“الكاظمي ميتر” يحصي 41 وعدا أطلقه رئيس الحكومة منذ عام.. فماذا تحقق؟ (انفوغراف تفاعلي)

تنشر “العالم الجديد” ثاني تقاريرها الرقابية الإحصائية حول الأداء الحكومي في العراق، تحت مسمى “الكاظمي…

تنشر “العالم الجديد” ثاني تقاريرها الرقابية الإحصائية حول الأداء الحكومي في العراق، تحت مسمى “الكاظمي ميتر” وهو القسم الذي استحدثته الصحيفة العام الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حيث يقدم من خلاله إحصائية كاملة بالوعود التي أطلقها منذ يوم تكليفه في 9 نيسان أبريل 2020 وما تحقق منها حتى نهاية العام الأول لولايته والذي صادف يوم أمس الجمعة (7 ايار مايو 2021)، إذ تم التصويت على كابينته داخل مجلس النواب في 6 ايار مايو 2020.

وتسجل الإحصائية 41 وعدا للكاظمي تتعلق بملفات السياسة والامن والاقتصاد والخدمات الأخرى، أخفق بتنفيذ 34 منها (83%) إخفاقا تاما، مقابل تحقيقه ثلاثة وعود فقط (7.3%)، فيما أوفى جزئياً بتحقيق 4 وعود أخرى (9.7%).

واعتمد فريق الإحصاء في عمله على مجموع الكلمات التي ألقاها الكاظمي منذ يوم تكليفه بتشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، والكلمات التي تلتها في الاجتماعات والمؤتمرات الصحفية المتعددة، بالاضافة الى مقررات مجلس الوزراء، فضلا عن المنهاج الوزاري الذي قدمه لمجلس النواب خلال التصويت على حكومته، ناهيك عن الورقة البيضاء التي اعتمدتها حكومته.

الملف السياسي

من مجمل تسعة وعود أطلقها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بالشأن السياسي، فقد أخفق بتنفيذ خمسة منها، فيما نجح بتنفيذ وعدين اثنين، وتنفيذ جزئي لوعد واحد، إذ تمحورت الوعود بشأن السيادة والقضاء على الفساد وعلاقات العراق “الخارجية”وعلاقة بغداد مع اقليم كردستان، فضلا عن اطلاق سراح المتظاهرين وتشكيل مجلس استشاري شبابي و”الحوار الوطني“.

البداية، من كلمة الكاظمي التي ألقاها عقب تكليفه بتشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، حيث وعد الكاظمي في كلمته تلك بـ”محاربة الفساد والفاسدين مهمة وطنية”، ولكن بعد مضي عام على هذا الوعد، أوفى الكاظمي بصورة جزئية به، وذلك عبر تشكيل لجنة مكافحة الفساد التي اعتقلت مسؤولين ورجال أعمال، وشابتها اتهامات بـ”الابتزاز وانتهاك حقوق الانسان”، فضلا عن أن عدد المعتقلين قارب الـ50 مسؤولا، وهو لا يوازي الفساد المشخص في الدولة، على لسان النواب ومسؤولين فيها.

وقد رد الكاظمي حول الاتهامات الموجهة لهذه اللجنة في 18 تشرين الثاني نوفمبر 2020 بان “الكل يطالبني بمحاربة الفساد، وقد بدأنا بحملة مكافحة الفساد وشكلنا فريق عمل مختصا، لتجاوز الروتين، واعتقلنا مجموعة من الأشخاص وفق مذكرات قانونية، وبدأت الانتقادات واتهامنا باعتقال أشخاص خارج إطار حقوق الإنسان، إذ هناك من يدافع عن حيتان الفساد، ونتعرض لضغوطات كبيرة لإطلاق سراحهم، والبعض يوصل معلومات لمنظمات دولية بأن المعتقلين يتعرضون للتعذيب، ومن يمتلك أدلة بالتعذيب عليه أن يسلمنا الدليل“.

وفي ذات كلمة التكليف، تعهد الكاظمي بأن تكون “السيادة.. خطٌا أحمر، ولا يمكن المجاملة على حساب سيادة العراق، وأن لا تنازل على حساب كرامة العراق والعراقيين، العراق بلدٌ عريق، يمتلك قراره السيادي، والحكومة ستكون ساهرةً على السيادة الوطنية ومصالح العراقيين، ‏سيادة العراق لن تكون قضية جدلية، أكرر واكرر: ‏سيادة العراق لن تكون قضية جدلية”، وبهذا الصدد فشل الكاظمي بحماية السيادة عبر التوغل التركي شمالي العراق، عبر عمليات عسكرية عديدة بلغت مرحلة التوغل البري في نيسان ابريل الماضي، ونصب نقاط امنية، فضلا عن استهداف القرى والمدن عبر الطائرات، الامر الذي ادى لسقوط ضحايا عراقيين مدنيين.

