“تناقض رسمي”.. هل تعاملت الحكومة بـ”وجهين” حيال التواجد الأجنبي في العراق؟

لا يزال ملف القوات الاجنبية في العراق، شائكا ويحمل الكثير من “التناقضات” في التصريحات الرسمية،…

لا يزال ملف القوات الاجنبية في العراق، شائكا ويحمل الكثير من “التناقضات” في التصريحات الرسمية، سواء على المستوى العراقي او الدولي، وتجلى هذا الامر في ردود العراق، ممثلة بالجهات الامنية ورئيس الحكومة حول عدم حاجة البلد الى “قوات اجنبية”، وذلك على خلفية قرار حلف الناتو برفع عدد قواته الى 4 الاف عنصر، ما خلق رؤية “ضبابية”، خاصة في ظل الضغط الذي تمارسه بعض الجهات الداخلية لاخراج القوات الاجنبية من البلد.

وخلال حوار اجراه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، مع مجموعة من الصحفيين العرب، قال إن “العراق لا يحتاج إلى وجود قوات أجنبية على الأرض، لكنه بحاجة الى دعم الطيران الدولي”، ويأتي هذا الكلام في وقت جهز حلف الناتو كافة متطلبات ارسال 4 الاف عنصر الى العراق، بعد قرار رفعها، حيث كانت تبلغ 500 عنصر فقط.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية، خالد اليعقوبي، في حديثه لـ”العالم الجديد”، إذ يقول إن “تصريح الكاظمي تتم قراءته من زاويتين، فان كان يقصد أن الواقع في العراق لا يستوجب تواجد قوات أجنبية، فهذا صحيح، ومن جانب اخر، فانه جاء يتناغم مع اراء القوى السياسية الرافضة للتواجد الاجنبي“.

ويوضح اليعقوبي، أن “التناقض يتمثل في مشكلة وجود القوات الامريكية، فالهدف المعلن لوجودها هو محاربة داعش، ولكن ظهر في السنوات الاخيرة، وعبر تصريحات رسمية للادارة الامريكية في زمن الرئيس السابق دونالد ترامب، أن وجودها لردع ايران، وهذا تسبب بمشاكل داخل العراق”، متابعا “عندما تعرضت السفارة الامريكية وقاعدة عين الاسد الى القصف، اصبح مطلوبا من العراق حماية هذه القوات، وهذا مثل تناقضا كبيرا، وأوحى بأن عدم وجود هذه القوات أفضل من وجودها“.

ويتابع أن “وجود حلف الناتو داخل العراق كان منذ 2003، لكن بعد استتباب الوضع الأمني مؤخرا وانسحاب القوات الامريكية ضعف دوره”، لافتا الى أن “وجود الناتو بدلا من القوات الأمريكية، سيقلل من الضغط كثيرا من الضغط على الأطراف السياسية داخل العراق“.

يذكر انه في 16 شباط فبراير الماضي، نشر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر “اتصال جيد مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ناقشنا مهمتنا التدريبية، وان الناتو يتطلع إلى تكثيف دعمه للعراق في حربه ضد الإرهاب“.

وفي 18 شباط فبراير، أعلن ستولتنبيرغ، عن قرار زيادة تعداد أفراد بعثته في العراق بثمانية أضعاف، قائلا خلال مؤتمر صحفي عقده في ختام اليوم الثاني من اجتماع وزراء دفاع الناتو المنعقد في بروكسل، إن “القرار يقضي بزيادة عدد أفراد بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق من 500 حتى أربعة4 آلاف شخصا“.

وبهذا الشأن، يوضح المحلل السياسي عماد علو في حديث لـ”العالم الجديد” أن “القوات التي يقصدها الكاظمي، هي القوات القتالية المخصصة لواجبات قتالية وتأتي باسلحة ثقيلة، فالقوات العراقية الان لديها العدة والاسلحة والقدرة، ويمكنها تنفيذ الواجبات بشكل كامل ومناسب لمستوى التهديد الحالي الذي يشكله داعش“.

ويضيف علو، أن “المتفق عليه، هو أن بعثة الناتو توسع اعمالها في العراق، فيما يخص التدريب والتجهيز، وستحل محل القوات الامريكية وتأخذ دورها، وهذا يعني ان البعثة سترسل مستشارين ومدربين، وهذه مسألة اعتيادية، لان الحلف يضم اغلب الدول الاوروبية وتركيا وامريكا”، موضحا ان “الحلف لديه قوانينه واسلوبه الذي يتحرك به، ويأخذ بعين الاعتبار الاتحاد الاوروبي ولا يعتمد على الرؤية الامريكية فقط“.

وفي خضم هذه التصريحات الرسمية، يبرز موقف القوى السياسية والمسلحة المرتبطة بايران، والتي تطالب باخراج القوات الامريكية من العراق، خاصة وانها تأتي متوافقة مع الموقف الرسمي الايراني، الذي شدد على ضرورة اخراج القوات الامريكية من البلد، على خلفية اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني مطلع 2020، وهنا يبين علو، أن “القوى السياسية التي تعارض القوات الامريكية، سوف لن تعترض على حلف الناتو، لان الحلف اغلبه مستشارون ومن الدول الاوروبية“.

وينوه الى ان “الامر الان مرهون بجدول عمل قوات الناتو، فهي ستقوم بتدريب كافة صنوف القوات العراقية، من الداخلية والدفاع الى الاستخبارات والامن الوطني، وعلى الجهات المعنية ان تكشف وتوضح الدور الجديد“.

وتجسد التناقض العراقي مع حلف الناتو، بعد يوم واحد من الاعلان الرسمي لزيادة عدد القوات، وذلك عبر نشر مستشار الأمن الوطني قاسم الاعرجي تغريدة في حسابه الشخصي بموقع تويتر قال فيها “حلف الناتو يعمل مع العراق وبموافقة الحكومة العراقية بالتنسيق معها، ومهمته استشارية تدريبية وليست قتالية.. نتعاون مع دول العالم، ونستفيد من خبراتها في المشورة والتدريب، لتعزيز الأمن والاستقرار ولا اتفاق عن اعداد المدربين“. 

وكان الصحفي المعتمد المعتمد لدى حلف شمال الاطلسي (الناتو) حسين الوائلي كشف لـ”العالم الجديد” في 18 شباط فبراير الماضي، عن المبررات التي  دفعت الناتو الى زيادة عدد قواته في العراق، ولخصها بـ3 مرتكزات، الاولى هي داخلية، فأي خلل في الوضع العراقي الداخلي سيؤثر على الوضع الأمني الأوروبي، والثانية، هي وجود توغل إقليمي في الداخل العراقي، يقوض المصالح الغربية والاوروبية والثالثة، هي دولية وتتعلق بالوجود الروسي في سوريا، فالناتو ند حقيقي لروسيا، واينما تواجد الروس تواجد الناتو.

إقرأ أيضا