الاتحاد الأوروبي يعزز مراقبة الانتخابات العراقية.. ومختصون يحذرون من قرارات “أممية”

بعد قرار مجلس الأمن الدولي القاضي باشراك مراقبين دوليين للانتخابات العراقية في العاشر من تشرين…

بعد قرار مجلس الأمن الدولي القاضي باشراك مراقبين دوليين للانتخابات العراقية في العاشر من تشرين الاول أكتوبر المقبل، يتجه الاتحاد الاوروبي الى مراقبة الانتخابات، بالاضافة الى بعثات دولية اخرى، وفيما عزاها مراقبون الى رغبة دولية بتحقيق الاستقرار والاستقلال للعراق ووضع حد لنفوذ الدول الاخرى، قلل مختصون من شأن جدوى تلك المراقبة المعول عليها في الحد من التزوير، محذرين من تقارير دولية قد تتخذ “قرارات ضد العراق”.

ويكشف مصدر دبلوماسي مطلع في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وزير الخارجية فؤاد حسين سيزور العاصمة بروكسل في 21 حزيران يونيو الحالي، كضيف في الاجتماع الدوري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المخصص للعراق”.

ويضيف المصدر، أن “حسين سيقدم طلبا رسميا خلال كلمته، بمراقبة الانتخابات”.

من جهته، يقول الخبير المختص في شؤون الانتخابات عادل اللامي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لدى الحكومة العراقية، تنسيقا مع مفوضية الانتخابات والمراقبين الخارجيين، وسوف يستقبل العراق فرق المراقبة الدولية، حيث ستوفر السلطات الأمنية الحماية لها”.

وبشأن تمويل هذه الفرق، يؤكد اللامي، أن “هناك العديد من الدول قررت دعم عمل الامم المتحدة في العراق ماديا، لذلك سيكون تمويل هذه الفرق مشتركا من جميع الدول، وأن العراق لن يتحمل كلفة مجيئها وإقامتها في البلاد، من أجل أن يكون تقريرها محايدا، كما أن “الجامعة العربية دعت الى إرسال وفد لمراقبة الانتخابات”.

ويستغرب اللامي “توجه العراق الى مجلس الامن الدولي، حيث أصدر المجلس قراره المرقم 2576 لسنة 2021 بالاجماع ودون مماطلة لمراقبة الانتخابات العراقية، بعد ان استعرض سريعا العقوبات السابقة على العراق، وهذا يشكل تحذيرا للعراق، انه في حال كان تقرير فريق مجلس الامن سلبيا، فمن المتوقع ان يكون ذريعة لفرض قرارات غير مناسبة على العراق”.

ويبين أن “الاتحاد الاوروبي أيضا، سيرسل وفدا لمراقبة الانتخابات بشكل منفصل عن مجلس الامن الدولي، وسيؤشر السلبيات ويرفعها بتقرير”، مضيفا “كل هذه الخطوات مستغربة، فكان الاجدر بالحكومة العراقية ان تقدم طلبها الى الامين العام للامم المتحدة، وهو يوعز لتشكيل فريق مراقبة دولية”.

وحول طبيعة عمل هذه الفرق الدولية داخل العراق، يوضح اللامي، أن “الفرق لن تتمكن من الانتشار في أكثر من 10 آلاف مركز اقتراع، إذ سيتم اختيار مراكز اقتراع عشوائية، وسيكون عملها مقتصرا على مراقبة أداء المفوضية والشكاوى والطعون التي تقدم، وآلية التحقيق بها من قبل العراق”.

ويلفت الى أن “هذه الفرق ستصل العراق قبل موعد الاقتراع، وتبقى فيه بعد انتهائه، وبحسب القانون فيجب ان يرفع تقريرها خلال 30 يوما للامين العام للامم المتحدة”، مبينا “في المحصلة، فان عمل هذه البعثات لن يحد بشكل مباشر من عمليات التزوير، لكنه سيعطي انطباعا بأن هناك من يراقب، وبالتالي سيقلل من نسبة التزوير، ويؤشرها”.  

وقد أثير جدل “المراقبة والإشراف” بعد تحديد موعد الانتخابات المبكرة، وتصاعدت حدة التصريحات حول “الإشراف” الدولي على الانتخابات او مراقبتها، ما دفع بعض السياسيين الى رفض الامر، بعد ان اعتبروه “مسيئا للعراق” لانه بلد صاحب سيادة، لكن “العالم الجديد” كشفت سابقا عن فروق بين هذه المصطلحات، حيث يعني “الإشراف” التدخل المباشر بالادارة والاعتراض على أي قرار من المفوضية، فيما تقتصر “المراقبة” على متابعة سير العملية الانتخابية من حيث تطابقها مع المعايير الديمقراطية الدولية.

وبحث رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلف في مقر مفوضية الانتخابات ببغداد، أمس الأربعاء، مع وفد بعثة الاتحاد الأوروبي بنود الاتفاقية الخاصة بمراقبة الانتخابات، والتي من المؤمل أن يتم التوقيع عليها قريبا بين الحكومة العراقية وبعثة الاتحاد الأوروبي، ما سيبعث رسائل اطمئنان للداخل المحلي وللمجتمع الدولي، بحسب بيان صادر عن المفوضية.