وفي مجلس النواب بتاريخ 7 ايار مايو 2020 وخلال جلسة التصويت على حكومته، قال الكاظمي “ستعمل حكومتي على ترسيخ العلاقة والتعاون بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان وفقاً للدستور”، وهذا ما فشلت به الحكومة نظرا لعدم الخروج برؤية مشتركة مع الاقليم وعدم التوصل للحلول رغم الوفود التي زارت بغداد خلال الفترة الماضية، وعدم إيفاء الاقليم بالتزاماته المالية تجاه بغداد، وتحديدا ملف إيرادات النفط والمنافذ الحدودية، وهو ما تكرس في موازنة 2021، حيث مررت في اذار مارس الماضي، دون ان تحسم ملفات النفط والمنافذ الحدودية، وعدم تسديد الاقليم ما بذمته من ديون لحكومة بغداد.

أما ما يخص الانتخابات، فقد أوفى الكاظمي بالوعد الذي قطعه، وحدد في البداية يوم 6 حزيران يونيو 2021 موعدا لاجرائها، لكن وبناء على طلب من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، تغير الموعد الى 10 تشرين الاول اكتوبر، وذلك لاتمام الامور الفنية المتعلقة باجراء الانتخابات، ويعد تحديد الموعد هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الهدف الاساسي من حكومته وهو اجراء انتخابات مبكرة، فيما تعهد ايضا بتاريخ 28 نيسان ابريل 2020 بـ”العمل على تعزيز الثقة بالعملية الانتخابية، وإجراء انتخابات نزيهة وعادلة”، وهذا التعهد ما زال قيد العمل وبانتظار نتائجه مع اقتراب موعد الانتخابات.

وفيما يخص العلاقات الخارجية للعراق، فقد تعهد الكاظمي في كلمة التكليف بـ”‏علاقات خارجية ناجحة، من خلال الاعتماد على تبني مفهوم الاحترام والتعاون والتوازن مع الجيران والاصدقاء في المنطقة والعالم، انطلاقا من مبدأ سيادتنا الوطنية اولا، الأزمات مع الخارج لا تخدم الاستقرار الداخلي”، وهذا الوعد تحقق عبر الزيارات الرسمية التي أجراها الكاظمي او الوزراء في حكومته، لدول (الاردن، البحرين، السعودية، الولايات المتحدة الامريكية، ايران، قطر، تركيا، مصر) ومؤخرا قاد العراق وساطة بين السعودية وايران، بهدف حلحلة الازمات بين البلدين والوصول الى نقطة التقاء هدفها احلال السلام في المنطقة، فضلا عن اجراء الجولة الثالثة من الحوار الستراتيجي مع واشنطن، ولعب دورا على المستوى العربي، عبر القمة الثلاثية مع الاردن ومصر.

وفيما يخص إطلاق سراح المتظاهرين المعتقلين، فقد أجرى الكاظمي زيارة في 10 تموز يوليو 2020 الى سجن المثنى في بغداد، للتأكد من خلوه من المتظاهرين، وبهذا الشأن تواصلت “العالم الجديد” مع عائلات متظاهرين معتقلين في ذات السجن، وأكدوا انهم ما زالوا فيه وان الزيارة التي أجراها الكاظمي لم تكن مكتملة، كونه لم يزر القاعات السرية التي يقبع فيها بعض المتظاهرين، فيما أكد متظاهر أودع سابقا في السجن ذاته ضمن تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، ان القاعات التي ظهرت في صور زيارة الكاظمي مختلفة عن التي أودع فيها.

وجاء ايضا في المنهاج الوزاري “العمل على تشكيل مجلس استشاري شبابي تطوعي، مرتبط بمكتب رئيس الحكومة، يمثّل المحافظات العراقية كافة، ويتمّ التنسيق مع هذا المجلس بشأن الخطوات الحكومية الخاصة في مجال الإصلاح، ويكون لهذا المجلس دورٌ في صياغة آلياتٍ دائمة لحماية الحقّ في التظاهر، وضمان سلميته، واعتباره ممارسة ديمقراطية صحية تعكس وعي شباب العراق والتزامهم بمقتضيات الإصلاح وبسيادة بلدهم وأمنه وسلامة شعبه”، ولكن لغاية الان لا توجد أي بوادر لتشكيل هذا المجلس، بل لم يبدأ العمل بوضع آلياته لتنفيذه، وتم إهماله بعد مضي 100 يوم من عمر الحكومة.

