قوى شيعية تتجه لـ”تغيير جلدها” وقيادي بالفتح يعترف: الشعب ناقم علينا

بعد 18 عاما، وصلت القوى السياسية “الشيعية” الى نقطة فارقة في تاريخها، تتمثل بـ”إزاحة الجيل…

بعد 18 عاما، وصلت القوى السياسية “الشيعية” الى نقطة فارقة في تاريخها، تتمثل بـ”إزاحة الجيل الاول” عن المشهد، في عملية ربما تطال الاجنحة المسلحة ايضا، على خلفية “النقمة الشعبية” تجاهها، وذلك بحسب محللين سياسيين وقيادي في التحالف، الذي كشف ايضا عن توصل هذه القوى لحقيقة فقدان ثقة المواطن بها، نتيجة لانهيار الوضع في البلد وتقديم مصالحها على مصالحه.

ويقول القيادي في تحالف الفتح غضنفر البطيخ في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الشعب العراقي، بالتاكيد ناقم على الطبقية السياسية والشيعية بالأخص، وبات كره المواطن للوضع السياسي واضحا جدا، نتيجة الاوضاع السيئة“.

ويوضح البطيخ، أن “هذا الامر دفع اغلب القوى الشيعية الى الزج بشخصيات جديدة في محاولة لتغيير الطبقية السياسية بشكل تدريجي، وعلى الاقل من خلال هذه الخطوة نستطيع ان نعيد ثقة الشارع بهذه القوى بعد 18 سنة”، مؤكدا أن “الثقة فقدت بين القوى الشيعية والمواطن، وهناك اهتزاز كبير فيها وهذا ما لمسناه بشكل جلي“.

ويردف “لنتكلم بصراحة، فالاحزاب اليوم تبحث عن المواطن لتصل اليه البطاقة الانتخابية، وهذا يدل على أن القضية أصبحت معكوسة، ففي انتخابات 2005 كان المواطن يسعى بلهفة نحو الانتخابات ليدلي بصوته، على أمل أن يتحقق بناء وطن يوفر فرص عمل وخدمات، لكن كل هذه المقومات فقدت لدى المواطن، إذ أن البلد انهار وبرزت معاناة كبيرة“.

ويلفت الى أنه “يجب تخريج قياديين، ممن يستطيعون ان يقودوا دولة”، مستدركا أن “الوضع سيء جدا في المناطق والمحافظات الشيعية، وهناك نقمة كبيرة على الطبقة السياسية، من الفتح الى سائرون الى دولة القانون وغيرها، وهذه النقمة لا اتوقع أن ينفع معها تغيير الجلد، وحتى لو جاء سياسي شريف، فسيتم اتهامه من قبل الشعب، بمجرد دخوله المعترك السياسي“.

وحول الانتخابات، يوضح البطيخ، أن “الانتخابات من وجهة نظري ليست ذات جدوى، لان المواطن بدأ يفكر بتغيير شامل”، موضحا ان “المشكلة ليست بالنظام والدستور، بل هي بالشخصيات والادوات، فالبلد نظامه لا مركزي، اي كل وحدة ادارية مسؤولة عن مواردها المحلية وتكون لها، لكن الاحزاب تريد سيطرة مركزية حتى تبقى كل الموارد بيدها وتتقاسمها، وبالتالي فالمواطن لم يحصل على أي شيء ملموس ينفعه“.

وكانت “العالم الجديد” أجرت في 23 اذار مارس الحالي، احصائية شامل حول الانتخابات التي جرت في العراق، وتبين ان الانتخابات التشريعية الدائمة الاربع التي مرت لغاية الآن منذ 2003، شهدت متغيرات كثيرة على مستوى نسب المشاركة، التي بلغت ذروتها في 2005 وأدناها في 2018، ما يؤشر تراجعا ملحوظا في شعبية النظام السياسي.

وحسب الاحصائية البداية، فان عام 2005، وهي الانتخابات الاولى في العراق، والتي أفرزت اول حكومة عراقية منتخبة شكلت في العام 2006، كان فيها عدد الناخبين 14 مليونا و200 الف ناخب من مجموع سكان العراق، وبلغت نسبة المشاركة فيها 76 بالمائة، واستمرت نسبة المشاركة بالانخفاض طيلة الانتخابات التي تلتها، وصولا الى انتخابات 2018، حيث بلغ عدد الناخبين فيها 24 مليونا و352 ألف، وبنسبة مشاركة 44 بالمائة فقط، وهي أدنى نسبة مشاركة بالانتخابات شهدها العراق.

الى ذلك، يقول رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك تفكيرا ايرانيا بقضية إزاحة الجيل الاول من الزعامات، سواء السياسية او المسلحة، لانها أخفقت من وجهة نظرها، ولديها توجه لطرح الجيل الثاني وتصديره للواجهة“.

