مع ارتفاع درجات الحرارة.. أصحاب “المولدات” يرفعون الأسعار ومواطنون: “جهات متنفذة” تحميهم

مع بدء ارتفاع درجات الحرارة في العراق لمستويات قياسية، تعود أزمة المولدات الأهلية المنتشرة في…

مع بدء ارتفاع درجات الحرارة في العراق لمستويات قياسية، تعود أزمة المولدات الأهلية المنتشرة في الأحياء السكنية الى الواجهة، بعد وصول سعر الأمبير الواحد الى 25 ألف دينار (نحو 17 دولارا) في بعض المناطق، وهو ما برره صاحب مولدة بالضرائب المفروضة عليهم والأسعار المرتفعة وقلة الحصة الحكومية من الوقود التي تضطرها للشراء من السوق السوداء، لكن مواطنين اتهموا أصحاب المولدات بارتباطات مشبوهة مع “جهات متنفذة”، ما يحول دون محاسبتهم في حال رفع الأسعار.

ويقول علي مهدي، وهو صاحب احدى المولدات الاهلية في العاصمة بغداد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحصص التي توزعها الحكومة من الوقود (الكاز) غير كافية لتشغيل المولدة لمدة شهر كامل، إذ تبلغ 2000 لتر”.

ويوضح مهدي، أن “سعر اللتر من الكاز الذي تبيعه الحكومة لأصحاب المولدات هو من 550- 600 دينار (نحو 40 سنتا)، في حين يبلغ سعره في السوق السوداء من 850- 900 دينار (نحو 60 سنتا) للتر الواحد”، لافتا الى ان “صاحب المولدة يدفع ايضا بالاضافة لمبالغ شراء الكاز، ضرائب مرتفعة، أولها نعطي للناحية او القضاء الذي تتبع له المنطقة السكنية التي فيها المولدة، مبلغ 500 الف دينار شهريا، وهي ضريبة عن حصة الكاز، إضافة الى الكمرك عن الكاز الذي نشتريه وهي تبلغ 500 ألف دينار ايضا، وهذا الامر يدفع الكثير من اصحاب المولدات الى الشراء من السوق السوداء، بالتالي فان صاحب المولدة يحدد سعر الأمبير الذي يريده ويراه مناسبا له”.

وينوه الى ان “فصل الصيف يشهد انقطاعات مستمرة للطاقة الكهربائية الرسمية (الوطنية)، وهذا يؤدي الى زيادة استهلاك الكاز لان المولدة ستعمل لساعات اكثر من الشتاء، وهذا ايضا من مسببات رفع سعر الامبير”.

وتنتشر المولدات الاهلية في كل محافظات العراق، لكن ابرز تواجد لها في العاصمة بغداد، وتعد البديل الاول والاساسي للطاقة الكهربائية الرسمية (الوطنية) التي تشهد انقطاعات لساعات طويلة ومستمرة في فصل الصيف، حتى “خط المولدة” أهم ما يتوفر في اي منزل وقبل اي تجهيزات اخرى.

وجرت العادة ان يشترك المواطن في اقرب مولدة لمنزله، عبر سلك كهربائي يمتد على بموازاة أعمدة التيار الكهربائي الرسمية، ما أدى الى تشابك الاسلاك في كافة أزقة وطرقات العاصمة، وكل مواطن يحدد مقدار الامبريرية التي يحتاجها، فبعضهم يكتفي بـ4 أمبيرات والبعض الاخر يصل الى نحو 20 أمبير.

ويأتي اعتماد المواطن على هذه المولدات في ظل عدم حل أزمة الكهرباء في العراق، التي تعددت أسبابها، بداية من الانتاج المرتبط بالغاز الايراني، اضافة الى التوزيع الذي يعاني من مشاكل هو الاخر، مرتبطة بتقادم الخطوط الناقلة وعدم قدرتها على نقل كميات كبيرة من الطاقة، فضلا عن تقادم المحولات، وغالبا ما تتعرض الى العطب دون حلول جذرية، رغم رصد مليارات الدولارات منذ 2003 ولغاية الان لحل هذه الأزمة.

الى ذلك، يسرد المواطن سلام الهاشمي في حديث لـ”العالم الجديد”، معاناته مع اصحاب المولدات الاهلية، قائلا “اننا نعاني كثيرا من اصحاب المولدات، ويعد سعر الامبير المرتفع من اهم مشاكلنا، إذ يبلغ سعر الامبير للخط الاعتيادي 12 ألف دينار (يتضمن تشغيل ساعات محدودة ولا علاقة له بانقطاع الخط الرسمي للكهرباء) فيما يبلغ سعر الخط الذهبي 25 الف دينار (تشغيل مستمر 24 ساعة)”.