كما أطلق الكاظمي في 8 اذار مارس 2021، خلال زيارة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس الى العراق، دعوة لـ”الحوار الوطني”، قائلا “نطرح اليوم الدعوة الى (حوار وطني) لتكون معبراً لتحقيق تطلعات شعبنا”، وبهذا الوعد أخفق الكاظمي لعدم تحقق الحوار، وبحسب معلومات حصلت عليها “العالم الجديد” فان “الاتحاد الاوروبي طرح على الحكومة المساعدة في تحقيق الحوار الوطني، بين جميع المكونات، وبهدف الوصول الى حلول بشأن التظاهر وانهاء الصراعات في الدولة، لكن الحكومة لم تستجب للطلب الاوروبي ورفضت التعاون“.

وضمن المنهاج الوزاري، كان الكاظمي قد ذكر “فتح حوار وطني مسؤول وصريح مع فئات المجتمع العراقي المختلفة بهدف الإصغاء الى مطالب حركة الاحتجاج السلمي، وتطبيق أولوياتها الوطنية”، وهو ايضا لم يتحقق لغاية الان، رغم أن هذا الوعد كان جزءا من المقترح الاوروبي الذي قدم للحكومة ورفضت تنفيذه، بحسب مصادر دبلوماسية حصلت عليها “العالم الجديد“.

الملف الامني

أطلق الكاظمي تسعة وعود في هذا الملف، أخفق بتنفيذ ثمانية منها، فيما أوفى بشكل جزئي بوعد واحد، وتركزت الوعود حول القبض على قتلة المتظاهرين والسيطرة على السلاح المنفلت وحماية البعثات الدولية، فضلا عن فرض هيبة الدولة وفرض القانون، واخيرا ضبط أمن الحدود.

ففي كلمته بمجلس النواب، تعهد الكاظمي بـ”ملاحقة المتورطين بدم العراقيين”، وبهذا الملف أوفى الكاظمي بصورة جزئية في الأمر، حيث تم اعتقال مجموعة مسلحة أطلقت النار على متظاهرين في البصرة قبل عدة اشهر، إضافة الى الكشف عن ثلاثة منتسبين استخدموا بنادق الصيد بشكل شخصي لقتل ثلاثة متظاهرين، إضافة الى القبض على افراد “عصابة الموت”، وبحسب الاعلان الرسمي فان العصابة مسؤولة عن قتل الاعلامي احمد عبد الصمد في البصرة، لكن بعد اتصال “العالم الجديد” بعائلة عبد الصمد، أكدوا انه لم يبلغوا بالقبض على القاتل ولم يحضروا كشف الدلالة ولم يطلب منهم تقديم شكوى.

 

واستمر الكاظمي باطلاق الوعود بشأن القبض على عصابات الاغتيال والخطف، ومنها ما قاله في 30 اب اغسطس “نؤكد أن السلاح المنفلت وعصابات الجريمة والاغتيال والخطف هي خنجر في قلب الوطن وفي قلب كلّ عراقي”، اضافة الى قسمه اما عائلة الناشطة التي اغتيلت ريهام يعقوب حيث قال “أقسم بدم الشهيدة أن المجرمين لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن، وإن دماء الشهيدة والشهيد هشام الهاشمي، والشهيد تحسين أسامة لن تذهب هدراً“.

وكان الكاظمي، قد تعهد في 7 حزيران يونيو 2020، وعقب اغتيال الخبير الستراتيجي والباحث الأمني هشام الهاشمي بـ”العراق لن ينام قبل أن يخضع قتلة المحلل الأمني هشام الهاشمي للقضاء”، مضيفا “من تورّط بالدم العراقي سيواجه العدالة”، إذ أن ما جرى اعتبر من قبل مراقبين أشبه بتسويف للقضية وانتهى مصيرها مجهولا، وتم غلقها من قبل جهات سياسية وأمنية، ولم يعلن عن المتهم الرئيس فيها.

