سنجار بين “الحكم الذاتي” و”المحافظة”.. انقسام حول مصيره

بعد سنوات على طرد داعش من سنجار، يهدد التوتر المستمر بسبب التدخلات الإقليمية لتصفية الحسابات…

بعد سنوات على طرد داعش من سنجار، يهدد التوتر المستمر بسبب التدخلات الإقليمية لتصفية الحسابات بين الخصوم، باعمال عنف جديدة تشكل خطرا على الأقلية الأيزيدية التي يتركز وجودها في المنطقة، ما دفع شخصيات إيزيدية الى المطالبة بحكم ذاتي في القضاء، لكن هذا المطلب شهد هو الاخر خلافات حوله من قبل جميع الاطراف المتنازعة على “المدينة الصغيرة”.

دخيل مراد، أحد القادة الداعمين للحكم الذاتي، يقول إن “هذا المطلب قديم وليس حديث العهد، ونطرحه في لقاءاتنا مع القادة العراقيين منهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي”.

ويوضح، أن “الفكرة هذه مستمدة من المناطق التي يسيطر عليها PKK ونعتبر أن الفكرة هي الحل الأمثل لسنجار ولاقت قبولا شعبيا”، مبينا انه “سيساهم في إدارة القضاء من قبل ابنائها وابعادها عن الصراعات السياسية، وكذلك دمج القوات الايزيدية ضمن القوات الامنية العراقية باعتبار سنجار مدينة عراقية، وكان من الواجب أن يكون هناك اتفاق بين سنجار وبغداد وليس بين اربيل وبغداد”.

ويرى مراد في تقرير للصحفي سامان داود في موقع المونيتور الأمريكي، ان “الحكومة عاجزة عن إيجاد حل يرضي جميع الأطراف”.

وقد وقعت أكثر من 40 شخصية ايزيدية سنجارية في 13 اذار مارس الحالي، على ورقة للمطالبة بحكم ذاتي لقضاء سنجار، وكذلك إضافة قوات اسايش ايزيدخان إلى القوات الامنية، ومطالب أخرى تتعلق بالخدمات والوظائف.

وشهدت المدينة المتنازع عليها بين بغداد واربيل قبل أيام توترات جديدة بين المدنيين والجيش العراقي رافضين دخول الجيش العراقي الى بعض مناطقها، اضافة الى رفضهم لتطبيق اتفاقية سنجار التي تم توقيعها بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان في 9 تشرين الاول اكتوبر 2020، لتطبيع الأوضاع في القضاء.

الى ذلك، أبدى مسؤول تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في سنجار داود شيخ جندي، دعمه لمقترح تحويل سنجار الى محافظة، مؤكدا ان “الحزب كان له مشروع حول هذا الموضوع وحاولنا المضي به بشكل جدي مع بقية الأطراف في نينوى ومجلس المحافظة”.

واردف ان “سنجار تستحق ان تصبح محافظة مستقلة بسبب الموقع الجغرافي، اضافة الى الوجود الايزيدي فيها وما حصل لهم من كارثة في 2014، وستستفيد المكونات الأخرى في المنطقة من هذا الأمر، ولكن مسألة الحكم الذاتي او الإدارة الذاتية لا توجد في الدستور العراقي وندعم حلحلة الأمور في سنجار باسرع وقت ممكن”.

وتنص اتفاقية سنجار التي لاقت ترحيباً محليا ودوليا باستثناء الجهات المقربة من الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني (PKK)، وبحسب المحور الإداري فيها، أن يتم اختيار قائممقام جديد لقضاء سنجار مستقل من قبل اللجنة المشتركة ومحافظ نينوى، والنظر بالمواقع الإدارية الأخرى من قبل اللجنة المشتركة المشكلة من الطرفين.

