قمة بغداد الثلاثية.. “جبهة قوية” أم “استعراض إعلامي”؟

بعد تأجيلها لأكثر من مرة منذ 3 أشهر، يتجدد الحديث عن “قمة بغداد” التي من…

بعد تأجيلها لأكثر من مرة منذ 3 أشهر، يتجدد الحديث عن “قمة بغداد” التي من المفترض أن تجمع زعماء العراق ومصر والاردن، لكن في ظل التطورات السياسية التي شهدتها بلدان “القمة” طيلة الفترة الماضية، اختلفت الاراء حولها، ففي حين وصفها نائب بـ”قمة إعلامية فقط”، وان تأثيرها سيكون “سلبيا” على العراق، أكد محلل سياسي، أن توجه العراق لهذه البلدان سوف “يقوي جبهته” بمواجهة تركيا وايران، فيما بين خبير اقتصادي انه لا توجد جدوى اقتصادية من هذه القمة والاتفاقيات التي ستنتج عنها. 

ويقول عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية مختار الموسوي، في حديث لـ”العالم الجديد”، إننا “نطمح للتعامل مع الدول التي تعمر العراق وليس الدول التي نجاملها وتجاملنا، فهذا لن ينتج اي شيء عنها، مجرد إعلام بان هناك تقارب سطحي بين الدول العربية”.

ويؤكد أن “هذه القمة لن تحدث أي تأثير على الصراعات العراقية سواء الداخلية او الخارجية، المتمثلة بالاحتلال التركي”، مستدركا “اذا لم يكن هناك تقارب شعبي فما فائدة هذه القمة التي ستكون فقط صرف مبالغ مالية وإعلام وغيرها”.  

وينتقد هذا النوع من التقارب قائلا، إن “فائدة هذه القمة ستكون لمصر والاردن وستكون سلبية على العراق، فلو كانت هذه القمة بين السعودية وايران فمن الممكن ان يلعب العراق دورا فيها، كون الدولتين جارتين للعراق، وسيكون التقارب بينهما أولى من هذه القمة، لكن ما دخل العراق بمصر والاردن”.

وأكد وزير الخارجية فؤاد حسين، خلال لقائه نظيره المصري سامح شكري، يوم أمس، على هامش زيارته للدوحة للمشاركة في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي تستضيفه قطر، حرص العراق على تعزيز التشاور مع مصر، إيمانا بالدور الفعّال الذي تضطلع به في المنطقة، مشددا على أهمية عقد القمة الثلاثية بين العراق، مصر والأردن في بغداد لتقريب وجهات النظر وتعزيز آلية الحوار والتفاوض لحل جميع القضايا التي تهم المنطقة.

وكان من المفترض ان تعقد القمة في بغداد في أواخر اذار مارس الماضي، وقد اجرى العراق كافة الاستعدادات لاستضافتها، بعد سلسلة من اجتماعات وزراء خارجية العراق ومصر والاردن، لكن مصر شهدت حادث تصادم قطارين في محافظة سوهاج، ما ادى الى خروج 3 عربات عن السكة الحديدية، ما تسبب بوفاة 32 مواطنا واصابة 91 آخرين، وعلى إثرها تم تأجيل عقد القمة.

ومن ثم شهدت الاردن، توترا سياسيا تمثل بمحاولة شن انقلاب على العاهل عبد الله بن الحسين، ما أدى الى دخول البلد في أزمة امنية وسياسية لا تزال تبعتها مستمرة لغاية الان، ما حال دون تحديد موعد جديد لعقد القمة.

وتأتي هذه القمة استكمالا للقمة التي عقدت بعمان في أب أغسطس 2020، ومن المفترض ان توضع في هذه القمة اللمسات الاخيرة للاتفاقية الثلاثية، التي تركز على الاقتصاد بحسب المعلن، فيما تضم في طياتها خططا سياسية عديدة، ابرزها مشروع “المشرق الجديد” أو “الشام الجديد” الذي اقترحته واشنطن، وذلك بحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”.