وفيما يخص منع الاعتداء على البعثات الدبلوماسية، فقد تعهد بالمؤتمر الصحفي الذي عقده بتاريخ 11 حزيران يونيو الماضي، بـ”يجب أن نعيد هيبة الدولة، ولن نقبل بالاعتداء على مؤسسات الدولة تحت أي عنوان”، وبهذا الشأن فقد تزايدت وتيرة الاستهدافات بصواريخ الكاتيوشا ضد مؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية، وتم استهداف مواقع عسكرية عراقية وأجنبية، وكانت ذروتها بعد تسنم الكاظمي لمنصبه، وبحسب احصائية خاصة اعدتها “العالم الجديد” فأن العام 2020 شهد 76 استهدافا بصواريخ الكاتيوشا والعبوات الناسفة ضد المصالح الاجنبية في العراق، دون الكشف عن المنفذين واعتقالهم،ن او ايقاف الاستهدافات بطرق أخرى.

وعاد في 21 كانون الاول ديسمبر الماضي، للتأكيد على ان “البعثات الدبلوماسية بحماية العراق ضمن القانون الدولي، والدولة هي من تقرر قرار السلم والحرب، وهي من تعقد الاتفاقيات، وأي اعتداء أو انتهاك مرفوض ويعاقب عليه وفق القانون”، في وقت كان هذا الشهر الاعلى بمستوى الاستهدافات، بواقع 18 استهدافا.

وفي تعهد مرتبط بالنقطة الاولى، قال الكاظمي في كلمة التكليف “السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف هو اختصاص الدولة ولا غير الدولة، الدولة فقط، السلاح ليس اختصاص الافراد ولا المجموعات، وان المؤسسات العسكرية والأمنية، بمختلف صنوفها، من الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة، ستقوم بواجبها لمنع انفلات السلاح وسنعمل على حصر السلاح باجراءات حاسمة”، وهذا ما لم يتم تنفيذه لغاية الان ولذات الاسباب التي ذكرت أعلاه.

وبهذا الشأن، وعد الكاظمي في 1 أيلول سبتمبر 2020 بالقول “لدينا عمليات لاستعادة هيبة الدولة وفرض القانون، قريبا ستقوم الأجهزة الأمنية بعمليات لاستعادة هيبة الدولة وفرض القانون”، وهذا الوعد لم ينفذ، بل تبعه تنفيذ استعراضات مسلحة في العاصمة بغداد، من قبل سرايا السلام وجماعة ربع الله وعصائب اهل الحق، دون أي رد من الجهات الامنية الرسمية، بل في استعراض ربع الله اعلنت قيادة العمليات المشتركة انها “تفاجأت“.

وبشأن أمن الحدود العراقية، ففي 30 ايلول سبتمبر 2020 قال الكاظمي “ضبط الحدود هو بوابة الأمن والاستقرار، كما يجب رفع المواقف الأمنية الى المراجع كما هي وعدم إخفاء أي معلومات على المقر الأعلى، لكي تتم المعالجة وإعطاء التوجيه في ضوء الحادث وليس محاولة التقليل من الحادث”، وهذا ما لم ينفذ نظرا للخروق الامنية في الحدود، وكان اخرها ما جرى في نيسان أبريل الماضي حيث تعرض مخفر حدودي الى هجوم مسلح انتهى بالاستيلاء على الاسلحة والمعدات فيه، وبحسب ما كشفت “العالم الجديد” فأن الجهات المعنية نفت الهجوم الذي حدث فجرا، وأبلغت مقر القيادة في بغداد بعدم وجود أي حادث، حتى رفع الموقف الرسمي بالهجوم في الساعة السابعة من صباح اليوم التالي.

وأخيرا يظهر أن الكاظمي قد فشل في هذا الملف بالثبات على قراره بإقالة العميد الركن محمد الفهد، قائد الفرقة الاولى في الشرطة الاتحادية، والمسؤول عن منطقة زيونة، حيث جرت عملية اغتيال الهاشمي، إذ تمت قبل ايام إعادة الفهد الى منصبه ذاته بعد أن تم غلق ملف التحقيق بالقضية.

الملف الاقتصادي

في هذا الملف، أخفق الكاظمي في تنفيذ 14 وعدا، فيما أوفى جزئيا بتنفيذ وعد واحد، وتنوعت الوعود بين تطوير القطاع المالي والمصرفي في العراق، وتشغيل الشباب ودعم العوائل الفقيرة، بالاضافة الى السيطرة على المنافذ الحدودية وإطلاق العديد من المشاريع المالية والصناعية.

