الكاظمي يسمي متهما بالفساد وكيلا لـ”الكهرباء”.. ما دور رئيس الجمهورية ومستثمر طاقة “بسماية”؟

يبدو أن مسلسل الفساد في وزارة الكهرباء التي استنزفت موازنات العراق طيلة 17 عاما الماضية…

يبدو أن مسلسل الفساد في وزارة الكهرباء التي استنزفت موازنات العراق طيلة 17 عاما الماضية لن ينتهي سريعا، إذ يستعد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لتعيين أحد مسؤولي الوزارة المتهمين بقضايا فساد، بمنصب وكيل، ما قد يعزز من شبهات “الفساد” و”الفشل”.

فقد كشف مصدر مطلع في اتصال مع “العالم الجديد”، أن “رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي حسم أمره بشأن تكليف نزار قحطان، كوكيل لوزارة الكهرباء لشؤون النقل والتوزيع، وسيصدر أمر تكليفه قريبا”.

فيما حصلت “العالم الجديد” على وثائق تثبت تورط قحطان بملف كهرباء بسماية، مع مجموعة من المسؤولين، وان الوزارة اصدرت في آب اغسطس 2018، أمرا وزاريا يقضي بتعديل بنود العقد الذي وقع مع الشركة الاستثمارية المجهزة لكهرباء بسماية “ايكسلاري بور” وعدم صرف أي اموال للشركة لحين تعديل بنود العقد، بشكل يضمن حقوق الطرفين.

وبحسب الأمر الوزاري فان الوزارة حملت قحطان والمسؤولين الاخرين، المسؤولية الكاملة عن خروق العقد، كونهم موقعين عليه، حيث كان قحطان ولا يزال يشغل منصب المدير العام للشركة العامة لانتاج الطاقة الكهربائية بالمنطقة الوسطى.

وتقع مدينة بسماية على مسافة 10 كلم جنوب شرق العاصمة بغداد، وتعد من أهم مشاريع السكن في العراق، لتمتعها ببنى تحتية متكاملة وبنيت على الطراز الحديث، مع وجود كافة المرافق الصحية والتعليمية والتجارية.

ويبين المصدر، أن “أولى مخالفات الكاظمي، هي تكليف مختص بانتاج الكهرباء في منصب يختص بنقل وتوزيع الكهرباء، كون الاختصاصين منفصلين تماما، وبحاجة الى خبرة واختصاص مختلفين، وليس من المعقول أن يكلف مختص في انتاج الكهرباء بملف نقلها وتوزيعها”.

وحول سر اختيار قحطان من قبل الكاظمي رغم كل ذلك، يكشف المصدر المطلع أسرار العلاقة وخفاياها بالقول، إن “التيار السياسي الذي كان ينتمي اليه قحطان فوجئ بزج اسمه بين المرشحين لشغل حقيبة الكهرباء قبيل التصويت على الكابينة الوزارية للكاظمي (التي نالت الثقة في 6 ايار مايو الماضي)، الأمر الذي جعل ذلك التيار يرفضه بشدة، كما رفضته أغلب القوى السياسية، باستثناء تيار سياسي آخر، ما أجبر الكاظمي على التنازل عن خياره وتقديم بديل (الوزير الحالي ماجد مهدي حنتوش)”.

وفي الكواليس، يوضح المصدر أن “الضغط على الكاظمي بشأن تعيين نزار قحطان وزيرا أو وكيلا على حد سواء، جاء من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، وذلك بدفع من صاحب مشروع كهرباء بسماية، أحمد إسماعيل صالح نانكلي، المقرب جدا من صالح”.

يشار الى ان نانكلي يمتلك شركة ماس القابضة، التي تضم سلسلة شركات مملوكة له ايضا، وهي (كار) و(ايكسلاري بور)، ولديه مشاريع في مجال الطاقة باغلب مدن كردستان.

اختيار قحطان وكيلا خلال التغييرات التي يجريها الكاظمي ضمن تعيينات الدرجات الخاصة، لم يكن بالأمر السهل، بسبب تقاسم تلك الدرجات بين الأحزاب والتيارات السياسية، ما اضطر الكاظمي لأن ينسبه الى التيار السياسي الذي كان ينتمي اليه سابقا وأوصله الى منصبه الحالي، ليوهم انه مرشح ذلك التيار ومن حصته، وهو ما دفع قادة الأخير للاعتراض، فحاول الكاظمي جاهدا أن يقنعهم بسلامة القرار دون جدوى، لكنه مضى في إجراءات التعيين رغم ذلك، ومن المتوقع صدور القرار في الساعات القادمة”.

