بالوثيقة.. الخارجية تحذر من خطط بريطانيا لتحصين جنودها قبل إعادتهم للعراق عبر الناتو

حصلت “العالم الجديد” على وثيقة صادرة عن دائرة أوروبا في وزارة الخارجية العراقية، تحذر من…

حصلت “العالم الجديد” على وثيقة صادرة عن دائرة أوروبا في وزارة الخارجية العراقية، تحذر من مساعي البرلمان البريطاني إقرار قانون “العمليات الخارجية” الذي يمنح الحصانة لجنودها في العراق، ويمنع من ملاحقتهم قضائيا على الجرائم التي قد يرتكبونها، وذلك بالتزامن مع رفع حلف الناتو لقواته في العراق الى ثمانية أضعاف وبمشاركة مئات الجنود البريطانيين.

وبحسب الوثيقة الصادرة بتوقيع رئيس الدائرة في كانون الأول ديسمبر 2020، وهي جزء من مخاطبات بين السفارة العراقية في لندن ووزارة الدفاع العراقية، فانها تشير الى ان “البرلمان البريطاني (مجلس العموم) يسعى لإقرار قانون “العمليات الخارجية” الخاص بتحصين الجنود من أي المساءلة القضائية بسبب الجرائم التي يرتكبونها“.

 

وتنص الوثيقة على أن “هذا القانون يقوض الالتزامات القانونية والأخلاقية للحكومة البريطانية، وسيضر بمصداقيتها أمام المجتمع الدولي حول الدفاع عن حقوق الانسان والاتفاقيات الخاصة بذلك، خاصة وانها تنوي الاحجام عن دفع التعويضات المادية لضحايا الجرائم التي ارتكبت ضد المدنيين من قبل جنودها“.

 

وتضمنت ايضا القول بأن “تشريع هذا القانون سيفتح الباب أمام انتهاكات وحوادث أكثر وأشد فتكا ويعرض الابرياء الى الخطر، طالما ان القانون يحمي الجنود البريطانيين ويهيئ لهم سبل الإفلات من العقاب، فضلا عن الغبن والحيف الذي سيلحق بالضحايا“.

 

وينص القانون المقترح على تقييد الملاحقات القضائية ضد الجنود البريطانيين، على جرائم يرتكبونها اثناء خدمتهم أو قيامهم بعمليات في الخارج، من خلال منحهم الحصانة بعد مرور خمس سنوات، على ارتكابهم أية جريمة كانت، بما في ذلك التعذيب وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، باستثناء الجرائم الجنسية، ويطبق القانون على كل العسكريين، كما ستقدم مهلة مدتها ست سنوات، فقط، للدعاوى المدنية ضد وزارة الدفاع.

 

وفي تشرين الأول أكتوبر الماضي، صوت معظم نواب مجلس العموم البريطاني لصالح القراءة الثانية، وتنص محاججة مقترحي القانون بأن “العسكري يقوم بأداء مهامه المطلوبة وواجبه والتضحية بحياته للدفاع عن الجميع، وإذا ما حدث وارتكب ما يمسّ حياة الاخرين اثناء ادائه واجبه، فان صلاحية مقاضاته يجب أن تسقط بعد مرور خمس سنوات”، كما تؤكد الحكومة البريطانية أن هذا سيحمي القوات البريطانية من الملاحقات القضائية “الكيدية“.

 

وبحسب رصد قامت به “العالم الجديد” في وسائل التواصل البريطانية، فإن أحد أسباب طرح هذا القانون، هو رفع مواطنين عراقيين مئات القضايا ضد عسكريين بريطانيين، أثناء مشاركة القوات البريطانية بالحرب على العراق عام 2003، وخلال الـ15 عاما الماضية، قامت وزارة الدفاع البريطانية بتسوية 300 مطالبة بإجمالي 20 مليون جنيه إسترليني (نحو 28 مليون دولار) لضحايا عراقيين عانوا من انتهاكات وتعذيب على ايدي القوات البريطانية.

 

وقد اعترفت وزارة الدفاع البريطانية في تموز يوليو 2008، بمسؤوليتها عن وفاة المواطن العراقي بهاء موسى، جراء تعرضه للتعذيب على ايدي الجنود البريطانيين أثناء احتجازه في معتقل بريطاني بمدينة البصرة، في أيلول سبتمبر 2003، ووافقت على دفع 5.6 ملايين دولار، كتعويض لأقاربه وتسعة رجال آخرين عانوا من التعذيب أيضا، ما انعكس على سمعة القوات البريطانية، في ظل استمرار رفع الدعاوى القضائية.