فقد وعد الكاظمي في مؤتمر صحفي، بأن “السيطرة على المنافذ الحدودية سترفد العراق بمليارات الدولارات”، وبهذا الشأن فقد حاول الكاظمي تنفيذ هذا الوعد، عبر سيطرة القوات على منافذ طريبيل ومندلي ومنافذ البصرة، من أصل منافذ تقترب بمجموعها من 30 بضمنها منافذ إقليم كردستان التي ما زالت خارج سيطرة الدولة، وخلال رصد “العالم الجديد”، فان المخدرات والمواد الممنوعة من التصدير ما زالت تدخل العراق بشكل مستمر، وذلك وفقا للبيانات الرسمية التي تصدر من قبل هيئة المنافذ الحدودية والجمارك.

وفي كلمته عقب التكليف، قال الكاظمي “الاقتصاد العراقي منهك، والترهل الوظيفي انهك الدولة، سنحرك عجلة الاقتصاد بتوسيع الاستثمارات، وتنويع الدخل وتشجيع الصناعة والزراعة والتجارة”، وفي هذا الوعد فشل الكاظمي عبر بقاء المعامل معطلة وعدم جلب استثمارات للبلد، بل خلال زيارته الى ايران جرى التباحث بشأن زيادة التبادل التجاري الى 20 مليار دولار سنويا، ما يعني قتل الصناعة والزراعة العراقية بالكامل والاعتماد على الاستيراد.

وبشأن الموازنة الاستثنائية، فقد تضمن منهاجه الوزاري إعداد موازنة استثنائية للعام 2020، وهذا ما لم يتحقق، وسط انتقادات سياسية لعدم إعداد الموازنة.

وفي ظل انخفاض أسعار النفط عالميا، فقد توعد الكاظمي بمنهاجه الوزاري بتعديل جولات التراخيص النفطية لتتلاءم مع الأسعار الحالية، لكن لغاية الآن لم تتم المباشرة بهذا الملف وبقي حبرا على ورق.

وتضمن المنهاج الوزاري تشكيل المجلس الاعلى للاعمار والاستثمار، وهو ما بقي طي المنهاج فقط، ولم يتم التطرق له او البدء بتشكيله للنهوض بالعجلة الاقتصادية في البلد.

كما تضمن المنهاج ايضا، وضع برنامج لتمكين الشباب وخلق فرص عمل في القطاع الخاص، وهو ما لم ينفذ لغاية الان، ولم يبدأ العمل بالبرنامج او يرى النور، حتى يأخذ مساره الطبيعي.

وقال الكاظمي خلال تواجد في المانيا بتشرين الاول اكتوبر 2020 “شرعنا ببرنامج طموح لإصلاح وإعادة هيكلة وتحديث النظامين الاقتصادي والمالي، ونحن مهتمون بالحصول على كل أشكال الدعم الاستشاري والتقني والخبرات في هذا المجال من المانيا”، لكن الأزمة تفاقمت بعد هذا الحديث واتجهت الحكومة الى تعويم الدينار، ما خلق أزمة اقتصادية جديدة للمواطن البسيط.

كما قال الكاظمي ان “الموازنة وفرت الحماية للفئات الفقيرة، ضمن مشروع إصلاح اقتصادي شامل، في ظل أزمة اقتصادية عالمية كبيرة تعاني منها جميع دول العالم”، وهذا ما لم يتحقق نتيجة لتعويم الدينار وتأثيره السلبي على المواطن، لا سيما وان الرواتب والمدخول الشهري هو بالدينار وليس الدولار.

وأكد ايضا “دعم وحماية الصناعة المحلية شغلت حيزاً كبيراً في المنهاج الحكومي، ونعمل حاليا على تهيئة البنى التحتية الضرورية لخلق بيئة ملائمة لإحياء الصناعة العراقية من جديد، ونعوّل في هذا المسار على الطاقات الشبابية في بلدنا”، وهذا ايضا لم يتحقق في ظل استمرار غلق كافة المعامل وتوقف الصناعات العراقية الحكومية والاعتماد على الاستيراد.

وأصدر الكاظمي توجيها لوزارة الصناعة والمعادن بـ”إطلاق مبادرة المشروع الوطني لتشغيل الشباب، لمساعدة الخريجين من الشباب في تأسيس مشاريع صناعية صغيرة تسهم في تطوير الصناعة المحلية وتخفض نسب البطالة في الوقت نفسه”، وهذا أيضا لم يتحقق في ظل استمرار البطالة وعدم فتح اي مشاريع صناعية جديدة.

