الكاظمي وأربيل.. “تطبيع” أم “روتين”؟

زيارة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الى أربيل، حملت معها الكثير من الأسئلة، وأكثرها إثارة…

زيارة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الى أربيل، حملت معها الكثير من الأسئلة، وأكثرها إثارة تفقده منفذ إبراهيم الخليل الحدودي مع تركيا الذي كان عصيا على بغداد طوال ثلاثة عقود، وفيما ترى فيه أربيل مالكا لإرادة حل النقاط الخلافية مع الاقليم، فسر خبير في الشأن السياسي هدف الزيارة بـ”كسب الكرد” كحليف له في البرلمان.

ووصل الكاظمي صباح اليوم الخميس، الى أربيل على متن طائرة عسكرية، والتقى بعد رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، حيث قال في بيان عقب اللقاء، إن “سيادة العراق هي الكلمة التي تجمعنا كعراقيين، ولا مجال للتفريط بها، وان الفرصة الآن متاحة لتعزيز العمل المشترك، وتقديم أفضل جهد يخدم المواطن العراقي، فضلاً عن تسريع وتيرة التحضير لإجراء الانتخابات المبكرة، بما يؤمن أفضل تعبير صادقٍ عن صوت الشعب العراقي واختياراته الحقيقية”.

من جانبه بين بارزاني، أن حكومته “تهدف إلى حل جميع الملفات العالقة، وترسيخ الحلول طويلة الأمد، ودعم جهود حكومة الكاظمي الساعية للإصلاح في كل المجالات”.

بعد ذلك، التقى الكاظمي زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وبحسب البيان الذي صدر عقب الاجتماع فان “المباحثات تطرقت إلى التحديات التي يشهدها العراق، وتوحيد المواقف على المستوى الوطني، وإجراء الانتخابات المبكرة”.

زيارة الكاظمي ايضا شملت معبر إبراهيم الخليل في قضاء زاخو على الحدود مع تركيا، وهي اول زيارة من الحكومة الاتحادية للمعبر منذ عام 2003، ومنذ اندلاع انتفاضة اذار مارس 1991 ضد نظام صدام حسين، التي عمت 14 محافظة عراقية، ونتج عنها تمتع الاقليم بالحكم الذاتي لأول مرة في تاريخه.

وقال النائب السابق في البرلمان العراقي، وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود حيدر، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “زيارة الكاظمي مرحب بها، لان الاقليم جزء أساسي من العملية السياسية، ونحن ندعم رئيس الحكومة الاتحادية، خاصة وانه اكد على معالجة الاشكالات مع الاقليم ضمن الاطر الدستورية”.

وأبدى حيدر تفاؤله بـ”حل المشاكل العالقة منذ إقرار الدستور قبل 15 عاما، والتي تماطل بغداد بحلها، حيث كان التعامل مع مواد الدستور بانتقائية”، موضحا ان “ارادة هذه المشاكل العالقة موجودة لدى الكاظمي”.

وأشار الى أن “زيارة المنافذ الحدودية أمر طبيعي جدا، فالكاظمي رئيس وزراء الدولة الاتحادية، ونحن جزء منها، وموضوع المنافذ هو إشكالية دستورية، وهناك اختلاف بتفسير مواد الدستور بهذا الشأن”.

ولفت الى أن “الاشكاليات ليست جديدة، وهي بسبب عدم التزام بغداد بالدستور والتعامل معه بانتقائية، فلو تم احترام الدستور بدون اجندات خارجية واقليمية، وتم التعامل معه برؤية واضحة بحيث يشعر الاقليم والمواطنين فيه بالعدالة، فستتم معالجة جميع القضايا”.

وأشار الى أن “هناك رؤى مختلفة بتفسير المادة 10 من الدستور، فلا يوجد أي نص دستوري صريح بشأن إدارة المنافذ، لكن هناك نص حدد الحكومة الاتحادية برسم السياسة الكمركية، وهذا كله يتم عبر التنسيق”.

وأكد أنه “بدون معالجة المشاكل لا يمكن استقرار العراق، لان المشكلة الكردية موجودة منذ تأسيس الدولة، ولم يتم التعامل معها بعقلانية وبقي العراق في دوامة المشاكل”.

وأوضح أن “العراق نظام فدرالي حاليا، ومن الممكن ان يتم تشكيل اقاليم جديدة مستقبلا، فعلى الاحزاب السياسية ان تكون مستعدة للانتقال من المركزية الى النظام الفدرالي، وذلك حسب الدستور الذي اعطى الحق للمحافظات بالتحول الى اقاليم”.

وفي 11 حزيران يونيو الماضي، اعلن الكاظمي عن وضع خطة للسيطرة على المنافذ الحدودية وايقاف هدر الاموال فيها نتيجة الفساد، قائلا ان “هناك هدرا بالمال يقدر بمليارات الدولارات، بسبب عدم سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية، جراء وجود جماعات خارجة عن القانون تحاول السيطرة على الأموال”.

الى ذلك، رأى رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري، في حديث لـ”العالم الجديد” أن “الكاظمي يرغب بترسيخ علاقة ودية بين بغداد وأربيل وتعزيز ثقة الأحزاب الكردية فيه، خصوصا وأنهم في البداية كانوا رافضين لاستبدال رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي”.

وبين الشمري أن “الزيارة أيضا محاولة لترطيب الاجواء بين الطرفين، وتدخل في باب منح صورة بأن بغداد لها العلوية في إقليم كردستان، مع محاولة الكاظمي بالوصول الى تفاهمات مع أربيل بشان النقاط الخلافية”، لافتا الى أن “رئيس مجلس الوزراء يرغب من جانب اخر، بان يكسب الكرد كحلفاء له في البرلمان”.

وبشأن الخلافات بين بغداد واربيل، وسبل حلها، أوضح أن “الملفات الخلافية لن تحل إلا بتشريع قوانين لهذه النقاط الخلافية، واذا لم تحسم فان مبدأ الصفقات سيستمر، وهذا خطأ كبير”.

ولفت الى أن “الاقليم يعاني الان من خلافات داخلية بين الحزبين الديمقراطي والوطني الكردستانيين، وهذه قد تعيق الوصول الى حلول مع بغداد، حتى وان كانت مؤقتة”، مرجحا أن “تكون الزيارات المتبادلة بين بغداد واربيل، لعبور المرحلة الانتقالية فقط”.

ومنذ سنوات، توجد ملفات خلافية عالقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان العراق، أبرزها ملفات النفط والمناطق المتنازع عليها والمنافذ الحدودية، إضافة الى ملف الرواتب وحصة الاقليم في الموازنات الاتحادية، لكونه لم يسلم بغداد إيرادات تصديره للنفط.

وكانت بغداد قد قررت في اب اغسطس الماضي، إرسال مبلغ 320 مليار دينار (نحو 268 مليون دولار) شهريا إلى أربيل لصرفها كرواتب للموظفين، الى حين التوصل لاتفاق نهائي بشأن الخلافات حول ملفي النفط والإيرادات.

ويأتي القرار بعد ان قررت الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي في نيسان أبريل الماضي، قطع رواتب موظفي الدولة بكردستان، بعدما ان قالت ان الإقليم لم يلتزم باتفاق تسليم 250 ألف برميل من النفط يوميا إلى شركة “سومو”.

إقرأ أيضا