بعد إيقاف الخط الايراني وعدم اكتمال الخليجي.. هل ستشهد البلاد “انتفاضة كهرباء”؟  

تباينت آراء الناشطين والمتظاهرين، حول عودة التظاهرات من بوابة الاحتجاج على تردي توفير خدمة الكهرباء،…

تباينت آراء الناشطين والمتظاهرين، حول عودة التظاهرات من بوابة الاحتجاج على تردي توفير خدمة الكهرباء، ففي القوت الذي أكد أحدهم بأن “القمع” أدى لانهاء الحركة الاحتجاجية واصف ما يجري بـ”ردة فعل”، أكد آخر أن تظاهرات “كبرى” ستعود مجددا للقضاء على “احزاب السلطة بالكامل” لعدم حلها أزمات البلد. 

ويقول المتظاهر من محافظة ذي قار كرار الصريفي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عودة تظاهرات كبيرة احتجاجا على تردي الكهرباء، أمر غير وارد حاليا”.

ويضيف الصريفي ان “القوات الامنية والاحزاب السياسية، عمدت الى استخدام القمع منذ بداية التظاهرات وشنت حملات اعتقالات للأشخاص المؤثرين بالاحتجاج والضغط عليهم للهروب خارج المدينة، وانا واحد منهم، ما ادى الى انتهاء الاحتجاج وعدم التخطيط لعودته، وبالتالي فان ما يجري هو رد فعل طبيعي ولا نعتقد ان هناك عودة للاحتجاجات”.

ويتابع “من المستحيل ان تعود الاحتجاجات كما كانت سابقا واستمرارها لشهور طويلة، وما يجري هو عبارة عن ردود افعال، وهذه الردود يمكن للحكومة ان تمتصها من خلال الحلول الترقيعية مثلا اعطاء الكهرباء بشكل منتظم لحين انتهاء الاحتجاج”، مبينا ان “المطلب عندما يكون رد فعل، فهو خاطئ ولكن عندما يكون الموضوع مبنيا على مطلب دائم، فستكون اقوى واكثر تأثيرا”.

ومنذ يومين، انطلقت تظاهرات كبيرة في محافظة واسط وذي قار والبصرة وميسان، احتجاجا على تردي خدمة الكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة الى مستويات قياسية، خاصة وان الاحتجاج على تردي الكهرباء، يتكرر في بداية كل فصل صيف، وكانت تظاهرات عام 2011 من الابرز حول تردي الكهرباء، وتكررت بشكل اقوى عام 2018، ثم عام 2019، الذي شهد “انتفاضة تشرين.

وخلال الايام العشرة الماضية، شهدت المحافظات الوسطى والجنوبية انقطاعا تاما للطاقة الكهربائية، دون بيان اسباب ذلك من قبل وزارة الكهرباء التي أكدت من جانب اخر، ان الهجمات الارهابية على ابراج نقل الطاقة، تسببت بانقطاع الكهرباء، وذلك بعد استهداف اكثر من برج لنقل الطاقة في محافظة صلاح الدين، لكن مسؤولين في المحافظة كشفوا ان الاستهداف “ليس ارهابيا”، بل تم بـ”اتفاق” بين شخصيات متنفذة ومستفيدة من انقطاع الكهرباء.

ويكشف المتظاهر من محافظة واسط، محمد النعيمي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاحداث التي حصلت في قضاء العزيزية بمحافظة واسط، تمثلت بقيام قوات مكافحة الشغب باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المطالبين بتوفير الطاقة الكهربائية”.

ويتابع أن “هذه القوات قامت بملاحقة بعض المحتجين الى منازلهم”، مشيرا الى أن “التصعيد سيستمر في المحافظة لحين تنفيذ مطالبنا، خصوصا فيما يتعلق بالطاقة الكهربائية”.

ويؤكد النعيمي، أن “هناك جرحى سقطوا بأحداث العزيزية، إضافة الى شهيد واحد نتيجة للرصاص الحي المستخدم من قبل قوات الشغب”، مبينا ان “مطالب المتظاهرين كانت بالدرجة الاساس تصب على توفير الطاقة الكهربائية التي تعد حقا طبيعيا للمحافظة، كونها تحتوي على محطة خاصة بها وهي محطة الزبيدية الحرارية”.

ويستطرد، أن “المطالب توسعت بعد أن قمعت قوات مكافحة الشغب المتظاهرين، حيث طالبوا باقالة القائممقام ومدير الناحية والمحافظ وقائد الشرطة”.

