بين بايدن ورئيسي.. الحيرة تغلف بوصلة الكاظمي

في خضم العواصف السياسية التي تضرب دول الشرق الأوسط، يكتسب العراق “ضبابية” في ملامح المرحلة…

في خضم العواصف السياسية التي تضرب دول الشرق الأوسط، يكتسب العراق “ضبابية” في ملامح المرحلة المقبلة، ما أدى الى تسابق واشنطن وطهران على دعوة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، في محاولة لـ”الإملاء” عليه من قبل الطرفين، لاسيما مع ضعف وعدم وضوح شخصيته، حسبما يرى مختصون بالشأن السياسي، مؤكدين، أن الرئيس الايراني الجديد، ورغم تشدده، سيقود التفاوض مع الجانب الأميركي، الأمر الذي سينعكس إيجابا على وضع العراق.

ويقول المحلل السياسي المقيم في واشنطن رمضان البدران في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “وصول ابراهيم رئيسي لرئاسة ايران، هو الإضافة الجديدة لتوازنات الاحداث والقوى بالمنطقة”.

ويشير البدران، الى ان “العراق هو أكثر بلد حصلت فيه عمليات صراع منظم، فالعراق الذي أريد له ان يكون نموذجا للديمقراطية تستورده شعوب المنطقة، بات الان في ذروة الاصطدام بين سياسة بايدن التي انتهجت الانسحاب والمهادنة، وبين الخصوم الذين يعتقدون أن هذا هو وقت هجومها لاجتياح المنطقة”، مؤكدا أن “وصول رئيسي الى سدة الرئاسة الايرانية بدعم المرشد، قد حفز هذا النهج داخل ايران”.

ويردف أن “العراق يظهر كأخطر منطقة رمادية في هذا التداخل، ولعل وجود شخصية مهادنة مثل الكاظمي ليست لها ملامح سياسية واضحة، يزيد من تسابق أمريكا وايران نحوه، وفرض املاءاتهما عليه”، لافتا الى أن “الاقبال على العراق تأتي من ضعفه وضبابية الوضع فيه”.

وأثيرت منذ فترة وجيزة العديد من الملفات في الشرق الأوسط، ابرزها انسحاب القوات الاجنبية من افغانستان، الامر الذي فتح الابواب لحركة طالبان المصنفة كحركة ارهابية دوليا، للسيطرة على العديد من اقاليم البلد، وسط تهديد بالوصول الى العاصمة كابول، وفرض سيطرتها عليها، الامر الذي يشكل تهديدا لامن ايران.

وبالتزامن مع هذا الحراك، كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قبل ايام، ان موافقة السعودية على استئناف تقديم مساعدات نفطية إلى باكستان، بقيمة 1.5 مليار دولار على الأقل سنويا، بدءا من تموز يوليو المقبل، هو محاولة منها لموجهة التأثير الايراني في المنطقة. 

في 19 حزيران يونيو الحالي، أعلن عن فوز رئيسي بالانتخابات الرئاسية الايرانية، وبعد ساعات من الاعلان تلقى اول مكالمة من مسؤول عراقي وهو الكاظمي، وفيها وجه رئيسي دعوة له لزيارة طهران، وفي 21 حزيران يونيو، كشفت مصادر سياسية، ان الكاظمي سيزور العاصمة الامريكية واشنطن مطلع الشهر المقبل، في زيارة تستمر 4 ايام، لبحث خمسة ملفات وهي جدولة الانسحاب الاميركي والتبادل التجاري والصناعة والطاقة والتعليم.

ويعد النفوذ الايراني، هو الاقوى في العراق في ظل الصراع الدولي الدائر في البلد، وباتت “أذرعها” في العراق تشكل تهديدا لدول الخليج، التي هي على صراع مع ايران ايضا، وكان رئيسي سبق وان زار العراق في 8 شباط فبراير الماضي، عندما كان يشغل منصب رئيس السطة القضائية، وأجرى عقب وصوله زيارة الى مرقد الامام الكاظم في مدينة الكاظمية شمالي العاصمة بغداد، وخلال تجواله في المنطقة المحيطة بالمرقد، تجمع شباب كثر وبدأوا بالهتاف له بعبارة “سيد موش انت الضيف.. كاعك هايه”، أي بمعنى انك لست ضيفا على العراق، بل انه بلدك.

