“لماذا زرعنا الورد”.. فيلم فرنسي سويدي عربي عن “قاسم حول”

يواصل منتجو فيلم “لماذا زرعنا الورد؟” العمل على استكمال مرحلة التصوير عن تجربة المخرج العراقي…

يواصل منتجو فيلم “لماذا زرعنا الورد؟” العمل على استكمال مرحلة التصوير عن تجربة المخرج العراقي المخضرم قاسم حول السينمائية، بعد أن حاز مشروع الفيلم على تمويل من مهرجان مالمو السينمائي، إذ تم تصوير المشاهد الأولى في هولندا وسوف يستكمل في بيروت، حيث تجربة المخرج العراقي في سينما المقاومة الفلسطينة، كما ستصور بعض المشاهد في المغرب لينتهي العمل في أهوار العراق، وفي منطقة “أبو الخصيب” بمحافظة البصرة، حيث مسقط رأسه.

طاقم الانتاج سيزور منطقة العمار في بغداد، التي تم تصوير “قاسم حول” لفيلمه “بيوت في ذلك الزقاق” ومنطقة الكريمات حيث فيلم “الحارس” ومنطقة أبو الخصيب حيث فيلم “المغني” و”أهوار الجبايش”، والصحين حيث فيلم “الأهوار” وفيلم “بغداد خارج بغداد”.. لتكون تجربة الفيلم هي الاولى من نوعها، كونها عالمية عن سينمائي وكاتب عراقي، وستكون مأخوذة من فيلم سابق لقاسم حول تحت عنوان “لماذا نزرع الورد.. لماذا نحمل السلاح؟” والحائز على جائزة منظمة الشبيبة العالمية.

وبما أن الفيلم سيعتبر تجربة وثائقية وجمالية وفنية، فان “العالم الجديد” توجهت الى الشركة المنتجة وهي “ميليس فيلمز” الفرنسية، بأسئلة حول أبعاد الفيلم وأسلوبه، فتلقت التقرير التالي، الذي ارتأت نشره نصا:

لماذا زرعنا الورد؟

لماذا زرعنا الورد؟ وثائقي سينمائي، يقدم رؤية بصرية في حياة وتجربة صانع أفلام، غادر بلده خوفا من الديكتاتور الذي يحب السينما، ليحمله ترحاله إلى بلد جديد تعصف فيه الحرب ورياح التغيير، ليصبح واحداً من أهم مؤسسي سينما الثورة في ذلك البلد، مقدماً عبر تجربة امتدت في تلك المرحلة لأكثر من خمسة عشر عاماً، مجموعة من الوثائق البصرية عن حياة ونضال مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا في ذلك الوقت يخوضون صراع الهوية وإثبات الوجود بعد أن تم تشريدهم من فلسطين.

كان المخرج العراقي قاسم حول، لا يعرف وجهته التالية حين وصل إلى العاصمة اللبنانية بيروت في صيف عام 1970، حين حملته الصدفة للقاء الأديب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، لقاء شكّل نقطة تحول هامة في حياته، وفي إعادة إحياء السينما الفلسطينية في مرحلتها الثانية مع مخرجين فلسطينيين وعرب وغربين، التي تأسست في المنافي، والتي عرفت عالميا فيما بعد بسينما الثورة الفلسطينية.

يستوحي الفيلم “لماذا زرعنا الورد؟” اسمه من أحد أفلام المخرج العراقي قاسم حول التسجيلية المهمة، “لماذا نزرع الورد، لماذا نحمل السلاح” الذي أنجزه عام 1972، والذي فُقِدَ في الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982. يأتي فلمنا الوثائقي بمثابةِ جواب لسؤال أراد قاسم الاجابة عليه من خلال أفلامه. وقد اخترنا أن يكون عنوان فلمنا أيضاً، سؤالاً نجيب عليه من خلال رحلةٍ بصريةٍ نعيشها مع مخرج سينمائي، حاول خلال ما يقاربُ أكثر من خمسين عاماً من صناعة السينما، أن يجيب على سؤال: لماذا زرعنا الورد؟ وهو السؤال الفلسفي الكبير الذي حاول معظم الفنانين الإجابة عليه وهو لماذا نصنع السينما؟ وهل الحرية شرط أساسي لصناعة الأفلام؟ حتى وإن كان ثمن تلك المساحة من الحرية التي أرادها صانع الأفلام قد دفعته للفرار من بلدٍ يحكمه ديكتاتور يحب السينما، إلى بلدٍ تعصف فيه الحروب الداخلية والخارجية مثل لبنان؟

