حرائق الحنطة.. قوت العراقيين في النجف أمام صيف قاس

مع ارتفاع درجات الحرارة، عادت سلسلة الحرائق لتضرب حقول الحنطة، وبدأت هذه المرة من المشخاب…

مع ارتفاع درجات الحرارة، عادت سلسلة الحرائق لتضرب حقول الحنطة، وبدأت هذه المرة من المشخاب بمحافظة النجف، الأمر الذي عزاه مسؤولون في المحافظة الى “أسباب طبيعية”، مستبعدين حدوث الحرائق بـ”فعل فاعل”، وفيما توقع بعضهم استمرار الحرائق طيلة الموسم الحالي، ناشد أحد المتضررين من الحريق الأخير بـ”تعويض الفلاحين” وصرف مستحقاتهم المتأخرة منذ العام الماضي.

ويقول المدير العام لمديرية الدفاع المدني كاظم بوهان في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موضوع الحرائق في محصول الحنطة يكون بعضها بفعل العصابات الإرهابية الداعشية او بعضها بخطأ غير متعمد، لكن ما جرى من سلسلة حرائق في محافظة النجف وتحديدا بالمشخاب، فهي لا دخل لها بفعل فاعل وإنما حدثت بشكل طبيعي، على عكس مناطق ديالى وغيرها من المدن، فان الحرائق عادة ما تكون بفعل عصابات داعش الإرهابية”.

ويضيف بوهان، أن “هذه الحرائق متوقعة، خاصة وأنها تتكرر بكل فصل حصاد، كونه دائما ما يكون في فصل الصيف بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة”، مبينا أن “فرقنا تمكنت من السيطرة على الحرائق التي حصلت بالمشخاب، ومنعنا خروج الأمر عن السيطرة”.

ويشير الى أن “مديرية الدفاع المدني قامت وبالاتفاق مع مديريات الزراعة بالمحافظات كافة بنشر فرق متفرقة في كل قاطع زراعي ومرافقة عمليات الحصاد لتقليل فرص حدوث الحرائق”، متابعا “لدينا مخاطبات وتواصل مستمر مع جميع الجهات المعنية بهذا الملف واصدرنا توجيهات عدة”.

وفي يوم 6 ايار مايو الحالي، اندلعت الحرائق في 50 دونما من الحنطة في المشخاب بمحافظة النجف، فيما تمكنت فرق الدفاع المدني من انقاذ 450 دونما اخرى قبل ان تطالها السنة النيران، وبحسب مديرية الدفاع المدني فان الحريق كان بسبب تطاير شرارة من ماكينة “الحاصودة”.

من جانبه، يبين عباس دوحي الكرعاوي، وهو أحد أصحاب المزارع التي احترقت في منطقة المشخاب بمحافظة النجف، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “منطقة المشخاب هي عشائرية وهناك تكاتف جيد ولا يمكن دخول الارهاب، ولكن أسباب الحريق عديدة، حيث يأتي خلال موسم الحصاد الرعاة، ويستفيدون من عمليات الحصاد لحيواناتهم، والحنطة كالنفط سريعة الاشتعال حتى أننا نراقبها في الليل، تحسبا لأي شرارة أو سيجارة يرميها أحد المارة”.

ويطالب الكرعاوي بـ”تعويض من الحكومة، حيث أن 10 فلاحين تضرروا ووضعهم سيئ، كون ما حصل كارثة طبيعية ولابد من وجود يد المساعدة والتعويض، وما فقدناه يقدر باكثر من 50 دونما، والفلاح لديه حقوق ويجب تعويضه عنها”، مؤكدا “أننا سوقنا محصول الشلب من شهر كانون الاول يناير بالعام الماضي، والى اليوم لم نستلم أي أموال، وصراحة لا نعرف من يخطط في وزارة الزراعة أو التجارة، وما تبين لنا أن القائمين على هذه المناصب لا يعرفون شيئا عن الفلاحين”.

ويشير الى أن “وضع الفلاح صعب جدا، ولا يوجد أي اهتمام حكومي به، وأنا شخصيا أعرف بعض الفلاحين الذين لا يملكون مالا لشراء الملابس لاطفالهم بعيد الفطر المبارك، وبالتالي لا يسعنا سوى المناشدة للانتباه الى هذه الشريحة المهمة في المجتمع”.

وحول هذا الحريق، يبين مدير زراعة المحافظة منعم الفتلاوي، في حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “منذ العام الماضي ولغاية الآن، فان حرائق حقول الحنطة تتكرر والمصدر مجهول”.