وفي مطلع تشرين الاول اكتوبر 2020، أطلق الكاظمي “الورقة البيضاء” التي تضمنت آليات جديدة للإصلاح الاقتصادي وبحسب قوله، إنها “نالت استحسان المجتمع الدولي والبنك الدولي، وهناك دول أكدت دعمها للورقة عن طريق القروض بدون فوائد أو مشاريع استثمار، وممكن أن تكون حلا للمشاكل الاقتصادية”، لكن اطلاق هذه الورقة رافقه خفض لقيمة الدينار وتضمين الموازنة العديد من القروض الدولية، فضلا عن اتجاه الحكومة الى الاقتراض الداخلي مرتين خلال العام الماضي لتأمين رواتب الموظفين.

ووعد في برنامجه الحكومي “تطوير الأداء المصرفي العراقي من خلال تعزيز الثقة بالمصارف العامة والخاصة، بما يشملُ نشر التكنولوجيا المصرفية، وربط الأنشطة الاقتصادية بالمصادر واعتماد الرقم الوظيفي، ويتولى (البنك المركزي العراقي) وضعَ خطة بسقف زمني مداه عام واحد لتطبيقِ المكننة في المصارف”، وهذه الخطة رغم مرور عام كامل لم يطبق هذا الوعد.

وتضمن المنهاج الوزاري “تشجيع الاستثمار في مجالات السياحة والتكنولوجيا والاتصالات والمواصلات”، وهو ما يطبق ايضا لغاية الان، بل اتجهت الحكومة الى تجديد رخص الهاتف النقال الحالية، ما أثار لغطا كبيرا نظرا لشبهات الفساد التي تدور حولها، فضلا عن انعدام الاستثمار السياحي في البلد وعدم دخول اي شركات خاصة بالنقل والمواصلات، باستثناء الشركات الخاصة العاملة في البلد منذ سنوات.

كما وعد الكاظمي، حسب المنهاج الوزاري بـ”البدء بالإصلاح الإداري الشامل في مؤسسات الدولة حسب دراساتٍ مُحكَمَة، وبما يشملُ تسهيلَ حركة الاقتصاد وتنشيط عمليات الاستثمار، والقضاء على الحلقاتِ الإدارية الفائضة ومنع منافذ الفساد في عقود الدولة ومشاريعها وتعاملاتها”، وهذا الوعد لم يف به ايضا، بل وحسب تصريحات اعضاء بمجلس النواب، فان الفساد مستمر بالعقود الرسمية وباغلب مفاصل الدولة.

ووعد ايضا بـ”استكمالُ مشـروعِ الحكومة الإلكترونية والشفافيّة بما يشملُ مؤسساتِ الدولة كافة حسبَ السقوفِ الزمنيةِ المحددة”، وهذا ما لم يتحقق ايضا.

الملف الصحي

في الملف الصحي، أطلق الكاظمي 4 وعود وأخفق بتنفيذها جميعا، خاصة وانها تمحورت حول التعهد بحماية العراقيين من خطر فيروس كورونا، بالاضافة الى حماية الكوادر الصحية من الاعتداءات، وفتح مستشفيات جديدة وتوفير المستلزمات الصحية والعلاج في المستشفيات.

أول وعد أطلقه الكاظمي في كلمة التكليف هو “تعهد الحكومة، بأن تكون في خط الدفاع الأول، لحماية العراقيين من خطر فيروس كورونا، وبذل قصارى الجهود، واستخدام كل العلاقات الداخلية والخارجية، لحماية العراق في مواجهة هذا الوباء العالمي”، في هذا الملف فشل الكاظمي بإدارة أزمة تفشي الفيروس، وتجاوزت الاصابات بين العراقيين منذ توليه المنصب حاجز الـ8 الاف إصابة يوميا، بعد أن كانت اقل من 1000، حتى تخطت الاصابات في عموم البلاد حاجز المليون، فيما فشل بإدارة الأزمة والمؤسسات الصحية، وآخرها الحريق الذي اندلع في مستشفى ابن الخطيب الخاص بمرضى كورونا ببغداد، وأدى الى وفاة 82 شخصا واصابة 110، فضلا عن أزمة نقص الاوكسجين التي ضربت مستشفيات الوسط والجنوب في اشهر حزيران وتموز وآب من العام الماضي، وأدت الى حالات وفاة واعتماد المواطنين على شراء قناني الاوكسجين من السوق السوداء.

