بسبب موقف سابق للصدر.. هل سيتأخر وصول لقاح كورونا إلى العراق؟

بإعلان إدارة الغذاء والدواء الأميركية، أمس الجمعة، موافقتها على استخدام لقاح “فايزر – بيونتك” المضادّ…

بإعلان إدارة الغذاء والدواء الأميركية، أمس الجمعة، موافقتها على استخدام لقاح “فايزر – بيونتك” المضادّ لفيروس كورونا، تنفست العديد من دول العالم الصعداء على أمل انتهاء الجائحة وستسارع حكوماتها إلى التواصل مع الشركتين المصنعتين للقاح بغية تأمين حصص شعوبها، لكن هذا قد لا يكون مبعث تفاؤل ربما، لأتباع التيار الصدري في العراق ومنهم وزير الصحة حسن التميمي.

وبحسب توجيه أصدره الكاظمي في 28 تشرين الثاني الماضي، يجب على وزارة الصحة، أن تتواصل مع أي شركة يحظى لقاحها ضد الفيروس بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، خلال مدة لا تزيد عن خمسة أيام تتلو إعلان الموافقة، لتأمين حصة العراق منه بعد التنسيق مع وزارة المالية لاستكمال إجراءات التعاقد.

بينما زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر -الذي ينتمي حسن التميمي لتياره وبواسطته شغل منصب المدير العام لمدينة الطب ثمّ وزارة الصحة في الحكومة الحالية ضمن منهج المحاصصة في تقاسم المناصب- كان قد أعلن في 11 آذار مارس الماضي، وهو يخاطب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رفضه لأي لقاح تصنعه الشركات الأميركية، و”فايزر” هي شركة أميركية طوّرت اللقاح بالتعاون مع “بيونتك” الألمانية.

حينها، كتب الصدر في تدوينة على تويتر: “يا ترامب.. إن أي علاجٍ يصدر منك ومن شركاتك الموبوءة.. فلا نرتضيه ولا نريده”، وذلك في إطار العداء التاريخي للتيار الصدري مع الولايات المتحدة الأميركية.

Image

 في 18 تشرين الثاني الماضي، أعلنت هاتان الشركتان أن نسبة نجاح لقاحهما المضادّ لكورونا بلغت 95%، لتجيز السلطات البريطانية المعنية استخدامه بعد ذلك وتعاقدت مع الشركتين للحصول على ملايين الجرعات ومثلها فعلت دول أخرى مثل كندا، ومن العالم العربي السعودية والبحرين.

في المقابل، “لم تتواصل” وزارة الصحة العراقية مع الشركتين بشأن اللقاح حتى يوم 1 كانون الأول ديسمبر الحالي، وفق ما كشفت وثيقة موجهة من مكتب الكاظمي إلى مكتب الوزير حسن التميمي، وطلبت “تحديد المقصر” في هذا الأمر.

Image

 
بعد 3 أيام، نشرت وزارة الصحة بياناً، قالت فيه إنها عقدت مع الشركة مع المذكورة سلسلة اجتماعات أولها “في 22 تموز يوليو الماضي، عندما كانت الشركة في مراحل إجراء التجارب، ووقعنا معهم اتفاقية عدم الإعلان عن المعلومات الخاصة بمراحل الإنتاج، وتبعتها 4 اجتماعات، آخرها (عقد) يوم 23 تشرين الثاني نوفمبر”، فضلاً عن “التواصل” مع شركات أخرى.

وقتها أكدت الوزارة، أنها “تنتظر اعتماد أي من اللقاحات من قبل المنظمات العالمية حتى نشرع في التفاوض معها”، متجنبة التعليق المباشر على الوثيقة التي وجهها رائد جوحي، مدير مكتب رئيس الوزراء، إلى مكتب التميمي بشأن “التقصير”.

“الضغط لتوفير اللقاح غير صحيح”

في 6 كانون الأول ديسمبر الحالي، أدلى وزير الصحة حسن التميمي بتصريحات لجريدة “الصباح” شبه الرسمية، قائلاً: “نحن متواصلون مع شركتي فايزر، وأسترازينيكا (شركة بريطانية تعمل هي الأخرى على تطوير لقاح لكورونا)”، مضيفاً أن “لقاح كورونا سيدخل للعراق فور إقراره من قبل منظمة الصحة العالمية”.

