الأموال مقابل الآبار.. جدل الموازنة يتعقد ووفد أربيل يستنفد اخر سهامه

باتت الاتهامات هي السمة البارزة في النقاشات حول مشروع قانون الموازنة الاتحادية للعام الحالي، وتجلت…

باتت الاتهامات هي السمة البارزة في النقاشات حول مشروع قانون الموازنة الاتحادية للعام الحالي، وتجلت بشكل أكثر بين القوى السياسية الكردية والشيعية، فالطرف الأول أعطى مبرراته بشأن قيمة موازنته لخصوصية الاقليم، متهما الحكومة الاتحادية بمحاولة “الاستحواذ” على ابار النفط، فيما رأى الآخر ان أربيل لم تسلم بغداد ما بذمتها من أموال طوال سنوات ولا يمكن القبول بتسليم حصته من دون تسديد مابذمته، وفي خضم هذا اللغط “المعرقل” لتمرير الموازنة، ظل موقف رئيس الحكومة ضبابيا يفسره كل طرف بصورة مختلفة.

ويقول مسعود حيدر، مستشار زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مفاوضات الوفد الكردي جارية لغاية الان في بغداد، لكن هناك معرقلات كثيرة ومطالب تعجيزية من قبل القوى الاخرى، تمثلت بمحاولة بغداد (الحكومة الاتحادية) الاستحواذ على جميع الحقول النفطية في الإقليم وإدارتها إدارة مركزية، وهذا يتناقض مع مبدأ الفيدرالية في النظام السياسي والدستور العراقي، فضلا عن كونه يتناقض مع مشروع قانون النفط والغاز الذي أبرم عام 2007، ثم تراجعت عنه بغداد”.

وينوه الى أنه “لغاية الان لم يتم التوصل لاتفاق نهائي، فسقف المطالب مرتفع جدا رغم إبداء الاقليم مرونة كاملة بشأن تسليم 250 الف برميل نفط و50 بالمائة من ايرادات المنافذ الحدودية”، مطالبا الكتل السياسية الشيعية بـ”تهيئة أرضية مناسبة لتمرير الموازنة بشكل توافقي وفتح باب لمعالجة جميع المشاكل والاتفاق على منهج واضح بناء على النظام الفيدرالي”.

ومنذ وصول مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021، الى مجلس النواب مرسل من مجلس الوزراء، برزت الكثير من النقاط الخلافية وأثارت لغطا كبيرا، خاصة بشأن اقليم كردستان، وعمد بعض النواب الى التصريح بأن موازنة الاقليم تفوق موازنات محافظات الجنوب مجتمعة، فضلا عن عدم التزامه بتسديد مستحقات بغداد من النفط وايرادات المنافذ الحدودية، ما شكل عارضا امام التوافق لتمريرها.

وبرز هذا الخلاف سابقا، ففي تشرين الاول اكتوبر الماضي، وعند تصويت البرلمان على قانون تمويل العجز المالي، في ظل الازمة الاقتصادية التي حالت دون توزيع رواتب الموظفين، الزم البرلمان الاقليم بتسديد ما بذمته لبغداد حتى تضمن رواتب موظفيه في القانون، ما أثار خلافات كبيرة ايضا، فيما جرى تمرير القانون بمعارضة الكرد له ودون تصويتهم عليه.

ويضيف حيدر أن “موازنة الاقليم وضعت بناء على بيانات وزارة التخطيط الاتحادية الخاصة بعدد السكان، وأن الارقام التي برزت حول مقارنة البعض بين موازنة الاقليم وبعض المحافظات غير صحيحة، فالاقليم هو فيدرالي، وهيكليته تختلف عن أي محافظة أخرى”.

ويستطرد أن “موازنة الاقليم تشمل الرعاية الاجتماعية والمتقاعدين ورواتب بعض الموظفين، وهذه الارقام غير موجودة في المحافظات، باعتبار أن الموظفين غير مدرجين في كل محافظة، اضافة الى ان رواتب الرعاية الاجتماعية غير مدرجة بصورة منفردة، فكلها تمول من الحكومة المركزية”.

