“وساطة أم تطبيع”.. لماذا خلع صالح ثوب البروتوكول في الامارات؟

أثارت الزيارة المفاجئة لرئيس الجمهورية برهم صالح، الى دولة الامارات، وفي ساعة متأخرة من ليل…

أثارت الزيارة المفاجئة لرئيس الجمهورية برهم صالح، الى دولة الامارات، وفي ساعة متأخرة من ليل الخميس، الكثير من التكهنات بشأن أسبابها، لاسيما وأنها خرقت البروتوكول المتبع في الزيارات الرسمية بين الدول، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لمزيد من التحليلات المتفاوتة بين “الإهانة” و”الوساطة” و”التطبيع”، خصوصا وأنها تزامنت مع لقاءات عدة خاضها وزير الخارجية فؤاد حسين مع نظيريه المصري واليوناني، وانطلاق العملية العسكرية التركية في شمال العراق

يقول النائب بدر الزيادي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الرؤساء يمثلون العراق، لذلك يجب ان يحترموا الشعب والوطن قبل إقدامهم على أي تصرف، فعندما يذهب رئيس الجمهورية لدولة ما، فهو لا يذهب باسمه، بل هو يمثل الدولة العراقية“.

واضاف الزيادي، أن “احترام رئيس الجمهورية، هو احترام للشعب، وما جرى في الامارات هو إهانة للعراق وإهانة لرئاسة الجمهورية، وهذه جميعها نقاط مثبتة على الرئيس برهم صالح، بالاضافة الى الملاحظات المثبتة حول القصف التركي، فهو لم يعترض حتى ببيان واحد“.

وليلة الخميس، امس الاول، وبصورة مفاجئة نشرت وسائل الاعلام الاماراتية خبر وصول رئيس الجمهورية برهم صالح اليها، وعقده اجتماعا مع ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، الذي أكد بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية أن “العراق ركيزة أساسية من أسس العمل العربي المشترك، ونحرص على تحقيق استقراره وصون سيادته ومواصلة دعم كل ما فيه الخير لشعبه الشقيق”، وبذات الوقت فان العراق لم يعلن عن الزيارة، والتزم المكتب الاعلامي للرئاسة الصمت، حتى مرت نحو 3 ساعات على نشر الخبر في المواقع الاماراتية، ليخرج بيان فجر أمس الجمعة، مستخدما ذات الصورة التي نشرتها وسائل الاعلام الاماراتية.

خطوات قبل الزيارة “الغريبة

يوم الاربعاء الماضي، أي قبل زيارة صالح الى الامارات بـ24 ساعة، سلم وزير الخارجية، فؤاد حسين، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رسالة من صالح، فيما وصل صباح الخميس، وزير الخارجية فؤاد حسين الى العاصمة اليونانية أثينا للقاء نظيره اليوناني وعدد من الشخصيات الحكومية.

وفي هذا الصدد، يقول رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الزيارة جاءت في إطار محاولات عراقية لتقريب وجهات النظر بين تركيا والامارات“.

ويبين الشمري، أن “الأمر يدور في إطار الوساطة، سواء زيارة صالح للامارات أو لقاء وزير الخارجية الى مصر، فالعراق نجح بجمع الاطراف، والدليل كلام رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي اليوم حول نجاح العراق بتحوله الى صانع سلام في المنطقة“.

وصباح اليوم السبت، قال الكاظمي في ذكرى التفجير الذي أودى بحياة زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الأسبق، محمد باقر الحكيم، إن “الحكومة العراقية ساهمت وتساهم في نشر أجواء الثقة بين دول المنطقة، وهناك بيئة جديدة بدأت تنمو للوصول إلى حلول لأزماتها، كما أن العراق يستعيد دوره كعامل لصنع السلام وجامع لا مفرق“.

