هدوء نسبي في النجف بعد تصعيد الاحتجاجات لثلاثة أيام

عمّ مدينة النجف (160 كلم جنوب غربي بغداد) هدوء نسبي بعد ثلاثة أيام من التوتر…

عمّ مدينة النجف (160 كلم جنوب غربي بغداد) هدوء نسبي بعد ثلاثة أيام من التوتر والعنف على خلفية التصعيد في الاحتجاجات التي اندلعت في الأول من تشرين الأول أكتوبر الماضي، ولا زالت قائمة في بغداد ومحافظات أخرى، بسبب اتهام الأحزاب السياسية المشاركة في السلطة بالفساد والفشل في توفير الخدمات المطلوبة، وفي الوقت الذي أكد نشطاء في التظاهرات رغبتهم بتغيير جذري في المحافظة، اتهموا علنا أطرافا سياسية بالوقوف وراء التصعيد الأخير تمثل بصدامات مع عناصر الأمن حول منزل المحافظ لؤي الياسري والواقع في شارع الجنسية وسط المدينة، منوهين الى إعادتهم المتظاهرين المستقلين الى ساحة الاعتصام الرئيسية.

وتقول رؤى الدرويش الأكاديمية والناشطة النسوية في النجف، خلال اتصال هاتفي مع “العالم الجديد”، ان “موقف الشباب الواعي من معتصمي ساحة الصدرين هو إعادة المحتجين المنتشرين على طول شارع الجنسية الى خيامهم في ساحة الصدرين من خلال التفاوض معهم في المحافظة على سلمية التظاهر، وعدم فسح المجال لمن يقوم باراقة الدماء”.

وتضيف الدرويش، أن “الهدف من ذلك هو قطع الطريق أمام من يريد الإساءة لثورة تشرين، في وقت تشهد المدينة الآن عودة تدريجية للهدوء النسبي”، مستدركة بالقول إن “احتجاج شارع الجنسية يمثل امتدادا لحراك تشرين الأول المعني بتحقيق المطالب المشروعة غير أن موضوعة إقالة المسؤولين المحليين من بينهم المحافظ لؤي الياسري أضيفت فيما بعد، بسبب الفشل بتحسين ملف الخدمات، منها الطاقة الكهربائية ووضع المستشفيات التي تعاني من أزمة تردي وانهيار خاصة بعد تفشي وباء كورونا”.

وبدأت حشود الشباب بالزحف صباح السابع من حزيزان يونيو الحالي، الى شارع الجنسية وسط مدينة النجف بعد دعوة أطلقت من قبل معتصمي المحافظات المحتجة من أجل الاعتصام أمام المقار الحكومية بعد منح المحافظين مهلة يومين لاقالتهم من مناصبهم.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات تظهر الصدامات التي جرت صباح السابع من حزيران والمصادف يوم الأحد الماضي، بين محتجين شباب وعناصر أمنية في شارع الجنسية وسط المدينة، مظهرة مشاهد رمي بالحجارة بين الطرفين، وملاحقات سيارات الشرطة لعدد من المتظاهرين في الازقة.

وانطلقت الأحد الماضي، تظاهرات في محافظات النجف والمثنى والديوانية وذي قار، للمطالبة باقالة المحافظين والمسؤولين المحليين، وإجراء الإصلاحات، والكشف عن قتلة المتظاهرين.

وقد طوق المتظاهرون دار الضيافة في النجف وطالبوا باستقالة المحافظ ونائبه، في حين تواجدت والدة (مهند القيسي) إيقونة احتجاجات النجف الذي قتل في صدامات دموية بين محتجين وأتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ممن تواجدوا في الساحات منذ بدء الاحتجاجات في الاول من تشرين الاول 2019، حيث مشت بين المتظاهرين مع زوجها (والد مهند) بين المتظاهرين، وهي تحمل صورة ولدها الوحيد، لتصل الى بناية المحافظة.

فيما لم تستبعد رؤى الدرويش الناشطة النسوية، أي توغل للأجندة الحزبية داخل الاعتصامات ومحاولة حرف الحراك الاحتجاجي، قائلة إن “ساحات الاعتصام في معظم المحافظات وبينها النجف تضم خيما للأحزاب تدعي الدفاع عن المدنية والمطالبة بالحقوق المسلوبة للشعب إلا أن أحدا لم يعترض لكون التظاهر حقا للكل”.

ويذهب حسن الخرسان وهو ناشط مدني بالنجف، الى أبعد من ذلك بالقول إن “الحراك في ساحة الجنسية تم استثماره من قبل أطراف سياسية، وهو يمثل فرصة بالضغط من أجل تغيير المحافظ واستبداله بشخصية تنتمي لتلك الأطراف”.

