ماذا قال الكاظمي لأردوغان؟.. أسرار الاتفاق العسكري “الخفي” بين العراق وتركيا

عشية الخطوة المفاجئة لتركيا بإرسالها 25 مستشارا عسكريا إلى بغداد، كشفت مصادر مطلعة عن “اتفاق…

عشية الخطوة المفاجئة لتركيا بإرسالها 25 مستشارا عسكريا إلى بغداد، كشفت مصادر مطلعة عن “اتفاق خفي” أبرمته الحكومة العراقية مع نظيرتها التركية يمنح قوات الأخيرة، الضوء الأخضر لدخول قضاء سنجار تحت مظلة الحلف الأطلسي “الناتو”، جرى خلال لقاء رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، بعد كشف الأول عن “عجز” حكومته بشأن طرد حزب العمال الكردستاني، و”خوفه” من ردة فعل الفصائل المسلحة، الأمر الذي جعل تركيا تقود حراكا داخل “الناتو” بحثا عن دور عسكري أكبر ضمن الحلف في العراق.

ويقول مصدر سياسي مطلع، كان حاضرا في لقاءات الكاظمي مع أردوغان في أنقرة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الكاظمي أبلغ أردوغان بعجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد– أربيل للسيطرة على سنجار وطرد عناصر حزب العمال الكرستاني منها“.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الثلاثاء، على حسابها الرسمي في “تويتر”، عن إرسالها 25 مستشارا عسكريا على رأسهم ضابط برتبة عميد، إلى بغداد بهدف دعم الجيش العراقي ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وتشكل سنجار، وهي المنطقة الصغيرة غربي نينوى، وموطن المكون الإيزيدي في العراق، نقطة خلاف كبيرة، بل ونقطة صراع داخلي ودولي، بداية من صراع اقليم كردستان والحكومة الاتحادية عليها عقب تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، فضلا عن اتخاذها من قبل حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا مقرا له، إضافة الى انتشار الفصائل المسلحة المرتبطة بايران وقوات من الحشد الشعبي فيها، كما أن سمائها ليست لها، فهي ملك الطائرات الحربية التركية التي تنفذ طلعات مستمرة.

وفي 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، وقعت بغداد وأربيل، اتفاقا سمي بـ”التاريخي”، يقضي بحفظ الأمن في قضاء سنجار من قبل قوات الأمن الاتحادية، بالتنسيق مع قوات البيشمركة المرتبطة بإقليم كردستان، وإخراج كل الفصائل المسلحة وإنهاء وجود عناصر العمال الكردستاني “PKK”.

وعقب الاتفاق، بـ48 ساعة فقط، تلقى الكاظمي دعوة رسمية من أردوغان لزيارة تركيا، وذلك عقب أشهر من التوتر ورفض أردوغان لاستقبال الكاظمي في خضم جولاته الخارجية.

وبتاريخ 17 كانون الاول ديسمبر 2020، وصل الكاظمي على رأس وفد كبير ضم وزراء ومستشارين الى أنقرة، وسط احتفاء غير مسبوق من الجانب التركي، تمثل بمأدبة فاخرة على أنغام الأغاني العراقية التراثية.

ويضيف المصدر، أن “الكاظمي منح الضوء الأخضر لأردوغان بالدخول الى سنجار، وذلك لعجزه عن تنفيذ اتفاقه مع اربيل على أرض الواقع، لكن اشترط ان يكون الدخول التركي لانهاء وجود عناصر PKK، تحت مظلة تحالف الناتو، تحسبا من ردود الفعل السلبية من قبل الفصائل المسلحة، في حال دخول تركيا بمفردها لسنجار“.

Image

ويتابع المصدر، أن “زيارة وزير الدفاع العراقي الى انقرة التي تلت زيارة الكاظمي، جاءت لبحث سبل تنفيذ هذه الخطة، التي حدد لها عامين كسقف زمني لإنهاء وجود PKK في العراق بالكامل“.

وكانت بغداد، قد أعلنت في 21 تشرين الثاني نوفمبر 2020، بدء تطبيق “الاتفاق التاريخي”، وذلك عبر انتشار القوات الاتحادية في مواقعها داخل القضاء.

وفي 18 كانون الثاني يناير الحالي، وصل وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الى العاصمة بغداد، برفقة رئيس أركان الجيش التركي يشار غولر، التقى حيث أستهل زيارته بلقاء وزير الدفاع العراقي جمعة عناد في مقر وزارة الدفاع.

