“غزل مائي”.. العراق “غير قلق” من سد “إليسو” التركي.. وشح الأمطار سيصيب محافظتين بالجفاف

قللت وزارة الموارد المائية من “قلقها” فيما يخص الاطلاقات المائية من الجانب التركي، مؤكدة أن…

قللت وزارة الموارد المائية من “قلقها” فيما يخص الاطلاقات المائية من الجانب التركي، مؤكدة أن ما سيطلق من سد “اليسو” التركي سيكون أكثر من العام الماضي بسبب حاجة أنقرة لتوليد الطاقة الكهربائية، لكنها توقعت شحا في مياه محافظتي ديالى وواسط الزراعيتين خلال موسم الصيف المقبل، نظرا لقلة الامطار في موسم الشتاء الماضي.

ويعد ملف المياه في العراق، من أبرز الملفات التي لم تحسم لغاية الآن مع تركيا، حيث بلغ ذروته العام الماضي، حين انخفض مستوى نهري دجلة والفرات بشكل كبير بسبب ضعف الاطلاقات من الجانب التركي وقلة الامطار، لكن المتحدث باسم وزارة الموارد المائية عون ذياب يؤكد في حديثه لـ”العالم الجديد” أن “العراق لن يواجه أزمة في مناسيب نهري دجلة والفرات، لكن ربما تحدث بعض الصعوبات في محافظة ديالى بسبب قلة الامطار هذا الموسم”.

ويوضح ذياب “بشكل عام، فاننا غير قلقين من الجانب التركي حاليا، لان ما سيطلق من سد إليسو بالاشهر المقبلة سيكون أكثر من الماضي، لان تركيا تحتاج الى توليد الطاقة الكهربائية، لكن الخوف هو من المستقبل البعيد في حال اكملت تركيا مشاريعها الأخرى على نهر دجلة”.

ويتابع أن “الخزين جيد ومطمئن وسيمر هذا الصيف بسلام ولن نتعرض لمشاكل كما في السابق”، مستدركا ان المخاوف في ديالى، وفيما يتعلق بسد دربنديخان وحمرين اضافة إلى قلة الاطلاقات من الجانب الايراني، وجميع هذه العوامل أثرت على السدين، فهما المصدر الرئيس لديالى”، مبينا ان “المياه ستؤمن الري للبساتين والخضر في ديالى، إلا ان زراعة الرز ممنوعة منذ السابق في فصل الصيف بالمحافظة، اضافة إلى انه سيتم تأمين مياه الشرب والاستعمالات البلدية”.

وبشأن التجاوزات التي تحصل على الانهر في المحافظات الزراعية، يوضح ذياب ان “الوزارة تعمل بشكل مستمر لمنع التجاوزات ورفعها عن انهر دجلة والفرات والغراف وشط الحلة وكافة الانهر الفرعية، حيث وجهنا بعدم التجاوز عليها وتأمين إيصال المياه للمستخدمين في أقصى الجنوب”، موضحا “لدينا تصور عن احتياجات كل محافظة، ونعمل وفق خطة، كما ان لدينا توجها لتحديث الدراسة الاستراتيجية لغرض إعادة تقييم الحصص المائية المطلوب إيصالها لكافة المحافظات، ولدينا توجه بالتركيز على المحافظات الجنوبية”. 

ومنذ سنوات، تحاول تركيا استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فقامت ببناء عدد من السدود، بدأت في عام 2006، ببناء سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل، عام 2018، مما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد في المياه وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعية والسكان.

وفي العام الماضي، كان متوسط قياسات التدفق من الحدود مع تركيا أقل بنسبة 50 بالمائة هذا العام، وفقا لوزير الموارد المائية السابق مهدي راشد الحمداني، وذلك بالتزامن مع تراجع في نسبة هطول الأمطار السنوية بنسبة 50 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، وفقا للوزير.

وكان وزير المواد المائية علي ثامر، اعلن في شباط فبراير الماضي، ان ملف المياه مع تركيا شهد تطورا إيجابيا واضحا خلال المباحثات بين الدولتين في الفترة الماضية، وان الجانب التركي أكد حرصه على ضمان حصة عادلة ومنصفة للعراق من مياه الأنهر المشتركة بين البلدين.

وبحسب وكالة الاناضول التركية، فانها بينت ان تصريحات ثامر، تأتي في ظل التطورات التي جرت بعد زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في 17 كانون الاول ديسمبر 2020 الى أنقرة، والتقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وبحسب ما كشفت “العالم الجديد” في تقارير سابقة، فأن الكاظمي وخلال وجوده في أنقرة، منح “الضوء الاخضر” لاردوغان بالدخول الى سنجار وملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وذلك لـ”عجزه” عن تنفيذ اتفاق بغداد – اربيل، القاضي بإخراج عناصر الحزب المصنف ارهابيا في تركيا من سنجار.

