ضحيتها أهالي “بسماية”.. صفقة مشبوهة لوزارة الكهرباء

بعد أن كشفت “العالم الجديد” عن ملف فساد في وزارة الكهرباء، تعود مجدداً لكشف صفقة…

بعد أن كشفت “العالم الجديد” عن ملف فساد في وزارة الكهرباء، تعود مجدداً لكشف صفقة فساد جديدة تبرمها هذه الوزارة إلا أن الأمر لم يقتصر هذه المرة على الإضرار بالمال العام فقط، بل طال المواطنين من أهالي مجمع بسماية السكني في العاصمة بغداد. 

إذ كشفت عدة مصادر في وزارة الكهرباء خلال اتصالات مع “العالم الجديد”، عن “صفقة جديدة تستعد الوزارة لإبرامها مع إحدى شركات القطاع الخاص بشأن خصخصة جباية أجور استهلاك الطاقة الكهربائية من الساكنين في مجمع بسماية السكني”. 

وتوضح المصادر، أن “الوزارة قررت إحالة كهرباء مجمع بسماية إلى القطاع الخاص دون مبرر أو مسوغ، لكون أهالي المجمع ملتزمين بتسديد أجور استهلاك الطاقة بانتظام، وليس هناك أية عائلة متلكئة بهذا الشأن”. 

وتضيف، أن “السبب الرئيس الذي اتخذه وزير الكهرباء الأسبق قاسم الفهداوي في حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، هو أن المواطنين يمتنعون عن تسديد أجور الكهرباء وموظفي الوزارة خشية من جباية الأجور التي كثيرا ما تقابل باعتداءات وإساءات من قبل مواطنين، لكن لم يسبق أن رفع موظفو جباية الكهرباء في مجمع بسماية أية شكاوى من هذا النوع، وبالتالي لا مبرر لخصخصة المجمع”. 

ولفتت المصادر إلى أن “محطة كهرباء بسماية يختلف وضعها عن باقي محطات توليد الطاقة في العراق، لأن هناك شركات تتولى تطوير المحطة وصيانتها، وبالتالي فان الشركة الجديدة سيقتصر عملها فقط على جباية أجور الاستهلاك من دون تقديم أية خدمات، ما يؤكد أن خصخصة بسماية لا مبرر له سوى الفساد”. 

وأوضحت أن “الشركات المستثمرة في الكهرباء تتولى بالإضافة إلى جباية الأجور، صيانة شبكات وخطوط نقل الطاقة، وهذا الأمر تقوم به حالياً الشركات المستثمرة في محطة كهرباء بسماية، أما أعمال الصيانة داخل المجمع فهناك شركة تتولى أمور تنظيف المجمع وصيانة الأعطال الكهربائية وغيرها، فضلاً عن أن شركات الجباية في بغداد جميعها لم تلتزم ببنود العقود المبرمة مع الوزارة وفي ذمتها عشرات المليارات من الدنانير”.

وسبق لديوان الرقابة المالية أن كشف في “آذار مارس 2019” في تقرير له، أن ثلاث شركات تشرف على جباية أجور استهلاك الطاقة الكهربائية في جانب الرصافة من العاصمة بغداد، بذمتها 49 مليار دينار لصالح وزارة الكهرباء.

وأكد الديوان أن “الشركات المستثمرة لم تلتزم بالحصول على إجازة الاستثمار وفقا لكتاب الهيئة الوطنية للاستثمار، ولم تتضمن العقود المبرمة مع وزارة الكهرباء على الشرط الجزائي في حال تأخر الشركات الاستثمارية في اصدار إجازة الاستثمار”.

وأشار إلى أن “الشركات لم تلتزم بتخفيض الأحمال الكهربائية بمقدار 20% وفقاً لشروط العقد الاستثماري”، مشيراً إلى أن “شركة فضاء الرافدين للمقاولات، حققت إيرادات مالية لشهري تشرين الثاني وكانون الأول 2017، مبلغاً 305.5 مليون دينار، علماً أن عقدها المبرم مع وزارة الكهرباء يلزمها بتحقيق 8 مليارات دينار شهريا”.

وأوضح ديوان الرقابة المالية في تقريره أن “عدد المشتركين بالجباية التي تشرف عليها شركة أهل الوصال بلغ مليوناً و234 ألفاً و262 مشتركاً، وبلغ إجمالي الطاقة الكهربائية المباعة 16.4 مليار دينار، بينما الديون التي بذمة الشركة 6.7 مليار دينار، وأن الديون المترتبة بذمة شركة نخيل الشرق الأوسط 36.5 مليار دينار، وشركة النور الثاقب للمقاولات 5.8 مليار دينار”.

وفي تموز يوليو 2019، اكد وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب، أن عقود الخدمة والجباية التي أبرمتها وزارة الكهرباء مع القطاع الخاصة، نفذت وفق اجتهادات شخصية، مشيرا الى انها لم توضع عقود معيارية لها.

