كل الطرق تؤدي الى روما وجميع الاموال تمر عبر الحكومة

تزامنا مع الحراك الشعبي الذي انطلق لإلغاء تقاعد البرلمانيين، نتمنى له الرشد والتحول إلى مشروع لتحقق الشفافية المالية وكشف الاوراق والمحاسبة والمراقبة.

كما اتمنى ان يتطور هذا الحراك لحل العقدة الاكبر في المنظومة العراقية وهي ان \”المال لا يوجد الا حيث الحكومة\”.

السبب الاول لهذه الحالة هو توفر النفط في العراق. كلنا نعلم ان اكبر مشكلة في العالم هو الاقتصاد. وهو الذي يسبب سقوط حكومات وصعود اخرى، او حتى نشوب ثورات. بينما هذا الامر لا يقلق السياسيين او الاحزاب في العراق. حينما يريدون ان يتقدموا لاستلام السلطة لا يرون على انفسهم ان يقدموا برنامجا اقتصاديا. والسبب أن الحكومة العراقية تعيش اشبه بالاقطاعي الذي يملك مجموعة عقارات، ينام الى الظهر ثم يستيقض يجمع الاجارات والعائدات ويعيش بها عيشة الملوك. الحكومة تعتبر النفط منحة الهية خالدة لها. تبيعه وتعطي الشعب بقدر ما يسكته وتأخذ الباقي.

وجود هذه الثروة العظيمة بيد السلطة جعلت بعض الناس يتكالب على المناصب وهذا الصراع العنيف الازلي سوف يبقى ابدي لأن الفرقاء لا يستطيعون حذف بعضهم. فيبقى القتال بينهم ليتحول المعارض الى حاكم والحاكم الى معارض وتبدأ الكرة مرة اخرى. اضف الى هذا شمولية الدولة ومركزيتها وتضخم حجمها بشكل غير معقول.

الحل الوحيد لهذه الدول هو الخصخصة وتصغير حجم الدولة، كي لا يبقى الطريق الوحيد للمال هو السلطة.

ففي العراق اذا اردت ان تكون تاجرا يجب ان ترتبط بالسلطة واذا اردت ان تكون مقاولا يجب ان تنفذ الى السلطة واذا اردت ان تكون فلاحا يجب ان تجد طريقا للسلطة وفي غيرها يفشل الانسان. او يكون الانسان موظفا يقنع بما تمن عليه السلطة.

كنت اتحدث مع احد المسؤولين عن الطاقة البديلة، لكنه بدأ يصرخ النفط لا ينفذ ولا يجدون طاقة بديلة عنه الى الفي عام آخر. ولهذا السبب حينما هددت ايران بغلق مضيق هرمز اوفد العراق وفدا اليهم يتوسل اليهم بعدم غلقه لأنه سوف يموت جوعا. وحينما منع استيراد البصل صعد سعره الى خمسة اضعاف خلال ايام، لأنه عاجز عن زراعة البصل. والسبب ان الاستيراد اسهل واقل مؤونة واكثر ربحا على المسؤول وعائلته فلماذا يزرع البصل؟

ربط شريان حياة العراق بالنفط بهذه الطريقة امر مخيف جدا ويحتاج موقفا من الشعب لعلاجه. المعادلة هي ما دام النفط يصدر نعيش واذا توقف نموت.

تجربة الدول الخليجية امام اعيننا، فهم ايضا نفطيون ولكنهم كيف بنوا اقتصادهم؟ وما هي النسبة التي يشكلها النفط من مجموع الدخل القومي عندهم؟

يجب علينا دراسة تجربتهم والتعلم منهم ان كنا نريد الحياة.

*كاتب عراقي

إقرأ أيضا