25 ألف متعاطية من الاناث.. المخدرات تفتك بـ20% من سكان ذي قار (انفوغراف)

تعاطي وإدمان المخدرات في ذي قار، بلغ نسبة “مرعبة” بين السكان، فقد وصلت الى 20…

تعاطي وإدمان المخدرات في ذي قار، بلغ نسبة “مرعبة” بين السكان، فقد وصلت الى 20 بالمائة من أهالي المحافظة، حيث تشكل الإناث 5 بالمائة من بين جميع المتعاطين، فيما عزا مختصون تنامي حالة التعاطي الى القيود و”الكبت” ومنع الخمور وعدم وضوح النصوص الدينية، في ظل خلو المحافظة من أي مركز رسمي لعلاج الإدمان.

ويقول مدير قسم الطب النفسي في دائرة صحة ذي قار الدكتور إبراهيم عبدالأمير في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المحافظة فيها لجنة فرعية لمكافحة المخدرات، وهي تتبع وزارة الصحة، كما لدينا مشروع ستراتيجي لانشاء مركز لعلاج المدمنين في ذي قار، ونسعى منذ العام 2017 وحتى الان لتنفيذه، لكن لم نصل الى نتائج لأنه يتطلب الحصول على قطعة أرض ومعدات وأموال كبيرة وكوادر“.

ويضيف عبدالأمير، أن “علاج المدمنين حاليا يكون داخل الردهات النفسية للحالات الضرورية، ومعظم الأحيان يكون العلاج في المنازل، حيث يحجر المريض بمنزله من قبل ذويه”، متابعا “نحاول توعية المواطنين خاصة الشباب منهم، بخطورة المخدرات وتأثيرها على مجتمعاتنا، ولنا إرشادات ونصائح ولقاءات كثيرة للتوعية حول هذا الموضوع“.

وحول أنواع المخدرات الأكثر استخداما في ذي قار، يبين عبدالأمير، أن “الكرستال والكبتاغون هما من أكثر النوعيات المنتشرة حاليا في المحافظة”، مشيرا الى أن “الضعف المادي والبطالة وقلة الموارد وضعف الاستقرار، كلها عوامل أدت إلى انتشار هذا الوحش الكاسر بين مجتمعنا“. 

وبشأن نسب المتعاطين والمدمنين في ذي قار، يلفت عبدالأمير، الى “انتشار المخدرات بين الاناث بسبب العنف الأسري، إذ يأتي تعاطيهن كنوع من التمرد أو الهروب من الواقع، حيث بلغت نسبة تعاطيهن 5 بالمائة من مجموع نسبة المتعاطين في المحافظة، وهي نحو 20 بالمائة من المحافظة“.

وبحسب عملية حسابية، أجرتها “العالم الجديد”، بناء على تقديرات عدد سكان محافظة ذي قار، البالغ ما يقارب المليونين و500 الف نسمة، يتضح أن نسبة المتعاطين هي 500 ألف شخص من مجموع السكان العام، وبعد استخراج نسبة 5 بالمائة من هذا الرقم، يكون 25 ألفا هو عدد الاناث المتعاطيات في المحافظة، فيما يكون عدد الذكور 475 ألف متعاط.

وفي إطار الفرق بالنسبة بين الإناث والذكور، يوضح أن “عملية الوصول الى المخدرات وترويجها يحتاج إلى مخاطر ونوع من الحرية في الحركة، لذا فانه ينتشر بين الذكور بشكل طبيعي، أما الإناث فيفتقدن لتلك الحرية”، منبها الى أن “محافظة ذي قار تفتقر لمركز مختص بعلاج الإدمان، كما لا تملك إحصائيات دقيقية حول عدد المتعاطين والمدمنين أو الفئات العمرية التي تتعاطى المخدرات“.

 

ما هي الدوافع؟

وتعقيبا على هذه الارقام، وما يجري في ذي قار من انتشار كبير للمخدرات، يقول الباحث الاجتماعي محمد العلي، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “السبب الأساس بانتشار المخدرات في المجتمعات الجنوبية المحافظة، هو الكبت الاجتماعي الذي يمارس بمفهوم خاطئ مع الأسف“.

ويضيف العلي عوامل اخر لانتشار المخدرات، بقوله “لا يوجد نص ديني أو فتوى تحرم المخدرات مثل ما هو موجود بالنسبة للخمور وتعاطيها، لذلك فان بعض ضعاف العقول والنفوس يفسرون الأمر أن تعاطي المخدرات أمر مقبول”، متابعا أن “انتشار المخدرات في الجنوب، يعود أحيانا الى منع المشروبات الكحولية التي تباع تباع بشكل طبيعي في أسواق بغداد، ما يجعل الاقبال عليها سببا لازدراء المخدرات، في حين لا بديل عنها في المحافظات الجنوبية“.

وكان مدير شعبة الطب النفسي في مستشفى الزهراء التعليمي بمحافظة واسط مهدي عبد الكريم، أعلن في 3 نيسان أبريل الماضي، عن ارتفاع نسبة المتعاطين من الاناث والذكور، فيما كشف عن وجود ردهة واحدة لتأهيل المتعاطين، ويقصدها الذكور، فيما تتجه الاناث الى العيادات الخاصة لغرض معلاجة ادمانهن.