وفيما يخص الكوادر الصحية والطبية، قال الكاظمي في 28 حزيران يونيو 2020، أن “مجلس الأمن الوطني قد أصدر توجيهات بحماية الملاكات الصحية في جميع المستشفيات بعموم العراق، وستتخذ إجراءات مشددة بحق من يتجاوز أو يعتدي على الأطباء والملاكات العاملة في المؤسسات الصحية”، وهذا لم يتحقق أيضا، فقد زادت وتيرة الاعتداءات على الكوادر الطبية والصحية، وخاصة في مدن الوسط والجنوب.

وفي البصرة تحديدا تم إغلاق مستشفى الفيحاء مرتين خلال ايام، بعد تلقيه تهديدات عشائرية نظرا لحالات وفاة جرت داخله، فضلا عن أزمة مستشفى الحسين التعليمي في ذي قار، التي تفاقمت بسبب الاعتداءات على الكوادر الطبية والصحية فيه، فيما لم تتخذ الحكومة أي اجراء رادع.

وفي شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، قال الكاظمي “سنعمل على افتتاح المستشفيات خلال فترة قصيرة بعد افتتاح مستشفى النجف ومستشفى كربلاء”، وهذا ما لم يتحقق، إذ وجهت أسئلة نيابية للكاظمي حول إعلانه افتتاح هذه المستشفيات في وقت أكدت المحافظات عدم افتتاحها لانها غير جاهزة وأحيلت للاستثمار، وخاصة المستشفى الالماني في النجف، كما لم تفتحح اي مستشفى في العراق، وخاصة وان اغلبها بلغت نسب انجازها اكثر من 95 بالمائة، وما زال العراق يعتمد على المستشفيات المشيدة منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وتضمن المنهاج الوزاري أيضا “تسخيـر إمكاناتِ الدولة لمحاربة جائحة كورونا، بما يشمل دعم خلية الأزمة المختصة بهذا الشأن، وتوفير المستلزمات الصحية من أدوية ومعدات وأجهزة، والانفتاح على الدعم والخبرة في المجال الدولي، ووضع أسس نظامٍ صحيٍّ حديثٍ برؤية مستقبلية”، وهذا الوعد ايضا لم يتحقق، بل تأخر العراق في توفير لقاحات كورونا لاشهر عدة، مقارنة بدول الجوار التي تمكنت من تلقيح الملايين من شعبها، في وقت كان العراق ما يزال في مرحلة التفاوض لشراء اللقاح، إضافة الى نقص أغلب أنواع العلاج في المستشفيات وعدم توفر الاجهزة، وقلة في اعداد عمال النظافة وعدم وجود اطباء اختصاص بشكل يغطي حاجة المستشفيات، وذلك بحسب شهادات كشفتها “العالم الجديد” في تقرير سابق حول واقع المستشفيات في العراق.

الملف الخدمي

في هذا الملف، اطلق الكاظمي أربعة وعود، نجح بتنفيذ واحد منها، وأخفق في ثلاثة، وكانت تخص رواتب المتقاعدين، وتحسين الواقع التعليمي، وإنشاء مجمعات سكنية حديثة، واغلاق مخيمات النازحين.

وقال الكاظمي في مؤتمر صحفي “أقول لأهلي من المتقاعدين: رواتبكم لن تمسّ، وما حصل هو إجراء فني بسبب نقص السيولة”، حيث تم استقطاع جزء من الرواتب، وسرعان ما تمت إعادته وعدم مس الرواتب أو تخفيضها بصورة دائمة، وأمر أيضا بتغيير مدير دائرة التقاعد العامة.

وفيما يخص السكن، فقد نقض الكاظمي وعدا أطلقه في 28 حزيران يونيو 2020، حين اجتمع بأعضاء اللجنة المشكّلة بموجب قرار مجلس الوزراء (341)، المعنية بمشروع إنشاء المدن الجديدة، وقال إن “الهدف هو إيجاد مدن نموذجية، وأن تتوفر فيها البنى التحتية، وباقي الخدمات من مدارس وحدائق بالشكل الأمثل”، متابعا “أن النتائج السلبية التي خلّفتها أساليب العمل بردّ الفعل، بدلاً من التخطيط المحكم ووضع استراتيجيات طويلة الأمد، واتباع الخطط المستقبلية، وأن التخطيط الصحيح والمبكر كفيل بوضع مسار التنمية في البلاد على المسار الصحيح”. وانتقد “ظاهرة العشوائيات، كونها جاءت نتيجة مباشرة للتوزيع غير المدروس للأراضي والمشاريع”، ووصفه بأنه “أمر مرفوض، أدى الى نتائج مازالت تمثّل عقبة أمام مشاريع التنمية والإسكان المخطط لها“.