وقال الخطيب ” وصل الأمر إلى أن مشروع خصخصة عقود الخدمة والجباية نفذ بأسلوب غير منهجة للخصخصة، ولم توضع عقود معيارية لها بل وفق اجتهادات شخصية”، مشيرا الى ان “الذي حدث في هذه العقود أن اجتمع عدد من الشركات الممثلة لجهات سياسية وقامت بتشكل تجاري أطلقت عليه اسم (شركة) وفازت بهذه العقود على أساس توصيات ولذلك أصبحت عقود جباية من دون تقديم خدمات”.

وشدد الخطيب على أن “ﺎﻟﻌﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﻓﺴﺎد ﺗﻌﻮد ﻟﻠﺠﻬﺎت اﻟﺮﻗﺎﺑﻴﺔ المسؤولة وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻫــــﺬا الموضوع”، مضيفا أن “هناك ملاحظات على عقود نناقشها في هيئة الرأي كعقود الخدمة والجباية”.

وبالعودة إلى ما نشرته “العالم الجديد” في تقرير نشرته “الأحد 20 أيلول سبتمبر 2020″، يتضح سبب توجه الوزارة إلى خصخصة جباية الكهرباء في مجمع بسماية السكني، حيث كشف مصدر مطلع في اتصال مع “العالم الجديد”، أن “رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي حسم أمره بشأن تكليف نزار قحطان، كوكيل لوزارة الكهرباء لشؤون النقل والتوزيع، وسيصدر أمر تكليفه قريبا”.

كما حصلت “العالم الجديد” على وثائق تثبت تورط قحطان بملف كهرباء بسماية، مع مجموعة من المسؤولين، وان الوزارة اصدرت في آب اغسطس 2018، أمرا وزاريا يقضي بتعديل بنود العقد الذي وقع مع الشركة الاستثمارية المجهزة لكهرباء بسماية “ايكسلاري بور” وعدم صرف أي اموال للشركة لحين تعديل بنود العقد، بشكل يضمن حقوق الطرفين.

وبحسب الأمر الوزاري فان الوزارة حملت قحطان والمسؤولين الاخرين، المسؤولية الكاملة عن خروق العقد، كونهم موقعين عليه، حيث كان قحطان ولا يزال يشغل منصب المدير العام للشركة العامة لانتاج الطاقة الكهربائية بالمنطقة الوسطى.

وفي الكواليس، يوضح المصدر أن “الضغط على الكاظمي بشأن تعيين نزار قحطان وزيرا أو وكيلا على حد سواء، جاء من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، وذلك بدفع من صاحب مشروع كهرباء بسماية، أحمد إسماعيل صالح نانكلي، المقرب جدا من صالح”.

اختيار قحطان وكيلا خلال التغييرات التي يجريها الكاظمي ضمن تعيينات الدرجات الخاصة، لم يكن بالأمر السهل، بسبب تقاسم تلك الدرجات بين الأحزاب والتيارات السياسية، ما اضطر الكاظمي لأن ينسبه الى التيار السياسي الذي كان ينتمي اليه سابقا وأوصله الى منصبه الحالي، ليوهم انه مرشح ذلك التيار ومن حصته، وهو ما دفع قادة الأخير للاعتراض، فحاول الكاظمي جاهدا أن يقنعهم بسلامة القرار دون جدوى، لكنه مضى في إجراءات التعيين رغم ذلك.

ووجود قحطان في مجال إنتاج الكهرباء بالعراق، وتوقيعه على عقد مشروع كهرباء بسماية، هو النقطة الابرز في اختياره من قبل الكاظمي كوكيل للوزارة، إذ يُظهر المصدر أن “قحطان على علاقة وطيدة، بصاحب مشروع كهرباء بسماية (أحمد اسماعيل صالح نانكلي) والذي يتمتع من جهته، بصداقة وطيدة مع رئيس الجمهورية برهم صالح”.

هيئة النزاهة استدعت في 2 أيلول سبتمبر 2020، مجموعة من المسؤولين في الوزارة، وعلى رأس القائمة كان نزار قحطان، للتحقيق بخروق ومخالفات في العقد المبرم مع شركة النخبة المشغلة لمحطة الدورة الحرارية.

وبحسب مصادر، فان التحقيق بهذه القضية ما زال قائما، وذلك في الشعبة التحقيقية السادسة بهيئة النزاهة، بحسب الوثيقة.

وبالعودة لدور “المتهم” كما أسمته هيئة النزاهة، فان المصدر يشير الى أن “أصحاب مشروع كهرباء بسماية، وجدوا في قحطان الشخصية الأنسب لتولي منصب وكيل الوزارة لشؤون التوزيع والنقل بعد أن تم الاطمئنان لعقد الانتاج، حتى يكملوا المشروع دون أي مشاكل، إذ سيسهل قحطان حال توليه المنصب تمرير بنود نقل الكهرباء المنتجة في محطات بسماية الى بغداد، وذلك بهدف استمرار العقد لاطلاق الأموال”.

وبحسب كلام الخبراء، فان قحطان من المفترض ان يلقى القبض عليه، نظرا لوجود ملف فساد مفتوح في هيئة النزاهة بحقه، ولتورطه بمخالفات مع شركات عدة.

إقرأ أيضا