 

ما علاقة الناتو؟

يتزامن طرح هذا القانون مع تخفيض الولايات المتحدة الامريكية لعدد قواتها في العراق الى ما يقارب النصف، خلال العام الماضي، بعد سلسلة من الأحداث التي بدأت باغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، وانتقلت الى استهداف مواقع القوات الامريكية في العراق من قبل فصائل مسلحة، مرورا بتهديد واشنطن بغلق سفارتها في بغداد والانسحاب كليا من العراق، وانتهاءً بخفض عدد القوات، وفي ظل تلك الاحداث المتسارعة، وبعد ليلة واحدة من تعرض قاعدة عين الاسد في الانبار الى قصف صاروخي ايراني ردا على اغتيال سليماني في مطلع كانون الثاني 2020، دعا ترامب حلف شمال الأطلسي الناتو، الى لعب دور أكبر في الشرق الأوسط، وهو ما حظي بموافقة الناتو الذي أعلن عن اتفاقه على المساهمة بالحضور في الشرق الأوسط بشكل أكبر من دوره الحالي.

 

موافقة الناتو، تجسدت الان في شهر شباط فبراير الحالي، وبالتزامن مع العملية العسكرية التركية التي انطلقت في العاشر من الشهر الحالي، وإصرار الرئيس التركي أردوغان على مشاركة الناتو فيها، وذلك بناء على “نصيحة” رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الذي أبلغ اردوغان بدخوله سنجار تحت غطاء حلف الناتو، ليجنبه ردود الفعل السلبية من الفصائل المسلحة في العراق، في حال شنت تركيا العملية كقوة مفردة، وهذا بحسب ما كشفته “العالم الجديد” في تقرير سابق لها.

 

وفي 16 شباط فبراير الجاري، نشر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر “اتصال جيد مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ناقشنا مهمتنا التدريبية، وان الناتو يتطلع إلى تكثيف دعمه للعراق في حربه ضد الإرهاب“.

 

وفي 18 شباط فبراير الجاري، أعلن ستولتنبيرغ، عن قرار زيادة تعداد أفراد بعثته في العراق بثمانية أضعاف، قائلا خلال مؤتمر صحفي عقده في ختام اليوم الثاني من اجتماع وزراء دفاع الناتو المنعقد في بروكسل، إن “القرار يقضي بزيادة عدد أفراد بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق من 500 حتى أربعة آلاف شخصا“.

 

وأكد في وقتها، قائد بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق، الفريق الركن بيير أوسلن، أن “أي زيادة في تواجد البعثة في هذا البلد ممكنة فقط بموافقة حكومته“.

 

هذه التطورات السريعة خلال الـ10 أيام الاخيرة، كشفت عن وجود دور خفي للقوات البريطانية والامريكية في حلف الناتو، الذي زاد من عديد قواته في العراق حصران وليس في الشرق الاوسط عموما، وبحسب المتحدثة باسم البنتاغون، جيسيكا إل ماكنولتي، التي صرحت لشبكة سي إن إن الامريكية “الولايات المتحدة تشارك في عملية تكوين القوة لبعثة الناتو في العراق وستساهم بنصيبها العادل في هذه المهمة الموسعة والمهمة“.

 

وبالمقابل، فان صحيفة “ديلي ميل” البريطانية نقلت عن مصادر عسكرية، إنه سيجري إرسال مئات من الجنود البريطانيين إلى العراق في أكبر زيادة للقوات البريطانية هناك منذ حرب الخليج الأخيرة، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد القوات البريطانية إلى ضعفين أو ثلاثة في وقت لاحق من هذا العام.

 

وكان وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، اعلن في 18 شباط فبراير الجاري، عن إرسال مئات الجنود الى العراق، وبالاضافة اليه، قال القائد السابق للقوات البريطانية في أفغانستان، ريتشارد كيمب: “تواجه القوات العراقية تهديدا متزايدا من تنظيم داعش، حيث وقع اعتداء انتحاري مزدوج في بغداد في يناير بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية اليومية في مناطق مختلفة من البلاد“.

 

وأوضح كيمب إن عودة القوة إلى تنظيم داعش “أدى إلى العديد من الهجمات الإرهابية في أوروبا بما في ذلك المملكة المتحدة”، مبينا  “يجب علينا وعلى حلف الناتو بذل كل ما في وسعنا لمساعدة العراقيين على تحسين قدراتهم العسكرية حتى يتمكنوا من فرض سيطرة أكبر على أراضيهم. وبذلك سنحمي وطننا أيضا“.

 

وخلال هذه العودة للقوات الامريكية والبريطانية، عبر بوابة الناتو، يسير قانون “العمليات الخارجية” نحو التشريع في مجلس العموم البريطاني، ليبعد الجنود البريطانيين عن أي مساءلة او ملاحقة قانونية على جرائم قد ترتكب في العراق او أي دولة أخرى يكونوا فيها.

انقر للمشاهدة بالحجم الكامل:

Image

إقرأ أيضا