ولكنه خلال زيارة الى البصرة، عقد جلسة مجلس الوزراء فيها بتاريخ 15 تموز يوليو 2020، مقررا وضع برنامج تنفيذ البنى التحتية للمضي بتوزيع الأراضي السكنية على مستحقيها من خلال قيام وزارة الإعمار والإسكان والبلديات بالاستفادة من الاستشاري المتعاقد مع محافظة البصرة، لمراجعة وتحديث التصاميم المعدّة لمدينة السيّاب السكنية. وهذا القرار يناقض الكاظمي توجهه الاول بانشاء مدن سكنية وانتقاده للتوزيع العشوائي للاراضي، وذلك عبر قرار توزيع قطع الاراضي بالألية السابقة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة، والتي انتقدها الكاظمي شخصيا، ما يعني إضافة مدن عشوائية جديدة.

وفي المنهاج الوزاري، وعد الكاظمي بـ”توفير كل الإمكانات اللازمة لعودة النازحين الى ديارهم وغلق ملف النزوح”، وهذا ما لم يتحقق لغاية الان، فما زالت 29 الف عائلة في مخيمات اقليم كردستان ونينوى والانبار، بحسب تصريح وزارة الهجرة والمهجرين لـ”العالم الجديد” في الشهر الماضي.

وقد كرر الكاظمي هذا الوعد في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، بالقول “من المعيب أن يظل النازحون في المخيمات، والحكومات السابقة لم تنجح بحل هذه الإشكالية، والبرنامج الحكومي تضمّن إغلاق كل مخيمات النزوح“.

وبشأن التعليم، فقد أورد الكاظمي في منهاجه أيضا “تطوير وتحديث المؤسسات التعليمية والتربوية والبحثية والعناية بالثقافة والتراث العراقي”، وهذا الوعد لم يتحقق ايضا فالمؤسسات التعليمية لم تشهد أي تطوير على مستويات نقص عدد المدارس او البنى التحتية، كما لم يتم البدء بالعمل على هذا الملف رغم انقضاء عام كامل على حكومته.

وعود عامة

هنا، أطلق الكاظمي ثلاثة وعود، وأخفق بتنفيذها جميعا، وتمحورت حول حرية التعبير وحماية المتظاهرين، والاعتماد على مبدأ الصراحة، اضافة الى توفير الكهرباء.

فيما يخص حرية التعبير، قال الكاظمي في كلمة التكليف “تتعهد الحكومة بكفالة حرية التعبير وحماية المتظاهرين السلميين وساحاتهم، والتعاون معهم لمحاصرة كل من يريد الاساءة لسلمية الاحتجاج”، وهنا فشل الكاظمي في هذا الوعد، حيث شهد العام الاول من حكومته اعلى معدل عمليات اغتيال للناشطين والمتظاهرين، فضلا عن مواجهة القوات الأمنية لتظاهرات ساحة الطيران بعنف واستخدام الرصاص الحي ما ادى الى مقتل 3 متظاهرين.

 ووعد الكاظمي في مؤتمر صحفي بـ”الصراحة كمبدأ نعمل عليه، وليس لدينا غير الصراحة”، ولكنه لم ينفذ هذا الوعد ايضا، إذ أن الحكومة لم تتبن الصراحة في سياق عملها أو في التعاطي مع الاحداث المهمة، ومنها الاتفاقات السياسية والتجارية مع الجانبين السعودي والايراني، والتعيينات والتحركات العسكرية والامنية والغموض في مسألة التعاطي مع الجماعات المسلحة، فضلا عن القضايا الاقتصادية المحلية، وأبرزها تمديد عمل شركات الهاتف النقال، فكل هذه الملفات تعمدت الحكومة إخفاء الحقائق بشأنها.

ووعد الكاظمي ايضا بـ”حرص الحكومة على تحسين واقع الكهرباء في العراق”، وهذا لم يتحقق، إذ مع بداية فصل الصيف الحالي زادت مباشرة ساعات قطع الكهرباء، ما ادى لخروج تظاهرات، في وقت تضمنت موازنة 2021 قروضا هائلة لتطوير وصيانة المحطات الكهربائية، لكن دون اي نتيجة تذكر، فضلا عن كشف “العالم الجديد” عن طرق الفساد في محطة الزبيدية الصينية بمحافظة واسط، حيث تباع الكهرباء الى المعامل والشركات ويحرم منها المواطن، دون وضع اجراءات رادعة لهذا الفساد.

لمشاهدة الانفوغراف بصيغة الـ(PDF) انقر هنا

إقرأ أيضا