هل يحضّر العراق “رئيسي” لخلافة “خامنئي”؟

لا شك أن “المرشد” أو “الولي الفقيه”، هو المنصب الاعلى في ايران والأكثر صلاحية، وأن…

لا شك أن “المرشد” أو “الولي الفقيه”، هو المنصب الاعلى في ايران والأكثر صلاحية، وأن الحصول عليه وخلافة الحالي، علي خامنئي (82 عاما)، في ظل مرضه وشيخوخته، فهو لا يعني حكم الجمهورية الاسلامية فحسب، بل تحديد مصير المنطقة، وبما أن أبرز المرشحين لشغل المنصب هو رئيس السلطة القضائية في ايران، ابراهيم رئيسي، والمقرب من الحرس الثوري، فقد أظهرت عدد من الفصائل المسلحة في العراق، مبالغة في الترحيب بزيارته الاخيرة الى العراق من أجل “تثبيت حظوتها” لديه عبر “هتافات وأهازيج”، بحسب قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي انتقد في ذات الوقت الحكومة لسماحها بـ”الهتاف” لشخصية أجنبية.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، والنائب السابق في مجلس النواب ماجد شنكالي، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “استقبال رئيس السلطة القضائية الإيرانية، إبراهيم رئيسي، كان من قبل الفصائل الولائية المدعومة من طهران، وكل يعلم ان رئيسي هو ابرز المرشحين لخلافة المرشد الايراني علي خامنئي، لقربه من الحرس الثوري الايراني“.

ويضيف شنكالي، أن “الفصائل الولائية، استقبلت رئيسي بحفاوة كبيرة وهتافات، فهي تريد من الآن ان تحصل على حظوة لديه من خلال هذه الزيارة والاستقبال”، مبينا أن “زيارة رئيسي الى العراق، فيها الكثير من الرسائل للاطراف العراقية والخارجية، وقد وجهت من خلال الهتافات التي أطلقها أفراد تلك الفصائل، فالكل ادرك ما قوى ونفوذ ايران في العراق من جديد“.

ويشير الى انه “لو كانت هناك دولة سيادة وهيبة، لما سمحت باطلاق هتافات لشخصية اجنبية، والتي تدل على موالاة من يرددها لدولة اجنبية، فما حدث خلال استقبال رئيس السلطة القضائية الإيرانية من هتافات يدل على ان هؤلاء يتبعون ولاية الفقيه ولا يتبعون الدولة العراقية”، مؤكدا ان “تهديد رئيسي من العراق لدولة اخرى، هو انتهاك واضح لكل الاعراف الدبلوماسية والبروتوكولية، كما ان استقباله لشيوخ عشائر ورجال دين داخل السفارة الإيرانية هو امر مستغرب جداً، وهذا يأتي بعد ادراك طهران بان قوة الفصائل المسلحة التي تتبعها اقوى من الدولة العراقية، ولهذا فهي تتصرف كما تريد داخل العراق“.

وقبل يومين، نشرت وكالة أنباء فارس الايرانية الرسمية، تصريحا لمساعد رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية علي باقري كني، أكد فيه ان “من النقاط المهمة في زيارة رئيسي للعراق أنها كانت أول زيارة لمسؤول إيراني رفيع المستوى إلى العراق بعد استشهاد القائد قاسم سليماني، والعراق هو اكبر بلد لديه تبادلات تجارية مع إيران وأكثر سفر الموطنين الايرانيين الى هذا البلد، وأن الأحداث التي وقعت خلال زيارته أحبطت عمليا مخططات أعداء الشعبين الإيراني والعراقي لزرع الفتنة بين الشعبين، فالاستقبال الشعبي الذي حظي به خلال زيارته مرقد الامامين الجوادين عليهما السلام في مدينة الكاظمية، ابرز مكانة الجمهورية الاسلامية الايرانية لدى جماهير الشعب العراقي“.

وفي 8 شباط فبراير، وصل رئيس السطة القضائية ابراهيم رئيسي الى بغداد وزار عقب وصوله مرقد الامام الكاظم في مدينة الكاظمية شمالي العاصمة بغداد، وخلال تجواله في المنطقة المحيطة بالمرقد، تجمع شباب كثر وبدأوا بالهتاف له بعبارة “سيد موش انت الضيف.. كاعك هايه”، أي بمعنى انك لست ضيفا على العراق، بل انه بلدك.

ورغم ان الزيارة كانت بناء على دعوة رسمية من العراق، وإجراء بروتوكولي، نظرا لزيارة رئيس مجلس القضاء الاعلى العراقي فائق زيدان الى ايران في وقت سابق من العام الماضي، لكن مصدرا كشف في حديث لـ”العالم الجديد” أن “رئيسي كان مبعوثا من قبل المرشد الايراني الاعلى علي خامنئي الى بغداد للقيام بالصلح بين الفصائل المسلحة والأجنحة السياسية الشيعية التي اقتربت من حافة الاقتتال والمواجهة فيما بينهم“.

