وسط حوار واشنطن وطهران.. لماذا تنامت هجمات “المقاومة” ضد أهداف أمريكية في العراق؟

تعرضت قاعدتا عين الاسد وبلد العسكريتان ومطار بغداد الدولي، طيلة الايام الثلاثة الماضية، الى هجمات…

تعرضت قاعدتا عين الاسد وبلد العسكريتان ومطار بغداد الدولي، طيلة الايام الثلاثة الماضية، الى هجمات صاروخية من قبل جهات مسلحة مجهولة يشتبه بقربها من ايران، في ظل حوارات متقدمة تجريها الأخيرة مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من تكرار هذا النوع من الاستهداف، إلا أن خبيرا سياسيا، فسر كثافة تلك الهجمات في الساعات الماضية بأنه رد على تواجد مبعوث الرئيس الأمريكي في بغداد، فيما كشف نائب عن مصادر تمويل تلك “الجماعات” التي تتم خارج الموازنة العامة للبلد.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هذه الضربات هي وسائل ضغط على الحكومة العراقية”.

ويوضح أن “العقوبات الأمريكية على طهران لم ترفع لغاية الآن، وقد تكون أحد أسباب استمرار الضربات على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق”، لافتا الى ان “ضربة عين الاسد السريعة، جاءت ردا على زيارة منسق البيت الابيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا بريت ماكغورك، وهو صاحب مشروع سياسي داخل العراق، مناهض لتوجهات الفاعلين في العام 2018، إضافة الى أنهم يرون عدم جدية واشنطن بالانسحاب”.

وقد وصل صباح يوم امس، الوفد الحكومي الأمريكي برئاسة منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت مكغورك، وعضوية مستشار وزارة الخارجية الأمريكية ديريك شوليت، ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جوي هود، ونائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط دانا سترول، والتقى مع رئيس الجمهورية برهم صالح، وبحسب بيان المكتب الاعلامي للأخير، فان اللقاء بحث آخر التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما أكّد الوفد الأمريكي التزام واشنطن بدعم أمن واستقرار العراق، ومواصلة العمل والتنسيق المشترك ضمن الحوار الاستراتيجي بين البلدين في مختلف المجالات.

ويضيف الشمري، أن “قضية البارجة البريطانية التي دخلت يوم أمس (الأول) ايضا الى مياه خليج عقبة أثار مخاوف الجهات المنفذة للاستهدافات، رغم ان هدف البارجة المعلن هو ضرب تنظيم داعش بمشاركة القوات العراقية”، مؤكدا أن “القصف الحالي يأتي لحسابات خارجية او قد يكون جزء منه محاولة فرض ارادة على الحكومة العراقية، او قد يكون ضمن حسابات أمريكية إيرانية، فكل الاحتمالات واردة”.

ويشير الى أن “مطلقي الصواريخ يبحثون عن نصر، خاصة واننا مقبلون على انتخابات، وبالتالي فانها محاولة ايجاد نصر يتماشى مع توجهاتهم السياسية وحديثهم عن المقاومة، سيعزز تواجدهم كما يعتقدون”.

ولم تتوقف الهجمات الصاروخية على مواقع القوات الاجنبية والدبلوماسية منذ سنوات، لكنها منذ مطلع 2020 وعقب حادثة المطار، ارتفعت وتيرة الهجمات في ظل تشكيل فصائل مقاومة “وهمية” واعلان الفصائل الاساسية المنتمية للحشد الشعبي براءتها من هذه الفصائل الجديدة، وقد نفذت هذه الفصائل 76 عملية استهداف طيلة العام الماضي، بحسب احصائية أعدتها “العالم الجديد”.

ومنذ يوم 2 آيار مايو الحالي، بدأت عمليات القصف بصواريخ الكاتيوشا بشكل يومي، حيث استهدف في هذا اليوم مطار بغداد الدولي بصاروخ كاتيوشا، سقط في محيطه، حيث تقع قاعدة فيكتوريا التابعة للتحالف الدولي، وهو الأمر الذي أدى الى تأخر هبوط الطائرات العراقية المدنية لأكثر من 40 دقيقة ما أثار الرعب لدى المسافرين، بحسب حديث بعضهم في وسائل التواصل الاجتماعي.

ويوم 3 ايار مايو، استهدفت قاعدة بلد الجوية العراقية في صلاح الدين، أربعة صواريخ كاتيوشا، وبحسب بيان خلية الاعلام الامني فان اطلاق الصواريخ كان من منطقة الناي بقضاء الخالص في ديالى.