لماذا تركيا والامارات الان؟

صبيحة يوم الاربعاء الماضي، أعلنت وزارة الدفاع التركية عن انطلاق عملية المخلب 2، لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، ما عد تتويجا للاتفاق المبرم بين بغداد وانقرة، إذ كشفت “العالم الجديد”، عن إبلاغ الكاظمي لأردوغان خلال لقائهما في أنقرة بتاريخ 17 كانون الأول ديسمبر الماضي، بعجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد- أربيل للسيطرة على سنجار وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، ومنح الضوء الأخضر لأردوغان بالدخول الى سنجار، تحت مظلة حلف الناتو، تحسبا لردود أفعال سلبية من قبل الفصائل المسلحة، في حال دخول تركيا بمفردها للقضاء الواقع غربي محافظة نينوى.

 

وبهذا الشأن، يكشف مصدر سياسي، في حديث لـ”العالم الجديد” أن “زيارة صالح للامارات، جاءت لتخفيف حدة التوتر بالمنطقة، وخاصة في العراق، نتيجة لتصاعد حالة الصراع بين أنقرة وأبو ظبي، وبلغ مراحل باتت تؤثر على استقرار البلاد“.

ويوضح المصدر، أن “صالح طلب من الجانب الاماراتي تهدئة التوتر، عبر خفض التصعيد ضد تركيا من خلال بعض أجنحة حزب العمال الكردستاني المدعومة إماراتيا، لما يصب بمصلحة استقرار العراق في هذه المرحلة الحرجة”، مبينا أن “الامارات ونتيجة للعداء مع تركيا منذ سنوات طوال، اتجهت الى دعم بعض قوات حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، ومدته بالدعم اللوجستي“.

ولم يتسن لـ”العالم الجديد”، التأكد من مصدر معلوم في الدولتين المذكورتين.

وشنت القوات التركية، خلال العملية، قصفاً جوياً وبرياً على منطقة (كاره وبيرز وآكري) التابعة لمحافظة دهوك، فيما نفذت الطائرات الحربية التركية ضربات عنيفة على منطقة (نهلة) في دهوك.

وفي صباح يوم الخميس، أعلنت وزارة الدفاع التركية عن مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بجروح، إثر اشتباكات اندلعت مع عناصر حزب العمال الكردستاني في منطقة كاره شمال العراق، وبينت انه الجرحى نقلوا إلى المستشفى.

الجانب الاخر

وفي وجهة نظر مغايرة، يقول المحلل السياسي هاشم الكندي، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “زيارة الرئيس صالح للامارات، لو كانت تتعلق بالعلاقات الثنائية لكانت معداً لها بما يليق باسم العراق، لكن اسلوب الزيارة وما احيط بها، اضافة الى الزيارات المتزامنة على مستوى وزراء الخارجية، كلها تشير الى ان المسعى يرتبط بدفع العراق للدخول في التطبيع مع الكيان الاسرائيلي ومعسكر الدول المطبعة“.

ويتابع الكندي، أنه “يراد للعراق ان يدخل في مشروع التطبيع، لان الادارة الامريكية السابقة ومسؤولين في الكيان الاسرائيلي يرونه الركن الاساسي للتطبيع، ولا يمكن ان ينجح مشروع اسرائيل الكبرى كما يسمونه من دون العراق”، مؤكدا “محاولة الاستفادة من وجود رئيس الجمهورية لتحقيق هذا المشروع، كونه على علاقة مع امريكا وهو لا يتقاطع مع التطبيع“.

وينوه الى ان “زيارة صالح لا تتعلق بالقصف التركي، فهي من مسؤوليات القائد العام لقوات المسلحة، وحتى لو كانت كذلك لكانت معلنة وواضحة، على اعتبار أن المطلوب هو مواقف ساندة ومؤيدة للعراق في مواجهة الاطماع التركية، لكن الذهاب خلسة، هو التوقع الاكبر لدفع العراق نحو التطبيع“.

ويعد ملف التطبيع مع اسرائيل من أبرز الملفات العربية، التي جرت في عهد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، وسارت فيه بشكل رسمي كل من الامارات والبحرين والمغرب بصورة رسمية مع اسرائيل، فيما جرت أحاديث حول خطوات سحب العراق الى معسكر التطبيع.

إقرأ أيضا