موازنة 2021.. عودة لضريبة الدخل وتخفيض العجز الى 40 ترليون دينار

في خضم كافة التحديات التي يعيشها المواطن العراقي، لا تزال الموازنة الاتحادية للعام الحالي هي…

في خضم كافة التحديات التي يعيشها المواطن العراقي، لا تزال الموازنة الاتحادية للعام الحالي هي الشغل الشاغل، نظرا لما تحمله من بنود تؤثر على الوضع الاقتصادي المباشر له، وأبرزها الضرائب التي ستفرض على رواتب الموظفين، وفيما أكد نائب ان البرلمان سيتجه لضريبة الدخل بدلا من الاستقطاع، كشف نائب آخر عن تخفيض قيمة العجز في الموازنة الى 40 ترليون دينار بدلا من 71 ترليون، وبموازاة ذلك ألمح ناشط الى خروج تظاهرات كبرى في حال تمرير الموازنة بوضعها الحالي.

ويقول النائب مازن الفيلي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الموازنة تضم فقرات استقطاع من رواتب الموظفين، وكل من يتجاوز راتبه 500 الف دينار فأكثر مشمول بها، وصولا الى الدرجات العليا”.

واضاف الفيلي، أن “هذه الفقرة تشمل كافة موظفي الدولة، ولا يوجد استثناء فيها، لكنها سابقا كانت تشمل حتى من يبلغ راتبه 500 ألف دينار فما دون”، متابعا أن “اغلب النواب رافضون لها، وان اللجنة المالية ستعود الى قانون ضريبة الدخل، وهذا ايضا بحاجة الى نقاشات موسعة، إذ أن ضريبة الدخل أقل بكثير من الاستقطاع، فالاخير في حال اعتماده تكون نسبته أعلى”.

 

ويتابع أن “الضريبة موجودة في نسخة الموازنة التي وردت الى البرلمان، لكننا لم نطلع على الصيغة النهائية لغاية الان، ومن المفترض ان تكتمل خلال اليومين المقبلين، لا سيما وأن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ترأس اللجنة المالية لغرض إنجاز الموازنة”.

ويلفت الى ان “النواب ضد الضرائب، لاننا كبلد لدينا إيرادات كبيرة في حال استغلالها بشكل صحيح، وربما تصل لارقام اكبر من الموازنة الحالية”، موضحا “نحتاج الى ترشيق الانفاق الحكومي والابتعاد عن الانفاق الزائد والترفي، ما سيقلل من عجز الموازنة، وبالتالي فان المواطن لن يدفع ثمن اخطاء الحكومات المستمر”.

وتعقيبا على فرض الضرائب، وهو قانون تعمل به أغلب الدول، يقول الفيلي، إن “العراق يختلف عن الدول الاخرى، فنحن دولة نفطية، ومن يلجأ لهذا النوع من الايرادات في العادة هي الدول غير النفطية، لكن لدينا مقومات كثيرة، فلو دعمنا الصناعة والزراعة والاستثمار واستحصلنا ديون شركات الاتصال، لاستغنينا عن كل تلك الضرائب وغيرها”.

وكانت اللجنة المالية النيابية، نشرت منتصف الشهر الحالي تقريرها حول مشروع موازنة 2021، والمتضمن ملاحظاتها وتوصياتها، وفيه كشفت عن وجود خلل في اعداد الموظفين في الدولة، وهناك زيادة باعدادهم في بعض الدوائر الامنية والخدمية، إضافة الى تأكيدها على قضية الديون المترتبة بذمة شركات الهاتف النقال، وتشديدها على سحب اجازتها في حال عدم التسديد.

وبلغت قيمة إيرادات الموازنة لهذا العام 93 ترليون دينار، في وقت بلغت قيمة الإنفاق 164 ترليون دينار بنسبة عجز 71 ترليون دينار، وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موازنة 2021 توسعية ومفرطة في النفقات المالية ولا تتفق مع الواقع الاقتصادي الحالي في البلاد، ومستوى العجز فيها كبير جدا ويبلغ 71 تريلون دينار، وهذا العجز حسب ما هو موجود في الموازنة يسدد من خلال الاقتراضين الداخلي والخارجي، وهذا أمر خطير سيغرق العراق في بحر من الديون”.

إلى ذلك، يبين النائب اسعد ياسين، في حديث لـ”العالم الجديد” أن “موازنة 2021 فيها مبالغة كبيرة، وخاصة من ناحية العجز، فضلا عن ان موازنات الوزارات التشغيلية توجد فيها أمور مبهمة مثل وجود مبلغ 10 تريليونات تحت عنوان أمور خاصة، ولا نعرف ما هي هذه الأمور الخاصة”.

ويستطرد “حتى اللحظة لا تزال اللجنة المالية تعمل بالمادة 10 وامامها 48 مادة متبقية عليها لإنجازها، حيث تم تخفيض العجز فيها قرابة 40 تريلون، وهناك عمل كبير فيها”، مبينا أن “هناك اعتقادا سائدا بأن هذه الموازنة لم تعد من قبل لجنة اقتصادية في رئاسة الوزراء”.