ويوم امس الثلاثاء، استهدفت قاعدة عين الاسد في الانبار، الى قصف بصاروخي كاتيوشا وسقطا في ساحة فارغة دون اي اضرار بحسب خلية الاعلام الامني.

وتأتي هذه الهجمات في ظل تحركات دولية واقليمية لحلحلة الأزمات بين بلدان المنطقة، وخاصة ايران ودول الخليج، حيث عقدت الجولة الاولى من المفاوضات بين طهران والرياض ببغداد في 9 نيسان ابريل الماضي، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد الى طهران، ضمن إطار مفاوضات ايرانية مع الامارات، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد.

وتعليقا على الموضوع، يقول النائب عن تحالف سائرون (التيار الصدري) رياض محمد، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الهدف من هذه الهجمات هو ان تبقى منطقة الشرق الاوسط مضطربة واضعاف الحكومات فيها والمحافظة على أن تكون استهلاكية بعد استقرار أمنها الذي لو استقر لنشطت الحركة الانتاجية فيها”.

ويضيف محمد، أن “هذه العمليات لا تقدم ولا تؤخر، وليس لها أي بعد امني او سياسي”، مبينا ان “ضرب مطار بصواريخ كاتيوشا او قاعدة معينة، الهدف منه اثبات الوجود من قبل جهات معينة، وليس كما يدعي البعض بانها مقاومة”.

ويلفت الى ان “أضعف حلقة في البلاد هي الحكومة، حيث أن الاحزاب والتدخلات الاقليمية والوجود الاجنبي بالعراق، كلها أقوى من الحكومة العراقية”.

وبشأن تمويل الجهات المنفذة للهجمات الصاروخية في العراق، يوضح محمد، ان “موازنة العراق تبلغ 130 مليار دولار، وهي موازنة ما لا يقل عن 15 دولة، لكن الاهم اين تذهب اموال الفساد وتجارة المخدرات وغسيل الاموال بالبنك المركزي والمنافذ الحدودية وتزوير العقارات والنوادي الليلة، فهذه الاموال لا تذهب للدولة، بل الى اشخاص وجهات متنفذة، وعليه فان مصادر التمويل مفتوحة”، متابعا “لدينا اكثر من 30 ترليون دينار سنويا تذهب خارج الدولة”.

ويتساءل “هل أن مطار بغداد الدولي عراقي أم امريكي؟ وهل ان المقاومة تقصف مطار دولتها وفيه مسافرون عراقيون ومعدات وطائرات عراقية”، موضحا ان “استمرار هذا القصف يعطي مسوغا حقيقيا للولايات المتحدة الامريكية بالاستمرار في هذا الوجود”.

الى ذلك، يبين النائب عن كتلة صادقون النيابية (عصائب أهل الحق) فاضل الفتلاوي في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “الفصائل العراقية لا تتبنى أي قصف على أي قاعدة عسكرية امريكية في العراق، خاصة في ظل الحوار الاستراتيجي الذي تعتبر بعض مخرجاته الاخيرة جيدة”.

ويشير الفتلاوي، الى أن “هذه الضربات بعيدة كل البعد عن فصائل المقاومة الاسلامية او الحشد الشعبي، بل نحن بانتظار نتائج الحوار الامريكي العراقي وتحقيق نتائجه على ارض الواقع، اضافة الى تطبيق قرار البرلمان العراقي بخصوص القوات الاجنبية، حيث ان هذا لا يمنعنا من تكوين علاقات استراتيجية واستخبارية مع جميع الدول بما فيها واشنطن، اضافة الى علاقات تسليح نوعي لجيشنا العراقي والمؤسسة العسكرية باكملها، ولا نعترض ان يكون التسليح من امريكا حتى فيما يخص منظومة الدفاع الجوي”.

ويؤكد ان “الفصائل اذا تريد ان تقصف فلا تخشى شيئا، وتتبنى بوضوح عملية القصف”، مشيرا الى ان “الفصائل أعطت فسحة للحكومة العراقية للتفاوض مع الجانب الامريكي من أجل خروج القوات الامريكية بعد ان اعلنت الفصائل الخطوط العريضة لهذه الهدنة ونحن نثمن هذه الخطوات شرط ان تكون سيادة العراق من اولوياته”.

وعادة ما تتبنى عمليات القصف فصائل مسلحة تحت مسميات عديدة ومجهولة الشخوص، فضلا عن نشر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهذه الفصائل لمنصات اطلاق الصواريخ قبل تنفيذ عمليات القصف، ما يشكل تبني صريح لهذه العمليات، دون وجود أي إجراء قانوني ضدها.

إقرأ أيضا