ويلفت الى ان “ارتفاع الاسعار دفعنا الى توجيه مناشدات كثيرة، لكن لم يلتفت لنا احد، واصحاب المولدات من جانبهم يتحججون بارتفاع اسعار الكاز او عدم صرف الحصص المقررة لهم من الدولة وانهم يشترون على حسابهم الشخصي”.

ويكشف الهاشمي عن طبيعة ارتباط اصحاب المولدات مع بعض الجهات، حيث يبين “صاحب المولدة متفق مع مختار المنطقة، إذ يعطيه نسبة معينة من الارباح مقابل ان يقف معه ويسنده، من جهة اخرى، فانه متفق ايضا مع جماعة متنفذة مسلحة مقابل نسبة ارباح لاجل حمايته”، مضيفا “قبل فترة قدمنا شكوى على صاحب المولدة في منطقتنا، ووصلت دورية واقتاده الى مركز الشرطة، لكن فوجئنا بأنه خرج من المركز بعد نصف ساعة، ولم يتغير اي شيء، بل على العكس، فانه عقب عودته من المركز أقدم على قطع خطوط الاشخاص الذي اشتكوا ضده”.

وقد أثار ملف الكهرباء الجدل خلال إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2021، حيث تضمنت تخصيصات “كبيرة” لصيانة المحطات، وبحسب أحد النواب، فقد تم رصد “هدر كبير” بأموال الصيانة منذ عام 2005 ولغاية العام الماضي.

وتضمنت موازنة 2021، بنودا عديدة حول صيانة محطات الطاقة الكهربائية، منها قروض بضمانات مؤسسة الصادرات الدولية بقيمة 145 مليون دينار، و100 مليون دولار وقيمته 125 مليون دولار، فضلا عن تمويل صيانة محطة الدورة في بغداد بمبلغ 301 مليون دولار.

من جانبه، يبين عضو مجلس محافظة بغداد السابق سعد المطلبي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مشكلة المولدات الاهلية قديمة، فمنذ عام 2010 – 2013، كان اصحاب المولدات يتسلمون حصة من وزارة النفط عن طريق محافظة بغداد، وبعدها الوزارة قللت الحصة للمولدات الحكومية في حين قطعتها عن الأهلية، وارتبطت اعادتها بترويج معاملة وطلب”.

ويضيف، أن “المولدات الاهلية الان لا تمتلك اي حصة حكومية وعليها تضطر إلى اخذ الوقود تجاريا بسعر مرتفع، لذا الكثير من المولدات توقفت عن العمل لانها لم تستطع رفع سعر الامبير لأكثر من 25 الف دينار، وبعضها لديه مشتركين بعدد كاف فاستطاع ان يحافظ على وضعه”.

ويؤكد أن “المشكلة هي بغلاء سعر الوقود، والحكومة غير قادرة على ضبط الوضع لأنها غير ملتزمة بتعهداتها لاصحاب المولدات، وبالتالي فانه من حقهم طلب اي سعر لانه ملك خاص”، مستدركا “سابقا كنا نعتقل بعض اصحاب المولدات، ولكن أهل المنطقة يتوسطون لاخراجهم بسبب عدم وجود الكهرباء، وعليه فمن دون الاسناد الحكومي ستبقى المشكلة وتتمدد”.

وقد تواصلت “العالم الجديد” مع وزارة الكهرباء حول هذا الملف، لكن المتحدث باسم الوزارة احمد موسى اكد ان “الوزارة لا علاقة لها بملف المولدات الاهلية والحكومية”.

ويردف أن “وزارة الكهرباء غير معنية بهذا الملف، وهو بعهدة الإدارات المحلية”.

وكان المستشار التجاري في سفارة بكين ببغداد Xu Chun، كشف في مؤتمر صحفي حضرته “العالم الجديد” في 5 ايار مايو الماضي، عن إنجاز الشركات الصينية لمحطة واسط الحرارية، التي تعتبر أول محطة أنجزت بعد 2003 في العراق، وتسد 70 بالمائة من احتياجات بغداد من الطاقة الكهربائية، وتسد 30 بالمائة من احتياجات العراق بمجمله من الطاقة.

لكن، مصادر في تلك المحطة تحدثت في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، عن بيع تلك الطاقة التي يتم انتاجها في المحطة لاصحاب المعامل المنتشرة في محافظة واسط وحقول الدواجن، وذلك عبر تعاقد يجري بين الموظفين وأصحاب تلك المشاريع، وينص على تسلم الموظف راتب شهري قدره مليون دينار، مقابل عدم قطع الكهرباء عن مشاريعهم.

إقرأ أيضا