سيدات السوق الإلكترونية.. كيف تحدين التقليد وكورونا؟

بين عشية وضحاها اصبحت الشابة “سرور خزعل” بلا عمل، اذ  فقدت عملها الذي  كانت تعيش…

بين عشية وضحاها اصبحت الشابة “سرور خزعل” بلا عمل، اذ  فقدت عملها الذي  كانت تعيش منه، بعد أن سرحها صاحب الشركة، الذي اضطر بدوره لاغلاقها جراء تفشي وباء كورونا في عموم البلاد.

توجهت سرور الى مغامرة من نوع اخر، لتكفل لنفسها دخلا ثابتا يعينها على تخطي مصاعب الحياة، فقامت بافتتاح موقع تجاري على الانترنت، وأعلنت عن منتجات تجميل وملابس نسائية في مجموعات خاصة للنساء، ويبدو أن الحجارة التي رمتها في ليل، كما يقول المثل الشعبي، قد اصابت الهدف، فزاد الاقبال والطلب على سوقها الالكتروني، بعد أن روجت له بمختلف مواقع التواصل الاجتماعي، واصبح لها المئات من المتابعات والمتابعين.

تؤكد سرور في حديث لـ”العالم الجديد” أن “ثمة عوامل عديدة ساعدت على انتشار عملها، ومنها حظر التجوال الوقائي، وتوقف الدوام  في المؤسسات الحكومية وتعطيل العديد من المهن في القطاع الخاص، ودفع الحظر الكثير من الموظفات الى قضاء ساعات طويلة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، تدفعهن رغبة في شراء أشياء جديدة لتزجية الوقت ولجذب الأزواج الذين يمكثون معهن في البيوت طوال اليوم وهو امر غير معتاد قبل الجائحة”.

 

وتواصل حديثها بالقول “لم يقتصر العمل عليّ وحسب، فكثرة الطلبات فتحت بابا لإشراك زوجي الذي أخذ على عاتقه توصيل الطلبات”.

ولا تفكر سرور بعد أن حصلت على وسيلة عيش مريحة بالعودة الى الشركة التي كانت تعمل فيها، فقد اصبح لها عملها الالكتروني الذي يدر عليها أرباحا تصل الى ثلاثة أضعاف ما كانت تحصل عليه من عملها السابق”.

وأصبح التسوق عبر الإنترنت منذ سنوات أحد أفضل الخيارات للتسوق بالنسبة للعديد من العائلات البغدادية، بيد ان التسوق الالكتروني، انتشر بشكل لافت خلال جائحة كورونا وفرض حظر التجوال، وإغلاق الأسواق والمحال التجارية، ما فسح المجال لنمو قطاع التجارة الإلكترونية.

Image

تمارين رياضية عبر الإنترنت

ويبدو أن العمل الالكتروني يتجاوز المبيعات الى سلسلة محاضرات وتدريبات متنوعة وصالات رياضية، ساهم إغلاق الصالات الرياضية في تعزيزها، إذ تتجه العديد من الفتيات ممن يمارسن الرياضة في الصالات ويتلقين تدريبات خاصة للرشاقة وخفض الوزن، إلى الصالات الرياضية المفتوحة على الانترنيت لمواصلة تدريباتهن بشكل يومي من منازلهن.

وفي هذا الخصوص أبدت الكابتن لينا عصام، وهي مدربة لياقة بدنية، استعدادها لتدريب الفتيات وفتح صالة الكترونية للدروس وتطبيق التمارين بعد أن أغلقت صالتها الرياضية بسبب جائحة كورونا، التي أوضحت انها تقوم بـ”تدريب الفتيات باستخدام تقنية (زوم غوغل)، ويتم استحصال الاموال لقاء التدريب عبر كارتات تعبئة الهاتف”.

وتضيف، أن عدد متابعيها “زاد كثيرا كما ازداد عدد المتدربات في فترة الحظر”، وأنها ماتزال تواصل تدريباتها “الالكترونية” رغم تخفيف الاجراءات الصحية وتمديد الحظر الى الساعة العاشرة ليلا، مؤكدة أن “الخوف من العودة الى صالات الرياضة المغلقة يجبر كثيرات على التدريب أون لاين في المنزل باستخدام اشياء بسيطة حفاظا على لياقتهن”.

وكشفت تقرير متخصص عن “مؤشر التسوّق” للربع الأول من عام 2020 والذي يتناول بيانات وأنشطة ما يزيد عن مليار متسوّق حول العالم، عن تغيّرات في سلوكيات الشراء، بعد انتشار جانحة فيروس “كوفيد-19” وإقدام العملاء على شراء المنتجات خلال التزامهم بالبقاء في منازلهم.

ويؤكد التقرير ارتفاع الطلب على التجارة الإلكترونية مع انحسار الحركة في المتاجر التقليدية، اذ سجلت مبيعات التجارة الإلكترونية نموا بمعدّل 20 بالمئة في الربع الأول من العام 2020 مقارنة بمعدّل 12 بالمئة، في الفترة ذاتها من العام 2019، وتضمن ذلك زيادة عدد زوار المواقع بمعدل 16 بالمئة وزيادة في إنفاق المتسوقين بمعدل 4 بالمئة (ارتفاع متوسّط مبلغ الإنفاق المتسوّق لكل زيارة)، لافتا الى ان من المتوقّع استمرار هذا التوجه للنمو مع تركيز الشركات على التجارة الإلكترونية.

ويشكو أصحاب المحال من سرقة أصحاب صفحات التسوق الإلكتروني لزبائنهم، وفي هذا الخصوص، يؤكد أحمد العزاوي، صاحب محل ملابس نسائية بمنطقة المنصور في العاصمة بغداد، ان “ارتفاع أسعار المنتجات في السوق العادية جراء فرض الضرائب، إضافة الى اجور العمال والكهرباء، يجعل الكثيرين يفضلون السوق الالكترونية التي تنخفض اثمان مبيعاتها بالقياس الى السوق العادية”.

ويوضح العزاوي، أن “بعض أصحاب المحال في السوق العادية، دخلوا بصراع مع التسوق الالكتروني عبر الترويج لبضاعتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وانشاء صفحات خاصة بهم بهدف بعث الحياة في محلاتهم التجارية وجذب الزبائن لها”.

ويضيف ان “الاقبال على شراء الملابس والبضائع  بعد فتح حظر التجوال اصبح ضعيفا، بسبب توجه كثير من الناس على التسوق الالكتروني وهو امر لم يكن مألوفا قبل الجائحة”.

ويدفع انتشار البطالة في صفوف النساء وشح العمل في المؤسسات الحكومية ومشقة العمل في القطاع الخاص، الى العمل في السوق الالكترونية، وثمة نشاط ملحوظ للفتيات العراقيات سواء في الترويج او البيع الالكتروني وابتكار وسائل جديدة للعمل ساعد في الحد من معاناتهن المادية، بل واصبحن يسهمن اسهاما فاعلا في اعالة اسرهن.

إقرأ أيضا