ويرتبط رئيسي بعلاقات متينة مع الحرس الثوري، وسبق له ان زار العراق في شباط فبراير الماضي، وقد استقبل بحفاوة كبيرة من قبل الجهات السياسية والفصائل المرتبطة بايران.

وبمقابل هذا النفوذ، فان العراق بدأ الحوار الاستراتيجي مع امريكا، وعقد لغاية الان 3 جولات منه، اضافة الى قيادته وساطة بين السعودية وايران على أرضه، وانطلقت أول جولاتها في نيسان أبريل الماضي، بحضور بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني سعيد عرفاني، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي. 

الى ذلك، يبين المحلل السياسي جاسم الموسوي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وجود رئيسي على سدة الحكم في إيران، سيقود للتفاوض مع الجانب الأميركي، وهذه المفاوضات تؤثر إيجابا على وضع العراق، لأن الوضع السياسي في العراق يتأثر بالوضع السياسي الايراني، وخاصة اتفاقه واختلافه مع امريكا”.

ويلفت الموسوي، الى أن “العراق هو المستفيد في حال توجه العلاقات الامريكية الايرانية نحو الايجاب، وخصوصا فيما يتعلق بالفصائل المسلحة التي ترفع السلاح ضد الولايات المتحدة”.

وحول زيارة الكاظمي الى واشنطن، يوضح، أن “الكاظمي سيذهب إلى أمريكا لنقل وجهة نظر القوى السياسية العراقية فيما يتعلق بالحوار الاستراتيجي والوجود الامريكي”.

ويردف، أن “الكاظمي سيناقش في أمريكا قضية العلاقات بين واشنطن وبغداد، إذ يجب أن تبنى على اساس ما اتخذته السلطة التشريعية فيما يخص انسحاب القوات القتالية الامريكية وبقاء الخبراء الاستشاريين، وسيطلب منهم المساعدة والعون فيما يتعلق بالتجهيزات العسكرية ومساعدته عل توطيد الأمن”.

وحول زيارة الكاظمي الى ايران، ينوه الموسوي، الى أن “هذه الزيارة مرتبطة بالعلاقة الاستراتيجية بين الطرفين فيما يتعلق بالامن القومي، وهو سينقل صورة على أن بعض الفصائل التي ترتبط بولاية الفقيه يجب أن تتوقف عن استهداف الثكنات العسكرية الأمريكية”.

وبشأن توجه بعض دول الخليج الى تشكيل جبهة دولية مضادة لايران، وخاصة في افغانستان وباكستان، يبين ان “الخليج اضعف من ان يشكل جبهة ضد الجانب الايراني، لانه بالمعادلة لا يشكل رقما حساسا بوجود الادارة الديمقراطية الامريكية التي تتحدث عن حوار وليس صراعا”.

ويستدرك “أما بشار الأسد، فبقاؤه في السلطة هو بسبب معادلة توازن روسية أمريكية ايرانية تركية، تقابلها معادلة النفوذ او التمدد داخل العمق السوري، خاصة وأن الحالة السورية تشبه العراقية من حيث الانقسام السياسي والمجتمعي”، مشيرا إلى أن “القضايا الدولية متداخلة ولكنها ليست جديدة على منطقة الشرق الاوسط، لذلك فان العراق يبحث عن الربح وإبعاد شبح الخسارة، وهو لا يريد ان تنعكس سلبا اي من تلك الملفات سواء الايرانية الخليجية او الأمريكية او غيرها عليه، لانه الاضعف في هذه المعادلة”.

ويعتبر الاسد، من ابرز الشخصيات المدعومة من ايران، ويمثل العمق السوري، امتدادا لمحور “المقاومة” الذي يبدأ من ايران مرورا بالعراق عبر الفصائل المسلحة وصولا الى سوريا وجنوب لبنان.

إقرأ أيضا