بعد عودة طالبان.. هل يحول الانسحاب الامريكي العراق لافغانستان ثانية؟

سيطرة حركة طالبان المتشددة على مناطق بافغانستان، فور انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية منها، طرحت تساؤلات…

سيطرة حركة طالبان المتشددة على مناطق بافغانستان، فور انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية منها، طرحت تساؤلات عدة حول إمكانية تكرار ذات السيناريو في العراق الذي لم يبرأ بعد من جراح تنظيم داعش الذي احتل مساحات واسعة منه في 2014، لاسيما وأن ذلك يأتي بعد انتكاسات أمنية متفرقة، وفيما أكد خبير ستراتيجي أن القوات الأمنية بما فيها الحشد الشعبي “غير جاهزة لأي معركة”، لكن خبيرا آخر يرى أن للانسحاب الأمريكي تبعات “سياسية” أكثر منها “أمنية“.

ويقول الخبير الستراتيجي محمد نعناع في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “القوات الأمنية والحشد الشعبي غير جاهزين مطلقا لمعركة أمنية مثل معركة داعش“.

ويضيف نعناع، أن “الحشد يتعرض الان لضربات في كركوك وديالى ولا يستطيع مواجهتها”، مستدركا “هذا لا يعني اننا لا نطالب بخروج القوات الامريكية حيث لا بد ان يأتي يوم وتخرج، ولكن يجب ان يكون خروجها باتزان تجاه وضع العراق، ويكون انسحابا مدروسا وممنهجا وليس عبثيا وليس لصالح بروباغاندا لجهة معينة“. 

ويتابع “يوجد الان التنظيم السري الثاني لداعش، الذي يناور في ديالى وصلاح الدين وكركوك ولديه خلايا نائمة وبؤر ومتفجرات وتتكون من ثلاثة أشخاص او اربعة، يقومون بعمليات أسبوعية، وكل هذا الوضع بحاجة الى الوجود الامريكي، وعندما تدير امريكا ظهرها للعراق سنشهد وضعا مشابها لعام 2013، عندما قال الرئيس الامريكي الاسبق باراك أوباما ان العراق ليس في سلم اولوياتنا وتم اغلاق السفارة الأمريكية دون اي علم او انذار سابق، ما دعا الحكومة انذاك لاعلان حظر تجوال شامل“. 

ويوضح أن “الوضع غير مريح، ولابد من وضع جدول ضمن مصلحة الطرفين للانسحاب وليس بطريقة عبثية، حيث من الممكن عودة جماعات ارهابية الى العراق لتسيطر وتجتاح بعض المناطق، فقبل ايام اجتاحت مجموعة من داعش شارع المصلى في كركوك واستمرت سيطرتها من الليل إلى الشروق، وهذا مؤشر على وجودهم وعودة سيطرتهم على بعض المناطق“. 

ومنذ قرابة الاسبوع، سيطرت حركة طالبان المصنفة دوليا كإرهابية، على العديد من مناطق افغانستان، إذ بلغت قرابة 4 ولايات وعشرات المناطق، وذلك عقب بدء انسحاب قوات الناتو من البلد، ما دفع الرئيس الأفغاني “أشرف غني” الى عقد اجتماعات طارئة لمعالجة الوضع الامني.

يذكر ان الرئيس الأمريكي جو بايدن، حدد 11 أيلول سبتمبر المقبل، موعدا نهائيا لسحب جميع القوات من أفغانستان، بعد اصرار طالبان على انسحاب القوات الأجنبية.

وفي العراق، تتجه المؤشرات الى انسحاب القوات الاجنبية، في ظل استمرار الفصائل المسلحة باستهداف المصالح الامريكية في العراق، سواء عبر صواريخ الكاتيوشا او العبوات الناسفة والطائرات المسيرة، فضلا عن إنهاء الهدنة التي اعلنتها الفصائل، بناء على تأخر سحب واشنطن لقواتها من العراق، ما أدى الى تكثيف الاستهدافات في الآونة الأخيرة.

وفي الجلسة الثالثة من الحوار الاستراتيجي العراقي الامريكي التي جرت في نيسان أبريل الماضي، أعلنت واشنطن عن موافقتها على سحب قواتها القتالية من العراق، ورهنت الامر باجتماعات فنية اخرى، لتحديد الىليات والتوقيتات.

وكانت قيادة العمليات المشتركة، اعلنت يوم 5 حزيران يوينو الحالي، عن اجراء اجتماع مشترك بين القيادتين العراقية والأمريكية، حول خطة إعادة نشر قوات التحالف خارج العراق، وان الجانبين اتفقا على خطة عمل لتطبيق مخرجات الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، وأن تنجز الخطة خلال جلسة المحادثات المقبلة التي ستعقد في بغداد أو واشنطن، في شهر تموز يوليو أو آب أغسطس المقبلين، وأنها ستتضمن آليات وتوقيتات محددة للاستكمال إعادة نشر القوات القتالية للتحالف الدولي خارج العراق.

ويعود ضغط بعض الجهات العراقية لاخراج القوات الاجنبية، على خلفية اغتيال واشنطن لقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس في 3 كانون الاول يناير 2020، ما ترتب عليه تصويت مجلس النواب على قرار يقضي بإخراج القوات الاجنبية من البلد، فيما ردت واشنطن ان وجودها بناء على طلب من الحكومة العراقية خلال دخول تنظيم داعش عام 2014

الى ذلك، يشير رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري في حديث لـ”العالم الجديد”، الى ان “داعش كتنظيم ليس بتلك القوة التي شهدناها سابقا لذلك سيناريو 2014 لن يعود للعراق“.

ويبين الشمري، أن “المؤسسة الأمنية العراقية تعاملت مع هذا التنظيم واصبحت اكثر دراية بمكامنه، اضافة الى ان التنظيم انتهى بالمنطقة، وان تمدده في العراق كان في مرحلته الاقوى، كما ان الجيش حينها كان مخترق وعبارة عن قيادات اخترقتها الاحزاب وتدين بالولاء لاشخاص دون القائد العام للقوات المسلحة والفساد الذي نخرها“. 

ويلفت الى ان “العراق يمتلك قوة الآن لصد داعش، لكن الخطر لا يكمن فيه بقدر ما ان الخطر يكمن في انكفاء العراق اذا ما انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تغادر ايضا منطقة الاهتمام بالعراق حيث ان التبعات السياسية ستكون اكثر من الامنية“.

ومنذ مطلع أيار مايو الماضي، نشط تنظيم داعش بشكل غير مسبوق وشن عشرات العمليات في كركوك وديالى واطراف بغداد، وتمثلت اغلبها بمهاجمة نقاط أمنية لقوات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والبيشمركة، وتكبيدها خسائر عديدة، فضلا عن شنه هجمات منفردة استهدفت منازل شخصيات معايدة له، في بعض قرى صلاح الدين.

إقرأ أيضا