بعد “الاتهامات”.. ما الأسباب الحقيقية لتأجيل زيارة دياب الى بغداد ؟ 

فتحت اتفاقية العراق ولبنان، باب “الاتهامات” على مصراعيه وبشكل “إقليمي”، عقب تأجيل زيارة رئيس الحكومة…

فتحت اتفاقية العراق ولبنان، باب “الاتهامات” على مصراعيه وبشكل “إقليمي”، عقب تأجيل زيارة رئيس الحكومة اللبنانية الى بغداد، وبحسب مصادر حكومية عراقية فان التأجيل جرى لأسباب “فنية”، فيما سجل أنصار ما يعرف بـ”محورالمقاومة” القريب من ايران وحزب الله لبنان النافذ داخل حكومة بيروت، تباينا في الآراء، فمنهم من دافع عن الاتفاقية ورأى أنها ستصب بمصلحة العراق عبر تفعيل خط نقل جديد النفط، هاجمها آخرون لعدم جدواها الاقتصادية.

ويقول مصدر في مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لـ”العالم الجديد”، إن مكتب نظيره اللبناني حسان دياب “أبلغنا بأن الوقت المناسب للزيارة يوما 17 و18 نيسان (أبريل) الحالي، ولكننا لم نؤكد الموعد ونحدده بشكل رسمي بعد، بل اقترحنا أياما أخرى وكنا بانتظار تأكيد الجانب اللبناني“.

ويضيف المصدر، أن “الموعد الذي اقترح من الجانب اللبناني تم تسريبه الى الاعلام، ما اضطر الحكومة العراقية لإبلاغ الجانب اللبناني بعدم قدرته على استقبال الوفد اللبناني في هذا الموعد، وطالبنا بتأجيله 5 أيام، نظرا لوجود التزامات أخرى لدى بعض الوزراء المعنيين في الحكومة العراقية”، مبينا ان “ما جرى من خلاف في المواعيد يعد خلافا فنيا وليس سياسيا، كما أشاعت بعض وسائل الاعلام“.

وبحسب ما أعلنته وسائل إعلام في لبنان، فانه كان متوقعا أن يصل رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبناني حسان دياب الى بغداد، في 17 نيسان أبريل الحالي لتوقيع الاتفاقية بالاحرف الاولى، التي تنص على منح لبنان 500 ألف طن من النفط العراقي، مقابل استفادة العراق من الخبرات الطبية والزراعية والمصرفية اللبنانية، لكن بيانا للمكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء اللبناني أعلن عن “تأجيل الزيارة من قبل الأشقاء في العراق“.

جدوى الاتفاقية

وحول هذه الاتفاقية وجدواها الاقتصادية التي تأتي في وقت يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة دفتعه الى “إعلان افلاسه” وانهيار عملته المحلية امام الدولار، اضافة الى عدم وجود خزين لديه من المشتقات النفطية، يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون، علي الغانمي، إن “هناك انبوب نفط يمتد من كركوك إلى ميناء بانياس اللبناني، وهو أنبوب قديم وباطني يبلغ طوله 800 كلم، ومنذ سنوات طويلة لم يمر من خلاله النفط، وأن بعض الشركات تريد اعادته للعمل“.

ويشير الغانمي، في حديثه لـ”العالم الجديد”، الى أن “الاتفاقية تتضمن إنشاء مصفى بطاقة انتاجية تصل إلى 400 الف برميل من النفط يوميا داخل الاراضي اللبنانية، ما سيساهم بتصدير مشتقات النفط ايضا، لأن حاجة لبنان اليومية هي 200 الف برميل فقط، ما يعني ان العراق سيضمن من هذا المشروع، مبيعات النفط الخام اضافة الى بيع المشتقات النفطية“.

ويتابع النائب عن الكتلة السياسية القريبة من ما يسمى بمحور المقاومة المرتبط بايران ويضم فصائل مسلحة في العراق ولبنان بينها حزب الله الذي يدعم حكومة بلاده، أن “هذا الامر كله لن يكلف العراق اي عبء مالي، كون الشركة المستثمرة ستتولى أمر الأنبوب، كما انه سيكون بعيدا عن الفساد، فضلا عن بيع النفط بالأسعار العالمية”، مستدركا أن “هذا المشروع سيسمح للعراق بتشغيل أيادٍ عاملة في لبنان“.

وفي مقابل وجهة النظر هذه، طرحت النائب اشواق كريم، عن كتلة صادقون، المرتبطة بحركة عصائب اهل الحق، وهي احدى فصائل الحشد الشعبي القريبة من “محور المقاومة” أيضا، رأيا مختلفا، قائلة إن “الاتفاقية العراقية مع لبنان لن تتضمن اي جدوى اقتصادية، فهذه الاتفاقية خطوة غير صحيحة للحكومة وهي تشبه توجهها إلى الاردن ومصر، وأن هذه الاتفاقيات لن تعود باي فائدة للعراق ولا جدوى اقتصادية منها“.