ويشير الشمري الى أن “ايران خسرت خسارة كبيرة في العراق، بسبب هذه الاحزاب وحلفائها بالداخل العراقي، واتصور انه ستدفع باحزاب جديدة وبمستوى ثانٍ يعوض خسارتها”، مضيفا أن “استمرار هذه الزعامات الحالية للقوى الشيعية سينهي وجود إيران في العراق، فهم اتهموا بالقتل والفساد والمحاصصة، وايران من جانبها تدرك أن تحميلها مسؤولية كبيرة جراء ما جرى في العراق“.

ويتابع أن “ايران فقدت الشارع الشيعي بنسبة 90 بالمائة، فالشيعة لم يعودوا يتعاطفون معها، ويتعاملون معها كدولة متدخلة وتسببت بخراب البلد، لذلك لديها خطة لتقديم المستوى الثاني“.

وبشأن الفصائل المسلحة، يرى الشمري أنه “بالنسبة للفصائل المسلحة الرئيسية، فستجري عملية تذويب، ويتم دمجها وحصرها بعدد معين ومحدود، أما الفصائل التي ظهرت مؤخرا فهي جميعها مجرد عناوين وليست حقيقية“.

ومنذ تظاهرات تشرين اكتوبر 2019، تصاعدت وتيرة الغضب الشعبي نحو الطبقة السياسية وكافة الاحزاب الممسكة بزمام السلطة، وخاصة في مدن الوسط والجنوب، وتمت مهاجمة اغلب مقار القوى السياسية الشيعية ومقار الفصائل المسلحة، عىل خلفية مقتل مئات المتظاهرين واصابة عشرات الآلاف.

وبحسب تقرير لـ”العالم الجديد” في 7 كانون الثاني يناير 2021، فان مصدرا كشف أن تيار الحكمة الوطني، بدأ بدعم وتشكيل حركات وتيارات جديدة، بأسماء شخصيات سياسية ومدنية، وجميعها تتبع له، في خطوة قد تمنحه حظوظا أكبر، وأن عدد تشكيلات التيار الجديدة ستبلغ 20 تشكيلا.

ومن وجهة نظر مغايرة، يرى المحلل السياسي صلاح الموسوي، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الرأي المحلي هو من اضعف الاصوات، فهناك تقاسم ايراني امريكي للساحة العراقية، وهذا التقاسم هو المتسبب بالتهدئة او التصعيد في العراق، فمثلا خلال حقبة الرئيس الامريكي باراك اوباما كان الوضع مستقرا، والان بدأ التصعيد عبر استعراضات مسلحة لجهات مرتبطة بايران“.

ويوضح هذا التصعيد والتقاسم بـ”ما يجري الان في العراق، يدل على وجود حالة تنازع خارجي، وأن من يقول هناك رأي محلي او سياسيون شيعة يؤثرون أو أن لهم صوتا أعلى من الصوت الدولي، فلا اتفق معه”، متابعا أن “التطورات والتقاسم الامريكي الايراني هو الذي يسير بالبلد نحو ما يريد“.

وحول دور الفصائل المسلحة، يقول إن “الفصائل المسلحة الجديدة، هي واجهات لجماعات داخل الحشد الشعبي، فربع الله هي واجهة، لأن فصائل الحشد بعد أن ارتبطت بالدولة لا تستطيع أن تظهر بشكل مباشر، فغير معقول أن تمارس جماعة عمرها شهر واحد، وجودا عسكريا وبهذا الشكل“.

وبالعودة للقوى السياسية الشيعية، يؤكد أن “القوى الخارجية هي التي تتحكم بالبلد، والثقة مفقودة بها، لذلك تصبح القضايا الحالية والداخلية غير منطقية، وخاصة مثلا ملف الانتخابات، فكل الدول ايران وامريكا وبريطانيا، متفقة فيما بينها على بقاء النظام الحالي وبشخصياته، لذلك تتعكز على الانتخابات لتسويقه دوليا ومنح الشرعية“.

ويشير الى أن “النظام الحالي لا يملك سيادة ولا نزاهة ولا حارب الفساد ولا فرض سيطرة الدولة بالقوة، اي بمعنى لا توجد اي من مقومات الدولة وفق المتعارف عليه، وبالتالي يسوق كنظام شرعي بالانتخابات التي تحولت الى مسمار جحا، وبالنتجية يصبح الشعب هو الضحية لكل ما يجري“.

ورصدت “العالم الجديد” في احصائية موسعة تشكيل 9 فصائل مسلحة جديدة خلال عام 2020، كانت مهمتها مهاجمة المواقع العسكرية والدبلوماسية الاجنبية في العراق، وتحت مسميات مختلفة، وبقيت “مجهولة الهوية” نظرا لتبنيها من قبل وسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بها فقط، دون الاعلان عن قادتها.

وشنت هذه الفصائل 76 عملية استهداف طيلة العام الماضي، شملت القواعد العسكرية والمنطقة الخضراء فضلا عن استهداف الارتال التابعة للتحالف الدولي في اغلب مناطق وسط وجنوب العراق.

إقرأ أيضا