“جرائم العائلة”.. خطر جديد والشرطة المجتمعية: تسجل انتحارا

ارتفعت مؤخرا وتيرة جرائم القتل داخل العائلات العراقية، ما أشر لوجود بوادر ظاهرة جديدة قد…

ارتفعت مؤخرا وتيرة جرائم القتل داخل العائلات العراقية، ما أشر لوجود بوادر ظاهرة جديدة قد تعصف بالمجتمع، إضافة الى جرائم الشرف القائمة منذ سنوات طويلة، وفيما تجمل الشرطة المجتمعية من جانبها عدد هذه الحالات بـ”العشرات” وأنها تسجل كحالات انتحار، تلقي مفوضية حقوق الانسان باللائمة على عدم وجود قوانين تعالج المشاكل الاسرية، ما يؤدي الى استفحالها داخل المجتمع.

ويقول مدير الشرطة المجتمعية غالب العطية في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “حالات القتل داخل العوائل، تحدث في مجتمعاتنا من خلال الثأر والاقارب، وهذه الظاهرة تكثر ضمن المجتمعات القبلية البعيدة عن مراكز المدينة، والمناطق الشعبية من المدن ايضا قد تشهد مثل هذه الحالات“.

ويضيف العطية، أن “أسباب هذه الحالات عديدة، ومنها التفكك الاسري، إضافة إلى قلة الوعي الديني والثقافي والادراك للشخص”، مبينا أن “بعض مرتكبي هذه الجرائم عادة ما يكونون تحت تاثير المخدرات“.

ويوضح أن “إحصائية الجرائم المرتكبة من قبل الابناء والاقارب لذويهم هي معدودة، أي انها لا تتجاوز العشرات”، مستدركا ان “هذه الجرائم تسجل في اغلب الاحيان بانها حالات انتحار، ولكن بعد التحقيق وكشف الملابسات يتبين انها جريمة قتل وليست انتحار“.

وفي شباط فبراير الماضي، أقدم أب في محافظة ميسان على إعدام أولاده الثلاثة شنقا حتى الموت، بسبب خلافات عائلية مع زوجته، وهذه الجريمة، جاءت عقب جريمة رمي أم لاطفالها من على جسر الائمة شمالي العاصمة بغداد، حيث أثارت في وقتها قضية رأي عام نتيجة لانتشار فيديو لحظة رمي اطفالها، الذي رصدته كاميرات المراقبة.

وبين فترة وأخرى، تنتشر في وسائل الاعلام اخبار عن حدوث جريمة قتل داخل عائلة، وذلك بالتزامن مع ارتفاع عدد حالات العنف الاسري منذ قرابة العام بسبب اجراءات الحظر بعد تفشي فيروس كورونا والازمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد.

وفي هذا الشأن، يوضح عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المشاكل الاقتصادية هي العامل الاساس للمشاكل الاجتماعية، إضافة الى موضوع تعاطي المخدرات الذي ينتشر بسرعة في العراق والذي يفقد الانسان كامل وعيه ما يدفعه إلى القتل“.

وينوه البياتي، الى أن “السلاح انتشر في المنازل من دون أية ضمانات لحماية المواطن مع غياب أجهزة الرصد للعنف الاسري، في ظل عدم وجود قانون لتنظيم الحياة الاسرية وحماية المواطن حتى من افراد العائلة، ومحاسبة كل شخص يعتدي على بنت او اخ او اخت، هي ايضا من الاسباب التي تؤدي الى هذه الجرائم“.

ويؤكد أن “أغلب هذه المشاكل تبدأ بشيء بسيط ثم سرعان ما تتطور بسبب عدم وجود القوانين الرادعة، وان المحاكم دائما ما تنهي هذه القضايا بالصلح لعدم وجود القوانين التي تنظمها“.

وحول هذه الظاهرة، يشدد الباحث الاجتماعي محمد عطية في حديثه لـ”العالم الجديد” على “ضرورة الانتباه الى خطورتها على المجتمع، رغم انها غير منتشرة بشكل كبير“.

ويلفت عطية، الى أن “الأمر عندما يتعلق بالشان الداخلي للعائلة، فانه يجب ان يراعى ويدقق بصورة جيدة”، مبينا أن “على العوائل البحث عن الصديق او القريب منهم ومن ذويهم“.

ويؤكد أن “التساؤل الذي يطرح هنا، هو هل أن هذه الحالة عامة أم خاصة؟، فاذا كانت خاصة فانها تعالج وفقا لدراسة الدوافع من خلال العائلة وما جرى فيها من مسببات او سوء قد حصل بداخلها، او أن هناك شخص أراد أن يوقع بين طرفين، بمعنى أن هناك ضغائن مبطنة”، مبينا “أما في حال زيادة الامر عن حده وأصبح شائعا، فهنا نتحول من المسببات العائلية إلى القيم المجتمعية“.

ويشير الى أن “الأمور المادية والاقتصادية تولد حالات من الضغط المستمر على الأفراد، ولذلك يجب ان تدرس هذه الامور بشكل جيد واتساع افاق التعاون على جميع مستوى افراد العائلة، لتجنب هذه الانحرافات الخطيرة“.

وقبل أيام، أقدم شاب على قتل شقيقته البالغة من 25 عاما، وهي أم لطفلين، باطلاق النار عليها وفر هاربا بقضاء كفري بمحافظة ديالى.

ولا تتوفر أية احصائيات رسمية حول “جرائم الشرف” في العراق، لكونها تشهد تلاعبا كبيرا قبل وصول القضايا الى المحاكم المختصة، ويتم ذلك عبر تغيير سبب الوفاة في شهادات الوفيات داخل الطب العدلي، وغالبا ما يتم غلق الدعاوى في المراكز الأمنية قبل تحويلها الى الجهات القضائية، كما كشفت “العالم الجديد” في تحقيق استقصائي سابق، وهذا ما بدأ ينعكس ايضا على الجرائم التي يذهب ضحيتها الاقارب والاهل مؤخرا.

إقرأ أيضا