وكانت وزارة الخارجية العراقية، اعلنت في 27 ايار مايو الماضي، موافقة مجلس الامن الدولي على إرسال فريق أممي لمراقبة الانتخابات في العراق، بناء على طلب العراق، وأكدت ان القرار تضمن عناصر قوية، تُعتمد لأول مرّة لإرسالِ فريق أُممي لمراقبة الانتخابات في العراق، وهو لمرة واحدة، مع الالتزام الكامل بسيادة العراق وإستقلاله ووحدة أراضيه.

وكان مجلس الوزراء، قد وافق في 18 كانون الثاني يناير الماضي، على مقترح مفوضية الانتخابات لتمديد موعد إجراء الانتخابات من شهر حزيران يونيو المقبل شهر تشرين الاول اكتوبر، وحدد المجلس العاشر من تشرين الأول أكتوبر موعدا لاجرائها، نظرا للأسباب التي قدمتها المفوضية والمتضمنة منح الفرصة لتشريع قانون المحكمة الاتحادية ومنح وقتا أطول للناخبين من تحديث بياناتهم، وبحسب المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي لـ”العالم الجديد”، في وقت سابق، فان “القرار عملي وجاء حرصا على إجراء انتخابات متكاملة ونزيهة ودون أي تدخل للتوافقات السياسية”.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، المزمع إقامتها في تشرين الأول اكتوبر المقبل، الرهان الأكبر للحكومة والقوى السياسية، كونها كانت المطلب الأهم والأبرز للاحتجاجات العراقية التي انطلقت في تشرين الأول اكتوبر 2019، وأدت الى استقالة الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، وتكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل حكومة مهمتها الأولى التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة.

وحول هذا الامر ايضا، يوضح الصحفي العراقي المعتمد لدى الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي “الناتو” حسين الوائلي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك رغبة غربية للدول السبع بمراقبة الانتخابات، وهي نابعة من أنها تريد إظهار الانتخابات العراقية بشكل شفاف، وأن هدفها تقوية الدولة العراقة وتمكنها من صناعة القرار، وعدم ذهابها الى منزلق خطير”.

ويلفت الى أن “الأهم لهذه الدول، هو أن يكون للعراق كلمة، سواء في قراره الداخلي او الخارجي، ومستقلا عن الاملاءات الخارجية، سواء تركيا او ايران او دول الخليج، بمعنى أن يستقل العراق بقراره، لان ما يثير قلق الغرب هو تحكم تلك الدول بصناعة القرارات العراقية”، مستدركا أن “الغرب يعتبر هذا الأمر تقويضا لجهوده التي بذلت في العراق، سواء بعد 2003 او خلال الحرب على داعش، لاسيما وأن هناك جهات تدعي بأنها هي من حررت الأراضي، لكن الغرب يرى أنه قدم معدات وأموال في تلك العمليات لتحقيق النصر”.

ويستطرد الوائلي انه “لغاية الان لم يعلن الاتحاد الاوروبي عن خطة مراقبة الانتخابات العراقية بشكل رسمي، ولا يوجد شيء واضح بخصوص هذا الامر، لكن بالمقابل، فان إرسال مراقبين دوليين يمثل مجازفة للاتحاد الاوروبي في ظل الوضع الأمني داخل العراق، وهذا بحاجة الى ضمانات أمنية من العراق”.

وأعلنت مجموعة الدول السبع (G7) أمس الأول الثلاثاء، عن دعمها لـ”سيادة العراق ووحدة أراضيه”، مؤكدة تأييدها للمراقبة الأممية للانتخابات التشريعية، فيما نشرت السفارة البريطانية في بغداد، بيانا للمجموعة، جاء فيه: “نشيد بقوات الأمن العراقية، بضمنها قوات البيشمركة في كردستان، وكذلك بالحكومة العراقية في نجاحها ضد داعش، ونؤكد استمرار الدعم لتلك الجهود، بما في ذلك تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة”.

وأعربت المجموعة عن تأييدها لقرار مجلس الأمن رقم 2576 ودعوته لاشراك مراقبين دوليين في مراقبة الانتخابات البرلمانية، للمساعدة في ضمان إجراء “انتخابات حرة ونزيهة” في أكتوبر المقبل، وشجعت الدول السبع، العراقيين على المشاركة في الانتخابات المقبلة.

وكان رئيس كتلة بيارق الخير النيابية محمد الخالدي، كشف الأحد الماضي، عن انسحاب عدد من مرشحي كتلته من الانتخابات المقبلة بعد تعرضهم للتهديد، مضيفا أن الأجهزة الأمنية باتت على دراية بما يحدث بعد تسليمهم المعلومات ورسائل التهديد التي تلقاها أعضاء الكتلة لإجبارهم على الانسحاب وعدم خوض الانتخابات.

وبين فترة وأخرى، تتفجر أزمة جديدة بشأن الانتخابات المبكرة، من بينها تلميح بعض القوى السياسية بإمكانية تأجيلها، فضلا عن عملية اغتيال رئيس الحراك المدني في كربلاء ايهاب الوزني، التي دفعت ببعض القوى السياسية الى إعلان انسحابها من الانتخابات احتجاجا على استمرار عمليات الاغتيال.

إقرأ أيضا