وتشير كريم، الى أن “الحكومة ورغم المطالبات المستمرة بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لمبنى البرلمان، لم تعرض علينا أي اتفاقية عقدتها، بل إن الحكومة تتحرك في جانب بعيد عن مجلس النواب رغم أننا طالبنا الكاظمي بالحضور شهريا إلى البرلمان خلال منحه الثقة، وهو وافق على إطلاعنا بشأن خطواته“.

وتؤكد أن “مجلس النواب طالب الكاظمي وخلال منحه الثقة بضرورة المضي بالاتفاقية الصينية، والتي هي الوحيدة التي كانت بمصلحة البلاد، لكنه ذهب نحو بلدان فقيرة وهي بالاساس تحتاج إلى مساعدات، وهذا كله بناء على طلبات تلقاها من دول أجنبية للمضي بهذه الاتفاقيات“.

أما اقتصاديا، فيرى الخبير الاقتصادي ضياء المحسن في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “لبنان يمتلك ثقلا اقتصاديا سابقا من خلال قدرته في مجال القطاع المصرفي والاستثماري“.

ويضيف المحسن، أنه “يمكن استثمار العراق الأمر لصالحه، فمنحه هذه الكميات من النفط الى لبنان مقابل هذه الاستشارات هو شيء جيد، لكون العراق سيكون غير مطالب بدفع أي أموال مقابل الاستشارات المصرفية، خاصة وأن هذه المؤسسات لن تمنح استشاراتها مجانا“.

ويوضح أن “الاستشارات اللبنانية لن ترتكز على الاقتصاد، بل الصحية ايضا وغيرها من الملفات، لكن المشكلة تكمن في ان ما سيقدمه العراق هو كبير جدا مقابل هذه الاستشارات”، متابعا أن “الاتيان بالكوادر الطبية اللبنانية لا يتعلق بتهميش الكوادر العراقية، بل يتعلق بالخبرة بدلا من الاعتماد على طبيب متخرج حديثا، حيث أن الخبرات العراقية أغلبها غادرت البلاد بسبب الوضع الامني“.

لبنانياً

أطلت صحيفة الاخبار اللبنانية، أمس السبت، بتقرير موسع، تناولت فيه اسباب تأجيل زيارة دياب الى بغداد، بالقول إنّ “رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي خَضع لضغوط من طرفين لإلغاء زيارة دياب، هما السعودية ورئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، وكلّ منهما لأسباب خاصّة به لا تلتقي سوى على هدف خنق البلد خدمةً لأهداف شخصية“.

وترى الصحيفة أن السعودية، تُريد إبقاء كلّ منافذ الإنقاذ مُقفلة بوجه لبنان، كونه أرضاً مُعادية لها، أما سعد الحريري، فلا يُريد أن يقطُف دياب أي نقطة إيجابية، الأمر الذي نفاه الحريري بسرعة.

وفي ذات السياق، نشرت مونت كارلو الدولية الفرنسية، خبرا مفاده أن “قرار الزيارة اتخذ بدعم من القوى السياسية الشيعية وبتنسيق مع حزب الله اللبناني وايران، ولكن رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي ألغى الزيارة، و قيل إن ذلك تم بطلب سعودي اماراتي، والحشد الشعبي دخل على خط السجال وأكد على أهمية الدعم الاقتصادي العراقي للبنان في الوقت الراهن وأهمية أن تتحقق في القريب العاجل“.

وحول هذه التداعيات والاتهامات، يرى الناشط السياسي المقرب من “محور المقاومة” حيدر البرزنجي، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما تناولته صحيفة الاخبار اللبنانية، يستند الى معلومات سربت اليها، لكن بكل تأكيد ان زيارات الكاظمي الاخيرة الى الدول العربية، تعني انه اصبح بهذا الفلك، ويقينا هناك ضغوطات معينة“.

ويلفت البرزنجي، الى انه “اذا تم الغاء الزيارة لهذه الاسباب التي كشفتها صحيفة الاخبار، فان العراق صاحب سيادة ولا يمكن ان يملى عليه، ولكن على مجلس النواب ولجنة العلاقات الخارجية فيه ان تستفهم مدى حقيقة الامر، حتى نعلم هل العراق الغى الزيارة ام لا”، مضيفا “لا يمكن ان يخرج خبر دون ملامح، سواء بها صحة او مبالغة“.

ويؤكد “بطبيعة الحال، الزيارة الغيت لكي يكون الحريري هو المنقذ، وفي محاولة سحب العراق الى محور معين، فهذه المناغمة والرومانسية التي تطلق من السعودية ومصر والاردن، لها اهداف، رغم اننا مع علاقات متينة ومتوازنة مع كل الاطراف وكل دول العالم شرط ان لا تهان او تخترق سيادة العراق“.

وسبق للعراق أن وقف الى جانب لبنان في تفجير مرفأ بيروت، العام الماضي، وذلك عبر ارساله 30 صهريجاً بكميات تصل إلى أكثر من مليون لتر من مادة زيت الوقود، في آب اغسطس 2020، وهي الشحنة الثانية بعد شحنة اولى تمثلت بـ800 الف برميل من مادة زيت الغاز، فضلا عن 10 الاف طن من مادة الطحين.

إقرأ أيضا