وكان اتفاق الكاظمي واردوغان، قد بدأت بوادره في 10 شباط فبراير، عبر العملية العسكرية التركية “مخلب النسر 2” التي نفذت داخل الاراضي العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني، واستمرت بعد ذلك الضربات الجوية بشكل مكثف لغاية الان.

المحافظات الزراعية

وبالنسبة لمحافظة ديالى، التي توقع ذياب ان تشهد بعض الصعوبات بشأن توفر المياه، يقول مدير اعلام زراعة المحافظة محمد المندلاوي، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “تأمين المياه للمحافظة سيشمل البساتين ومياه الشرب فقط”.

ويبين المندلاوي أن “بساتين ديالى لها ثقل كبير ويتم تزويدها بالمياه من نهر خريسان”، مبينا أنه “في حال عدم وضع حد للتجاوزات فحتى مياه الشرب لن تتوفر، خاصة اذا تمت زراعة الشلب في هذا الموسم”.

ويضيف ان “المحاصيل الصيفية بصورة عامة هي قليلة في ديالى، لكننا سنشهد هذا الصيف شحا في زراعة الذرة، لكنها غير مؤثرة بشكل كبير”.

وفي ظل الازمات المستمرة للمياه في العراق، فان التجاوزات على الحصص المائية المحددة من قبل وزارة المواد المائية، لم تتوقف من قبل بعض المزارعين في المحافظات الوسطى، ما يخلق أزمات جديدة مستمرة، تصل الى حدود تدخل الحكومات المحلية في كل محافظة وتظاهرات من قبل المزارعين، وحول هذا الأمر يوضح مدير زراعة محافظة واسط، أركان الشمري، أن “كميات المياه لأي محافظة تعتمد على الخطة الزراعية في تلك المحافظة”.

ويؤكد الشمري، أن “المحافظة أعدت خطة شاملة تشمل زراعة الذرة الصفراء والشلب والمحاصيل الخضراء”، مستدركا ان “وزارة الموارد المائية ابلغتنا بمنع زراعة الشلب على عمود نهر دجلة”.

فيما توقع الشمري “عدم حصول تجاوزات هذا العام”، مبينا ان “العام الماضي شهد إجراء عقوبات بحق المتجاوزين، كما شهد خسائر كبيرة للتجار لعدم تسويق محاصيلهم، وبالتالي فان اغلب المزارعين تكبدوا خسائرا كبيرة”.

ويشير “نحتاج في محافظة واسط إلى زراعة كل اراضينا، لكن التخصيصات المائية هي اتحادية خاصة وان العام الماضي كان هناك شح بمياه الأمطار، وحتى أحواض الخزن لم تعزز بالرصيد الكافي، وعليه سنمر بشح هذا الصيف بسبب قلة الامطار، وسيتم الاعتماد على المخزون، وبالنتيجة ستؤثر على المحاصيل الصيفية، ومنها الخضار بكل أنواعه والذرة والقطن”.

وشهدت محافظة واسط العام الماضي، أزمة كبيرة بسبب زراعة محصول الشلب “الرز” من قبل 131 فلاحا، بعد أن حصلوا على وعود نيابية، وباشروا بزراعة 7 آلاف دونم، إلا أنه بعد شهرين تم منع زراعتهم، وبحسب مديرية الزراعة في المحافظة فان الفلاحين لم يتجاوزا على الحصص المائية.

وبشأن الازمة مع تركيا، فانه لغاية الان لا يوجد لدى العراق اتفاقية مياه مع تركيا، لكنه وقع منذ عقود على عدد من البروتوكولات بشأن تدفق المياه إلى أراضيه، ففي عام 1920، تم التوقيع على البروتوكول الأول للمياه بين العراق وتركيا وسوريا، ونص عليه عدم بناء السدود أو الخزانات أو تحويل مجرى الأنهار، بطريقة تلحق الضرر بالأطراف الموقعين.

وفي عام 1946، أدرجت بغداد وأنقرة قضية المياه في معاهدة الصداقة وعلاقات حسن الجوار التي وقعها البلدان، وفي عام 1978، وقع بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني بعد استكمال تركيا لسد كيبان الذي أثر على حصة العراق من المياه، ومع ذلك، استمرت تركيا في بناء السدود التي تقوض حصة العراق من المياه، بما في ذلك سد أتاتورك الذي تسبب في نقص المياه في العراق في التسعينيات.

وكان مؤشر الاجهاد المائي توقع أن العراق سيكون أرضاً بلا أنهار، بحدود 2040، وأنه في عام 2025، ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة إلى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.

إقرأ أيضا