الطارمية.. ضابط يروي لحظات “مروعة” للهجوم الأخير والحشد العشائري: خلايا داعش تختبئ تحت الأرض

لا يزال قضاء الطارمية، المنطقة الأخطر في محيط العاصمة بغداد، بسبب ظهور خلايا لتنظيم داعش،…

لا يزال قضاء الطارمية، المنطقة الأخطر في محيط العاصمة بغداد، بسبب ظهور خلايا لتنظيم داعش، تنفذ بين فترة وأخرى هجمات مسلحة ضد القوات الأمنية والأهالي، كان آخرها الهجوم الدامي، أمس الأول الجمعة، حيث راح ضحيته ضابطان وجنديان.  

“ما جرى يوم الجمعة، لا يمكن وصفه، فمن يعيشه ليس كمن يسمع به”، بهذه الكلمات يروي ضابط في الطارمية لحظات الهجوم على دورية تابعة للفوج الثالث التابع للواء 59 بالفرقة السادسة في الجيش.

ويقول الضابط الذي رفض ذكر اسمه، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الوضع الأمني هناك غير مستقر إطلاقا، وموضوع التعرضات الداعشية أصبح واحدا من أساليب حياتنا اليومية هناك، ففي كل لحظة نتوقع أن نتعرض لهجوم إرهابي”.

ويضيف أنه “في الهجوم الأخير، بقينا في عجلة الهمر دون أن نحرك ساكنا لنحو 4 ساعات متواصلة، بسبب نيران القناص الذي نجهل موقعه، ولكننا كنا نسمع فقط أزيز إطلاقاته”.

وبحسب الضابط، فانه “بقينا على هذا الوضع لحين وصول قوة إسناد مع طلوع الشمس”، مبينا “أننا في كل التحاق نودع أهلنا وأحبابنا، وكأنها آخر مرة نراهم فيها، وذلك لما نتعرض له في الطارمية من هجمات شرسة”.

وكان مصدر أمني، كشف ليلة الجمعة الماضية، عن شن تنظيم داعش هجومين متتاليين في الطارمية، تم تنفيذهما بواسطة عبوة ناسفة ومن ثم هجوم مسلح، استهدفا دورية للجيش، ما أدى الى مقتل ضابطين وجنديين، وهو ما أكدته خلية الاعلام الامني في بيانها بشأن الهجوم.

ويشهد قضاء الطارمية هجمات مستمرة ضد القوات الأمنية، خاصة تلك التي تم تنفيذ عمليات كبرى للبحث عن عناصر داعش في بساتينه وطرقه النيسمية، وأدت هذه الهجمات الى مقتل العميد الركن أحمد عبدالواحد محمد اللامي، آمر اللواء 29 فرقة المشاة السابعة أثناء تعقبه مجموعة إرهابية الى جانب ضابط برتبة ملازم أول، في 28 تموز يوليو 2020، وذلك بعد أيام فقط من مقتل آمر اللواء 59 التابع لفرقة المشاة السادسة في الجيش العميد الركن علي حميد في ذات المنطقة.

وحول ما يشهده القضاء من ترد أمني كبير، تواصلت “العالم الجديد” مع آمر لواء في الحشد الشعبي العقيد صلاح العيساوي، إذ يبين أن “الواجبات والتفتيش مستمرة والعمليات الاستباقية مستمرة في الطارمية، وهدفها القضاء على التعرضات الداعشية على القوات الامنية والحشد الشعبي المتواجد في القضاء”.

ويضيف العيساوي، أن “الخلايا النائمة لداعش تختبئ في أماكن بعيدة عن أنظار القوات الأمنية، إذ بالرغم من العمليات المستمرة إلا أنه يصعب العثور عليها، كون بعضها تحت الأرض”، موضحا ان “هذه الخلايا هي عبارة عن إنفاق طويلة تربط بين قرية وأخرى”.

ويتابع، أن “بعض هذه المخابئ تم العثور عليها في الشط، وتحديدا على الجزرة الوسطية (الحد الفاصل) بين القصب”، مضيفا “بصراحة هو مكان لا يمكن توقعه إطلاقا”.  

ويلفت الى أن “التطهير مستمر بكل مناطق حزام بغداد، وشمل حتى صحراء الأنبار باتجاه الرحالية وعين ثمير”، مشيرا إلى أن “ما يحدث من عمليات منفردة سببه نقص عمليات التطهير التي تعد ضرورية للقضاء بشكل نهائي على المجاميع الارهابية”.

