كلفت 200 مليون دولار.. “طرق الموت” في ذي قار تحصد الأرواح

“طرق الموت”، باتت السمة الشائعة في محافظات الجنوب، ومن بينها ذي قار، حيث يفقد عشرات…

طرق الموت”، باتت السمة الشائعة في محافظات الجنوب، ومن بينها ذي قار، حيث يفقد عشرات المواطنين أرواحهم بسبب تخسفات الطرق وعدم تعبيدها بصورة صحيحة، فضلا عن افتقارها لمقومات السلامة، وذلك رغم إنفاق 297 مليار دينار على أربعة طرق فقط بحسب مدير بلديات المحافظة، الذي ألقى باللائمة على الشركات المنفذة، وأكد انها “غير مؤهلة” لهذه المشاريع، فيما كشف مسؤول محلي آخر، عن استيراد المحافظة لـ”أجهزة مراقبة سرعة السائقين، لكن “لا أثر لها في الواقع“. 

ويقول مدير بلديات محافظة ذي قار عبد العزيز شاهين في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحوادث التي تحصل ليست مشكلتها الاتجاه الواحد أو الاتجاهان في الطرق، بل مشكلتها الحقيقية هي سائقو المركبات“.

ويضيف شاهين، أن “هذه الطرق هي بالاساس طرق سريعة، وتحتاج إلى مبالغ كبيرة وصيانة واسعة، والعمل الذي يجري الان يتم على شكل مقاطع، اضافة إلى أن قسم منها تم منحه لشركات كبيرة عبر إحالة مركزية من قبل وزارة الاعمار، لذلك يحدث فيها خلل بالمتابعة من الدوائر سواء في مديريات الطرق بالناصرية او السماوة او غيرها“.

ويبين أن “أغلب هذه الشركات ليست متوافقة مع هذا العمل الكبير، وقد يكون بعضها ليس بالمستوى المطلوب أو يتأثر عملها بالأزمات المالية، حيث توقفت هذه المشاريع منذ 2014 ولغاية 2018، وبعدها جاءت التظاهرات وأزمة تفشي كورونا”، مشيرا الى أن “مثل هذه الطرق يجب أن تعطى لشركات كبيرة، حيث يحال لها المطقع بأكمله، أي بمعنى إحالة الطريق بالكامل من الناصرية إلى البصرة على سبيل المثال وهكذا، وليس على شكل مقاطع محددة“.

ويلفت الى أن “مبالغ كبيرة تصرف على هذه الطرق، وما تم انفاقه على الطريق ناصرية – بصرة هو تقريبا 150 مليار دينار، مع التأثيث والانفاق وتجهيزه بشكل كامل، فيما وصلت كلفة طريقي ناصرية– ديوانية، وناصرية- سماوة نحو 60 مليار دينار”، متابعا أن “شركاتنا ليست بالمستوى المطلوب الذي يسمح لها بتنفيذ طرق خارجية، حيث الان طريق الناصرية الجبايش تنفذه شركة ماليزية بتنفيذ عراقي، لكن أعمالهم جيدة لغاية الان وبتكلفة 87 مليار دينار لاتجاه واحد فقط، ولا نعلم هل سيتم انجاز الاتجاه الاخر أم سيتحول هذا الطريق الى اتجاهين وتعود الحوادث من جديد“.

وكان محافظ ذي قار احمد الخفاجي أعلن في 27 ايار مايو الماضي، عن العمل على وضع خطة مع دائرة الطرق والجسور لتأهيل الطرق الخارجية الرابطة بين الاقضية والنواحي وتأثيثها وانارتها بمواصفات عالمية للحد من الحوادث المتكررة، بعد ان اكتملت الموافقات الادارية لتمويل الشركات المنفذة.

ويشهد قطاع الطرق والجسور في العراق ترديا كبيرا في ظل ارتفاع اعداد المركبات في البلد والكثافة السكانية، ولم يشهد البلد افتتاح أية طرق جديدة او معالجة للطرق المتهالكة، رغم جباية الاموال من المواطنين، بل اتجه البلد الى طرح ملف تطوير الطرق في مؤتمر الكويت للدولة المانحة، الذي عقد عقب إعلان النصر على داعش.

كما وتتجه أغلب المحافظات الى توكيل مهمة تطوير الطرق الى شركات بارقام مهولة، وأبرزها ما جرى في قضاء أبي الخصيب بمحافظة البصرة، حيث تمت إحالة تعبيد طريق بتكلفة مليار دينار لكل كليومتر، حسبما كشفت “العالم الجديد”، في 23 ايلول سبتمبر 2020، في حين، تذهب الأموال الى الجهات الخدمية، التي تملك الأيدي العاملة والآليات.

من جانبه، يرفض مسؤول محلي في محافظة ذي قار، الكشف عن اسمه خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، بالقول إن “مشكلة الطرق بالمحافظة مركبة بين المواطن نفسه من ناحية عدم الإلتزام بالسرعة الموضوعة والمشكلة الثانية متعلقة بالدولة، حيث أن الدوائر المختصة بالمحافظة، كل واحدة منها ترمي المشكلة على الجهة الأخرى، وعدم وجود صيانة موقعية على الاقل“.

ويضيف أن “الإحالات التي تجري من قبل الحكومة المركزية تشوبها الكثير من حالات التلاعب والفساد، وهو واضح في ما يجري من فساد في مشروع الطريق السريع بين الناصرية والبصرة، حيث يشوبه الكثير من الفساد”، موضحا أن “المشكلة الأخرى التي تتعلق بالدولة هي المراقبة الحقيقية لأنظمة السيارات، حيث أن ذي قار استوردت قبل اكثر من سنتين اجهزة مراقبة، لكن لا وجود لها على أرض الواقع، حيث أن بعض السائقين يتجاوز سرعة 200 كلم في الساعة، وهنا يقينا نشهد حوادث“.

ويلفت الى أنه “حتى الشركات الاجنبية التي أتت للعمل في ذي قار، فانها تعمل أشبه بالشركات المحلية، ويشوبها ايضا فساد كبير”، متابعا أن “الشركة التي تعمل في الطريق السريع الان هي لبنانية وبتمويل من البنك الدولي“. 

ويستدرك أن “جميع استقطاعات وضرائب المرور والطرق والجسور يجري استقطاعها وتذهب إلى الحكومة المركزية في بغداد، إلا أن ذي قار لم تستلم أي مبالغ مالية مخصصة لصيانة الطرق”، موضحاً أن “محافظة ذي قار تطلب الحكومة مبالغ كبيرة مخصصة لعمليات الصيانة وإدامة الطرق“.

وتضم المحافظات الجنوبية طرقا غير صالحة للسير، وسميت بـ”طرق الموت” بسبب الحوادث الكثيرة فيها والتي غالبا ما تؤدي الى وفاة الكثير من الاشخاص، وذلك نتيجة للتخسفات وعدم وجود تخطيط او حواجز فيها، وخاصة الطرق الدولية الرابطة بين المحافظة او الاقضية.

إقرأ أيضا