ويلفت الى ان “الرؤية بشأن إقرار الموازنة، ستكون بعد اسبوعين من الان، ولا نعتقد بأنها سترهن موارد الاجيال المقبلة”، مضيفا أن “هناك تعيينات في الموازنة، ولكن سيتم ضغطها بشكل كبير، وبالنسبة للمحاضرين المجانيين فانه سيتم تضمينهم في الموازنة، ولكن سيبقى أمرهم بيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي”.

يشار الى انه في شهر كانون الاول ديسمبر الماضي، وخلال إعداد الموازنة في مجلس الوزراء، تقرر تغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار، ليصبح 1450 دينارا لكل دولار، بعد ان كان 1190 لكل دولار، الأمر الذي أدى الى إرباك كبير في السوق العراقية والتعاملات المالية.

وكان رئيس لجنة متابعة البرنامج الحكومي النائب حازم الخالدي كشف لـ”العالم الجديد” في 14 كانون الثاني يناير الحالي أن قانون الموازنة يحتوي على الكثير من المواد والتشريعات التي لا حصر لها، فمثلا قضية إقليم كردستان تتكرر سنويا في الموازنة ولكن لا حل لها.

الى ذلك، يعتبر الخبير الاقتصادي احمد صدام في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الموازنة غير مناسبة للوضع الحالي، باعتبار ان كافة بيانات العراق غير دقيقة في شتى المجالات وتبنى على التقديرات والتخمين”.

وينوه إلى أن “المشكلة في الموازنة لا توجد فيها برامج او مشاريع تعمل على تطوير الواقع، بل توجد فيها أبواب فساد كبيرة بحسب المعطيات، وانها ستعمل ربما مستقبلا على رهن موارد الاجيال المقبلة بسبب الديون (القروض)، حيث أن الدولة ستكون مستقبلا ملزمة بتسديد هذه القروض وفوائدها”، مخالفا بذلك من سبقه في التقليل من شأنها.

ويشير الى ان “الحل يكمن في تقليل نسبة العجز، إلى دون الـ 100 المليار دينار فقط، وان لا يتجاوز هذا الرقم، وعدم مخالفة قانون ادارة الدولة العراقية”، مبينا أن “اللجوء للاستقطاعات الضريبية من رواتب الموظفين غير مناسب، كون الحركة السوقية تعتمد علي رواتب الموظفين بسبب افتقار البلد إلى الحركات الاقتصادية الأخرى كالسياحة مثلا، وبالتالي فإن الضريبة ستؤثر على القطاع الخاص مستقبلا من ناحية تقليص أعداد العاملين في هذه الأماكن”.

ويؤكد أن “ارتفاع اسعار النفط سيكون بمثابة فرق مهم للموازنة، ومن الممكن تعديل السعر الموجود فيها لسد نسبة من العجز المالي الموجود”. 

واعتمد مجلس الوزراء سعر برميل النفط في الموازنة 42 دولارا، في وقت سجل ارتفاعا في الايام الماضية، وبلغ في لحظة كتابة التقرير 55 دولارا للبرميل الواحد.

وكان لهبوط اسعار النفط العالمية، السبب الرئيس في عدم قدرة الدولة تمويل رواتب الموظفين، ولجأت الى الاقتراض الداخلي في حزيران يونيو الماضي، وفي أيلول سبتمبر الماضي تأخر تمويل الرواتب اكثرمن 40 يوما ما أثار موجة غضب شعبية كبيرة، ما دفع مجلس النواب الى الموافقة على اقتراض اخر للحكومة لتمويل الرواتب لمدة 3 اشهر.

 

وحول موقف الناشطين من الموازنة وما تضمنته من بنود تعد “سلبية”، يرى الناشط المدني علي مهدي عجيل في حديث لـ”العالم الجديد” إن “موازنة 2021 تنم عن فساد الحكومة والدولة وقد وضعت من قبل حكومة هزيلة، ونحن كناشطين في ذي قار نرفض تمرير هكذا موازنة، ويوم الجمعة الماضي كانت التظاهرات في المحافظة تخص الموازنة وقد أرسلنا رسائل إلى نواب المحافظات الجنوبية والوسطى، بأن الموازنة بهذه الطريقة مرفوضة، ونتمنى منهم ان يكونوا على قدر المسؤولية ورفض تمريرها”، لافتا إلى أنه “في حالة تمرير موازنة 2021 ستكون هناك تظاهرات أشد ولا نضمن ما سيحصل فيها”.

ودعا عجيل نواب محافظات الوسط والجنوب الى “رفض هذه الموازنة وعدم تمريرها لما فيها من فساد ووضع ورهن أموال العراق للمجهول”.

وكان الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي كشف لـ”العالم الجديد” في وقت سابق، أن العجز في موازنة 2021 هو أكبر عجز بتاريخ الدولة العراقية، وهو عجز غير طبيعي ونراه انه مقصود ويهدف لإشعال زيادة النفقات حتى يبدو وكان العراق يعاني من عجز مالي وذلك لغرض تمرير أمرين، الأول يتعلق بسعر صرف الدينار، والثاني يخص مشروعات القطاع العام وبيع ممتلكات الدولة وهي مادة خطيرة في موازنة 2021.

إقرأ أيضا