اليوم.. الصابئة المندائيون يحتفلون بـ”الكرصة”    

يحتفل الصابئة المندائيين اليوم الخميس، بأول ايام العيد الكبير “دهوا ربا”، وهو عيد رأس السنة…

يحتفل الصابئة المندائيون اليوم الخميس، بأول ايام العيد الكبير “دهوا ربا”، وهو عيد رأس السنة لابناء الديانة، وفيه يمارسون طقوسا خاصة ترمز الى نبيهم يحيى، اضافة الى التعميد وتقديم الأطعمة وتبادل الأطباق الغذائية كنوع من الاستذكار (الثواب) للموتى.

وتعد الديانة الصابئية من أقدم الديانات التوحيدية، ونشأت في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان جنوبي العراق، وتبلورت تعاليمها على يد النبي يحيى بن زكريا.

وللعيد الكبير طقوس خاصة، تعود الى حادثة مر بها النبي يحيى، عندما هوجم من قبل اليهود انذاك في اورشليم بفلسطين، واختبأ في شجرة لمدة 36 ساعة، ليكون الطقس الاساسي في هذا العيد هو بقاء ابناء الطائفة في منازلهم لمدة 36 ساعة تبدأ من مغيب الشمس وحتى الفجر اليوم الثاني.

وتشتمل الطقوس على ايقاف اي شكل من اشكال التعامل خارج المنزل، مع غلق الابواب والنوافذ، وعدم استقبال الزوار، بالاضافة الى عدم استخدام مياه الصنبور، حيث يعمدون الى ملئ الاواني بالماء وتجهيزه قبل مغيب الشمس لاستخدامه في الـ36 ساعة.

Image

في صبيحة اليوم، وقبل غلق الابواب، يمارس الصابئة طقوس التعميد ونحر الذبائح لصنع الطعام وتقديمه للناس، حيث تتم هذه الطقوس بملابس خاصة تسمى “الرستة” وهي ملابس بيضاء بالكامل للرجال والنساء.

ويتضمن طقس التعميد (الصباغة)، الذي يعد اهم ركن من اركان الديانة، النزول للماء الجاري وقراءة ايات من كتابهم المقدس “الكنزا ربا”، لغرض تطهير الروح بالكامل.

وبهذا الصدد، قال عماد كاظم الخدادي في عقده السادس من عمره، وهو احد ابناء الطائفة ويعيش في السويد لـ”العالم الجديد” إن “العيد الكبير له طقوس مميزة، ونحتفل به منتصف كل شهر تموز من كل عام”.

ويتابع “سابقا في العراق، وعندما كانت عوائلنا واولادنا مجتمعين معا، كان للعيد بهجة مختلفة عن الان، كانت العوائل تلتقي في صبيحة الخروج من المنزل وتتبادل التهاني، وتقام الولائم والعزائم، وكنا نذهب لزيارة المقبرة للترحم للموتى وإيقاد الشموع والبخور”.

Image

ويشير الى ان “طقوس التعميد (الصباغة) كانت تضم مئات الاشخاص، وكان مندي بغداد، مكانا مميزا للقاء العائلات في العيد”، ويضيف “في الغربة، وبعد التهجير الذي تعرض له ابناء الطائفة اصبحت الامور مختلفة، فالاقارب والاهل كل في مدينته او دولته، وكل منهم له مشاغله وارتباطاته ومن الصعب اللقاء”.

ويلفت الى انه “في هذا العيد، واغلب المناسبات الدينية الاخرى، يكون التوجه لتطهير الروح من الخطايا، عبر قراءة الكتاب المقدس (كنزا ربا) والتوجه للخالق بطلب المغفرة، لانها ايام مباركة وفيها تغفر الخطايا والذنوب، ونتضرع لله ان يرحم الموتى، ويبعد الشر عن بلادنا وينعم عليه بالاستقرار”.

ويستطرد “في السويد منحتنا الدولة الموافقات الرسمية لانشاء معبد وممارسة الطقوس بحرية تامة، ولدينا جمعيات مندائية تدير شؤون ابناء الطائفة الاجتماعية، فضلا عن تواجد رجال الدين بشكل مستمر”.

وبالإضافة الى العربية، يتحدث ابناء الطائفة اللغة الارامية، وفي عام 2000 قام الشاعر العراقي الراحل عبدالرزاق عبدالواحد بترجمة كتابهم المقدس “كنزا ربا” من اللغة الارامية الى اللغة العربية، وتم تطبعه وتوزيعه.

Image

ويستمر هذا العيد “الاكبر” لمدة ثلاثة ايام، ثم يليله مباشرة عيد “شوشيان” الذي يعني “عيد السلام”، وفيه بحسب معتقدات ابناء الديانة، بداية السلالة البشرية، وخلق ادم وحواء.

وواجه ابناء الطائفة المنداية في العراق بعد 2003، الكثير من التحديات التي هددت بقاءهم كأحد ابرز الأقليات الدينية في بلاد الرافدين، ابرزها القتل والسلب، لكونهم يعملون في صياغة الذهب، ما عرضهم الى السرقة والاختطاف بشكل مستمر، وهذا الامر أدى الى هجرة جماعية باتجاه الغرب.

خلال الاعوام الـ17 الماضية، تمكن ابناء الطائفة من تثبيت وجودهم في دول مثل السويد والمانيا واستراليا وامريكا، وهناك بنوا معابدهم “المندي” وحصلوا على رخصة رسمية لممارسة طقوسهم وتلبية كافة احتياجاتهم من قبل تلك الدول.

ولا توجد احصائية رسمية لأعدادهم حاليا في العراق، لكن مدنهم الاصلية (ميسان وذي قار والبصرة) أضحت لا تضم سوى عشرات العائلات فقط بعد ان كانت تعد بالآلاف، فيما تشهد العاصمة بغداد تناقصا في الاعداد بشكل مستمر نتيجة الهجرة.

 

 

إقرأ أيضا