وجود قحطان في مجال إنتاج الكهرباء بالعراق، وتوقيعه على عقد مشروع كهرباء بسماية، هو النقطة الابرز في اختياره من قبل الكاظمي كوكيل للوزارة، إذ يُظهر المصدر أن “قحطان على علاقة وطيدة، بصاحب مشروع كهرباء بسماية (أحمد اسماعيل صالح نانكلي) والذي يتمتع من جهته، بصداقة وطيدة مع رئيس الجمهورية برهم صالح”.

وبحسب إيضاح المصدر، فان “عقد مشروع بسماية مع وزارة الكهرباء، يتضمن انتاج 1500 ميغاواط، وهذا العقد تم الاتفاق بشأنه مع الوزارة خلال حقبة قاسم الفهداوي، وتم توقيعه في عهد الوزير السابق لؤي الخطيب”، مشيرا الى أن “العقد يمتد على 3 مراحل، يبدأ بانتاج 1500 ميغاواط، على ان يتم تزويد العاصمة بالفائض منها بعد اكتفاء مدينة بسماية في المرحلة الأولى، فيما تتضمن المرحلتان الثانية والثالثة إنتاج 1500 ميغاواط لكل منها، حتى يصل المجموع الى 4500 ميغاواط”.

وينوه الى أن “سعر إنتاج الميغاواط الواحدة يبلغ مليون دولار سنويا، أي أن الدولة ملزمة بدفع 1.5 مليار دولار سنويا للشركة بحسب العقد، حتى مع عدم إيصال الطاقة واستخدامها، وهو ما يجري الان لعدم وجود اي محولات لنقل الطاقة المنتجة”.

هيئة النزاهة استدعت في 2 أيلول سبتمبر الحالي، مجموعة من المسؤولين في الوزارة، وعلى رأس القائمة كان نزار قحطان، للتحقيق بخروق ومخالفات في العقد المبرم مع شركة النخبة المشغلة لمحطة الدورة الحرارية.

وبحسب مصادر، فان التحقيق بهذه القضية ما زال قائما، وذلك في الشعبة التحقيقية السادسة بهيئة النزاهة، بحسب الوثيقة.

وفي شبهة فساد اخرى، قالت النائب عالية نصيف في 28 حزيران يونيو 2019، ان “هناك معلومات عن فضيحة في وزارة الكهرباء تتضمن مخالفة للقانون ارتكبها الوزير، إذ قام رجل الاعمال احمد اسماعيل صاحب شركة (كار) بتقديم طلب الى رئيس الوزراء بالموافقة على انشاء محطة كهرباء بطاقة ١٥٠٠ ميغاواط على طريقة الاستثمار في منطقة بسماية، وقد همش رئيس الوزراء على طلبه بـ (اجراء اللازم وفق الاصول)، وعند وصول الطلب الى الوزارة عرض الوزير هامش رئيس الوزراء على مسؤولي الوزارة فأعلموه ان هذا الهامش ليس موافقة وإنما هو احالة على الصلاحيات القانونية الاصولية، لكن الوزير أصر بشكل عجيب على أن هذا الهامش هو موافقة رئيس الوزراء رغم عدم قناعة المدراء العامين بتفسير الوزير الذي قام بتذييل هامش رئيس الوزراء بتوقيعه بعد ان همش على الطلب بكلمة (موافق) ثم احاله الى مديرية كهرباء الوسط طالباً منهم تنظيم عقد بذلك “.

