14 تموز ومجازر التركمان المنسية

بعد سلسلة من الاحداث المثيرة للجدل التي حصلت في كركوك وما حولها بعيد احداث 14 تموز 1958، ثم اغلاق للصحف التركمانية، ومرور الملا مصطفى البارزاني في طريق عودته من الاتحاد السوفيتي وما رافق ذلك من شعارات كانت تطالب بكردستانية المدينة، ثم العداء الطبقي الذي بين التركمان الذين يمثلون الطبقة البرجوازية في العهد الملكي من الامتيازات التي توارثوها في الفترة العثمانية، وبين الطبقات الاخرى التي كانت فقيرة في الغالب، كما ان اكتشاف النفط في كركوك اعطى زخما اكبر للصراع الكردي التركماني حول هوية المدينة، كل تلك الظروف جعلت من الاجواء مشحونة ومتشنجة الى حد كبير في المدينة قبيل الاحتفالات بالذكرى السنوية الاولى لاحداث 1958.

الجهات المنقسمة في المدينة انقسمت حتى في الاعداد للاحتفال بتلك الذكرى، وبتسيير المظاهرات ومظاهر الفرح، اكتملت جميع الظروف المؤاتية لذلك الحدث المؤسف، حدثت المجزرة بين التركمان، قتل العديد من رموزهم، مثل بالجثث، واستبيحت المدينة ثلاثة ايام بيد مسلحي \”المقاومة الشعبية\” التي كان العمود الفقري فيها آنذاك من الشيوعيين الاكراد. لجأ التركمان الى القلعة ليحتموا بها فدكت القلعة بمدافع الهاون. وبعد ثلاثة ايام وصلت قوات الجيش العراقي الى هناك فسيطرت على الاوضاع بعد سيل الدماء.

المجزرة لصقت بالحزب الشيوعي بشكل او باخر، ولم يستطع الحزب التخلص من ضريبة تلك الاحداث الماساوية حتى هذه اللحظة، نعم لم تكن قيادة الحزب مسؤولة عن المجزرة، ولم يكن هناك توجيه بذلك، ولكن منظمة الحزب الشيوعي في كركوك لم تكن قادرة على السيطرة على جماهيرها العريضة هناك، والتي يشكل جزءا كبيرا منها الاكراد، وما زاد الطين بلة ان معظم المحسوبين على الحزب الشيوعي متبوئين لمراكز مهمة في المدينة مما حملهم مسؤولية كبيرة بسبب تلك الاحداث. بثوب سياسي قومي مارس الاكراد الشيوعيون حينها تلك المجزرة في ظل اجواء مشحونة.

الشيوعيون وقعوا في حرج كبير بسبب تلك الماساة، فهم من جهة لا يريدون التفريط بعلاقتهم المتميزة مع القوى الكردية حينما يشيرون صراحة الى الفاعل، ومن جهة ثانية فان موقف الحزب غير الواضح يجعله في موقف من يتحمل المسؤولية عما حصل! خصوصا وان تلك الماساة وظفت بشكل كبير آنذاك من قبل اذاعة القاهرة التي تدعم التيار البعثي والقومي الذي يقف بالضد من الشيوعيين ومن عبد الكريم قاسم.

التركمان وهم القومية الثالثة في العراق تعرضوا لمظلومية كبيرة فيما سبق، ويبدو ان مظلوميتهم لازالت مستمرة حتى الان، انهم اقلية لا تمتلك ذراعا مسلحا يدافع عنها في كركوك ولا في غيرها من المدن الاخرى كما هو الحال مع ما حصل في طوزخورماتو، وسط صراع مكوناتي سياسي من الوزن الثقيل.

 gamalksn@hotmail.com

 

إقرأ أيضا