Image

في فيلمنا الوثائقي لماذا زرعنا الورد؟ نحاول فيه الإقتراب من سينما وشخصية قاسم حول، والحكايات التي دارت في كواليس أفلامه والأحداث السياسية والإنسانية التي حدثت في أوقات تصوير تلك الأفلام، والتي يشبه بعضها أفلام الخيال السينمائية، وكما كان يفعل قاسم ورفاقه في المخيمات، فسنقوم بعرض بعض من لقطات أفلام قاسم حول على جدران بيوتٍ في البصرة، مدينة قاسم الأولى، ومن ثم عرض لقطات أخرى على جدران مخيم شاتيلا، كما كان أيضاً قاسم وصناع تلك الأفلام يفعلون في تلك الفترة، حين حملوا السينما إلى داخل المخيمات والمناطق المهمشة وجعلوا من جدران بيوت اللاجئين شاشات للأفلام. فأفلام سينما الثورة لم تصنع لتعرض في المهرجانات فقط، بل كانوا وقاسم أحدهم؛ يصنعون أفلامهم لتعرض على الجمهور الفلسطيني في مخيمات اللجوء، على جدران بيوت المخيمات الفقيرة التي كانت تتحول لياليها إلى شاشات عرض لأفلام من صناعة سينما الثورة أو من السينما العالمية.

تاريخ المشروع:

جاء مشروع هذا الفيلم، نتيجة مشروع بحثي طويل في التنقيب عن السينما الفلسطينية قبل النكبة وما بعدها، بدأه المخرجان عائد نبعة ومهند صلاحات عام 2012، في محاولة للوصول إلى أول توثيق مرئي لتلك المرحلة من تاريخ السينما الفلسطينية قبل عام 1948. استمر البحث سنوات وجدنا خلالها ترابطا كبيراً بين المراحل الزمنية لتطور السينما الفلسطينية في الداخل والشتات، فأثناء البحث عن حقبة ما قبل النكبة، وجدنا أن التوثيق لها كان مرتبطاً بصناع سينما المرحلة اللاحقة وهي سينما الثورة الفلسطينية، ومن هنا توصلنا إلى كتاب المخرج العراقي قاسم حول “السينما الفلسطينية” والذي كان واحداً من أهم المراجع التي بحثنا من خلالها عن آثار السينمائيين الفلسطينيين الأوائل، حيث احتوى الكتاب على الحوار الوحيد مع من يعتقد بأنه رائد السينما الفلسطينية ما قبل النكبة، إبراهيم حسن سرحان وصوراً له، فبات التواصل مع قاسم ضرورة ملحة لإكمال بعض الحلقات المفقودة في صيرورة بحثنا عن السينما الفلسطينية قبل النكبة.

لم يتم هذا اللقاء شخصياً مع قاسم إلا عام 2016 عندما التقى به المخرج مهند صلاحات في إحدى مهرجانات السينما في السويد، بعد سنوات من التواصل عن بعد، كان قاسم الذي بلغ من العمر حينها 76 عاماً متحمساً لفكرة البحث عن أرشيف سينمائي ما قبل النكبة، ولكن عند التعرف على قاسم عن قرب بدأت حكاياته الجذابة عن أفلامه وما دار حولها من أحداث وعن مسيرته ورحلته الطويلة بين المنافي، تجذبنا لفكرة أن بين يدينا حكاية لم تروى من قبل عن سينما عراقية وأخرى فلسطينية، صنعهما مخرج واحد، أي تجربة سينمائية بهويتين مختلفتين ما بين العراقية منذ بداياتها، وفلسطينية ثورية في تأسيسها.

