامة أردوغان إلى خلق طبقة وسطى قوية. والمفارقة أن هذه الشريحة من السكان هي التي تتحدى الحكومة بشكل متزايد. فمنذ العام الماضي، شهدت تركيا مسيرات مناهضة للحكومة، وعلى الأخص تلك التي اندلعت في \”منتزه جيزي\” و\”ساحة تقسيم\”، طالب خلالها المواطنون بحقوق أوسع، بما في ذلك احترام حرية تكوين الجمعيات، والتجمع، ووسائل الإعلام، والتعبير. لقد أصبح \”تويتر\” وغيره من مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يتم الوصول إليها بصفة أساسية باستخدام الهواتف الذكية باهظة التكلفة، أداة تساعد هذه الطبقة الوسطى الثرية والمثقفة في تنظيم احتجاجات ضد الحكومة. ووفقاً لدراسة أجراها \”مختبر وسائل الإعلام الاجتماعية والمشاركة السياسية\” في جامعة نيويورك في 2013، كانت 30 في المائة فقط من التغريدات حول الاحتجاجات في مصر في عام 2011 قد نشأت أصلاً في مصر ومكتوبة باللغة العربية، وفي المقابل كانت 90 في المائة من التغريدات حول احتجاجات \”منتزه جيزي\” قد تم إرسالها من تركيا ومكتوبة باللغة التركية.

 

وفي الآونة الأخيرة، برزت مواقع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل بارز فيما يتعلق بالعراك القائم بين أردوغان و\”حركة غولن\”، وهي شبكة مؤثرة من مؤيدي أردوغان السابقين الذين انشقوا عنه منذ كانون الأول. ويقيم زعيم الحركة، فتح الله غولن، حاليا في الولايات المتحدة، وقد استخدم أردوغان هذه الحقيقة ليس لانتقاد أمريكا فحسب، بل أيضاً لمختلف المؤسسات الدولية ومواقع وسائل التواصل الاجتماعي مثل \”تويتر\”، زاعماً أنها متواطئة في مؤامرة ضده وضد الحكومة التركية. كما تم استخدام موقعا \”تويتر\” و\”فيسبوك\” للتعبير عن مزاعم فساد ضد الحكومة، الأمر الذي يضر بمصداقية أردوغان ويلوث سمعته السياسية. وفي حين تشير استطلاعات الرأي بأن حزبه لا يزال من المرجح أن يفوز في الانتخابات في 30 آذار، إلا أنها تشير أيضاً إلى أن شعبية \”حزب العدالة والتنمية\” قد تكون آخذة في التناقص نتيجة قيام حملات مستمرة وظاهرية مناهضة للحكومة.

 

ويلجأ معارضو أردوغان – سواء كانوا ليبراليين، علمانيين، يساريين، أم من أنصار غولن – إلى شبكات التواصل الاجتماعي للإعراب عن تحديهم له. وقد جاء رده، لاسيما قرار حظر \”تويتر\”، معبراً عن العقبات التي ستواجه تركيا في المستقبل. فقد وجد نحو عشرة ملايين من مستخدمي \”تويتر\” في البلاد وسائل أخرى لتسجيل الدخول وتجاهل قرار رئيس الوزراء، ما يشير إلى أن جهود أردوغان لتضييق الخناق على حرية التعبير وإقصاء خصومه قد لا تفلح.

 

دور الولايات المتحدة

رداً على حظر \”تويتر\”، ينبغي على الولايات المتحدة أن تدرس نقل النقاط التالية إلى أنقرة:

 

* إن أردوغان قد جعَل من تركيا دولة ذات دخل متوسط خلال العقد الماضي، وأمامها الآن فرصة لكي تصبح اقتصاداً متقدماً لو أنها بنت اقتصاداً يقوم على القيمة ومجتمع المعلومات. وبمعنى آخر، تستطيع تركيا بقيادة أردوغان أن تواصل الصعود لو أنها تحولت من دولة تصدر السيارات إلى دولة تمثل مركزاً لشركة \”جوجل\”. وسوف تفر الشرائح المبدعة في تركيا لو واصلت الحكومة مسارها الحالي، كما سيتحاشى من هم خارج البلاد الرجوع إلى تركيا لو لم يستطع قادتها إتاحة وصول دائم إلى الإنترنت وضمان حرية التعبير والإعلام، والتجمع، وتكوين الجمعيات، واحترام المساحات الفردية والبيئية والاجتماعية – التي كانت جميعها مطالب رئيسة لمتظاهري \”متنزه جيزي\” ومنتقدي أردوغان في اليسار واليمين السياسي.

 

* لو ظلت تركيا مجتمعاً مفتوحاً، فسوف تواصل صعودها. وهذا المسار التصاعدي هو في مصلحة الجميع، وخاصة لأردوغان. ومنذ عام 2002، فاز حزبه في ثلاثة انتخابات برلمانية واثنين من الانتخابات المحلية، بصفة أساسية بفضل تحقيق نمو اقتصادي مبهر. وشهدت تركيا نمواً لأنها جذبت استثمارات دولية يبلغ متوسطها نحو 40 مليار دولار سنويا. وسوف يتوقف تدفق الأموال الأجنبية لو عجزت تركيا عن الاستمرار كمجتمع منفتح؛ كما سينسحب المستثمرون الدوليون إذا تم حظر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي الشعبية. وسوف يعتمد نجاح أردوغان في الانتخابات المقبلة على قدرته على الحفاظ على صورة تركيا كدولة مفتوحة للأعمال التجارية والأفكار.

 

* إن نمو تركيا والحظوظ السياسية لأردوغان أمران مترابطان عن كثب. كما أنهما مرتبطان بالاقتصاد العالمي والحريات المتاحة لمواطني معظم البلدان المتقدمة.

* زميل \”باير فاميلي\” ومدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن. وأحدث مؤلفاته الكتاب الذي صدر باللغة الانكليزية \”صعود تركيا: أول قوة مسلمة في القرن الحادي والعشرين\”.

إقرأ أيضا