ويؤكد أن “إشراك أهالي المنطقة بحماية مناطقهم سيحقق نسبة كبيرة جدا من الأمن، كونهم أعرف بشوارع مدنهم ومن يدخلها ومن يخرج منها، عكس ما يجري الآن، حيث أن أغلب عناصر القوات الأمنية هم من محافظات ومدن بعيدة، ولا يميزون بين طرق ومواطني هذه المناطق”.

وتبعد الطارمية 50 كلم عن مركز العاصمة بغداد، وشهدت أكثر من 20 عملية عسكرية لتطهيرها، واشتملت العمليات على مداهمات واشتباكات، لكنها ما تزال بؤرة لعناصر التنظيم منذ اكثر من 6 سنوات.

ومنذ مطلع العام الماضي ولغاية الآن، لم تشهد الطارمية أي هدوء، إذ استمرت الهجمات الارهابية والعمليات الامنية، ففي 2 تموز يوليو 2020 انطلقت عملية أمنية كبيرة لتطهيرها من داعش، اشتركت فيها: قوات قيادة عمليات بغداد وقوات لواء القوات الخاصة في رئاسة أركان الجيش ولواء المشاة الآلي السابع والثلاثين ولواء من الرد السريع ولواء المهمات الخاصة لشرطة الاتحادية ولواء من الحشد الشعبي وبإسناد طيران القوة الجوية وطيران الجيش، وذلك بسحب بيان لخلية الاعلام الأمني.

وفي 20 شباط فبراير الماضي، ونتيجة لسلسلة عمليات استهدفت القوات الأمنية اضطر رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، لزيارة القضاء للاشراف على عمليات ملاحقة عناصر داعش، بعد ساعات من مقتل والي القضاء في تنظيم داعش وثلاثة عناصر من الحشد الشعبي باشتباك مع عناصر التنظيم.

وفي شباط فبراير الماضي، انطلقت عملية أمنية كبيرة في قضاء الطارمية، وخلال العملية جرى مقتل العديد من المنتسبين الأمنيين بتعرض نفذه داعش، فيما تمكنت القوات الأمنية من قتل ما يسمى بـ”والي الطارمية والمفتي الشرعي” لداعش، وفي هذه العملية قتل 3 عناصر أمنيين وأصيب آمر فوج.

وفي 14 آذار مارس الماضي، نفذ تنظيم داعش عملية عبر التسلل بزي عسكري الى منزل، وقتل منتسب في الحشد العشائري مع والدته.

الى ذلك، يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ناصر تركي في حديث لـ”العالم الجديد”، على “ضرورة تفعيل الجهد الاستخباري للقضاء على خلايا داعش في مناطق حزام بغداد”.

ويضيف تركي، أن “عصابات داعش الإرهابية اعتمدت، وبعد القضاء عليه في يوم النصر، على العمليات المنفردة عبر خلايا له، داعمة وساندة في بعض مناطق حزام بغداد، والتي تشكل خطرا كبيرا على العاصمة”، متابعا أن “الحل الأمثل للقضاء على هذه المجاميع هو تفعيل الجهد الاستخباري، إضافة الى تكثيف العمليات الأمنية للبحث عن هذه الخلايا والقضاء عليها بشكل تام”.

وينوه إلى أن “الاعتماد على الأهالي في تلك المناطق هو الأفضل بالنسبة للحكومة في الوصول إلى الداعمين لهذه العصابات ومن يؤويهم ويسندهم”.

وكان رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أعلن في 22 شباط فبراير الماضي، عن معادلة أمنية جديدة أُسست في قضاء الطارمية شمالي العاصمة بغداد، تتمثل بتصدي أبناء القضاء باسناد الحشد الشعبي والقوات الأمنية لفلول داعش الإرهابي، مؤكدا أن أهالي الطارمية استطاعوا امتلاك القدرة والمبادرة والانتفاض بوجه العصابات الإرهابية، حيث أن العملية الأخيرة لم تحصل مثلها منذ سنوات، كما تم الايعاز بمضاعفة عدد فوج الطارمية وسد كل النواقص والتجهيزات وإظهار الدعم الكامل لعوائل الشهداء والجرحى.

إقرأ أيضا