ويوضح أن “التصعيد في شارع الجنسية ضد الحكومة المحلية كان مخططا له أن ينفذ في الخامس من حزيران (يونيو)، إلا أنه تم تأجيله الى السابع من الشهر”، مشيرا الى “حدوث مواجهات بالحجارة بين الطرفين استمرت لثلاثة ايام (حتى العاشر من حزيران يونيو الحالي)، وهي تبدأ من بعد الظهر لتنتهي عند حلول الظلام”.

وتزامن تصعيد الاحتجاج في النجف مع موجة احتجاجات تصعيدية أخرى من قبل معتصمي محافظتي الديوانية (180 كلم جنوبي بغداد) والمثنى (280 كلم جنوبي بغداد) لتحقيق نفس المطالب بإقالة المحافظين ومسؤولين محليين آخرين بسبب تهم تتعلق بارتكابهم فسادا ماليا واداريا.

ويردف الخرسان، أن “المتظاهرين بساحة الصدرين (وهي الساحة المركزية لمتظاهري النجف) يرفضون استمرار تولي الياسري إدارة المحافظة، حيث وضع المتظاهرون منذ البدء صورة كبيرة للياسري داخل الساحة، وعليها حرف (X) بالأحمر، وهذا موقفهم معروف، إلا أن جمهور الأحزاب المنخرط في التظاهرات لا يريد تغيير المحافظ وفق ذات الأهداف التي نطمح اليها وهي مكافحة الفاسد، بل كل هدفهم هو المجيء بشخصية أكثر فسادا وسوءا، وما يهمهم هو تلبية تطلعات القيادات الحزبية”.

تأسيسا على ذلك، يتهم متظاهر نجفي، تيارين سياسيين بالوقوف وراء هذه الموجة من التظاهرات، وهما (حركة الوفاء بقيادة المحافظ السابق عدنان الزرفي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم)،

ويدلي المتظاهر الذي تحفظ على ذكر اسمه تجنبا للملاحقات، بالقول إن “ولاء الفتلاوي ومازن الزرفي (شقيق محافظ النجف السابق) من حركة الوفاء كانا يلعبان دورا في تحشيد الشباب للتوجه الى شارع الجنسية”، منوها الى أن “مازن الزرفي نشر على صفحته في فيسبوك وثيقة صادرة عن هيئة النزاهة في النجف بشأن تهم فساد تتعلق بهدر مالي قيمته460 مليون دولار خلال فترة تولي المحافظ الحالي لؤي الياسري، وذلك قبل يوم واحد فقط من التصعيد”.

ويلفت قائلا، إن “من بين المشاركين في هذا التصعيد أعضاء من تيار الحكمة، إذ أنهم يدفعون باتجاه تولي هشام الكرعاوي (نائب المحافظ) التابع للتيار منصب المحافظ، فيما تدفع حركة الوفاء باتجاه تولي طلال بلال (النائب الآخر) المنصب”.

ولم يتسن لـ”العالم الجديد” التأكد من صحة تلك المعلومات، فيما تحتفظ بحق الرد للشخصيات الواردة أسماؤهم أعلاه.

وحول خفايا الصدام بين المتظاهرين وعناصر الأمن، يضيف الناشط حسن الخرسان أن “هناك أوامر صدرت من قبل المحافظ باستخدام القوة المفرطة معهم، إلا أن قيادة الشرطة رفضت ذلك، ما جعل عناصر الأمن التي واجهت اندفاع المحتجين الرامين لاقتحام منزل المحافظ في مأزق”.

ويتابع الخرسان أن “جهاز الاستخبارات في النجف رفض طلب المحافظ لؤي الياسري باستقدام فرقة تكتيكة مختصة بفض الاحتجاجات”، موضحا أن “غالبية الشباب ومعظمهم من أعمار 13 الى 18 عاما ممن شاركوا في التظاهرات، استجابوا لنداءات البث المباشر الذي قام به العديد من المحتجين عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

ويضيف أن “أعداد المصابين في صفوف عناصر الشرطة والأفواج الأخرى، وصلت الى 30 جريحا بينهم ضباط، فيما كانت أكثر من 50 جريحا من المتظاهرين”.

ولا زالت الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية (المحافظات) تتنازع الصلاحيات الخدمية والأمنية، فيما تتهم جميعا من قبل المتظاهرين بالفشل في توفير أي نوع من الخدمات.

إقرأ أيضا