رغم أن هنالك عدة أفلام تسجيلية صنعت عن سينما الثورة، إلا أنها بقيت تعتمد على ما تبقى من ارشيف تلك السينما التي ضاعت معظم نتائجها في اجتياح بيروت وما بعده، ولأنها ربما من المرات الأولى التي نلتقي فيها بأحد المؤسسين والذي سيروي الحكاية مع أفلامه التي حملها في كل مكان، فعندما يهرب الإنسان من الحرب يجبر على ترك كل ما صنعه خلفه، وهذا ما حصل بالضبط لسرحان عندما غادر فلسطين وقت النكبة، ولم يحمل معه إلا بضع أشرطة 35 ملم، لم نعرف ما كان مسجلاَ عليها، وربما كانت تجربة سرحان  درساً  لقاسم الذي لم يترك الكثير من أرشيفه خلفه، وحمله معه في رحلته الطويله في المنافي،  بل ويقول بأن الندم يعتصره لأنه لم يأخذ بضع أمتار من نسخة فيلم 35 ملم التي كانت بحوزة ابراهيم سرحان قبل أن تحترق في قصف بيته في حرب المخيمات عام 1986.

كان هناك الكثير من الأسئلة التي ظلّت تراودنا لفترة طويلة، بعد زياراتنا المتكررة لبيته في لاهاي، كانت حواراتنا الطويلة تمتد لساعات ومشاهد الصور الفوتوغرافية التي تتعدى الآلاف مليئة بالحكايات.

في آب أغسطس من العام 2019 سافرنا، عائد نبعة ومهند صلاحات، وبدأنا أولى جلسات التصوير مع قاسم في منزله في هولندا، ضمن خطة أولية على أن يكون هنالك عودة للتصوير مرة أخرى ولاحقاً في العراق وبيروت وأثينا، ليكون الفيلم قد أخذ شكل رحلة بحث عن أماكن وزوايا، ربما لم تعد موجودة في يومنا هذا، فتلك البناية التي عرض عليها قاسم فيلمه في بيروت يوما ما ربما قد تكون قصفت في حرب لبنان، وبالتأكيد أن الأهوار تحولت بعد الحرب إلى شكل آخر غير الذي صوره قاسم في رائعته التسجيلية الاهوار في منتصف السبعينيات، لقد كان مشروع هذا الفيلم بمثابة مغامرة بالنسبة لنا، قضينا أشهراً في دراسة أرشيف قاسم الذي حصلنا عليه على أجزاء، وأكتشفنا بأنه ثروة، قضينا وسنقضي سنوات في دراسته، من أجل تحديد المقاربة الصحيحة لإنجاز الفيلم”. فالفيلم لا يخلو من المغامرة التي أدركناها منذ أن بدأنا العمل على صناعة هذا الفيلم، كمحاولة منّا لنجيب على سؤال كبير لماذا زرع هؤلاء السينمائيون الورد؟ وسط كل تلك الحروب.

يصور الفيلم في كل من: هولندا، العراق، لبنان، المغرب، أثينا

 Image

المخرجون والمنتجون:

مهند صلاحات: كاتب ومنتج ومخرج فلسطيني- سويدي مستقل، يعمل  في صناعة الأفلام منذ عام 2006. أقام في السويد منذ عام 2012، عُرف من خلال فيلمه الروائي القصير (رسالة إلى أوباما) وفيلمه الوثائقي التحقيقي (الشاهد). يعمل في الآونة الأخيرة في البحث عن تاريخ الصحافة والسينما الفلسطينية، نشر العديد من المقالات النقدية في مجلة الجزيرة وغيرها من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية البارزة.

يتنقل حاليًا بين أوروبا والعالم العربي، مواصلاً عمله كصانع أفلام مستقل.