ويلفت الى أن “محافظاتنا بصورة عامة لا توجد فيها أسباب واضحة، كما في باقي المحافظات، ومن المحتمل أن الحرائق في النجف ناتجة عن إهمال أو أطفال أو بسبب حاصدة”، مضيفا أن “المسببات الخارجية والاستهداف لا أعتقد أنه يحدث في محافظات الوسط والجنوب”.

ويؤكد أن “تأثير هذه الحرائق كبير جدا على الفلاحين، كون المحصول وصل إلى مرحلة الحصاد، وفي حال لم تتم السيطرة عليها، ستؤدي إلى كوارث مادية ومعنوية بالنسبة للمزارعين”، متابعا “قبل شهر صدرت توجيهات وتحذيرات من قبل مديرية الزراعة للاستعداد لهذه الحالات، وما شاهدناه بحريق المشخاب هو أن الدفاع المدني كان متهيئا للحادثة وسيطر بالوقت المناسب، فحال دون حصول كارثة”.

ويكشف الفتلاوي “لدينا مساحات كبيرة بالنجف تقدر بحوالي 257 الف دونم مزروعة بمحصول الحنطة هذا الموسم، وخمسة آلاف مزروعة بمحصول الشعير”، متوقعا “حدوث حرائق في الايام المقبلة”.

وشهدت محافظة النجف، منذ مطلع العام الماضي وحتى شهر أيلول سبتمبر منه، 1887 حريقا نشبت في المحاصيل الزراعية والمباني وبلغت خسائرها نحو 42 مليون دولار، حسب احصائية حصلت عليها “العالم الجديد” ونشرتها في تقرير سابق. 

ومن الحرائق الكبيرة التي شهدها العراق، هي حقول الحنطة في عام 2019، والتي أتت على 2000 دونم، وذلك بعد توقع وزارة الزراعة بوصول العراق الى مرحلة الاكتفاء الذاتي من المحصول، بعد ان كان يستورد الحنطة من امريكا واستراليا.

وحرائق الحنطة تجددت في آيار مايو 2020 ايضا، وشملت 16 محافظة، وبحسب بيان مديرية الدفاع المدني آنذاك، فان إحصائية الحرائق للفترة من 21 نيسان أبريل ولغاية 22 آيار مايو، للمحاصيل الزراعية بلغت 164 حادثا، وشملت احتراق مساحة 101 ألف و222 دونما من المحاصيل الزراعية. 

الى ذلك، يوضح رئيس اتحاد جمعيات الفلاحين بالنجف احمد العيساوي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما حدث في منطقة المشخاب بالمحافظة لا أعتقد انه مفتعل، حيث أن سكان هذه المنطقة تجمعهم قرابة وتعارف، حيث يكون الغريب معروفا بينهم”.

ويشير الى أن “هذه الحرائق، تأتي متزامنة مع العراقيل التي تضعها خطط الدولة، وبالتالي فكل هذه الامور باتت تؤثر سلبا على القطاع الزراعي، كوننا نحصد ونسوق، ولغاية الان لم يتم تسليم المستحقات المالية للفلاحين لمحصول الرز”.

ويردف أن “الحنطة سريعة الاشتعال، كما أنه يتم حصدها في الجو الحار، ولدينا حاصدات رديئة واصحاب مواشي يرعون في هذه الاراضي، وقد يكون أحدهم رمى سيجارة أو شيء مسبب للحريق، بالاضافة الى وجود احتمالات أخرى تدخل في مسببات الحرائق”، منوها الى أن “هناك أيادي خفية موجودة ببعض محافظات العراق تعمل على تخريب المنتج العراقي لكننا في النجف دائما ما تحصل الحرائق في وضح النهار، عكس ما نشاهده من اعمال تخريبية ببعض مدن العراق في منتصف الليل”.

وينبه إلى أن “المساحات الزراعية في النجف قليلة، حيث لكل فلاح ما يقارب 10 دوانم، باستثناء حالات قليلة، عكس ما موجود في مناطق الغربية على سبيل المثال حيث هناك مساحات شاسعة تصل إلى أكثر من 100 دونم للفلاح، وهو ما يصعب السيطرة عليه”، مبينا أن “الحرائق هذه ستستمر بلا شك إلى نهاية موسم الحصاد”. 

ويشهد العراق حرائق مستمرة في المباني العامة والخاصة والحقول الزراعية، وعادة ما يعلن ان السبب تماس كهربائي او حوادث فردية، وخاصة في فصل الصيف، حيث ترتفع وتيرة الحرائق نتيجة درجات الحرارة المرتفعة وتأثيرها على الاسلاك الكهربائية المتشابكة في المناطق السكنية والتجارية.

إقرأ أيضا