وتمثل منطقة النفوذ الجديدة، التي اقترحها ترامب، ممرا اقتصاديا وتجاريا يجمع هذه الدول الثلاث، مستغلة إمكانيات كل دولة، فالعراق سيكون المصدر الأول للنفط والغاز، اضافة الى استثمار طاقات مصر الانتاجية والبشرية، فضلا عن تحول الاردن الى معبر وطريق يجمع هذه الدول مع بعضها، مقابل تقليص النفوذ الايراني في سوريا المتمثل بالجماعات المسلحة، وذلك بحسب مصادر افادت لـ”العالم الجديد” في وقت سابق.

من جانبه، يبين المحلل السياسي محمد نعناع في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القمة بحد ذاتها هي تحرك ايجابي، ولكن الظروف التي تحيط بها ليست طبيعية سواء في العراق او مصر التي تعاني من مشكلة سد النهضة والتسليح الذي أخره الامريكان، فيما تشهد الاردن تداعيات غير محسومة واحداث شغب”.

ويلفت الى ان “العراق على ابواب انتخابات ولا يمكن له ان يقر اتفاقيات ستراتيجية، لكن اذا استطاعت هذه الاطراف ان تحصل على دعم دولي والمناخ يكون بصالحها فانها ستنتج هدوءا مرحليا واستقرارا للبلدان الثلاثة، لذا علينا ان نترقب الموقف الدولي، خاصة بين السعودية وايران التي صدر منهما موقف مرحب بهذه الحوارات”.

وينوه الى أن “من المفترض أن يلجأ العراق لهذه القوى لتعضيد مطالبته بحقوقه في قضية الاستقرار والاستقلال، ومن ضمنها التوغل التركي والضغوطات الايرانية لدفع الميليشيات لتصرفات معينة، فهذه الملفات تستدعي توجهه لهذه الجبهات ليقوي موققه من المطالبة بالحقوق السيادية والني منها عدم التدخل بشؤونه”.

ويستطرد أن “الاطراف التي يريد العراق الاجتماع معها تعاني ايضا من تدخلات خارجية، لكن في حال حصولها على الدعم الدولي فبامكان هذه الدول ان تنشئ منظومة من التعاون وهذا شيء ايجابي بحد ذاته.

وكانت قمة عمان في أب أغسطس الماضي، هي القمة الثالثة من نوعها في غضون عام، إذ عقدت القمة الثلاثية الأولى بالقاهرة في آذار مارس 2019، في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، تبعتها قمة ثلاثية عقدت في نيويورك في أيلول سبتمبر 2019.

الى ذلك، يلفت الخبير الاقتصادي ضياء محسن في حديث لـ”العالم الجديد”، الى انه “اذا أردنا البحث عن جدوى اقتصادية من القمة الثلاثية فاننا المفروض ان نعمل اتفاقات مع الدول التي هي أعلى منه اقتصاديا”.

ويضيف محسن “نحتاج بالعراق إلى تكنولوجيا واعادة بنى تحتية من كهرباء وغيرها، وعند الحديث عن الاردن ومصر فما الذي يمكن ان يضيفوه للعراق حيث ان الاردن منطقة محصورة ولا تمتلك المقومات التي يمتلكها العراق، ومصر ايضا تعتمد على شركات اجنبية خاصة الالمانية والصينية في تطوير الكهرباء والسدود والموانئ، وبالتالي الاعتماد على بلد هو بالاساس ينقل التكنولوجيا من بلد اخر، فلا جدوى منه”، متسائلا “لماذا لا يذهب العراق مباشرة إلى هذه الدول للتعاقد معها”.

ويتابع “الاقتصاد الاردني يعتمد على المساعدات الخارجية والمصري ايضا يعتمد على السياحة بالدرجة الأولى، وهذه الأشياء لا تخدم العراق حيث انه لا توجد بنى تحتية جاذبة للسياحة”.

وكان رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، زار بغداد في 31 تشرين الاول اكتوبر 2020، ووقع اتفاقية بين العراق ومصر، والتي عدت امتدادا للقمة الثلاثية التي عقدت في عمان.

إقرأ أيضا