وتابعت نصيف في بيانها آنذاك ان الطريقة التي سلكها الوزير غير قانونية اطلاقا لأنها لم تمر على مدير الاستثمار ولا على الدائرة القانونية ولا على دائرة العقود المختصة ولا على المفتش العام، ورغم ان قيمة العقد هي قرابة ملياري دولار امريكي وهذا المبلغ ليس من صلاحيات مدير عام كهرباء الوسط وكالة ولا من صلاحيات الوزير ولا وكلائه ولا حتى من صلاحيات رئيس الوزراء ، وإنما من صلاحيات مجلس الوزراء بعد ان تمضيه لجنة الطاقة الوزارية وقبلها غرفة عمليات الوزارة وقبلها القانونية والاستثمار، رغم ان الغاز الذي تشتغل عليه المحطة هو غاز مستورد وليس غازا مصاحبا عراقياً، ورغم كل هذه المخالفات وبسرية تامة وقع مدير عام كهرباء الوسط الذي تم تثبيته يوم امس (٢٥ حزيران يونيو ٢٠١٩)، عقدا مهلهلا ليس له غطاء قانوني ولا اي اعتبار مع شركة (كار) بناءً على موافقة الوزير وهي ليست من صلاحياته، وهو ما لم يحصل سابقاً في عمل الوزارة اطلاقاً ورغم علم المدير العام بأن ذلك ليس من صلاحيات الوزير، وكل ذلك حصل وجميع دوائر الوزارة لا تعلم بالعقد ولا بتنظيمه ولا بتوقيعه السري، ولم تعلم الوزارة الا بعد ان طلب مدير شركة كار كتاب تسهيل امر للمباشرة بالعمل مشيرا الى توقيعه العقد مع شركة كهرباء الوسط، الامر الذي اثار استغراب مسؤولي الوزارة وعدم موافقتهم على سير العقد السري غير القانوني.

وبالعودة لدور “المتهم” كما أسمته هيئة النزاهة، فان المصدر يشير الى أن “أصحاب مشروع كهرباء بسماية، وجدوا في قحطان الشخصية الأنسب لتولي منصب وكيل الوزارة لشؤون التوزيع والنقل بعد أن تم الاطمئنان لعقد الانتاج، حتى يكملوا المشروع دون أي مشاكل، إذ سيسهل قحطان حال توليه المنصب تمرير بنود نقل الكهرباء المنتجة في محطات بسماية الى بغداد، وذلك بهدف استمرار العقد لاطلاق الأموال”، منبها الى أن “انتاج الكهرباء في العراق حسم أمره بـ18 ألف ميغاواط فقط، وهي القدرة النهائية للمحولات والاسلاك المتهالكة، وأن أي انتاج إضافي سيعد هدرا، نظرا للكلفة العالية بانتاج الميغاواط الواحدة، وعدم الاستفادة منها، لذا سيصبح التركيز في المستقبل على عقود النقل والتوزيع”.

لجنة مكافحة الفساد “متفرجة”

ويأتي هذا القرار، في وقت شكل الكاظمي لجنة لمكافحة الفساد، ووجه بمنحها صلاحيات استثنائية، وكلف الفريق الحقوقي أحمد ابو رغيف برئاسة لجنة التحقيقات الخاصة، ويسانده مسؤول كبير في جهاز المخابرات، على أن يتولى جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ أوامر الاعتقال القضائية ضد المطلوبين، حال صدورها.

وللجنة حق فتح أي ملف فساد مغلق ضد أي شخصية، والتحقيق مع متهمين سابقين تمت تبرئتهم أو أدينوا أو ما زالوا قيد المراجعة، بشرط صدور أوامر قضائية بذلك، لمنع تداخل التحقيقات، وذلك بحسب خبراء في القانون.

وبحسب كلام الخبراء، فان قحطان من المفترض ان يلقى القبض عليه، نظرا لوجود ملف فساد مفتوح في هيئة النزاهة بحقه، ولتورطه بمخالفات مع شركات عدة، وهذا في وقت أقدمت فيه اللجنة على اعتقال مسؤولين ورجال اعمال لا توجد ضدهم أي ملفات في هيئة النزاهة.

وكانت “العالم الجديد” قد كشفت أمس الأول (17 أيلول سبتمبر الحالي)، عن اعتقال رئيس شركة “كي كارد” بهاء الزبيدي من قبل قوة خاصة من جهاز المخابرات دون مذكرة قبض قضائية.

كما سبق لـ”العالم الجديد” قد كشف في 9 أيلول سبتمبر الحالي، عن أكبر عمليات الفساد في وزارة الكهرباء، التي قادها وكيل الوزارة الأسبق رعد الحارس، وعن شركاته “الوهمية” التي ابرمت مئات العقود مع الوزارة، لكن الكاظمي، أعاد تكليفه مجددا في الأول من تموز يوليو الماضي برئاسة لجنة صيانة جميع محطات الطاقة الكهربائية.

Image

Image

إقرأ أيضا