أما المحور الأمني فتضمن تولي الشرطة المحلية وجهازي الأمن الوطني والمخابرات حصراً مسؤولية الأمن في داخل القضاء وإبعاد جميع التشكيلات المسلحة الأخرى خارج حدوده، وتعيين 2500 عنصر أمن ضمن قوى الأمن الداخلي في سنجار، وإنهاء تواجد المجموعات المسلحة غير الرسمية.

 

وبينما ترفض الفصائل القريبة من الحشد الشعبي، والتي تم تدريبها سابقا من قبل حزب العمال الكردستاني تطبيق اتفاقية سنجار مطالبين بدمج قواتهم مع القوات الامنية المزمع تشكيلها، ومن هذه القوات هي قوات اسايش ايزيدخان الذي تملك أكثر من 600 عنصر هم من سكنة سنجار.

من جانبه، يشير قائد قوات ايزيدخان التابعة لوزارة البيشمركة في اقليم كردستان وتتمركز في بعض مناطق قضاء سنجار، حيدر ششو، الى أن “تحويل القضاء إلى حكم ذاتي مسالة صعبة ومعقدة ولا يمكن أن تحصل خلال 50 عاما، وهي تتبع سياسة PKK، وانها مرفوضة بالتأكيد ونتمنى ان يتم تحويل سنجار الى محافظة مرتبطة بالمركز، وهذا الأمر سيخدم الإيزيديين أكثر”.

واشاد ششو بـ”تحركات الجيش العراقي وخطواته وضبط النفس العالي لديه نتيجة ما تعرض له من اعتداءات من قبل المتظاهرين الذين يمثلون PKK”، معتبرا ان “الجيش العراقي يحترم تضحيات الإيزيديين وما حصل لهم، لذلك له انضباط عال”.

أما عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة، فانه يرى أن “مطالبة الأطراف القريبة من PKK بحكم ذاتي لسنجار هو أمر غير قانوني، لان هذه الأطراف ليست طرفا سياسيا في العراق أو كردستان والتصنيفات الدولية لهذا الحزب ايضا لا تسمح بذلك، وان هذه الاطراف استوطنت في سنجار بالاستقواء على حكومة اقليم كردستان بدفع من حكومتي نوري المالكي وحيدر العبادي”.

ويعتقد زنكنة ان “هذه المطالب من قبل هذه الأطراف ليست إلا انتحارا سياسيا لهم، ولن يساهم ذلك إلا في تعريض المنطقة إلى العديد من المشاكل والمصائب التي لن تنتهي”، متهما العرب المجاورين للإيزيديين في سنجار بـ”ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية”.

وطالب زنكنة الحكومة العراقية بـ”التحرك السريع ضد هذا المطلب لأن سنجار من المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي، ولا يحق لأحد أن يحدد مصيرها غير اهالي المنطقة، بالاضافة الى اتفاقية بغداد واربيل لاخراج المليشيات التابعة لـPKK والحشد الشعبي، وكذلك وجود قوات تحالف تحارب داعش في المنطقة”، معتبرا هذه الخطوة بانها “خطوة اعلامية ولها تبعات خطيرة في حال سكوت الحكومة”.

وتهدد تركيا بين فترة وأخرى بمهاجمة قضاء سنجار لطرد القوات التي ترتبط بـPKK  الذي أعلن انسحابه في نهاية 2018 من المدينة، وتعتبر هذه المسألة حجر عثرة في العلاقات العراقية التركية.

وفي نهاية شباط فبراير 2021 تبادل السفيران الإيراني والتركي في العراق الهجمات الاعلامية على خلفية التدخل في سنجار، وكاد الأمر يتطور الى أزمة دبلوماسية.

ولا زال نحو 60 بالمائة من سكان سنجار، التي تعد آخر مناطق انتشار المكون الايزيدي في العراق، لم يعودوا إليها بسبب الخلافات السياسية حول القضاء رغم مضي اكثر من اربع  سنوات على استعادتها من تنظيم داعش الذي احتلها في صيف 2014 وارتكب فيها عمليات ابادة جماعية.

إقرأ أيضا