صحيفة فرنسية تكشف عن أساليب الأحزاب التقليدية العراقية لـ”إغراء” الناشطين

يحدق إحسان، الناشط في حركة الاحتجاج الشعبية التي هزت العراق في تشرين الاول أكتوبر 2019…

يحدق إحسان، الناشط في حركة الاحتجاج الشعبية التي هزت العراق في تشرين الاول أكتوبر 2019 وراح ضحيتها ما يقرب من 600 شخص، في فنجان قهوته المحلاة متجهما، وهو يقضي أياما صعبة في العراق، حيث الاستعدادات الحثيثة لانطلاق موسم الانتخابات المبكرة في تشرين الأول أكتوبر المقبل، إذ يقول لصحيفة لاكروا الفرنسية الشهيرة، إن “حزبين شيعيين رئيسين اتصلا بي، واقترحا علي إنشاء كيان سياسي بمعية نشطاء آخرين، لكنني رفضت”.

عندما بدأت الأحزاب العراقية التقليدية بالاقتراب من الأطراف الفاعلة في الانتفاضة خلال العام الماضي، كان كثيرون منهم واعين لهذا التحرك مثل إحسان الذي يقول: “تحت ذريعة منح الشباب صوتا، وبحجة مراعاة مطالب المتظاهرين، فإن الأحزاب السياسية تسعى إلى إنشاء أحزاب وهمية، تعتمد بشكل مباشر على نفس التسلسل الهرمي الفاسد الذي كان يدير العراق دوماً”.

النشطاء المستضعفون

وتشير الصحيفة بحسب مقالها الذي كتبته الصحفية الفرنسية صوفي نيتي، الى أن الناشطين الآخرين الذين لا يتمتعون بخبرة وكاريزما إحسان، تظل هذه المقترحات جذابة بالنسبة لهم، لأن موجة من التهديدات والاضطهاد والاغتيالات بدأت تلاحقهم منذ نهاية الاحتجاجات، إذ يقول لهيب هيغل، الباحث في مجموعة الأزمات في العراق “إنهم ضعفاء للغاية، ولكن مشاركة الأحزاب السياسية يمكن أن يكون لها وجوه كثيرة، بما في ذلك إسكاتهم، مع ضمان حمايتهم”.

وفي العراق، يمر النظام السياسي برمته في أزمة شرعية، وقد أدركت بعض الأطراف السياسية بوضوح الحاجة إلى التكيف بشكل أفضل مع التغيرات الديموغرافية في البلد، حيث تبلغ نسبة الشباب ممن تقل أعمارهم عن 30 عاما، ما يقرب من 70 بالمئة من مجموع السكان، فأخذت تنتهج أسلوبا أكثر شمولية، كما تشير الصحيفة الفرنسية ذائعة الصيت.

فيما يجلس سعد المطلبي، عضو حزب الدعوة الشيعي منذ 17 عاما، على كرسيه، وكلبه يشخر عند قدميه، كما تقول الكاتبة، يطلق على نفسه وهو يدخن السيجار أحيانا وينفث بغليونه تارة أخرى، لقب “مستقل”، ليتحدث بفخر عن الحركة السياسية الجديدة التي يقودها مع العشرات من الناشطين: “أنا أقوم بتدريبهم، ونأمل في الفوز بمقعد أو مقعدين في أكتوبر”.

“تحسين الصور ليس خطأ”

يقول سعد المطلبي للصحيفة الفرنسية “جاء الشباب إليّ بعد أن شاهدوني أتحدث على التلفاز”. ويضيف بأنه لا يزال على اتصال دائم برئيس الوزراء السابق (من 2006 إلى 2014) نوري المالكي، حتى أنه ناقش التعاون السياسي بينهما بالقول: “آخر مرة رأيته فيها في الأسبوع الماضي، حيث طلب مني لقاء النشطاء الذين أعمل معهم: رتبت اللقاء “.

في مكتبه القائم بمسجد في مدينة الصدر، إحدى ضواحي بغداد الكبيرة، يقول الشيخ إبراهيم الجعبري، أحد مريدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، لصحيفة لاكروا الفرنسية، غاضبا إن “الأحزاب الشيعية الأخرى هي التي تذهب إلى النشطاء وتجعلهم ينقلبون علينا”. ويضيف الرجل الذي فاز تحالفه (سائرون) في الانتخابات السابقة: “بعد الانتخابات؟ نعم، يمكننا ان نرحب في صفوفنا بالمستقلين منهم “.

وتوضح الصحيفة أن “زعيمه تحالف مع المتظاهرين في البداية، ولكن بعد بضعة أشهر هاجمهم أتباعه في عدة مناسبات، بالناصرية والنجف على وجه الخصوص، ما أسفر عن مقتل العشرات من الأشخاص”.

في المقابل، تضيف الصحيفة، لم يخفِ تيار الحكمة الشيعي، حليفه في البرلمان منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، اهتمامه بالشباب، إذ يعترف (عضو التيار) فادي الشمري، قائلا: “لقد تواصلنا مع نشطاء منذ أوائل عام 2020، وكانت قوائمنا دائما مستقلة في الغالب، وبعد ذلك ليس من الخطأ أن ترغب في تحسين صورتك..”.

تيار الحكمة، اتصل أيضا بالناشط “إحسان”، لكنه رفض الاستجابة في النهاية، حيث يقول باستهزاء “هذه الانتخابات لن تغير أي شيء، وكل من يشارك فيها سيكون خاسرا”. يتم تنفيذ جميع الاستراتيجيات في بغداد هذه الأيام، لكن لا أحد يعرف أيها سيكون الفائز.

الترجمة خاصة بـ”العالم الجديد”

إقرأ أيضا