ويأتي هذا الحديث، بعد احتدام الاشتباكات بين متظاهرين والقوات الامنية في قضاء العزيزية بمحافظة واسط، حيث استمر حتى فجر يوم امس، وسط محاولات المحتجين اقتحام محطة الكهرباء في المحافظة، احتجاجا على انقطاعها المستمر.

وكان وزير الكهرباء ماجد حنتوش، قدم استقالة الى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في 28 حزيران يونيو الماضي، وذلك عقب نشر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تغريدة مطولة في 27 حزيران يونيو الماضي، اكد فيها على ان “مشكلة الكهرباء في العراق تكمن في عدّة أمور مهمّة تسببت ولو بصورة تدريجية بتردّي الطاقة الكهربائية الكهرباء، وان الفساد أحد الأسباب التي أدت إلى هدر الطاقة الكهربائية”.

وبعد التغريدة بقليل، نشر حساب صالح محمد العراقي، الذي يعتبر المقرب من الصدر ويحمل صفة “وزير القائد”، هاشتاك (وسم) “إقالة وزير الكهرباء”، ما ادى الى ردود فعل كبيرة وتساؤلات حول علاقة الصدر بوزارة الكهرباء، حتى يأمر وزيرها بتقديم استقالته.

ويسعى العراق الى تعدد مصادر الطاقة الكهربائية، اولها عبر استيراد الغاز الايراني لتشغل محطات توليد الطاقة، فضلا عن وجود خط نقل الطاقة من ايران، بمبالغ تجاوزت المليار دولار، فضلا عن توجهه للربط الكهربائي مع كل من المنظومة الخليجية من جهة والاردن ومصر من جهة اخرى، وهذه المشاريع لا تزال قيد الانجاز، رغم تشكيك مختصين بجدواها للعراق.

لكن، وبحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” نشر يوم امس، فان إيران أوقفت خطوط إمداد الكهرباء ‏إلى العراق بالتزامن مع موجة الصيف القاسية، بعد أن اشتكت من أن الأموال تتدفق ببطء شديد، لاسيما وأن العراق يدين بمبلغ 4 مليار دولار لطهران.

وبحسب الوكالة فان إيران تعاني من ضائقة مالية، ما ادى الى ضغطها على الحكومة ‏العراقية للإفراج عن الديون المتأخرة، في ظل درجات الحرارة الحارقة، وقبل ‏الانتخابات في البلد، كما بينت ان البصرة، تحتاج إلى 4000 ميغاواط، لكنها تتلقى حاليا 830 ‏ميغاواط، إلا ان التخفيضات ستحرم العراقيين من الكهرباء في ‏المستشفيات والشركات والمنازل.

من جانبه، يبين الناشط والمتظاهر محمد نوري من محافظة الديوانية، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاحتجاجات مستمرة ولكنها اخذت منحى جديدا، وهو العمل السياسي والتنظيم بشكل اكثر من السابق”.

ويؤكد ان “ما يخص الكهرباء، فان العراق يشهد ارتفاعا كبيرا بدرجات الحرارة، وفي ذات الوقت فان الازمة الكهربائية مفتعلة، وهي سياسية باشتراك دول عديدة منها ايران وامريكا، على اعتبار ان لديهم مصالح من هذه القضية، خصوصا ايران التي تعتبر المورد الاساسي للطاقة والغاز للعراق، وما يجري هو اتفاق سياسي تم تحت الطاولة لأشغال المواطن بهذا الموضوع”.

 

ويشير الى ان “هناك ثورة عارمة ستنطلق، لكن ليس كما كانت في الاعوام السابقة، بل ستحمل وجهة واتجاه جديد وتشمل كافة الاحزاب السياسية المشتركة بالسلطة منذ 2003 ولغاية الان والقضاء عليها بالكامل”، مبينا ان “الكثير من الشباب بدأوا يتجهون الى ترك السلمية التي ادت الى نتائج كبيرة بينها استشهاد العديد من المطالبين بحقوقهم”.

ويوضح ان “المظاهرات ستعود بقوة اكبر وهذه العودة ستكون العودة الحاسمة في حال عجزت الحكومة عن ايجاد حل جذري لازمات هذا البلد”. 

يشار الى ان التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول اكتوبر 2019، احتجاجا على تردي الخدمات، جوبهت بقمع فوري من قبل القوات الامنية، ما ادى في نهاية المطاف الى مقتل نحو 600 متظاهر واصابة 26 الفا آخرين، خلال اول شهرين فيها، ومن ثم بدأت عمليات اغتيال للناشطين البارزين في الحركة الاحتجاجية واستمرت لغاية الان، وتم تسجيل اكثر 35 عملية اغتيال للناشطين في بغداد والمحافظات الاخرى.

إقرأ أيضا