ويؤكد ان “الزيارة تضمت هدنة بين الفصائل والاحزاب الشيعية التابعة الى الحرس الثوري، والفصائل والاحزاب التابعة الى وزارة المخابرات الايرانية (الاطلاعات)“.

وبشأن طموح رئيسي في خلافة خامنئي، يلفت المصدر، الى أنه “سيستفيد من زيارته للعراق ولقائه بعدد من المسؤولين والفصائل في معركة الداخل بهدف الحصول على المنصب الأغلى في إيران، كما هو حال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الذي اغتالته الولايات المتحدة قرب مطار بغداد في كانون الثاني يناير 2020، والذي حظي بمكانة متعاظمة داخل ايران بسبب نفوذه خارجها”.

وتنقسم الفصائل المسلحة في العراق، الى أقسام عدة، منها تتبع الوليه الفقيه (الولائية) وأخرى تتبع “الاطلاعات الايرانية” واخرى ترتبط بالمرجع الديني الاعلى في النجف علي السيستاني، وبلغت اخر احصائية لعدد الفصائل قرابة 68 فصيلا مسلحا.

وتشير اغلب المؤشرات الى ان المرشد القادم في ايران، يجب ان يكون مقبولا من الحرس الثوري، بعد تقدم خامنئي في العمر وإصابته بالكثير من الامراض فقد أصبح البحث عن البديل من المسلمات، وظهرت اسماء عدة مرشحة، وهي محمود هاشمي شاهرودي (قبل وفاته)، صادق لاريجاني، احمد خاتمي، مجتبى (نجل) خامنئي، وابراهيم رئيسي.

وبحسب الكاتب مؤيد ساري، فأن “تضاؤل فرص صادق لاريجاني، رئيس القوة القضائية السابق بعد اعتقال أقرب مساعديه أكبر طبري في بيته (لاريجاني) بتهم فساد، وعدم بلوغ أحمد خاتمي درجة الاجتهاد الدينية، اما مجتبى خامنئي الذي يدور كلام كثير حول تهيئته من قبل والده، فيحيطه الكثير من الغموض، فبالاضافة الى عدم وضوح درجته العلمية الدينية، إلا أنه لم يتسلم أي منصب حكومي كبير، ما يعني افتقاره الى الخبرة الإدارية، بالاضافة الى عدم امتلاكه أي حضور في الشارع الإيراني، وبذلك يظل المرشح الأخير إبراهيم رئيسي، رئيس مجلس القضاء الأعلى الايراني الحالي، هو الأوفر حظا بخلافة خامنئي“.

ويرى ساري في حديثه لـ”العالم الجديد”، أن رئيسي، ان “رئيسي خاض تجارب حكومية كبيرة جدا، لعل أبرزها قبل منصبه الحالي، المسؤول عن المحكمة الخاصة برجال الدين في ايران، والمسؤول عن ملف أعضاء منظمة خلق الإيرانية المسجونين في طهران، حيث تم إعدام أغلبهم آنذاك، ما أثار سخط الكثيرين في ايران أبرزهم نائب الخميني آنذاك الشيخ حسين علي منتظري والذي خلع من منصبه على اثر هذا الاعتراض، ووضع تحت إقامة جبرية حتى وفاته في 2009، الأمر الذي جعله يصنف بالرجل القوي“.

لكن، من وجهة نظر مختلفة، يرى المحلل السياسي هاشم الكندي في حديث لـ”العالم الجديد” أن “زيارة رئيسي تعبر عن اهتمام ايران بالعراق، وتقديرها له، وهي ايضا جاءت لتعزيز التعاون بين البلدين، خاصة وان رئيسي حمل موافقة المرشد الاعلى لاطلاق سراح السجناء العراقيين، كمبادرة مودة“.

ويؤكد ان “اسباب الزيارة، هي قضية الجريمة التي ارتكبتها امريكا في مطار بغداد، حيث جرى تفعيل اللجان المشتركة لرفع الدعوى القضائية لإدانة امريكا”، مضيفا “كما ان ايران لديها تجربة كبيرة في محاربة الفساد، عبر تعزيز اساليب محاربة رؤوس الفساد وليس الصغار فقط، وهذه التجربة مهمة استفاد العراق منها في محاربة الفساد فيه“.

وحول الهتافات التي ارفقت استقبال رئيسي داخل بغداد، فان الكندي، يقلل من سلبيتها بالقول ان “هذه العبارات الترحيبية تدل على قمة التعاون والمحبة بين البلدين“.

ويوم امس الاثنين، نشر رئيسي رسالة في ختام زيارته الى العراق، جاء فيها “اتقدم بالثناء الجميل للعراق حكومة وشعباً، لا سيما الرئاسات الأربعة على حسن ضيافتهم في زيارتنا الأخيرة إلى العراق الحبيب، ونجدد العهد بأن الشعبين الإيراني والعراقي سيحملان راية القائدين الشهيدين سليماني والمهندس، وسينتقمون من قتلتهم ولن يسمحوا ببقاء الاحتلال الأميركي في منطقتنا، كما أؤكد لكم بأن الجمهورية الإيرانية ستبقى إلى جانب العراق القوي المستقل“.

إقرأ أيضا