ويلفت الى أن “هناك ارقاما كبيرة ايضا لم تدرج في موازنات المحافظات العراقية، وهي المشاريع، إذ أن هذه الموازنة تذهب الى الوزارات ومن بعدها تنفذ في المحافظات، فالمقارنة غير صحيحة، وهدفها سياسي هو الضغط على حكومة الكاظمي”، مؤكدا ان “الغاية سياسية بحتة، وليس بهدف إنصاف المواطن”.

ومنذ سنوات طويلة لم تتوصل بغداد واربيل، لأي اتفاق حول ايرادات النفط والمنافذ الحدودية، ووصلت الكثير من الوفود الكردية الى العاصمة برئاسة سياسيين ومسؤولين كرد بارزين، لكن أغلبها لم تفض الى اتفاق نهائي، إلا أن ما تم التوصل اليه بشكل يخفف من التوتر “المالي” بين الطرفين، هو تسليم الاقليم 250 الف برميل نفط الى شركة سومو العراقية و50 بالمائة من ايرادات المنافذ الحدودية، وهذا ما لم يتم لغاية الان منذ عام على الاتفاق بشأنه.

وحول هذا الموضوع، يرد عضو اللجنة المالية النيابية، النائب أسعد ياسين بأن “الوفد الكردي لم يصل الى نتائج في مفاوضاته مع الحكومة، وان ورئيس الحكومة كان متساهلا جدا مع الوفد”.

ويشير ياسين في حديثه لـ”العالم الجديد” إلى أن “لقاء الوفد الكردي باللجنة المالية، تم فيه رفض كل شيء تقدموا به، ما لم يسددوا جميع الأموال التي بذمتهم لصالح الحكومة الاتحادية”، موضحا أن “نقاط الخلاف الرئيسة تتمحور حول تسليمهم أموال 250 الف برميل نفط يوميا، حيث يمتنع الوفد الكردي عن تسليم هذه الأموال التي بذمتهم، ويطالبون بجرد حسابات جديدة، وهذا ما تم رفضه من قبلنا كلجنة مالية نيابية”.

ويستطرد “طالبنا كلجنة مالية بتسديد الأموال التي بذمة الجانب الكردي منذ 10 سنوات، لكن لم تكن هناك استجابة حول هذه الطلبات الممثلة بأموال الضرائب والمنافذ والنفط، لاسيما أن هناك معلومات عن تصدير 600 الف برميل يوميا”، مؤكدا أن “الجانب الكردي يريد اتفاقا جديدا وإسقاط جميع المخالفات والديون التي بذمته في السنوات السابقة، فضلا عن قيام الحكومة الاتحادية بتسديد كافة القروض التي بذمته الى الشركات والجهات الدولية، وتبلغ أكثر من 10 مليارات دولار”.

ويتابع أن “الجانب الكردي لا يريد تسليم الآبار النفطية، الأكثر من ذلك أن هناك آبارا نفطية في كركوك تخضع للحكومة الاتحادية يتم استغلالها من قبل حكومة الاقليم”، مشددا بالقول “لن تحصل حكومة أربيل على شيء من الموازنة ما لم تقم بتسليم ما بذمتها للحكومة المركزية والسماح لديوان الرقابة المالية بتدقيق الحسابات الختامية لعملها في السنوات الماضية”.

ويتهم عضو اللجنة المالية النيابية، رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي بـ”التساهل مع الجانب الكردي، كونه يخضع لضغوط دولية كبيرة بهذا الشأن”.

ويمتد الاتهام بـ”تواطؤ” الكاظمي مع الاقليم في الموازنة، الى قضية تغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار، الذي أعلن عنه في أواخر العام 2020، وقبيل إرسال الموازنة للبرلمان، من 1190 الى 1450 دينارا لكل 100 دولار، وهو ما وصف بـ”توجه كردي” من قبل الخبير الاقتصادي حمزة الجواهري في وقت سابق، حيث كان قد أكد لـ”العالم الجديد” في 19 كانون الاول ديسمبر 2020 أن “تخفيض سعر الدينار ليس من متبنيات الحكومة ووزير المالية والبنك المركزي، فهذا تناقض مع ما هو معلن، لذا اعتقد انه من متبنيات سياسيين كرد”.

إقرأ أيضا