وفي اليوم ذاته، انتقد عضو لجنة الصحة النيابية جواد الموسوي، المنتمي هو الآخر للتيار الصدري، مجلس الوزراء ومستشاريه، قائلاً، إن “هناك توجهات لدى مجلس الوزراء العراقي للضغط على وزارة الصحة للتعاقد مع شركة فايزر الأمريكية لتوفير لقاح الكورونا فايرس للعراق. هذا الخيار هو خيار غير صحيح علمياً وواقعياً”.

وأوضح الموسوي في بيان تابعته “العالم الجديد”، أن لقاح “فايزر”، يتطلب درجات برودة تصل إلى 70 تحت الصفر، وشروط للخزن “غير متوفرة في العراق” ثم يتطرّق إلى “سعره المرتفع” مقدّراً أن “أول وجبة من اللقاح، والتي لا تتجاوز تغطية ١٠ – ٢٠ بالمئة من عدد السكان لن تصل للعراق قبل 4 أشهر من الآن”. 

وفيما دعا مستشارو رئاسة الوزراء إلى “التعرف على هذه الحقيقة”، بشأن اللقاح، نصح الموسوي الحكومة بالتوجه إلى لقاحات أخرى لم تحصل على موافقات عالمية حتى الآن.

في قبالة المبررات التي ساقها الموسوي، فإن العراق دفع 170 مليون دولار إلى منظمة الصحة العالمية فقط، لـ”يضمن استفادته من أي لقاح لكورونا بمجرد موافقة المنظمة عليه”، حسبما أعلن مسؤولون في المنظمة وآخرون عراقيون.

“هناك شركات بإمكانها نقل اللقاح إلى العراق وتخزينه.. لدينا اتفاق مع البنك الدولي ويمكنه مساعدتنا في ذلك”، يقول مدير عام دائرة الصحة العامة في وزارة الصحة رياض عبد الأمير، مؤكداً في تصريحات صحفية، إمكانية نقل أي لقاح مضادّ لفيروس كورونا يتعاقد العراق على شرائه، ثم توزيعه بـ”ظروف آمنة” على المحافظات.

و أشار الحلفي، خلال تصريحاته الصحافية في (2 كانون الأول ديسمبر الحالي)، إلى أن كل خطوات وزارة الصحة، بشأن الحصول على لقاح لكورونا، لم تتعدى، حتى ذلك اليوم، التحاور مع الشركات المصنعة للقاحات لمعرفة المزيد من المعلومات دون اتخاذ قرارٍ بالتعاقد مع إحداهن، بانتظار التأكد من نجاعتها.

“الصدري لا يلتقي بأميركي”

الانتقاد “الصدري” الآخر للقاح “فايزر” جاء أمس الأول الخميس، من جانب مدير دائرة صحة الكرخ جاسب الحجامي، الذي استدل بوفاة 6 أشخاص من حوالي 44 ألفاً شاركوا في مراحل تجربة اللقاح، 4 منهم أخذوا جرعاً وهمية، فدعا إلى عدم التعويل عليه والاعتماد على “مناعة القطيع” لكسب المناعة.

وتعليقاً على وفاة الشخصين اللذين تلقيا جرعاً حقيقية من لقاح “فايزر”، أحدهما إثر سكتة قلبية بعد 62 يوماً، والآخر بتصلب الشرايين، قال تقرير لإدارة الغذاء والدواء الأميركية: “تمثل جميع الوفيات حوادث تحصل في عموم السكان من الفئات العمرية بمعدل مماثل”.

وفق الأرقام الرسمية لوزارة الصحة، تجاوز العدد الكلي للمصابين بفيروس كورونا في العراق 571 ألف و253 مصاباً، بينما توفي 12 ألف و526 جراء الفيروس، مقابل 501 ألفاً و967 حالة تعافٍ.

قبل سنوات، كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يتحدّث في لقاء متلفز عن “العداء” المتأصل بين التيار الصدري والولايات المتحدة الأميركية، عندما قال إن وزيراً من أتباعه في واحدة من الحكومات السابقة اتصل به مرةً يبلغه بأن نظيره الأميركي وصل إلى العراق في زيارة رسمية ويريد لقاءه لبحث التعاون الثنائي بين الوزارتين.

“قلت له ممنوع أن تلتقي به، وعليك أن ترفض”، أجاب الصدر، الذي يأمل أن يحصل تياره على رئاسة الوزراء عبر الانتخابات القادمة في صيف 2021، والذي لا يتهاون في مسألة “الطاعة” له من جانب أتباعه.

إقرأ أيضا