وحول هذا الأمر، يبين طبيب اختصاص بمعالجة حالات الإدمان، رفض الكشف عن اسمه، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “محافظات الجنوب تفتقر الى وجود مراكز متخصصة لمثل هذه الحالات وعلاجها“.

ويوضح الطبيب الذي لديه عيادة خاصة في ذي قار، أن “نظرة المجتمع لهذه المراكز أيضا تؤدي إلى فشلها، وإن وجدت، حيث أن الانسان في محافظاتنا يفضل الموت على أن يزور مثل هكذا المراكز بسبب النظرة المجتمعية السيئة التي ستأخذ عنه”، متابعا أن “هذه الحالات تؤدي إلى زيادة حالات التعاطي حتى لدى النساء بسبب العنف الاسري او الضغوط الأخرى“.

ويردف أن “تعاطي النساء دائما ما يكون عبر لقاءات خاصة ضمن مجاميع، ويكون ايضا عبر الاركيلة بصورة كثيرة”، مبينا أن “هذا الموضوع شائك في الجنوب بصورة عامة، حيث اصبح منتشر في كل مكان في السجون وغيرها وباعداد كبيرة“.  

يشار الى أن منظمة محلية كشفت في العام الماضي، نسب تعاطي المخدرات التي تجاوز 40 بالمائة بين بعض الفئات العمرية من الشباب، وهي من 15 – 35، فيما تنحصر النسبة الاكبر للادمان بين اعمار 17 – 25 عاما.

ووفق بيان لمفوضية حقوق الانسان، فان مادة “الكريستال ميث” هي الأكثر طلبا في العراق، بالاضافة الى الحشيشة و”الكبتاغون”، التي يتم تداولها بين الشباب، خصوصاً الفئات العمرية بين 17 و35 سنة.

اعتقالات يومية

الى ذلك، كشف مسؤول أمني رفيع المستوى في ذي قار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، انه “بشكل يومي يتم اعتقال تاجر مخدرات أو أكثر“.

ويضيف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “محافظة ذي قار كانت مجرد ممر للمخدرات، أما الآن فانها أصبحت بؤرة للتعاطي جنوب العراق”، مضيفا أن “المخدرات يتم إدخالها عن طريق البصرة ثم الناصرية وميسان“.

ويوضح “هناك تجار على مستوى كبير في ذي قار، وهؤلاء يرتبطون بسلسلة من الضباط والمسؤولين، حيث لا يمكن لاحد اعتقالهم”، مردفا أن “التجار او المتاجرين الصغار، عندما يتم اعتقالهم يدفعون رشوة بقيمة خمسة ملايين دينار (نحو 3500 دولار) للخروج، ومن ثم يعودون بعدها لمزاولة عملهم“.

وينوه الى أن “أغلب عمليات التجارة بالمخدرات تجري في المقاهي بالمحافظة“.    

وازدهرت تجارة وتعاطي المخدرات في العراق، وخاصة المدن الجنوبية بعد عام 2003، وبيعت المخدرات بأثمان بخسة في هذه المدن، وفي البصرة تحديدا فقد امتلأت السجون بتجار ومتعاطي المخدرات، ودائما ما تنفذ عمليات أمنية للقبض على هؤلاء الاشخاص.

وفي الاونة الاخيرة، باتت المخدرات تصنع داخل العراق، سواء بمعامل او زراعتها بمزارع صغيرة، بمساعدة اشخاص من ايران وافغانستان، وهذا ما جرى في البصرة وذي قار وواسط.  

وحول هذا الامر يقول النائب عن محافظة ذي قار ستار الجابري في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قضية المخدرات متعلقة بالاجهزة الامنية المختصة والتي يجب ان تاخذ دورها في مكافحة هذه الظاهرة المتفشية بشكل كبير وهي تحتاج إلى تعاون حكومي مع العوائل“.

ويشير الى أن “سبب كثرة هذه المخدرات في ذي قار مع المنع التام للمشروبات الكحولية يعود إلى أن المخدرات تأتي عبر التهريب من الحدود العراقية، بل يكون هناك تواطؤ أحياناً من الاجهزة المختصة بحماية الحدود في عمليات التهريب وادخال هذه المواد لمدننا“.

ويبين أن “المخدرات أخطر من المشروبات الكحولية بكثير، حيث تم منح بعض الإجازات لبيع هذه المشروبات في العاصمة بغداد، وهناك ما يقارب ١٥٧ مكانا لبيع الكحول وأغلبها مخالفة للضوابط، في حين أن التركيبة الاسلامية للمحافظات الجنوبية تمنع بيع هذه المشروبات، بل حتى المخدرات”، لافتا الى أن “الإرث الاسلامي يحرم تعاطي وتجارة المخدرات، وهنا على الأجهزة الأمنية وضع حد لهذه المفاسد والقضاء عليها“.

Image

إقرأ أيضا