ويؤكد المصدر، أن “هذه الزيارة التي جاءت استكمالا لزيارة عناد الى أنقرة، وهي لبحث الخطة الموضوعة لاقتحام سنجار والقضاء على PKK، التي تمت بطلب الكاظمي“.

وفي 22 كانون الثاني يناير الحالي، صرح أردوغان عقب صلاة الجمعة، أن “تركيا قد تتدخل بنفسها من أجل إخراج إرهابيي منظمة PKK من قضاء سنجار شمالي العراق”، وحول زيارة أكار الى بغداد، علق أردوغان بالقول إن “وزير الدفاع أكّد عقب الزيارة على استعداد تركيا لتقديم الدعم لطرد الإرهابيين من سنجار في حال طلبت الحكومة العراقية ذلك منها“.

واستدرك عقب الاسئلة حول ما إذا كان كلامه إشارة لتنفيذ عملية مشتركة، أن “العمليات لا يمكن تنفيذها بالإعلان عنها”، مؤكدا “لدي عبارة أقولها دائما: قد نأتي على حين غرة ذات ليلة، هذه هي خلاصة الأمر“.

في السياق، كشف مصدر دبلوماسي رفيع، عن أن “تركيا تبحث في الآونة الأخيرة عن دور أكبر في العراق ضمن الحلف الأطلسي، بما لا يتناسب والدور المرسوم للحلف“.

ويوضح الدبلوماسي الذي رفض الكشف عن هويته، أن “دور حلف الناتو يقتصر على التدريب فقط، وهو لا يشبه دور التحالف الدولي الذي يشارك بقوات عسكرية ميدانية وطلعات جوية”، لافتا الى أن “تركيا تحاول أن تفرض هذا الدور على حلف الناتو ودوره في العراق“.

وشهد اتفاق بغداد واربيل بشأن سنجار، ردود حادة من قبل بعض القوى الشيعية، ومنها زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، الذي وصف الاتفاق بأنه “إخراج للحشد الشعبي الذي حرر سنجار، وهو مُجاملة سياسية ومُكافأة انتخابية على حساب الإيزيديين الذين عانوا ما عانوا من الوضع السابق ويُراد أن تستمر مُعاناتهم بهذا الإتفاق الجديد“.

ودعا الخزعلي القوى الوطنية، آنذاك لـ”إبداء رأيها في هذا الموضوع، وعدم المجاملة فيه، وإلى ضرورة أن يكون هُناك موقف يتناسب مع أهمية وخطورة هذا الاتفاق“.

وفي سنجار، يشرف عناصر حزب العمال الكردستاني (التركي المعارض)، على فصيل إيزيدي مسلح ينتسب للحشد الشعبي، وهو بدوره مرتبط بعلاقات مع الحرس الثوري الايراني، ومن اهداف الاتفاق هو تحجيم دور حزب العمال ودور الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وذلك بحسب مصدر كشف لـ”العالم الجديد” الاهداف الخفية للاتفاق.

وشهدت علاقة حكومة الكاظمي مع أنقرة، توترا كبيرا بعد العملية العسكرية التي اطلقتها انقرة، حيث تم استدعاء السفير التركي في بغداد فاتح يلدز من قبل الخارجية العراقية وسلمته مذكرة احتجاج، الذي أكد خلال تسلمه المذكرة في وزارة الخارجية على استمرار بلاده بقصف الاراضي العراقي لمطاردة عناصر حزب العمال.

وبلغ التوتر أوجه عندما ألغى العراق في 11 آب أغسطس الماضي، زيارة لوزير الدفاع التركي الى العراق خلوصي آكار، بسبب العملية العسكرية، التي عدت انتهاكا للسيادة العراقية.

وشهد قضاء سنجار، أقسى إبادة في آب أغسطس 2014 عندما اجتاحه تنظيم داعش وفتك بالمكون الايزيدي الذي يسكنه، وبحسب ارقام نشرتها مكاتب ومنظمات مختصة بمتابعة الملف الايزيدي، فقد تم خطف 6417 إيزيديا، فيما لا يزال 2880 منهم في عداد المفقودين.

 ومؤخرا، بدأت بعض العائلات النازحة الى العودة لسنجار في ظل انعدام الخدمات وعدم إعادة اعمار المدينة المنكوبة، وما زال الآلاف منهم في مخيمات النزوح باقليم كردستان.

وبعد اعلان النصر على داعش وتحرير كافة الاراضي، من قبل الاجهزة الامنية والحشد الشعبي، ضم حزب العمال الكردستاني مئات الايزيدين الى صفوفه ونظم فصائل مسلحة تدفع رواتبهم من الدولة العراقي، عبر هيئة الحشد الشعبي.

إقرأ أيضا