اليوم الاول.. بابا الفاتيكان “ممتن” لوجوده في “مهد الحضارات” ويدعو لإنهاء “الفساد والسلاح”  

“لتصمت الاسلحة”، كان النداء الأبرز الذي أطلقه الحبر الأعظم البابا فرنسيس خلال كلمته في قصر…

لتصمت الاسلحة”، كان النداء الأبرز الذي أطلقه الحبر الأعظم البابا فرنسيس خلال كلمته في قصر بغداد الرئاسي، بعد وصوله العراق في زيارة تاريخية وهي الأولى في العصر الحديث لأي من بابوات الفاتيكان، لتجسد “قيما انسانية يصل صداها الى العالم أجمع” كما قال رئيس الجمهورية برهم صالح.

 

ظهيرة اليوم الجمعة، حطت طائرة البابا فرنسيس في مطار بغداد الدولي، وأجري الاستقبال الرسمي بحضور رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وضم الاستقبال فعاليات ترحيبية متنوعة في صالة الشرف الكبرى بالمطار.

 

وجرى الاستقبال الرسمي في قصر بغداد، حيث استقبل الرئيس صالح البابا فرنسيس، وقال في كلمته “يحل بيننا قداسة البابا ضيفا عزيزا كريما، فهناك فرصة تاريخية لجعلها مناسبة لإعادة التأكيد على قيم المحبة والسلام والعيش المشترك ودعم التنوع الديني والاجتماعي”، واصفا ذلك بـ”قيم إنسانية يصل صداها إلى العالم أجمع“، معلنا عن “تأسيس بيت إبراهيم للحوار الذي ستشترك فيه كل الأديان الابراهيمية”.

وفي كلمته التاريخية خلال حفل الاستقبال، أكد البابا “إني ممتن لإتاحة الفرصة لي لان أقوم بهذه الزيارة الرسولية، التي طال انتظارها والشوق إليها الى جمهورية العراق. أنا ممتن لأني استطعت أن آتي الى هذه الأرض، مهد الحضارة، والمرتبطة ارتباطا وثيقا، من خلال أبينا إبراهيم والعديد من الأنبياء، بتاريخ الخلاص والتقاليد الدينية الكبرى، اليهودية والمسيحية والإسلام”.

على ضرورة “التصدي لآفة الفساد وسوء استعمال السلطة”، في إطار دعمه العراق من أجل تحسين أوضاع البلاد، مبينا “ينبغي في الوقت نفسه تحقيق العدالة، وتنمية النزاهة والشفافية، وتقوية المؤسسات المسؤولة عن ذلك”.

وأطلق في ذات الوقت نداء صارخا “لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان، ولتتوقف المصالح الخاصة، والمصالح الخارجية التي لا تهتم بالسكان المحليين، ولنستمع لمن يبني ويصنع السلام“.

 

وتابع في كلمته “كفى عنفا وتطرفا وتحزبا وعدم تسامح، لنعط المجال لكل المواطنين الذين يريدون أن يبنوا معا هذا البلد”، مشددا على “أهمية الخروج من زمن المحنة، زمن الجائحة.. أفضل ممّا كنا عليه.. أن نبني المستقبل على ما يوحّدنا وليس على ما يفرّق بيننا”.

وجدد تأكديه على انه جاء العراق “بصفة تائب يطلب المغفرة من السماء ومن الإخوة للدمار الكثير وقسوة البشر، وحاجا يحمل السلام”، لافتا الى انه “ينبغي في الوقت نفسه تحقيق العدالة، وتنمية النزاهة والشفافية وتقوية المؤسسات المسؤولة عن ذلك من أجل تحقيق الأمن والاستقرار”.

 

وفي إشارة إلى المسيحيين الذين يشكلون واحدا في المئة من السكان، شدّد على ضرورة “ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية والدينية، وأن نؤمن الحقوق الأساسية لجميع المواطنين”، قائلا “يجب ألا يعتبر أحد مواطنا من الدرجة الثانية“.

 

وبين أيضا “أنّ وُجود المسيحيين العريق في هذه الأرْض وإسْهامهم في حياة البلد يشكّل إرثا غنيا”، مضيفا “إنّ مشاركتهم في الحياة العامّة، كمواطنين يتمتعون بصورة كاملة بالحقوق والحريات والمسؤوليات، ستشهد على أنّ التعددية الدينية والعرقِية والثقافية السليمة، يمكن أنْ تسْهم في ازدهار البلد وانسجامه“.

 

وبشأن المكون الإيزيدي قال البابا “الضَّحايا الأبرياء للهمجية المتهورة وعديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر“.

 

وخلال وجوده في القصر، سلم صالح البابا فرنسيس منحوتة تشكل نسخة مصغرة للوحة درب الصليب التي حفرها محمد غني حكمت، أحد أشهر نحاتي العراق على جدار كنيسة بغدادية، وصنعت خصيصاً على شرف الحبر الأعظم.

 

ومن كنيسة سيدة النجاة وسط العاصمة بغداد التي تعرضت الى عمل ارهابي عام 2010 ادى الى مقتل 53 شخصا، توجه البابا فرنسيس المسيحيين بالقول “نجتمع اليوم في كاتدرائية سيدة النجاة هذه، ونتبارك فيها بدماء إخوتنا وأخواتنا الذين دفعوا هنا ثمن أمانتهم للرب… غاليًا“.

 

وستغيب بسبب التدابير الوقائية جراء فيروس كورونا، الحشود التي اعتادت ملاقاة البابا في كل زياراته، مع استثناء خلال القداس الذي سيحييه في اربيل باقليم كردستان بعد غد الأحد في الهواء الطلق، بحضور نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم مسبقا للمشاركة فيه، علما أن المكان يتسع لعشرين ألفا.

 

يذكر انه الزيارة تستمر 3 ايام، وتشمل زيارته لكل من بغداد وذي قار والنجف ونينوى واربيل، وتنتهي يوم الاثنين المقبل ظهرا، لتقلع طائرته عائدا الى روما.

وكانت “العالم الجديد” قد زارت المواقع المشمولة بجدول البابا فرنسيس، ومنها مدينة أور الاثرية في ذي قار ومحافظة النجف، وأطلعت على الاستعدادات الجارية فيها لاستقباله.

إقرأ أيضا