انهيار تاريخي للخام الأمريكي .. أسعار دون الصفر

في جلسة تداول عاصفة شكلت صدمة لأسواق النفط العالمية، انهار الخام الأمريكي، أمس الاثنين، ليصل…

في جلسة تداول عاصفة شكلت صدمة لأسواق النفط العالمية، انهار الخام الأمريكي، أمس الاثنين، ليصل سعر تسليم أيار (مايو) المدرج في سوق نيويورك إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ مع انتهاء التعاملات، ما يعني أن المستثمرين مستعدون للدفع للتخلص من الخام.

نظرا إلى انقضاء مهلة عقود أيار (مايو) أمس، كان على المتعاملين العثور على مشترين في أقرب وقت ممكن. لكن مع امتلاء منشآت التخزين في الولايات المتحدة بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة، أجبر المتعاملون على الدفع للناس للعثور على مشترين ما تسبب ببلوغ سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط 37.63 دولار تحت الصفر مع انتهاء التعاملات.

وبحسب “رويترز”، هوت العقود الآجلة للخام الأمريكي لأقرب استحقاق 55.90 دولار، أو 305.97 في المائة، لتسجل عند التسوية -37.63 دولار للبرميل.

وهوت عقود الخام الأمريكي تسليم حزيران (يونيو) 4.6 دولار، أو 18 في المائة، إلى مستوى قياسي منخفض عند 20.43 دولار للبرميل.

وتحولت العقود الآجلة للنفط إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام وهو ما يثبط المشترين، بينما ألقت بيانات اقتصادية ضعيفة من ألمانيا واليابان شكوكا على موعد تعافي استهلاك الوقود.

ومع نضوب الطلب الفعلي على النفط ظهرت تخمة عالمية في المعروض، بينما لا يزال مليارات الأشخاص حول العالم يلزمون منازلهم لإبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد.

وقال محللون نفطيون إن التراجع الكبير في أسعار الخام يعود إلى أسباب متعددة بعضها تقنية تتعلق بانقضاء مهلة عقود أيار (مايو)، مضحين أن انهيار الأسعار جاء في خضم الخسائر الاقتصادية الفادحة لجائحة فيروس كورونا.

وأشاروا إلى كسر سعر خام غرب تكساس الأمريكي تسليم أيار (مايو) رقما قياسيا سلبيا إلى ما دون الصفر، مبينين أن الهبوط إلى المنطقة السلبية جاء للمرة الأولى منذ بدء تداول العقود الآجلة في عام 1983.

إذ نقلت جريدة “الاقتصادية” عن ين بيتش المحللة الفيتنامية، قولها إن السبب الرئيس لهذا التهاوي الواسع هو امتلاء المخزونات واستنزاف الطاقة الاستيعابية في الولايات المتحدة بشكل خاص مما هوى بعقود أيار (مايو) على هذا النحو لأسباب تقنية وفنية بالأساس.

فيما قال أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، أن الأزمة الحالية مؤقتة، حيث إن التهاوي الحاد في سعر الخام الأمريكي جاء بفعل ضعف قدرات مرافق تخزين النفط الأمريكية التى باتت معرضة لخطر الانفجار بعدما زادت المخزونات في موقع التسليم في كوشينج 50 في المائة تقريبا.

وذكر أن زيادة المعروض في مقابل ضعف الطلب وراء التهاوي الحاد في الأسعار خاصة في منطقة تكساس الغنية بالنفط التى باتت تخلو تماما من المشترين بسبب انتشار الوباء خاصة في الولايات المتحدة.

وبحسب “الفرنسية”، أوضح بيورنار تونهوجن المحلل لدى “ريستاد للطاقة” أن “مشكلة غياب التوازن بين العرض والطلب عالميا بدأت تتجسد في الأسعار”.

وأضاف “مع تواصل الإنتاج كالمعتاد نسبيا، يمتلئ المخزون أكثر فأكثر كل يوم. يستخدم العالم النفط بشكل أقل وبات المنتجون يشعرون الآن كيف يتمثل ذلك من خلال الأسعار”.

ولم تشر المؤشرات إلى أن فيروس كورونا المستجد بلغ ذروته على ما يبدو في أوروبا والولايات المتحدة في رفع الأسواق المالية الآسيوية والأوروبية عموما.

وبدلا من ذلك، يزداد قلق المتعاملين من احتمال بلوغ منشآت تخزين النفط الحد الأقصى من قدرتها الاستيعابية، مع تكدس المخزون نظرا لانهيار الطلب الناجم عن تفشي وباء “كوفيد – 19”.

وقال محللون إن الاتفاق الذي أبرم هذا الشهر بين “أوبك” وشركائها لخفض الإنتاج بعشرة ملايين برميل يوميا يرتطم بتدابير الإغلاق الشامل التي فرضت والقيود على السفر أجبرت مليارات الناس حول العالم على التزام منازلهم.

ولعل خام غرب تكساس الوسيط كان الأكثر تأثرا مع امتلاء منشآت تخزينه الرئيسة في كاشينج في أوكلاهوما، بينما أشار المحلل سوكريت فيجاياكار لدى منظمة “ترافيكتا” للاستشارات إلى أن منشآت التكرير لا تعالج الخام بالسرعة الكافية.

وأوضح أن هناك إمدادات كثيرة من الشرق الأوسط دون مشترين “نظرا لارتفاع تكاليف الشحن”.

وقال ستيفن إنيس من “أكسيكورب” إن “أحدا لا يريد تسلم النفط مع امتلاء منشآت تخزين كاشينج بين دقيقة وأخرى”.

وأضاف “لم يتطلب الأمر وقتا طويلا لتدرك الأسواق أن اتفاق “أوبك بلاس” لن يكون في شكله الحالي كافيا لضمان توازن في أسواق النفط”.

ووفق مذكرة صادرة عن مصرف “أ أن زد”، فقد “بقيت أسعار النفط الخام تحت الضغط لأن توقعات انخفاض الطلب تلقي بثقلها على الجو العام”.

وأضافت المذكرة “رغم أن “أوبك” قبلت بخفض غير مسبوق للإنتاج، لا تزال سوق النفط غارقة بالطلب”.

وأعرب المصرف عن خشيته “من نفاد القدرة الاستيعابية في منشآت التخزين في الولايات المتحدة”، وهو عامل أثر على وجه خاص في سعر البرميل الأمريكي.

ولفت مايكل ماكارثي المسؤول عن الاستراتيجية في شركة “سي أم سي ماركت” إلى أن انخفاض سعر خام غرب تكساس الوسيط “ترجمة للفائض” في مخزونات الخام في منشأة كوشينج في ولاية أوكلاهوما.

وأوضح ماكارثي في مذكرة أن هذا المؤشر المرجعي الأمريكي “انفصل” الآن عن مؤشر برنت المرجعي الأوروبي، مشيرا إلى أن “الهوة بينهما بلغت أعلى مستوى لها منذ عقد”.

وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي أن مخزوناتها من الخام ارتفعت 19.5 مليون برميل، ما يضفي مزيدا من الصعوبات على سوق عالمي فائض.

ويشير سوكريت فيجاياكار المحلل في مؤسسة “تريفيكتا كونسولتانتس”، إلى أن معامل التكرير الأمريكية غير قادرة على معالجة النفط الخام بالسرعة المطلوبة، ما يفسر تدني المشترين وامتلاء المخزونات.

إقرأ أيضا