يشارك في هذا الفيلم، كمخرج وكاتب مشارك، وكذلك منتج مشارك من خلال شركته السويدية “طائر الشمس للأفلام SunBird Films

عائد نبعة: مخرج ومنتج فلسطيني-أردني- فرنسي تخرج من قسم السينما والتلفزيون في كلية الفنون الجميلة من جامعة اليرموك عام 2003، وحصل على دبلوم من أكاديمية نيويورك للفلم، بدأ حياته العملية بإنتاج وإخراج الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة، شارك ودرّب في الكثير من ورشات الإخراج وكتابة السيناريو في تركيا والمغرب وفلسطين وفرنسا وقطر، وهو الآن يعمل ككاتب ومخرج مستقل للأفلام الوثائقية الطويلة، التي تعنى بالسياسة والثقافة العربية. صور أفلاماً وثائقية طويلة من أبرزها ضد الجدار، ولدن في النكبة،  صور بلا ظل عن المصور الياباني رويتشي هيروكاوا، حاز فيلمه الطويل طائر الشمس على جائزة التفرد في مهرجان أوروبا الشرق في المغرب عام 2016، وعلى الجائزة الكبرى في مهرجان الفيلم الوثائقي الدولي في خريبكة/المغرب عام 2017، وتم اختياره ضمن قائمة الأفلام المنافسة على الجائزة الأولى في مهرجان الأرض في سردينيا في إيطاليا عام 2017.

يشارك في هذا الفيلم، كمخرج وكاتب مشارك.

المنتجة راشيل بيزيان: منتجة فرنسية، حاصلة على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة كوين ماري آند ويست فيلد في لندن ومن ثم حصلت على شهادة الماجستير في الدراسات الأوروبية وإدارة المشاريع الثقافية السينمائية، ومن ثم عملت في فرنسا على الكثير من المشاريع الثقافية المتنوعة والمهرجانات السينمائية والمسرحية والموسيقية. استقرت في الأردن وعملت لمدة 10 سنوات كرئيسة البعثة الثقافية في المركز الفرنسي لإدارة مهرجان الفيلم العربي الفرنسي. بعد عودتها إلى مقاطعة بريتاني في فرنسا قامت حديثاً بتأسيس شركة ميليس فيلمز لإنتاج الأفلام للسينما والتلفزيون.

الشركات المنتجة:

– شركة ميليس فيلمز شركة إنتاج فرنسية مقرها مدينة بريتاني، تعمل منذ سنوات على تطوير وإنتاج أفلام روائية ووثائقية، للسينما والتلفزيون في فرنسا والعالم.

– شركة طائر الشمس فيلمز: شركة إنتاج سويدية مقرها مدينة مالمو، تعمل على تطوير وإنتاج أفلام وبرامج تلفزيونية، في السويد، أوروبا والعالم العربي.

 

حصل مشروع الفيلم على جائزة تطوير مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته العاشرة 2020، وقيمتها ٧٥ ألف كرون سويدي، مقدمة من المعهد السويدي للأفلام، وهي المرحلة التي تسبق تقديم الفيلم لدعم الإنتاج من المعهد السويدي للأفلام، ومؤسسات دعم إنتاج الأفلام السويدية الأخرى، كما يجري العمل على تقديم المشروع للدعم في فرنسا، وهولندا وفلسطين، وربما العراق.

لنستمر في فيلمنا وسياق بحثنا الذي يأخذ منحى أهمية السينما التي صنعها قاسم وجيله في توثيق الذاكرة الجمعية ليس للعراق وفلسطين فحسب بل للعالم. كون السينما هي الذاكرة الجمعية التي يتشاركها البشر، قضينا سنوات في البحث ودراسة أرشيف قاسم الذي حصلنا عليه على أجزاء كبيرة منه، وقضينا وسنقضي وقتاً في دراسته، من أجل تحديد المقاربة الصحيحة لإنجاز الفيلم، لأن انجاز الوثائقي يبقى في صيرورة مستمرة حتى اللحظة الأخيرة من المونتاج.

Image

إقرأ أيضا